مختارات

ما هو تجمع المهنيين السودانيين؟

استطاع الرئيس السوداني عمر البشير طوال ثلاثة عقود إخماد أصوات المعارضة أو تشتيت رموزها، لكن «تجمع المهنيين السودانيين» تمكن من كسر الطوق ليقود احتجاجات ضد نظامه.

في ظل تدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية في البلاد، نظمت مجموعات صغيرة غالبيتها من الشباب تضم أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين وغيرهم، أطلقوا على تحركهم «تجمع المهنيين السودانيين»، تظاهرات ضد نظام البشير بدأت في 19 كانون أول/ديسمبر الماضي.

ويشهد السودان إحدى أكبر موجات الاحتجاجات في تاريخه الحديث وسط ضعف الأحزاب والتحالفات المعارضة.

وتهز احتجاجات دامية أنحاء البلاد أعقبت قرار الحكومة رفع سعر الخبز ثلاثة أضعاف، وأدى تفريقها إلى 30 قتيلا بحسب آخر حصيلة رسمية، في حين تحدثت منظمات غير حكومية عن 50 قتيلا.

ورغم وجود نحو 100 حزب سياسي في السودان بين معارض وموال للحكومة، لم يكن أي منها المحرك الرئيسي للشارع.

وقال المتحدث باسم تجمع المهنيين محمد يوسف المصطفى لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المشهد السوداني كان يفتقد سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا إلى قائد».

وتابع أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة الخرطوم البالغ من العمر 68 عاما أن «القوى السياسية المفترض بها أن تقود الحراك منقسمة على نفسها بين معسكرين: قوى الإجماع، ونداء السودان. وبالتالي، كانت الغالبية في السودان تبحث عن قائد».

وتابع أن تجمع المهنيين قرر أن يكون «مركز العمل وأن ينظم ما يقوله الناس ويضفي عليه معنى معينا، لكن القائد هو الشعب».

ماهية تجمع المهنيين

ليس للتجمع هيكل تنظيمي مثل الأحزاب، إذ يستلهم قوته من «العمل الجماعي»، وفقا للمتحدث باسمه، كما لا توجد إحصاءات مسجلة بعدد المنضوين في صفوفه.

ونظرا لحظر القانون تشكيل نقابات مهنية مستقلة وإنما نقابات تضم جميع العاملين بالمؤسسات دون فصل، قال المصطفى إن 200 أستاذ بجامعة الخرطوم شكلوا تجمعا مهنيا غير رسمي.

وكانت تلك البداية التي شجعت المهنيين في كافة أنحاء العاصمة على تشكيل تجمعات مشابهة.

وفي عام 2016، قررت ثمانية من التجمعات المهنية المنفصلة ضمنها البيطريون والإعلاميون والصيادلة والمعلمون والمحامون، تأسيس «تجمع المهنيين السودانيين».

وأضاف المصطفى أن ذلك كان مخالفا للقانون «ولا تعترف الحكومة به لكنه يتماشى مع الدستور في مادته الـ40»، حسب قوله.

وتنص المادة 40 من الدستور على أنه «يُكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حماية لمصالحه».

وكان تجمع أساتذة جامعة الخرطوم الذي يضم 200 أستاذ، وفق المصطفى، هو البداية في عام 2012، وأكد أن كل مدينة من مدن السودان أصبح لها تجمع للمهنيين حاليا.

من جهته، يقول الكاتب الصحافي السوداني فيصل محمد صالح إن «الطريقة التي يتبع بها المتظاهرون هذه المجموعة (التجمع) غريبة»، مشيرا إلى التزام المتظاهرين بالساعة التي يحددها التجمع للتظاهر وعادة ما تكون الواحدة ظهرا.

وأضاف «إنه إنجاز لهذه المجموعة، آخذين في الاعتبار أن المتظاهرين لا يعرفون حتى من هم القادة الرئيسيين لها، إنهم فقط يثقون بها».

وفي 25 كانون الأول/ديسمبر، كانت الدعوة الأولى من تجمع المهنيين لتظاهرة نحو القصر الجمهوري «لتسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تطالب بتنحّي الرئيس فورا عن السلطة استجابة لرغبة الشعب السوداني وحقنا للدماء».

واقترح التجمع أنه في حال وافق البشير على التنحّي «فستتشكّل حكومة انتقالية ذات كفاءات وبمهام محدّدة ذات صبغة توافقية بين أطياف المجتمع السوداني».

«لن تكون حزبا سياسيا»

ونفى المصطفى وهو عضو الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة وجود نية لتحويل التجمع إلى كيان سياسي. وقال «ليس هناك تفكير في تحويل الكيان المهني لحزب سياسي أو كيان سياسي خصوصا وأن لدينا العديد من المهنيين هم بالفعل أعضاء في أحزاب سياسية».

بدوره، يقول محمد الأسباط أحد متحدثي التجمع المقيم في باريس، إن التجمع «نجح في جذب قوى المعارضة الرئيسية في البلاد، الإجماع، ونداء السودان، لتلتف حوله وتوقع معه ميثاق الحرية والتغيير، مطلع الشهر الجاري».

وأضاف «اليوم (…) انضم إلى الميثاق 19 تنظيما وحركة ومؤسسة من سياسية إلى شبابية إلى فئوية ويهدف إلى إسقاط النظام وإقامة الديمقراطية».

وقد أعلن الصادق المهدي زعيم حزب الأمة المعارض، في خطبة الجمعة بحضور مئات من مناصريه «نؤيد هذا الحراك الشعبي. وندعمه».

وأضاف المهدي أن أهم مطالب هذا الحراك الشعبي هو «أن هذا النظام يجب أن يرحل وتحل محله حكومة انتقالية».

وتعد مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وسائل الإعلام الرئيسية التي يعوّل عليها شباب التجمع في التواصل والتعبئة.

وقال الأسباط إن «حفاظ التجمع على السلمية والتواصل الناعم هو سبب الالتفاف الجماهيري حوله».

نقلا عن: الحرة

Related Articles

Back to top button

Adblock Detected

Please consider supporting us by disabling your ad blocker