كتبت: نيكيتا مالك. مديرة مركز التطرف والإرهاب في جمعية هنري جاكسون بلندن
ترجمة: تامر الهلالي
سيتحول ملايين الأشخاص العالقين في منازلهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر المعلومات المضللة. يستغل الإسلاميون المتطرفون والجماعات اليمينية المتطرفة الارتباك والخوف على نطاق واسع من أجل نشر الكراهية.
مع عصف أزمة كورونا أو كوفيد 19 (COVID-19) بكثير من البلاد في جميع أنحاء العالم ً فإنها وفرت فرصة للجماعات المتطرفة عبر الطيف الإيديولوجي لنشر الكراهية. وكما هو الحال غالبًا في أوقات عدم اليقين، قفز المتطرفون والإرهابيون على فرصة استغلال الارتباك والخوف، والوصول إلى جماهير جديدة، وخدمة مصالحهم الخاصة.
الوحدة والملل وعملية «الجذب»
في عام 2014، عندما كان المجتمع الأكاديمي يدرس آثار دعاية تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على استعداد الناس للسفر إلى الخارج والانضمام إلى الصراع في العراق وسوريا، كان من الواضح أن جاذبية المجنِدين (بكسر النون المشددة) تكمن في حاجة الجمهور المستهدف إلى فهم مكانهم في العالم. مع توفر المزيد من المعلومات حول أولئك الذين انضموا إلى المنظمات الإرهابية، أو حتى أولئك الذين ارتكبوا هجمات إرهابية في بلدانهم، كان الهدف المشترك هو الحاجة إلى الانتماء إلى مجتمع «من الداخل» وارتكاب العنف أو تدمير طرق حياة أولئك الذين يعدون جزءًا من المجتمع «الخارجي».
وينظر إلى أولئك الذين يتبنون مثل هذه الآراء على أنهم غير متسامحين من قبل الأغلبية، ولكن في كثير من الأحيان، يكونون قادرين على مناشدة أقلية وكسب تعاطفها لأنها سهلة الجذب أو لأنه في أوقات عدم اليقين، يبدو أن ادعاءاتهم الغريبة كانت تبدو منطقية. لذا، فإن امرأة بريطانية تبلغ من العمر 21 عامًا قد أغرتها خطب أنور العولقي على موقع يوتيوب، لدرجة أنها حفزتها على طعن عضو في البرلمان لأنه صوت لصالح الحرب في العراق.
https://youtu.be/MKzIE3Lz5eo
ومن الطبيعي في ظروف العزلة في البيوت أن تسود نغمة الوحدة والملل التي تسهل عملية الجذب من قبل المجند (بكسر النون المشددة) الجذاب الذي يشرح واجب الجمهور المستخدم تجاه إخوانه وأخواته المسلمين ويحدث ذلك أيضًا باللغة الإنجليزية.
ومع انتشار الفيروس، يتم توجيه الناس للبقاء في المنزل، ولكن للأسف، هذا يزيد من نسبة مطالعة الأخبار المزيفة ونظريات المؤامرة والمواد المتطرفة على الإنترنت، حيث يحاول الناس فهم الأزمة المحيطة بهم.
المنطقة الرمادية
في حين بذلت الحكومات جهودًا كبيرة لتوفير معلومات دقيقة حول COVID-19 عبر الإنترنت، فإن هناك مجالين يتعين على شركات وسائل التواصل الاجتماعي أن تظل متيقظة بشأنهما وهما صعود نظريات المؤامرة ثم الدور الذي يلعبه هذا الصعود في الدعوات لزيادة العنف المستهدف ضد المجتمعات و غالبًا ما يؤدي الأول إلى الثاني.
غير أن النظام قد تحسن بشكل كبير منذ عام 2015 – باستخدام الخوارزميات الآلية للتعرف على الرموز والموسيقى والمحتوى الإرهابي، مما يعني أن 98 في المائة من هذه المواد تمت إزالتها قبل أن يتمكن الجمهور من رؤيتها – ولا تزال الشركات تكافح ضد ما يسمى بـ«المواد الإعلامية التي تنتمي إلى المنطقة الرمادية»، حيث يزدهر التطرف.
وذلك لأن أولئك الذين يقومون بتحميل هذا المحتوى يعرفون تمامًا كيفية تجنب انتهاك الشروط والأحكام التي قد تعني إزالة موادهم. في خضم تفشي الفيروس، يكشف فحص يوتيوب عن ارتفاع في مقاطع الفيديو عن. يوم القيامة كما يعرض الجهاديون مواداً عن «المهدي»،. بالنسبة للمتطرفين الإسلاميين، يقترن هذا الخطاب بمحاضرات طويلة تضم متحدثين يناقشون كيف أن الفيروس هو عقاب من الله،. حتى أن الدولة الإسلامية حثت أتباعها على عدم «دخول أرض الوباء».
