رؤى

“فيتش سوليوشنز” الأمريكية.. تخفّض توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد المصري

خفّضت شركة “فيتش سوليوشنز” توقعاتها بشأن نمو الاقتصاد المصري للسنة المالية الحالية 2024/2025، إلى 3.7% مقارنة بـ4.2% وفق تقديرات سابقة؛ وأوضحت الشركة سبب الخفض، بأنه يتعلّق بتباطؤ النمو في الربع الأخير من العام الحالي2024، وتراجع إيرادات قناة السويس- إلى أدنى مستوى خلال العقدين الأخيرين، وتأثّر الاقتصاد المصري “المتعثر” بالحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على أكثر من جبهة منذ ما يربو على العام.

وأوضحت الشركة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، أن عدة عوامل سلبية تؤشر إلى تراجع كبير في أداء الاقتصاد المصري، من أهمها انخفاض الجنيه المصري إلى مستويات قياسية لم تحدث من قبل، حيث قارب سعر الدولار 51 جنيها، كما استمر التضخم الذي تحوَّل إلى مأساة متصلة عند غالبية المصريين – مُسجلا في شهر نوفمبر المنقضي 25.5% على أساس سنوي.

عَزَتْ الشركة الأمريكية التراجع الاقتصادي المصري أيضا إلى زيادة تكاليف الديون الخارجية والتي بلغت 152.9 مليار دولار.. كما بلغ حجم الدين الداخلي 8.7 تريليون جنيه.. وفيما يخص ديون مصر، لصندوق النقد الدولي الذي يجري مراجعته الرابعة حاليا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري- توقعت الشركة أن يبدي الصندوق مرونة أكثر في التفاوض مع الجانب المصري “نظرا للمخاطر الجيوسياسية التي تواجهها مصر”. وهو نفس السبب الذي دفع المفوضية الأوروبية للموافقة على قرض بقيمة مليار يورو، تتسلمه الحكومة المصرية دفعة واحدة خلال أيام.

ورغم الصعوبات الجمّة التي يواجهها الاقتصاد المصري؛ فقد أبدت فيتش سوليوشنز تفاؤلا حذرا على المدى المتوسط، متوقعة وصول معدل النمو إلى 5.1% في السنة المالية 2026/2025، إذا ما عادت حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بانخفاض حدة التوترات الجيوسياسية في المنطقة، وتحسُّن أداء قطاع الخدمات، مع تراجع تكاليف الاقتراض وخدمة الدين- ديون مصر المستحقة خلال العامين القادمين تبلغ 15 مليار دولار، رجّحت الشركة أن تُغْطَّى عبر إصدار الديون والاستثمارات الأجنبية المباشرة- ما من شأنه أن يزيد جذب الاستثمارات، ويقلص الكساد والركود التضخمي.. ما سيسهم في زيادة التنافسية للصادرات غير النفطية. كما ذكر التقرير أن إصلاحات قطاع النفط والغاز لا تسير على النحو المطلوب، وأنها تعاني من التباطؤ الشديد.

وتوقعت فيتش سوليوشنز – في حال حدوث المتغيرات الاقتصادية السابق ذكرها- أن يتقلص عجز الحساب الجاري من 6.8% إلى 4.8%، وأن ينخفض التضخم خلال العام القادم 2025، إلى 16%.

آخر التوقعات كان بشأن تثبيت سعر الفائدة في آخر اجتماع للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي في عام 2024، مع احتمال التخفيض في أول اجتماعات اللجنة في العام الجديد.

تتضافر العديد من الظروف إقليميا ودوليا للحيلولة دون خروج الاقتصاد المصري من أزمته المستحكمة منذ شهور، وما زالت الحكومة المصرية تتعاطى نفس الحلول التي لم تثبت نجاحا كافيا؛ بل إن بعضها أدّى إلى نتائج عكسية، وما زالت أولويات الإنفاق لدى الحكومة تحتاج إلى المراجعة الدقيقة؛ خاصةً وأن برامج الحماية الاجتماعية التي تتطبقها الدولة؛ استجابة لشروط صندوق النقد الدولي، لا تشمل فئات عديدة تضررت على نحوٍ كبير من الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة.

لا يقتصر الأمر على موجات التضخم المتلاحقة، التي رفعت أسعار السلع والخدمات إلى معدلات غير مسبوقة، مع عدم رفع الأجور بما يواكب ذلك- بل إن الحكومة تتجه الآن لاستبدال الدعم النقدي بالعيني، وهي خطوة من شأنها زيادة معاناة قطاع كبير من المصريين مع انخفاض القوة الشرائية للجنيه الذي فقد ثلثي قيمته منذ مارس الماضي.

ومع المستجدات التي تشهدها المنطقة، أصبح لِزاما على الحكومة المصرية النظر بعين “الرحمة” لغالبية الشعب المصري، ورفع المعاناة بشكل واقعي وحقيقي عن الطبقات الفقيرة والكادحة، بعيدا عن برامج وحلول الصندوق التي اعترف المسئولون في الدولة أنفسهم بضعف مردودها وقلة جدواها، وحتمية إيجاد بدائل ناجعة لها.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock