”الكرامة هي حق الفرد في أن تكون له قيمة وأن يُحترم لذاته، وأن يُعامل بطريقة أخلاقية. إن محتوى الكرامة المعاصرة مستمد من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، والذي يُلخص في المبدأ القائل بأن لكل إنسان الحق في الكرامة الإنسانية. ففي المادة الأولى، ينص على أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وقد وهبوا العقل والضمير وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء“
حاول الفكر الإنساني منذ القِدم تصور مجتمع مثالي تتحقق فيه العدالة الاجتماعية والمساواة، لكنها ظلت محاولات طوباوية لا تمت للواقع بصلة، وفي العصور الحديثة سعت العلوم الإنسانية والاجتماعية إلى توضيح وتفسير قيمة المساواة وأهميتها في حياة المجتمعات الإنسانية، بالتوازي مع الإنجازات العلمية والاقتصادية والسياسية التي حققها الإنسان في شتى المجالات.
ومعنى ذلك أن الشعوب -على مر العصور- رامت تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، وأدخلت ذلك في مذاهبها، ورؤاها الطوباوية، ثم في فلسفاتها، ونظمها الدينية، والأخلاقية، والقانونية. إلا أن المساواة والعدل مازالا بعيدي المنال، ما دام في القرن الواحد والعشرين، اغتصاب لحقوق الإنسان وجرائم مرتكبة ضد إنسانيته والشاهد على ذلك ممارسات الأنظمة الاستعمارية والاستبدادية (النظام الأسدي القاتل) في سوريا، والكيان الصهيوني المجرم في فلسطين المحتلة (غزة).
وبالرغم مما حققه الكائن البشري العاقل من تقدم مذهل في المجالات المادية والعلمية والتكنولوجية، إلا أنه بالمقابل فشل فشلا ذريعا في تحقيق إنسانيته المهدورة التي تتجزأ حسب انتماءاته وثقافته التي ينتمي إليها، فإنسانية الإنسان المتحضِّر -حسب المركزية الأوروبية- تختلف عن إنسانية بقية المجتمعات من حيث الكم، والكيف، والدرجة.
يتجسد الإذلال الاجتماعي social humiliation من خلال الشعور بالخجل أو فقدان الاحترام للنفس، وهو إذلال الكبرياء الإنساني، ما يؤدي إلى حالة من الانحدار والخضوع. إنه عاطفة يشعر بها الشخص الذي انخفضت مكانته الاجتماعية، إما بالقوة أو طواعية. يمكن أن يحدث من خلال الترهيب أو سوء المعاملة الجسدية أو العقلية أو الخداع أو الإحراج؛ إذا كُشِفَ عن أن الشخص قد ارتكب فعلا غير مقبول اجتماعيا أو قانونيا. في حين يمكن البحث عن التواضع وحده كوسيلة لتقليل من أهمية الأنا، يجب أن ينطوي الإذلال على شخص أو أشخاص آخرين، وإن لم يكن بالضرورة بشكل مباشر أو طوعي خلاصة القول: الإذلال هو الفشل العلني في تحقيق مطالب المرء بمكانته.
إذن، الإذلال هو سلوك يمارسه فرد، أو جماعة، أو سلطة، بحق آخرين، أفراد أو جماعات، وحتى دول أخرى، بهدف التقليل من قيمة المُذَل وتبخيسه، والحط من كرامته. وغالبا ما يقع الإذلال في الوجه الآخر للغطرسة، أو لجنون العظمة، فالشخص المتعجرف هو الأكثر ميلا لإذلال الآخرين. والإذلال في المجتمعات المستبدة يكون فيها منهج متعمد ومعمم، وقانون لعلاقة السلطة بمواطنيها، فإنه يصبح تعويضا للذات المحتقرة، وآلية لتخفيف وقع المهانة التي تلحق بهذه الذات من أطراف أخرى، هكذا تصبح القدرة على الإذلال معيارا لقيمة الشخص، وإثباتا لوجوده ولأهميته.
بذلك يعتبر الإذلال موضوعا بحثيا حيويا في وقتنا المعاصر، ويُنظر إليه الآن باعتباره ديناميكية أساسية مهمة – ومعقدة – في العلاقات الإنسانية، ولها آثار على المستويات الشخصية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
إن فقدان المكانة، مثل فقدان الوظيفة أو اتهامك بالكذب أو تشويه سمعتك بشكل جائر، قد يتسبب في عدم قدرة الأفراد على التصرف بشكل طبيعي في مجتمعاتهم. ويمكن استفزاز الأفراد المهانين ورغبتهم في الانتقام، وقد يشعر بعض الأشخاص بعدم القيمة واليأس والعجز، ما يخلق أفكارا انتحارية أو الانعزال الاجتماعي إذا لم تتحقق العدالة، ويمكن أن يؤدي أيضا إلى رؤى جديدة ونشاط وقرابة جديدة مع المجموعات المهمشة اجتماعيا.
يُنتج الإذلال -بشكل عام كردة فعل- غضبا مذلا، وعندما يتحول إلى الداخل يمكن أن يؤدي إلى اللامبالاة والاكتئاب، وعندما يتحول إلى الخارج يمكن أن يؤدي إلى جنون العظمة والسلوك السادي وأوهام الانتقام وممارسة العنف ضد ضحايا إضافيين، بما في ذلك المارة الأبرياء، وعندما يوجه إلى الداخل، فإن كراهية الذات الناتجة تجعل الضحايا غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الخاصة، ناهيك عن عدم امتلاك الطاقة المتاحة لحب الآخرين ورعايتهم.
وفي هذا السياق، كشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة ميشيغان أن نفس مناطق الدماغ التي تنشط استجابة للتجارب الحسية المؤلمة – تنشط أثناء التجارب المكثفة للرفض الاجتماعي. بعبارة أخرى، من يشعر بالإذلال والوحدة يحس بنفس شدة الألم الجسدي. وغالبا ما يُستخدم إذلال شخص ما من قبل المتسلط كوسيلة لتأكيد السلطة عليه، وهو شكل شائع من أشكال القمع أو الإساءة المستخدمة في سياق الاعتقال أو جلسات التعذيب غير القانونية في الماضي، مثل دهن المخالفين للقانون بالقطران والريش، والتشهير، ووضع علامة العار (الوصمة) كوسيلة لجعل الشخص عِبرة وتقديمه بوصفه رادعا للآخرين، إلا أن هذه الممارسات أصبحت أدوات غوغائية لتحقيق العدالة غير الرسمية. وإذا كانت التصفيات مسألة مباشرة وعلنية في ممارستها وآثارها، من حيث التعدي الجذري والكلي على إنسانية الإنسان، من خلال إلغاء وجوده المادي ذاته، فإن حالات الاعتقال والتعذيب تؤدي إلى تدمير الكيان النفسي للإنسان.
بالمقابل، وصف دونالد كلاين Donald Klein الإذلال بأنه عامل بالغ الأهمية في العلاقات الإنسانية، وقد أهمله دارسو السلوك الفردي والجماعي لأسباب عديدة. وهو تأثير شامل ومدمر للغاية في سلوك الأفراد والجماعات والمجتمعات والدول. وعلى الرغم من أن الإذلال هو عاطفة ذاتية، إلا أنه يتمتع بجانب عالمي ينطبق على جميع البشر: إنه الشعور بالإهانة، والشعور بأنك أقل مما تشعر به.
إن المجتمع الذي يعاني من الإذلال هو مجتمع غير مستقر نفسيا وعنيف اجتماعيا، لأن كراهية الأغلبية للأفراد المختلفين عنهم تعيد قدرا من احترام الذات لأنفسهم وتوفّر مسارا للاعتراف بذاتهم المهترئة من خلال التقليل من شأن الآخرين لأسباب متعددة منها: الاختلاف الثقافي، والعرقي، والديني، والمذهبي، والقومي. وفي هذا السياق تنزع الصفة الإنسانية عنهم وهذا الفعل هو إنكار الإنسانية الكاملة لدى الآخرين المهمشين إلى جانب القسوة والمعاناة التي تصاحب ذلك. ويشير التعريف الإجرائي إلى ذلك باعتباره النظر إلى الآخرين ومعاملتهم كما لو كانوا يفتقرون إلى القدرات العقلية التي تُنسب عادةً إلى البشر. بناءً على هذا التعريف، فإن كل فعل أو فكرة تعتبر شخصا “أقل” من الإنسان هي نزع الصفة الإنسانية.
إن نزع الصفة الإنسانية dehumanization هو أحد أشكال التحريض على تشجيع الكراهية والعنصرية. كما استخدم لتبرير الحرب، والقتل القانوني وغير القانوني، والعبودية، ومصادرة الممتلكات، والحرمان من حق الاقتراع والحقوق المدنية الأخرى، ومهاجمة الأعداء أو المعارضين السياسيين. ومن الناحية السلوكية، يعتبر نزع الصفة الإنسانية تصرفا تجاه الآخرين يحط من شأن فرديتهم من خلال منح الأشياء أو التجريدات غير الحية صفات إنسانية، وبالتالي فإن نزع الصفة الإنسانية؛ هو نزع هذه الصفات نفسها أو الاختزال إلى التجريد.
يُستخدم نزع الصفة الإنسانية بشكل مهين بالتزامن مع تعطيل المعايير الاجتماعية، حيث يُنظر إلى هؤلاء الأفراد على أنهم يفتقرون إلى الثقافة أو اللباقة، وهي مفاهيم يعتقد أنها تميز البشر عن الحيوانات. كما يمكن أن يحدث نزع الصفة الإنسانية خطابيا من خلال اللغة الاصطلاحية التي تشبّه البشر الأفراد بالحيوانات غير عاقلة، والإساءة اللفظية، ومحو صوت المرء من الخطاب، أو رمزيا من خلال التصوير السلبي، أو جسديا من خلال العبودية، والإساءة الجسدية، ورفض التواصل البصري. وغالبا ما يتجاهل نزع الصفة الإنسانية الفروق الفردية أي الجوانب الإبداعية والمثيرة للشخصية ويمكن أن يمنع المرء من الشعور بالتعاطف أو فهم المجموعة الموصومة بشكل صحيح.
وقد تُنزع الصفة الإنسانية من قِبَل مؤسسة اجتماعية كالأسرة أو المدرسة أو جماعة من الأشخاص أو حتى داخل الذات. ويمكن أن يكون نزع الصفة الإنسانية ممنهجا كما هو الحال في ممارسة خطاب العنصرية والكراهية ضد مجموعة من البشر ذات ظروف خاصة؛ ما يؤدي إلى شرعنة بعض السلوكيات مثل: الإقصاء والاستبعاد والعنف وتشجيعه ضد الآخرين.
ويرى ديفيد سميث David Smith)) أن البشر كانوا تاريخيا يجردون بعضهم البعض من إنسانيتهم لآلاف السنين. وفي بحثه في “مفارقات نزع الصفة البشرية”، يقترح سميث أن نزع الصفة البشرية يحدث من خلال النظر إلى بعض الأفراد (الجماعات) على أنهم بشر وأقل من البشر في نفس الوقت. وتظهر هذه المفارقة، كما يحددها سميث، لأن سبب نزع الصفة البشرية عن الناس هو تجريدهم من صفاتهم الإنسانية.
كما وجد هربرت كيلمان Herbert Kelman في بحثه حول نزع الصفة الإنسانية، أن الإنسانية تتسم بخاصيتين: “الهوية” أي تصور الشخص فردا مستقلا متميزا عن الآخرين وقادرا على اتخاذ القرارات، و”المجتمع” أي تصور الشخص باعتباره جزءا من شبكة مترابطة من الأفراد الذين يهتمون ببعضهم البعض. فعندما يحرم الشخص المستهدف من قدرته على التصرف، وانخراطه في المجتمع، فإنه لم يعد يثير التعاطف أو الاستجابات الأخلاقية الأخرى وقد يعاني من العنف.
إن نزع الصفة الإنسانية على أساس عنصري يستلزم فهم الجماعات والأفراد على أنهم أقل من البشر الكاملين بحكم عرقهم. وغالبا ما يحدث نزع الصفة الإنسانية نتيجة للصراع بين الجماعات. حيث يُمثّل الآخرين -من العرق المختلف- على أنهم حيوانات في الثقافة الشعبية والعامة وفي بعض الدراسات العلمية. وهناك أدلة على أن هذا التمثيل يستمر في السياق الأمريكي مع ربط الأمريكيين من أصل إفريقي ضمنا بالقردة؛ بهدف نزع الصفة الإنسانية عنهم، ما يؤدي إلى تشجيع العنف ضد كل أمريكي من أصل إفريقي. بذلك يرتبط نزع الصفة الإنسانية بالصراعات السياسية والإبادة الجماعية؛ حيثُ تُصوِّر الإيديولوجيات – قبل وأثناء الصراع- الضحايا على أنهم دون البشر كالقوارض.
كما توظَّف بعض المصطلحات في الواقع الاجتماعي، كأداة أساسية في عملية نزع الصفة الإنسانية عن بعض الجماعات ذات الظروف الخاصة. مثل: كلمة مهاجر، ومغترب، ولاجئ، والتي تصف الأجانب بناءً على وضعهم السياسي والاجتماعي وانتماءاتهم الثقافية والعرقية، وليس بناءً على حقوقهم الإنسانية أو قدراتهم الفردية وإنجازاتهم العلمية والمهنية، ما يوحي إلى تدني المكانة الاجتماعية. فعلى سبيل المثال نجد أن كلمة “مهاجر” أو “لاجئ ” تقترن أحيانا بكلمة “غير شرعي”، والتي تحمل دلالة مُهينة للغاية. إن إساءة استخدام هذه المصطلحات في وصف الآخرين، قد يؤدي إلى تشجيع ممارسات البعض لأفعال غير قانونية وغير إنسانية ضد الفئات المستضعفة.
يواجه معظم اللاجئين – المنتشرون حول العالم في بلدان اللجوء بسبب الكوارث الطبيعية، والحروب، والمجاعات، والنزاعات العرقية، والطائفية – مجموعة من التحديات المصيرية؛ تتعلق بمستقبلهم ومستقبل أسرتهم، إلا أن هذه التحديات تختلف من جماعة إلى أخرى، ومن شخص لآخر بناءً على الفروقات الفردية التي تتعلق بالمستوى المادي والعلمي والثقافي، وعاداتهم الاجتماعية والثقافية المكتسبة من مجتمعاتهم الأم التي تربوا بها، وقدرتهم ومرونتهم على التأقلم مع الواقع الجديد، بالإضافة إلى طبيعية البلد المضيف.
وعلى العموم يعاني اللاجئون من خطاب الكراهية الذي يتمظهر من خلال التصرفات الفردية لبعض الفئات، التي تتسم بأنها عنصرية ومعادية وكارهة لوجود اللاجئين في مجتمعاتهم؛ بناءً على مبررات ثقافية أو عرقية أو دينية، وغالبا ما تكون هذه الأحكام بمثابة الإذلال الاجتماعي الذي يمارس ضد ذوات اللاجئين كونهم أفرادا غير مرغوب بهم، كما أنهم لا يملكون قرار البقاء أو المغادرة؛ لأسباب كثيرة أنتجتها حالة اللجوء التي ألقت بظلالها على كل مفاصل الحياة الاجتماعية والنفسية للاجئين.
إن فقدان الكرامة والقيمة الإنسانية، بحيث يتحول الإنسان إلى أقل من شيء ووسيلة- هو مرتبط بشكل حتمي بالإذلال الاجتماعي الذي مُورِسَ عليه في المجتمع الذي يحيا به.
خلاصة القول، إن الإذلال الاجتماعي يرتبط بالسلوك الانتقامي، حتى ولو كان الثمن الذي سيدفعه المنتقم إضافيا. فعندما يتعرّض الأفراد والجماعات للإذلال، يبدو أنهم يميلون إلى الانتقام، ويخشى البعض أن الذات لن تعود إلى ما كانت عليه أبدا ما لم يُتعامل مع هذا الظلم على النحو اللائق. وما يجعل الإذلال مصدرا خطيرا لتوليد العنف هو حقيقة مفادها أن مثل هذه التجارب غالبا ما تغذيها مشاعر سلبية للغاية وطويلة الأمد. كما يتضمن الإذلال الاجتماعي الشعور بالعجز والدونية أمام الآخرين، ما يدفع الشخص إلى تقييم الموقف على أنه غير عادل وينتج عنه مزيج من المشاعر السلبية، وأبرزها خيبة الأمل والغضب والخجل. كما تتداخل بعض السمات مع سمات الخجل مثل الظهور بمظهر الأحمق والأبله وفقدان احترام الذات بوجود الآخرين في حين تتداخل سمات أخرى مع سمات الغضب مثل الإذلال وفقدان تحقيق العدالة. إن الإذلال الاجتماعي أقسى تجربة عرفتها البشرية.
ومن الجدير بالذكر.. يؤدي الإذلال إلى الاستياء. ويسبب رد فعل عدائي يبقى ويتجاوز الموقف المهين بحد ذاته، لتبقى ذكرى الحدث المؤلم وتعود إلى الحياة من حين لآخر، وتُقدّم كشظايا من فيلم غير سار حيث يكون البطل هو نفسه. إنها ليست مجرد ذكرى فكرية، بل تجربة عاطفية حقيقية. إنها إعادة تجسيد شعور مؤلم ممزوج بالمشاعر والأحاسيس السلبية، حيث ولا يزال العار والحزن والغضب موجودين، في أعماق الفرد المظلوم. إن الاستياء هو نوع من التسمم النفسي الذاتي الحقيقي.
إن الإذلال الاجتماعي ظاهرة غير إنسانية غير مُتحضِّرة، همجية. إلا أن الإنسان وحده قادر على ممارستها. فالكائنات الأخرى قادرة على جرح وإيذاء بعضها البعض، ولكنها لا تمارس الإذلال مُطلقا.
إن عدوانها يفتقر إلى ذلك العنصر الأساسي الذي لا يوجد إلا في نوعنا الإنساني، والذي نمثله عادةً بالكرامة أو الشرف أو قيمتنا الذاتية. إن الإنسان العاقل وحده هو القادر على المعاناة وجعل أقرانه يعانون من الإذلال الاجتماعي. وإذا كانت شروط إمكانية حدوثه اجتماعية، فلا بد أن تكون الظروف الاجتماعية هي أيضا شروطه المقيدة لمنع انتشار هذه الظاهرة المرضية في مجتمع يحترم إنسانية الإنسان بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى.
إن تحليل وسائل السيطرة والخضوع مـن خــلال فهم العلاقات الاجتماعية وآليات التأثر والتأثير في هذا السياق. يدفعنا إلى التركيز على بناءات القوة في إطار البناء اجتماعي التي تتجسد على أرض الواقع الاجتماعي من خلال ترسيخ علاقات السيطرة للجهة التي تمتلك مصادر القوة بشكليها المادي أو الرمزي ضد الفئات الضعيفة والهامشية في المجتمع. ما يُحتّم علينا بالضرورة تحليل ونقد آلية السيطرة لهذه العلاقات وما تفرضه على البناء الاجتماعي (القهر والإذلال الاجتماعي) بالتواطؤ مع الإيديولوجية السائدة في المجتمع من جهة، والقيم والعادات والتقاليد الرجعية، والظروف المجتمعية القاهرة من جهة أخرى. وفيما يتعلق بموضوع (الإهانة والتحدي) جرت العادة في فلسفات التاريخ أن يقرن التحدي بالاستجابة؛ فكل تحدٍ له استجابة، فالإهانة تبدأ أولا وتتكرر وتتراكم حتى تأتي لحظة التحدي والرفض لها والانتفاضة ضدها والثورة عليها تحقيقا لإنسانية الإنسان.
– المراجع المعتمدة:
– مصطفى حجازي: الإنسان المهدور (دراسة تحليلية نفسية اجتماعية)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء وبيروت، ط5، 2005.
– مصطفى حجازي: التخلف الاجتماعي – مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء وبيروت، ط9، 2005.
– حسام الدين فياض: سوسيولوجيا العلاقات الاجتماعية، سلسلة نحو علم اجتماع تنويري، الكتاب: الرابع، دار الأكاديمية الحديثة، أنقرة، ط1، 2023.
– حسام الدين فياض: القهر الاجتماعي: التجربة الممنهجة لحقيقة الظلم الإنساني، الحوار المتمدن، العدد: 7998، 2024.04.06. https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=831899
– حسام الدين فياض: القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع العربي المعاصر، مجلة التنويري، عمان، 6 نوفمبر، 2023. https://altanweeri.net/11085/
– Rob M. A. Nelissen &Ilja van Beest: Conceptualising humiliation, Cognition and Emotion, Issue 8, Volume 31, 2017.
– Dehumanization: https://en.wikipedia.org/wiki/Dehumanization
– Sanjay Palshikar: Understanding Humiliation, Economic and Political Weekly, Vol: 40, No: 51, Dec. 17-23, 2005, pp. 5428-54321.
– Kaja Perina: The Psychology of Humiliation, Psychology Today, June 23, 2024. https://www.psychologytoday.com/us/blog/hide-and-seek/201408/the-psychology-of-humiliation
– Bettina Muenster, David Lotto: The Social Psychology of Humiliation and Revenge: The Origins of the Fundamentalist Mindset, Published: March 2010. https://doi.org/10.1093/acprof:oso/9780195379655.003.0007
– Fernando Artavia Araya: Humiliation. Social Anatomy of a Dark Emotion, Simmel Studies, Volume 24, Number 2, 2020. https://www.erudit.org/fr/revues/sst/2020-v24-n2-sst05861/1075568ar/
– Humiliation: https://en.wikipedia.org/wiki/Humiliation