تجربة “مسرح مصر” التي يقدمها النجم أشرف عبد الباقي تخطو خطوات واثقة نحو النجاح عاما بعد آخر، وتشهد عروضها إقبالا كبيرا من الجمهور، ودائما ما تكون محجوزة مقدما، ما بدا وكأنه بارقة أمل أن يستعيد المسرح في مصر حيوية غابت عنه لسنوات وأن يكسب جمهورا هجره طويلا.
إلا أن هذا التفاؤل لا يجد له صدى مماثل في أوساط مسرحيين ونقاد لا يرون إقبال الجمهور مقياسا يعتد به دائما في الحكم على حال المسرح. النجم محمد صبحى وصف عروض مسرح مصر بأنها “سهرة تليفزيونية وليست مسرحا على الإطلاق”، فى حين كانت سيدة المسرح سميحة أيوب أكثر حدة حين اعتبرت ما يقدمه عبد الباقي “لا يمت للفن بصلة”، وقالت “مايقدمونه إسفاف وابتذال”، وتابعت “هو اللي يلبس لبس واحدة ويضحك الناس عليه يبقى مسرح؟”.
على المنوال نفسه سار المخرج جلال الشرقاوي، واصفا عروض مسرح مصر بأنها “أشبه بقعدة المصاطب وجلسات المخدرات، ولا تحمل أي مضمون مسرحي على الإطلاق، وكل ما يقدم فيها يعتبر هلس”. حتى رفيق مشوار عبد الباقى الفنان أحمد آدم هاجم التجربة هو الآخر، واعتبرها “نموذج حرق للمسرح، وتجربة سيئة تحرق الفنانين، والجمهور سيصاب بالإحباط منها”.
في المقابل غابت العروض المسرحية التقليدية وسط تذبذب في مستوى مسرح القطاع العام وغياب شبه تام لمسرح القطاع الخاص، وباستثناء مسرحية محمد رمضان “أهلا رمضان” التي تعرض حسب ظروف بطلها، لايكاد يكون هناك مسرح خاص، عدا محاولات متقطعة أيضا لأحمد بدير وطلعت زكريا، فيما خلت الساحة من نجوم المسرح الكوميديانات ممن كان لهم حضور مهم فى القطاع الخاص، مثل عادل إمام ومحمد صبحي، ومن بعدهم محمد هنيدي وهاني رمزي وغيرهم.
أما مسرح القطاع العام، أو ما يطلق عليه مسرح الدولة، فرغم وجود إنتاج حقيقي لبعض التجارب إلا إنها تبدو وكأنها تحارب طواحين الهواء، ربما لعدم إقبال النجوم عليها، وأحيانا لضعف الإنتاج وضعف إقبال الجمهور. آخر العروض التي تشق طريقها بصعوبة مسرحية “اضحك لما تموت” للمخرج عصام السيد التى تعرض على خشبة المسرح القومي، بطولة محمود الجندى ونبيل الحلفاوي وعدد من الوجوه الجديدة.
وتمثل تجربة المخرج خالد جلال فى مركز الإبداع الذي يرأسه نموذجا مغايرا، من خلال ما يقدمه من عروض بين الحين والآخر معتمدا فيها على النجوم الشباب الذين يعملون معه، وهي تجارب أشبه بالمسرح البديل ربما تحقق نجاحا عند النخبة لكن الجمهور الكبير لا يعرف عنها الكثير.
المحصلة أن خريطة المسرح التي اعتدناها في سنوات ماضية تغيرت ملامحها تماما، حتى لم يعد بالإمكان التعرف على جمهور المسرح المميز الذي كان يوصف دائما بالنخبة، أو حتى جمهور القطاع الخاص الذي كان أغلبه من السائحين العرب الذين يستمتعون بالعروض المسرحية فى زيارتهم إلى مصر.