تضليل صحي
يقول بعض ناشطي داعش أن الفيروس التاجي مؤامرة أمريكية لتقليل عدد سكان العالم، وغالبًا ما تتميز مقاطع الفيديو الدينية بتضليل صحي خطير. وتظهر المنشورات التي تم تحميلها على وسائل التواصل الاجتماعي في إيران هذا الشهر أن الناس يلعقون الأضرحة المقدسة في تحد لـلفيروس، ظاهريًا «لحماية الحجاج المستقبليين» للأضرحة من الإصابة بالفيروس. ويعد التضليل الصحي منطقة رمادية مهمة لا تغطيها حاليًا سياسة وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك، يمكن للمستخدمين أن يجادلوا بأن COVID-19 هو نتيجة للمثلية الجنسية أو إلقاء اللوم على الجماعات والأديان العرقية الأخرى لتناسب نظريات المؤامرة التي يروجون لها. بالنظر مباشرة إلى الكاميرا خلال جلسة مباشرة على Facebook، دعا المتطرف المصري المقيم في نيويورك بهجت صابر المصريين الذين أصيبوا بالكورونا للانتقام الدقيق عن طريق إصابة المسؤولين الحكوميين والموظفين الحكوميين عمدا. وتصف مذكرة حديثة لمكتب التحقيقات الفيدرالي كيف يحث المتطرفون اليمينيون على انتشار الفيروس إلى اليهود. وتشجع الرسائل التي يتم نشرها بين المجموعات أعضاءها على استخدام «زجاجات رذاذ» مليئة بسوائل الجسم المعدية لمهاجمة الشرطة.
https://youtu.be/Z9eIxoY-54k
اليمين المتطرف
في المملكة المتحدة، يقول ملصق تشاركه الحركة الاشتراكية الوطنية البريطانية على Facebook أنه إذا أصبت بالفيروس، يجب عليك زيارة مسجدك المحلي أو كنيسك وقضاء بعض الوقت في أحياء متنوعة حيث «ثبت أن التعرض المتزايد للتنوع يوفر سريريًا فوائد قصيرة المدى وطويلة المدى لوظائف جهاز المناعة. على Telegram»، سأل أحد الشخصيات الشهيرة في اليمين البديل متابعيه في استطلاع ماذا كان «أكبر خدعة في حياتنا: المطر الحمضي، تغير المناخ ، إساءة الطقوس الشيطانية ، ام فيروس كورونا». لقد اغتنمت الجماعات اليمينية المتطرفة هذه الفرصة لتغليب نظريات المؤامرة والتحريض على الانتهاكات العرقية ضد مجتمعات الشتات الآسيوية. وتوصل بحث أجرته رابطة مكافحة التشهير، على سبيل المثال، إلى وجود رسوم متحركة على الإنترنت تصور «Winnie the Flu» الآسيوي وصورًا عنيفة ضد الآسيويين على منصات للتطرف في قنوات Telegram و تطبيقات 4chan و Gab. وتساعد حملات التضليل جهات فاعلة في دول مثل الصين – لتوجيه اللوم للإجراءات الحكومية.
جهود مكافحة التضليل
يقترن هذا الخطاب الضار والبغيض ضد بعض الجماعات العرقية والديانات والمجتمعات المحلية مع إصدار المنظمات الإرهابية أوامر جديدة لمهاجمة البلدان لأنها مشغولة بمخاوف متعلقة بالفيروس و مجابهته. على سبيل المثال، في افتتاحية صحيفة «النبأ» الأسبوعية التي يصدرها داعش، وصف التنظيم الوباء بأنه «عذاب مؤلم» إلهي ضد الجيوش «الصليبية»، وقد أمر التنظيم أنصاره بالاستفادة من الوباء لتحرير السجناء من «سجون المشركين ومعسكرات الإذلال». ومن الواضح أنه كلما زاد عدد الأشخاص المنعزلين اجتماعيًا – سيبقون في منازلهم وسيحصلون على إجابات لأسئلتهم من المعلومات الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي. لذلك من الضروري أن تعمل شركات وسائل الإعلام الاجتماعية والحكومات على إيقاف التضليل من جميع أنحاء الطيف الإيديولوجي وحيث لا يمكن إزالة المحتوى، يجب مراقبته بما يضمن أن هذه المواد لا تتمكن من تحقيق أغراضها في صناعة العنف، كما فعلت مع دعاية الإرهاب. في حين تم عمل الكثير لتثقيف الناس حول غسل أيديهم، يجب عمل المزيد لمواجهة المتطرفين الذين يسعون إلى نشر أجنداتهم البغيضة. تتمثل إحدى طرق معالجة هذا الأمر بسرعة في إنشاء علامة جديدة للمعلومات الخاطئة على YouTube و Facebook، والتي ستسمح للمستخدمين بتحديد المحتوى غير الصحيح أو الضار في الواقع. علاوة على ذلك، يمكن أيضًا الاستفادة من الدروس المستفادة من استخدام مواد إعلامية موجهة لمكافحة الإرهاب – حيث يجب أن تنتشر مقاطع الفيديو حول واقع وحشية تنظيم الدولة الإسلامية جنبًا إلى جنب مع دعايته أو أي محتوى متطرف يتصاعد نتيجة انتشار الفيروس.
«مجلة النبأ» الذراع الإعلامي لتنظيم الدولة
تعريف بالكانبة: نيكيتا مالك هي مديرة مركز التطرف والإرهاب في جمعية هنري جاكسون في لندن.
Nikita Malik
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا