تخصصت السيدة “فاتن الروبي” في مجال تصميمات الحلي من الفضة، تميزت به وبرعت فيه حتى سبقت شهرتها الأخريات ممن عملن بهذا المجال الفريد النادر، لها مصنعها الخاص ومحلها القديم المعروف بحي الدقي بالجيزة. اسمها علامة تجارية يعرفه رواد الصناعة وخبراؤها، والموهوبون بالمجال يتطلعون إليه كحلم يرجون تحقيقه لأنفسهم. تخرجت في كلية الفنون الجميلة، وأثناء الدراسة بها جذبها الموضوع، كما تقول، وتعلمته كحرفة.. تؤمن فاتن الروبي إيمانا راسخا بالشحنة الإيجابية الهائلة الكامنة في معدن الفضة؛ لذا تراه أجدر المعادن بصحبة الجمال الأنثوي، وتهتم اهتماما كبيرا بالموروث المصري الشعبي في تصميماتها البديعة المنوعة، كما أن حفاوتها بالطبيعة ناطقة في تصميماتها، وولعها بالفرعونيات وبالتراثين القبطي والإسلامي حاضر بقوة فيما تصممه، وانتقاؤها للأحجار الكريمة تعده بمثابة تتويج نهائي حساس فتبالغ في مراعاته في عملية التصميم. ولتسليط الضوء على تجربتها ورحلتها مع عالم الفضة، كان لموقع “أصوات أونلاين” هذا الحوار معها :
هل لتصميم الحلي والمشغولات الفضية للنساء مدارس معينة؟ وإن كان فهل تعتبرين نفسك إحداها؟
بالتأكيد كل الحضارات اهتمت بالحلي والمشغولات الفضية ،وكان لها طابع خاص يميزها، وكل فنان هو دارس جيد لكل الحضارات وفنونها ومتأثر بها وهذا يظهر في أعماله ولو بمقدار محدود، لكن في النهاية كل واحد له طابعه الخاص الذي يتميز به ويمنح أعماله شخصية تختلف عن الآخرين.. بالنسبة لي، أنا أهتم جدا بالتفاصيل الدقيقة مع كل تصميم، كما اهتم بغنى الخطوط والأشكال وتنوعها ،وأعتقد أن هذا أساس الاختلاف عندي إلى جانب الأحجار طبعا بكل أحجامها وأنواعها.. هي أساس التصميم بالنسبة لي.
على أي أساس تختارين ألوان الأحجار النفيسة التي تتممين بها حلية ما؟ ومجموعة الألوان عموما ما قيمتها الفعلية في التصاميم؟
الأحجار بألوانها وتنوعها تعطي غنى وتناغما حقيقيا للقطعة الفنية وأحيانا تكون هي أساس التصميم والعنصر الجاذب لمعظم السيدات خاصة المهتمات بالطاقة الخاصة لكل حجر وتأثيره على جسم الإنسان واتصاله به.. اختيار الأحجار بألوانها المتباينة كثيرا ما يرتبط بالموضة الغالبة في كل سنة ويختلف باختلاف المواسم.. لأن الحلي لابد وأن تكون متناغمة مع الأزياء ومكملة لها بألوانها وتفاصيل كل قطعة فنية مطعمة بالأحجار.. بطبيعة الحال كل الأحجار الغامقة مثل الأونكس واللابس والتوباز تكون ملائمة للشتاء وأحجار مثل الروزكوارتر والعقيق والمرجان أكثر ملائمة للصيف.. لكن غالبا يبقى اختياري للأحجار نابعا من إحساس عميق بكل قطعة وانسجامها النهائي مع التصميم.
عندما تنوين التصميم؛ كيف يأتيك الخاطر الفني؟
يرتبط الإنتاج الفني بأحاسيس الفنان وكثيرا للأمانة بحالته النفسية، وبطبيعته هو مرهف الحس ومتقلب المزاج، أحيانا يمر بحالات من التوهج الفني وغزارة الأفكار التي تتولد منها أفكار أخرى متنوعة ومختلفة تخص كل مجموعة فنية جديدة ينتوي التفرغ لها.. عن نفسي فأحيانا انجذابي للأحجار، بشكل خاص، يكون له التأثير الأهم في كل تصميم أو قطعة فنية أقدمها للناس.
ما مشكلات العمل بمجال الحلي الفضية عندنا باختصار؟ وما حلولك المقترحة لها؟
العمل في المجال يعاني ظروفا اقتصادية مرعبة؛ فالصانع المتمكن ذو الحرفية العالية انسحب للأسف للعمل في مجالات أخرى نتيجة الارتباك الاقتصادي الفادح وارتباك الحالة المجتمعية تبعا له.. وعلى الجميع أن يتعاونوا ويجدوا سبيلا لتيسير الأمور وإعادته لمجاله الذي يبرع فيه.. ولا يفوتني أن أنبه لضرورة الاهتمام بالتعليم الفني والصناعي؛ فبوسع ذلك دعم طاقات هائلة من شباب الصناع وتعزيزها بواسطة توفير الإمكانيات الحديثة اللازمة ووضع خطط دراسية معتبرة.
اختلاط الفرعوني بالقبطي بالإسلامي، هل هو وارد في التصاميم؟ وما سر شغفك بالفرعوني تحديدا وبميراثنا المصري الشعبي؟
الاختلاط المذكور يصنع مزيجا غنيا جدا ومتنوعا من الأعمال الفنية وطابعا جميلا ومميزا لشخصية الفنان المصري في كل المجالات، لا مجالي وحده، يصنع كيانا متشبعا من خلال تأثره بكل التفاصيل لكل نمط من الأنماط الفنية التي مرت عليه وشكلت إحساسه وذوقه. أما عن شغفي بالطابع الفرعوني فلأن له جاذبيته الفريدة وسحره الخاص؛ والسبب غناه بالألوان وعنايته بأدق التفاصيل، وقد صنع المصري القديم تشكيلة رائعة من المشغولات الذهبية والحلي، صاغها على نحو غير مسبوق في عهوده ومؤثر تماما، إنه النسيج الأرقى والأبقى في تصوري الشخصي.
هل بلدنا قادر على المنافسة بمجال الفضيات وسط إبهار العالم المتقدم وعظمة إمكانياته؟
من الناحية الفنية لدينا القدرة على المنافسة إلى حد كبير؛ لأن الطابع الشرقي المميز بالتفاصيل والألوان والعناصر الطبيعية في التصميم جذاب لكثير من الثقافات الأخرى والأذواق، إلى جانب تراثنا المصري القديم الذائع بين جميع الحضارات، وما ينقصنا للمنافسة القوية هو النظرة الذكية الجادة إلى الصناعة وتحديثها وتطوير أدواتها.
كيف تنظرين إلى المعارض التي تقام للحليات الفضية؟ وإلى العاملين الجدد بالمجال؟ وما النصائح التي تقدمينها لمشروع ناشئ؟
لاحظت في الفترة الأخيرة اهتماما كبيرا بالمعارض الخاصة بالمشغولات الفضية حتى من جانب الدولة ومحاولة دعمها لصغار الفنانين في المجال، وطبعا هذا شيء بالغ الأهمية.. المعارض تساهم بشكل كبير في نشر الأعمال الفنية وتعريف الناس بها وبفنانيها، ومن جهة أخرى تتيح فرصا حقيقية للتفاعل فيما بين الجماهير والمصممين مع إمكانية الشراء والاقتناء طبعا.. أتمنى زيادة المعارض في الفترة القادمة، وبوجه خاص للمبتدئين من الفنانين الذين زاد عددهم مؤخرا بالمناسبة، وعلى الرغم من بساطة أفكارهم وميلها إلى الحداثة لا الأصالة إلا أنها جاذبة لقطاع عريض من الشباب.. أنصح المشروعات الناشئة في المجال بالاهتمام بتفاصيل الصناعة وإدراكها بصورة أكثر تعمقا، كذلك مراعاة اختلاف الأذواق ومتطلبات السوق والحفاظ الدائم على القيمة الفنية بما يتواءم مع الجدوى الاقتصادية للمشاريع لأنها ما يضمن الاستمرار وأحثهم على التطور في هذا المجال وغيره من المجالات الفنية.
ما التصاميم التي انفردت بها في السوق؟ ولماذا لم تقدمي تصميمات بالذهب كما فعلت في الفضة؟
عنصران يميزان أعمالي بشدة هما الاهتمام الدقيق بالتفاصيل والحرص على الطابع الشرقي في كل قطعة أصممها مع تداخل الوحدات المأخوذة من النباتات والطبيعة في تناغم انسيابي مع الأحجار بأشكالها وألوانها المختلفة، واستخدامي للأحجار الطبيعية الجذابة ذات السحر والطاقة الإيجابية المؤثرة على من يرتديها، والجانب الآخر هو عدم التكرار إلا في حدود ضيقة للغاية؛ فلكل قطعة تصميم يختلف عن غيرها، فيه جزء من إحساسي وروحي بلا ريب، لكن القطعة خلاف أختها، وبالضبط هذا ما يجعل كل سيدة تشعر بأن القطعة التي تشتريها صنعت خصيصا من أجلها ولا يوجد لها مثيل، وهو ما يصنع التفرد لأعمالي عن معظم الموجود في السوق من الأعمال. عملت لوقت طويل في المشغولات الذهبية، وفي الفضة مع الذهب، وصنعت قدرا وافرا منها، لكنني لاحظت ميل أغلبية النساء للفضيات، حيث يجدن فيها تنوعا أكبر ومظهرا يوافق كل مناسبات الحياة ومساراتها.