رؤى

المقاومة تصفع ناتانياهو.. والحريديم يتسبب في انهيار ائتلاف الحكومة

شهدت الحرب في قطاع غزّة، عددا من التطورات، التي تشير إلى استعادة المقاومة الفلسطينية، لقدراتها القتالية، التي من شأنها إلحاق الضرر البالغ بقوات الاحتلال.

عملية جباليا شمال القطاع، هي إحدى عمليات حجارة داود التي أعلنت عنها المقاومة ردا على عملية عربات جدعون التي أعلن الاحتلال تنفيذها في حربه على القطاع.

وصفت مصادر العدو عملية جباليا بالمعقّدة، فلم يقتصر هجوم المقاومة على عربة من طراز همر وقتل وإصابة من فيها من الجنود؛ بل امتد إلى مهاجمة القوة التي وصلت لإجلاء القتلى والجرحى، ومنعها من تنفيذ مهمتها، ثم إجبار مروحية جاءت للغرض ذاته على الهروب تحت كثافة نيران لم يشهدها العدو في القطاع منذ فترة طويلة.. كان العدو الذي هاجم جباليا وقصفها واقتحمها عشرات المرات، يعتبرها منطقة آمنة بالنسبة له.. لكن هذا الزعم سقط عمليا بعد عملية المقاومة الأخيرة

في شرق مدينة رفح أقصى جنوب غزة نفذت المقاومة عملية نوعية، بتفجير مبنى تحصّنت به قوة من المستعربين نفذت عمليات تمشيط ورصد لرجال المقاومة، ودأبت على نهب المساعدات.. ومثلت هذه العملية صفعة قوية على وجه ناتانياهو؛ لأن تسليح هؤلاء المجرمين وإطلاقهم في القطاع، من أهم ركائز خطة ناتانياهو للسيطرة على القطاع، وهو ما أدانه المتطرف أفيغدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا، بزعم أن لا أحد يضمن عدم توجيه هذه الأسلحة لقوات الاحتلال.

إعلان المقاومة عن أسماء أعضاء تلك العصابات، وصورهم ومشاهد مصوّرة لهم، وإعلان العائلات التي ينتمون إليها التبرؤ منهم- أفسد كثيرا من خطط ناتانياهو بشأنهم، ويبدو أن مجرم الحرب المطلوب للعدالة الدولية، يسير من فشل إلى فشل.

ضمن التطورات المهمة، ما نشره موقع والا الصهيوني عن أحد ضباط جيش الاحتلال من أن المقاومة عادت لاستخدام الطائرات المسيّرة في عملياتها، معتبرا أن ذلك يعني أنها “باتت تشعر براحة ميدانية كافية أثناء المناورة”. وهو ما يعكس تغيرا في ميزان السيطرة الميدانية. وأضاف الضابط أن ذلك يعود إلى أنه “لا يوجد ضغط عسكري دائم عليها، وهذه ليست رسالة إيجابية”.

وتعكس تصريحات الساسة الصهاينة كم الفشل الهائل المتحقق على الأرض في الحرب على القطاع، مع فداحة الخسائر البشرية، التي دفعت حتى المقربين من رئيس الوزراء إلى انتقاد الأوضاع، بالإضافة إلى حالة النبذ التي تسود العالم الآن تجاه الدولة العبرية، واستهداف مجرمي الحرب الصهاينة في كل الدول التي يقضون فيها إجازاتهم.

داخل الائتلاف الحاكم نفسه.. صارت الخلافات مؤخرا حول ملف تجنيد الحريديم، للدرجة التي تنبأ معها البعض بقرب حل الكنيست، والإعلان عن انتخابات مبكرة.

الخلاف حول تجنيد الحريديم أكبر مما يتصور الكثيرون، إنه يهدد بنسف الائتلاف بعد اصطدام ناتانياهو بالحاخامات المتشددين.. ويعلّق يوسي فيرتر في هآرتس على ذلك قائلا: “ما لم تنجح فيه الحرب، ولا حتى إخفاق 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا تخلّي الحكومة عن عشرات الأسرى الإسرائيليين، قد يفعله قانون تجنيد الحريديم”.

سبب صدام ناتانياهو مع الحاخامات المتشددين هو عدم استطاعته -حتى الآن- تمرير قانون يضمن إعفاء حوالي 80 ألفا من شباب الحريديم من الخدمة العسكرية، مع منح مؤسساتهم الدينية تمويلا بمليارات الشيكلات.

يقف رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، حجر عثرة أمام تمرير القرار الذي يعتبره يوسي فيرتر “ذروة اللاأخلاقية السياسية” حيث يعمل ناتانياهو -في الخفاء- لدفع واحد من أكثر القوانين فتكا بمبادئ المساواة في تاريخ الدولة العبرية.. بينما يستمر في إرسال  رجال ونساء إلى حرب عبثية منذ أكتوبر2023 دون توقف، ويفرّ من تحمّل المسؤولية السياسية أو الأمنية.. حسب تعبير فيرتر.

لم تتوقف تداعيات الأزمة عن التصاعد إذ أعلنت الأحزاب الحريدية الثلاثة (تكتل يهودية التوراة لليهود الأشكناز الغربيين بشقيه، وحزب شاس لليهود السفرديم الشرقيين) دعمها لحلّ الكنيست.. وكان إعلان أرييه درعي زعيم شاس انحيازه لخيار الحل، بمثابة صفعة جديدة على وجه ناتانياهو الذي كان يعتبر درعي أقرب الحلفاء والأكثر ولاءً له.

من المؤكد أن حكومة ناتانياهو توشك أن تدخل نفقا مظلما، دون أن تحقق شيئا من أهدافها المعلنة في حربها على غزة، رغم الدعم غير المحدود من الولايات المتحدة التي استخدمت أمس حق الفيتو ضد مشروع قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة؛ لكن ذلك لن يكون كافيا لاستمرار ناتالنياهو في مغامرته الخرقاء التي ستودي به -لا شك- إلى نهاية يستحقها.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock