رؤى

طوفان الأقصى.. وحساب عام كامل

ثمة عادة يفعلها الكثيرون حول العالم مع اقتراب نهاية عام ميلادي وبداية آخر، وهي وضع أهداف – أو قل أمنيات- يرجون أن تحققها خلال العام الجديد.

مع نهاية عام ٢٠٢٤، تتصاعد أصوات مختلفة في إعلام الكيان الصهيوني، تطرح تساؤلات جدية، حول ما تحقق خلال العام المنصرم أو بمعنى أدق، خلال ١٥ شهرا من انطلاقة معركة “طوفان الاقصى”.

من بين هذه الأصوات، المراسل العسكري المخضرم ألون بن دافيد، الذي كتب في صحيفة معاريف مقالا جاء فيه: “دخلت “إسرائيل” عام 2025، وهي دولة لا تزال جريحةً، وبعض جراحها لا تزال تنزف. لقد أنهت عام 2024، بإنجازات عسكرية.. لكن هذه الإنجازات لم تترجم بعد إلى خلق واقع أفضل، وجعل “إسرائيل” دولة أفضل للعيش فيها. بل على العكس من ذلك، فهي تتآكل كل يوم ونحن نغرق بالفوضى”.

فعلى صعيد القتال المستمر في قطاع غزة، يرى بن دافيد أن “كل يوم من البقاء في غزة ندفع مقابله ضريبة الدم، والآن يستعد الجيش الإسرائيلي لإرسال فرقة إضافية، الرابعة بالعدد، للعمل في غزة”. ويضيف أن جيش الاحتلال لن يتمكن أبدا من القضاء على جميع المتعاطفين مع المقاومة. حيث آن “أعدادهم في غزة تشكل مخزونا لا نهاية له. ولن ندمر آخر الصواريخ ولا آخر قذائف الـ RPG. إذا لم نستغل الآن الإنجازات، سنجد أنفسنا غارقين ونازفين هناك لسنوات دون جدوى وبدون الأسرى، القليل منهم الذين ما زالوا على قيد الحياة”.

ما ذهب إليه بن دافيد٫ أكدته صحيفة “جيروزاليم بوست” في تقرير لها عن العملية العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال في شمال قطاع غزة منذ أكتوبر ٢٠٢٤.

فتَحْتَ عنوان “كل مبنى تقريبا صار مفخخا” أوضحت الصحيفة المذكورة أن المقاومة الفلسطينية في شمال قطاع غزة، عمدت مؤخرا إلى تغيير أسلوبها في مواجهة قوات الاحتلال.

حيث يفخخ مقاتلو المقاومة أي “مبنى لا يزال قائما” حسب وصف الصحيفة، وأضافت أن “التكتيكات القتالية الجديدة للمقاومة شمال غزة تهدد قواتنا العاملة هناك”.

كما لم تفلح الجرائم الصهيونية المرتكبة في قطاع غزة، في منع المقاومة من إطلاق صواريخها، نحو ما يعرف بمستوطنات “غلاف غزة”.

وأوضحت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية: “خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، أن أكثر من 30 إنذارا سجلوا في مستوطنات غلاف غزة، منها 7 خلال اليوم الأخير، وعلى الرغم من أن بعضها تبيّن لاحقا أنها انطلقت نتيجة تشخيص خاطئ، إلا أن المستوطنين يهرعون إلى الملاجئ، هذا رغم الآمال التي علقوها على وقف إطلاق الصواريخ، خاصة مع استمرار وجود قوات الجيش في القطاع بعد نحو 15 شهرا من القتال”.

ولا يبدو أن الاهداف التي حددتها حكومة الاحتلال بالنسبة لجبهة الجنوب اللبناني في عام ٢٠٢٤، وعلى رأسها إعادة مستوطني شمال فلسطين إلى بيوتهم، قد تكللت بالنجاح رغم سريان وقف إطلاق النار على تلك الجبهة، ورغم الخروقات الصهيونية المتزايدة للهدنة، والتي بلغت حتى وقت كتابة هذه السطور أكثر من ٢٥٠ خرقا.

حيث يقول بن دافيد في المقال المشار إليه أعلاه “لقد زرت مستوطنة المطلة مؤخرا، بين الحين والآخر كان هناك سكان يأتون لرؤية ما تبقى من منازلهم أو لأخذ بعض الممتلكات الشخصية، لكن فقط عشرة سكان، معظمهم من كبار السن، عادوا إلى المطلة منذ إعلان وقف إطلاق النار، كانت علامات الإهمال واضحة في كل مكان”.

غزة

ولا يبدو أن هؤلاء المستوطنين الذين تحوَّلوا إلى نازحين في مدن الداخل الفلسطيني، راغبون في العودة إلى مستوطناتهم، حيث كشفت القناة ١٢ العبرية أن “إسرائيل تدفع للمستوطنين الذين نزحوا من جنوب وشمال البلاد من 350 إلى 560 شيكل لليلة الواحدة ممن يبيتون في الفنادق.. لكن تبين أن غالبيتهم يأخذون الأموال ولا يتواجدون في الفنادق ويستأجرون شققا سكنية بأسعار أقل بكثير كما أن بعضهم سافر بتلك الأموال إلى تايلاند وغيرها للسياحة.. وهذا در أموال طائلة على الفنادق بدون خدمات مقدمة لهؤلاء”.

وبالتالي.. يمكن لحكومة العدو أن تقدم لشعبها “جردا” عن العام المنصرم، يتضمن آلافا مؤلفة من الشهداء وآلافا أخرى من الجرحى في غزة ولبنان، معتبرة أن هذا في حد ذاته إنجاز ما.

لكن السؤال الذي يصعب على تلك الحكومة الإجابة عليه هو هل حققت -رغم كل هذا القتل- أيا من أهدافها المعلنة للمعركة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock