كتب: جوشوا سيناي
ترجمة و مراجعة: تامر الهلالي
يعد كتاب «الإرهاب ومكافحة الإرهاب: مقدمة شاملة للجهات الفاعلة والإجراءات – Terrorism and Counterterrorism: A Comprehensive Introduction to Actors and Actions» للكاتبين هنري برونكنز وتروي ويتفورد، واحداً من أهم الكتب التي صدرت حديثاً في مجال مكافحة الإرهاب. الكتاب ألفه كل من السيد برونكنز، وهو محلل سابق رفيع المستوى في مكافحة الإرهاب في الحكومة الأسترالية وأخصائي في علم الجريمة في دراسات الشرطة والأمن في جامعة تشارلز ستيوارت، والسيد وايتفورد، الذي يعمل محاضرا. ومن خلاله يحاول المؤلفان تشريح وسبر أغوار ظاهرة الإرهاب وتحديد ماهيتها، بهدف رسم خارطة طريق لمكافحتها.
قضية خلافية
يعد تعريف الإرهاب أحد أهم القضايا الخلافية والشائكة عالمياً وهو ما يضيف ثقلاً على المهمة الثقيلة أساساً: مكافحة الإرهاب. في كتابهما يقدم المؤلفان بشكل حاسم تعريفهما العملي للإرهاب من منظور الحكومات الديمقراطية على أنه فعل سياسي عنيف من قبل جماعات أو أفراد وذلك بهدف تحقيق أهداف متطرفة. ويوكدان أن مثل هذا العنف السياسي إجرامي لأنه ينتهك القوانين الجنائية للديمقراطية، وهو موجه «ضد الحكومات والأنظمة السياسية عبر الضحايا الأبرياء».
ويشرح المؤلفان أيضًا كيف يمكن فهم الإرهاب من خلال عقيدة الجنرال الصيني صن تزو المتمثلة في فكرة الحرب غير المتكافئة، والتي يستغل فيها الجانب الأضعف نقاط ضعف خصمه الأقوى معتنقا عقيدة أنه إذا «قتلت واحدا، فأنت تخيف عشرة آلاف» من خلال الدعاية الواسعة الانتشار. والقلق الذي يصاحب مثل هذه الحوادث، و تقوم فلسفة تزو للحرب غير المتكافئة على حرب بين متحاربين تختلف قوتهما العسكرية والاستراتيجية بشكل كبير وهذا يحدث عندما يلتقي جيش نظامي محترف مقابل حركة تمرد أو حركة مقاومة.
خلال تلك الحروب تختلف موارد طرفي القتال من حيث الجوهر والنضال ومحاولة استغلال كل طرف لنقاط ضعف الطرف الآخر.
و تقوم بشكل أساسي على استراتيجات غير تقليدية للحرب، بحيث يقوم الطرف الأضعف بمحاولة استخدام استراتيجات معينة لموازنة أوجه الضعف الكمية والنوعية الموجودة عنده.
كما يرتبط هذا المصطلح «الحرب غير المتكافئة» بشكل كبير بمسمى «حرب العصابات» وهي في الأساس حرب بين جهة رسمية قوية ومتمرسة وجهة غير رسمية تتمتع بالمرونة وسهولة الحركة.
ويري المؤلفان أن الأهداف الإستراتيجية للإرهابيين غالبا ما تتجه إلى تعطيل أنشطة الحكومة المستهدفة إلى حد يجعلها غير قادرة على الدفاع عن مواطنيها، وبالتالي تحفيزها على المبالغة في الرد من خلال تنفيذ تدابير الاستجابة القسرية التي تؤدي إلى تآكل الطبيعة الديمقراطية لمجتمعها والحريات الشخصية. و أن هذا يمكن أن يضفي دون قصد الشرعية على صورة الجماعات الإرهابية او العنيفة من خلال رد فعل الحكومات الذي يبدو «غير متناسب بطبيعة الحال».
و فيما يتعلق بالأسباب الجذرية للإرهاب، يرصد المؤلفان أن العنف السياسي هو استجابة للسياقات الأوسع التي يعمل فيها الإرهابيون لأنهم يعتقدون أن العنف وحده هو الذي يمكنه معالجة مظالمهم. و يضيفان أنه يصعب حل مثل هذه النزاعات من خلال المفاوضات لأن فلسفة الإرهاب لا تستوعب ولا تفهم إمكانية التعايش بين الجماعة والمجتمع، بل تسعى إلى تدمير المجتمع.
رغم ذلك، يشير المولفان، إلى أن ثمة بعض الحالات التي يمكن أن يتغير فيها هذا المنظور المطلق مع مرور الوقت ويرد في هذا السياق التوصل إلى اتفاق سلام بين الجيش الايرلندي مع الحكومة البريطانية، وبالتالي إنهاء الصراع القديم لعدة عقود في أيرلندا الشمالية.
ويشير المؤلفان إلى أن الحرب التي يشنها الإرهابيون تتطور باستمرار. ويرصدان التطور في مجال الإرهاب السيبراني، حيث يستخدم الإرهابيون أسلحة إلكترونية للوصول عن بعد إلى أنظمة SCADA لخصومهم (أنظمة المراقبة الإشرافية وجمع البيانات) لتدمير أجزاء مهمة في البنية التحتية، مثل محطة كهرباء رئيسية أو شبكة النقل. لحسن الحظ، لم تتحقق مثل هذه الهجمات بعد.
منهجية إدارة المخاطر
لدحر التهديد الإرهابي، يوصي المؤلفان بتطبيق منهجية لإدارة المخاطر، والتي عادة ما تكون غائبة عن الدراسة الأكاديمية لمكافحة الإرهاب. و يخلصان إلى أن أية منهحية من هذا النوع يجب أن تكون من خمس خطوات: تحديد التهديد، وقياس احتماله، واستكشاف مواطن الضعف لدى المستهدف، وتقييم عواقب أي هجوم، ووضع خطة طوارئ للوقاية والتحضير للاستجابة لمثل هذا الاحتمال.
كما يرى المؤلفان أنه «بهذه الخطوات نستطيع أن نوفر إطارًا واضحاً لمكافحة الإرهاب، ويستنتج المؤلفان أنه في حين أن الأسباب الكامنة التي تؤدي إلى استفحال ظاهرة الإرهاب تحتاج إلى فهمها وحلها، فإنه في الوقت نفسه، يجب أيضًا اتخاذ موقف أكثر صرامة».
يعد هذا الكتاب، دليلًا لا غنى عنه لفهم المكونات التي ينطوي عليها تحليل التهديد الإرهابي والتدابير اللازمة للاستجابة الفعالة. فرغم أنه يتم نشر العديد من الكتب حول طبيعة الإرهاب وعناصر مكافحته وهزيمة ما يمثله من تهديد، إلا أن القليل منها يبرز كمثال لا غنى عنه لفهم هذه القضايا. ويعد هذا الكتاب واحدا من تلك الكتب.
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا