في الفيلم المصري «الحرام» المأخوذ عن رواية شهيرة بالعنوان ذاته ليوسف إدريس يمرض الزوج الفقير «عبد الله» مرضًا يجعله مقعدًا، فتعوله زوجته الشابة الجميلة «عزيزة» من خلال عملها في الحقول مع أنفار التراحيل، وذات ليلة تشتهي نفس عبد الله «البطاطا» فتذهب عزيزة للبحث عن «جدر بطاطا» في الحقول المجاورة، فيشفق عليها ابن صاحب حقل فيساعدها في البحث عن «جدر بطاطا» من خلال نظرات العيون نعرف أن كارثة ستقع بعد قليل.
الشاب ابن صاحب الحقل يتفجر صحة ولياقة، هنا تنتفض المقارنة داخل نفس عزيزة بين جسد زوجها العليل وجسد الشاب العفي، وهى تلك المقارنة التي ستقود عزيزة لأن تحمل من الشاب، ودع عنك الكلام عن تعرضها للاغتصاب.
تظل عزيزة على مدار الباقي من زمن الفيلم تردد جملة واحدة «جدر البطاطا هو السبب».
هل كان جدر البطاطا هو السبب الوحيد في مأساة عزيزة أم هناك مسكوت عنه؟.
القصة بحذافيرها حدثت ولكن في عالم الكبار وليس عالم أنفار التراحيل.
أول الكبار هو جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس الشهير.
جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس
في العام 1971 ولد جوليان بأستراليا، لم تعرف طفولته معاني الاستقرار لأن والديه كانا يديران مسرحًا جوالًا.
في مراهقته عرف جوليان النساء وولد له طفل وهو في الثامنة عشرة من عمره!
في هذه الجو المضطرب تفوق جوليان في علم الرياضيات بطريقة عجيبة، ثم عندما أصبحت شبكة الانترنت شائعة عرفها جوليان وأظهر نبوغًا فريدًا في التعامل معها، ولكنه أساء استخدام مهاراته فجرى اتهامه مع صديق له في العام 1995 بارتكاب القرصنة الإلكترونية.
خضع جوليان للتحقيقات ولكنه أفلت من السجن بعد أن دفع كفالة بلغت آلاف الدولارات مع تعهده بعدم العودة للقرصنة الإلكترونية!
يقول موقع بي بي سي: إن جوليان قضى ثلاثة أعوام يعمل مع الأكاديمية سويليت دريفوس التي كانت تجري أبحاثا تتعلق بالجانب التخريبي الناشئ من الانترنت وأعد معها كتاب «العالم السفلي» الذي بات من الأكثر مبيعا بين المؤلفات المتعلقة بالكمبيوتر.
ووصفت دريفوس أسانج بأنه «باحث ماهر جدا لديه شغف بمفهوم الأخلاق ومفاهيم العدالة، وماذا يجب على الحكومات فعله وعدم فعله».
ثم حصل جوليان على دورة رياضيات وفيزياء من جامعة ملبورن، حيث بات عضوا بارزا في قسم الرياضيات، وابتكر مسألة رياضية دقيقة صنفها المعاصرون على أنها ممتازة.
وعن جوليان كتب مراسل مجلة «نيويوركر» رافي كتشادوريان: يمكن لأسانج أن يمضي أياما عدة بلا طعام، مُركزا على العمل بدون النوم لساعات كافية.
وعنه قال دانيال شميت أحد الشركاء المؤسسين لموقع ويكيليكس: إن أسانج واحد من قلة يهتمون حقا بالإصلاح الإيجابي في العالم، إلى حد يجعلك ترغب بفعل أمر جذري قد يوقعك في خطأ، فقط من أجل فعل شيء يؤمنون به.
في العام 2006، أسس جوليان موقع ويكيليكس، الذي أصبح شهيرًا في العام 2010 عندما بث لقطات تُظهر جنودا أمريكيين يقتلون بالرصاص 18 مدنيا عراقيا.
بعد تلك اللقطات نشر الموقع عشرات الآلاف من الوثائق التي صنعت فضائح مدوية لأكابر العالم.
جاء الرد سريعًا عندما جرى اتهامه من قبل الحكومة السويدية باغتصاب امرأة والتحرش بأخرى!
خاف جوليان من الذهاب إلى السويد للتحقيق فلجأ إلى سفارة الإكوادور بلندن، حيث مكث هناك بعد أن منحته الإكوادور حق اللجوء السياسي في العام 2012.
حاولت أمريكا الوصول إلى جوليان لأنه نشر وثائق سرية تخص مؤسساتها المهمة، ولكن المحاولات الأمريكية فشلت لتمتعه بحماية رئيس الإكوادور السابق رافائيل كوريا، الذي، أشاد مرارا بموقع وكيليكس.
رئيس الإكوادور السابق «رافائيل كوريا»
ظل جوليان مقيمًا بداخل السفارة حتى يوم الخميس الحادي عشر من شهرنا الجاري، ففيه رفعت الإكوادور يدها عنه وسمحت للشرطة البريطانية بدخول سفارتها وإلقاء القبض عليه، تمهيدًا لمحاكمته في السويد أو أمريكا!
لماذا تخلت الإكوادرو عن جوليان؟.
هنا نستعيد ذكرى «جدر البطاطا».
لقد قالوا ثلاثة أسباب.
الأول ذكرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية إذ قالت: إن جوليان سرب صورة للينين مورينو رئيس الإكوادور الحالي، وهو رجل يزعم الالتزام بأشد درجات التقشف والزهد في ملذات الحياة، وهو يتناول وجبة من فواكه البحر، مستلقيا على فراشه فى غرفة بأحد الفنادق الفخمة.
«لينين مورينو» رئيس الإكوادور الحالي
الشعب الإكوادوري لم تعجبه صورة رئيسه الذي يتمتع بالملذات بينما شعبه غارق في مشاكل اقتصادية معقدة، الرئيس من ناحيته غضب لأن الصورة حرضت الشعب عليه، فأمر سفارته برفع حمايتها عن جوليان.
السبب الثاني قالت به وسائل إعلام غربية وملخصه: إن جوليان كان يزعج العاملين في السفارة بتصرفات ليست لائقة.
ما هذه التصرفات؟ لم يوضح أحد شيئًا.
السبب الثالث وهو يكاد يتطابق مع حدوتة جدر البطاطا صدر عن العاملين في السفارة الذين قالوا: إن جوليان أسانج كان يقتني قطة تعيش معه داخل السفارة، ولم يكن يهتم بنظافتها، ولا برفع فضلاتها، وهو الأمر الذي أزعج العاملين، لخوفهم من أن تتسبب فضلات القطة في نشر مرض ما بداخل السفارة، وذهب بعضهم بعيدًا فقال: ربما وضع جوليان أسانج جهاز تجسس في طوق القطة، وعلى ذلك رأت السفارة عدم منحه اللجوء وتسليمه للشرطة البريطانية.
إن كنت تصدق أن جدر البطاطا هو فقط سبب مأساة عزيزة فصدق أن قطة هى سبب مأساة أسانج !