حلقة فريدة من برنامج «حديث الذكريات» للإذاعية القديرة أمينة صبري التي استضافت مشاهير الفن والإعلام والثقافة عبر أثير برنامجها المتميز كانت مدخلنا لنقترب كثيرا من الإذاعي الكبير فهمي عمر أهم رواد الإذاعة المصرية في عصرها الذهبي، حيث تحدث عمر عن مشواره الطويل في الإذاعة المصرية
تجدر الإشارة هنا إلى أن مستمعي برنامج «حديث الذكريات» تعرفوا من خلال حلقاته المتتالية على جوانب مضيئة من حياة أبرز المفكرين والأدباء ونجوم السينما والمسرح كان من بينهم: «صلاح عبد الصبور، يوسف إدريس، عبد المنعم مدبولي، محمد رضا، شادية، صلاح ذو الفقار، كمال الشناوي، توفيق الدقن، عبد الوارث عسر» وغيرهم من رواد الإبداع الثقافي والفني في مصر والعالم العربي، وبالطبع و من خلال حلقات هذا البرنامج يمكننا أن نتعرف على بعض جوانب حياة رواد الإذاعة المصرية ذاتها؟
فهمي عمر شيخ الإعلام الرياضي
«سيداتي وسادتي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. حقيقة أنا سعيد بأن أكون ضيفا على هذا البرنامج .. حديث الذكريات .. هذا البرنامج الذي كان ومعه ثلاثة برامج حوارية أخرى، كنا أسبوع بعد أسبوع نتطلع إلى أي من هذه البرامج قد أحرز السبق، حديث الذكريات الذي تقدمه الإذاعية أمينة صبري، وأضواء على الجانب الأخر للإذاعية القديرة نجوى أبو النجا، زيارة لمكتبة فلان للأخت العزيزة نادية صالح، ثم برنامج عمر بطيشة شاهد على العصر … من هنا تأتي سعادتي أن أكون ضيفا على هذا البرنامج المتميز الذي تقدمه الإذاعية المتميزة أمينة صبري» .. بتلك المقدمة بادر الإذاعي المرموق «فهمي عمر» إستهلال تلك الحلقة من حلقات البرنامج الإذاعي «حديث الذكريات» التي حل فيها ضيفا على البرنامج يروي لمستمعي البرنامج بعضا من ذكرياته وعمله بالإذاعة المصرية وذلك على غير المألوف بقيام مذيع البرنامج ذاته بتقديم الحلقة.
المقدمة التي بادر بها الإذاعي المرموق «فهمي عمر»
عبر تلك الحلقة من حلقات برنامج «حديث الذكريات» الذي قدمته الإذاعية القديرة «أمينة صبري» يمكن التعرف على أبرز ذكريات الإعلامي القدير «فهمي عمر» صاحب لقب شيخ الإعلاميين الرياضيين، ومؤسس أول برنامج إذاعي رياضي بالإذاعة المصرية «ربع ساعة رياضة».
الإذاعية القديرة «أمينة صبري»
استهلت «أمينة صبري» حديثها مع «فهمي عمر» بطرح تساؤل حول نشأته الأولى بقريته بصعيد مصر، فروي «فهمي عمر» عن قريته «الرئيسية» التي ولد بها في السادس من مارس عام 1928 وتقع على الشاطىء الغربي للنيل بمركز نجع حمادي بمحافظة قنا بصعيد مصر، وكيف أنها كانت قرية متميزة بحرصها على تعليم أبنائها، حيث كانت من أوائل قرى الصعيد التي تم فيها إنشاء مدرسة لتعليم الأطفال في سنة 1904، و كان عدد المتعلمين بتلك القرية كبيرا منذ بدايات القرن الماضي.
يواصل «فهمي عمر» حديثه حول نشأته الأولى مشيرا إلى أنه التحق بكُتَاب القرية وهو في الرابعة من عمره فحفظ أجزاء من القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة وواصل حفظ القرآن حتى تمكن من حفظ ثلثه وهو في السابعة من عمره، وإلى جانب حفظ القرآن تمكن من إلقاء الشعر والنثر.
الإعلامي القدير «فهمي عمر»
يروي «فهمي عمر» مشاهد من حياة قريته وكيف كان أهالي القرية يقفون على أهبة الإستعداد خلال أيام فيضان النيل مخافة أن يجرف النيل الجسر ومن ثم تغرق القرية، كان النيل يأتي عفيا محملا بالطمي، يحمل الخير الوفير والأمل ولكنه كان في ذات الوقت يحمل معه الكثير من الرهبة والخوف.
مع سطوع القمر كانت القرية تعيش ليالي السمر على أصوات القصاص وشاعر الربابة، وقصص أبو زيد الهلالي والزناتي خليفة، والمغنين التلقائيين وكان شباب القرية يتبارون في حفظ وترديد ما يسمعونه من أغنيات شعبية وقصص ملحمية.
كان بكل قرية من قرى الصعيد ضريح لشيخ أو ولي، وكانت كل قرية تقيم المولد الخاص بشيخها، فيجتمع الحواة وبائعو الحلوى والمنشدون وتقام ليالي المولد فيبادر شباب القرى المحيطة في التجمع بالقرية التي تحيي مولدها.
انتقل «فهمي عمر» من قريته إلى مدينة دشنا عبر الباخرة النيلية، ليعيش مع خمسة من أبناء عمومته وهو لم يزل طفلا صغيرا لمواصلة التعليم بمدرسة دشنا الإلزامية، ومنها لمدرسة قنا الثانوية ليكتشف عالم السينما لأول مرة، التي كان يذهب لمشاهدة الأفلام بها كل يوم، ومنها لكلية الحقوق بجامعة الأسكندرية التي التحق بها سنة 1945 ليكتشف عالما جديدا لم يعهده من قبل.
بيان الثورة
حصل «فهمي عمر» على ليسانس الحقوق عام 1949 وكان والده يطمح في أن يعمل في مجال النيابة، وحين التحق بالعمل بالإذاعة عام 1950 غضب والده غضبا شديدا حتى أنه قاطعه لسنوات عدة، وكانت والدته تضطر إلى أن تستمع إليه بالإذاعة سرا من وراء ظهر والده.
بدأ «فهمي عمر» عمله بقسم الاستماع ومتابعة بريد المستمعين واستقبال ضيوف الإذاعة، ومع بداية عام 1951 عمل لأول مرة كمذيع ربط و كان يعمل كل أربعاء بالفترة الصباحية التي كانت تبدأ بثها في تمام السادسة ونصف صباحا، غير أن يوم الأربعاء الموافق 23 يوليو 1952 كان يوما مختلفا يروي عنه «فهمي عمر» مشيرا إلى أنه حين ذهب في ذلك الصباح إلى مقر الإذاعة لاحظ أن الشوارع غير الشوارع، كان يحيط بمبنى الإذاعة منذ حريق القاهرة الذي اندلع بشهر يناير من ذات العام كردون من عساكر الأمن، إلا أن المفاجأة بذات اليوم كانت تتمثل في وجود عربات للجيش تحرس مبنى الإذاعة، وأنه حين صعد برفقة أحد ضباط الجيش إلى استراحة المذيعين وجد بها الرئيس الراحل أنور السادات، وإذا بالبث الإذاعي ينقطع من أبو زعبل ثم يعود ثانية لعدة مرات، ومع الساعة السابعة ونصف صباحا موعد النشرة الإخبارية يقدم «فهمي عمر» أولى فقرات نشرته الإخبارية: «أعلنت ساعة جامعة فؤاد الأول السابعة ونصف وإليكم أولى فقراتنا الإخبارية، نستهلها ببيان من القيادة العامة للقوات المسلحة، يلقيه عليكم أنور السادات مندوب القوات المسلحة».
رحلة إذاعية
«ساعة لقلبك، ساعة لقلبك، ساعة لقلبك، ساعة لقلبك، أضحك فيها، خلي الدنيا كمان تضحكلك، ساعة لقلبك، ساعة لقلبك، أوعى تكشر أبدا فيها، أوعى تكشر، مين يضحكلك ويكشرلك، ساعة لقلبك، ساعة لقلبك»
https://www.youtube.com/watch?v=eDf2ZyadbM0
يواصل «فهمي عمر» رحلته بالإذاعة كمذيع ربط إلى أن تتاح له لأول مرة في عام 1954 أن يصبح مقدما لعدد من البرامج كان منها «مجلة الهواء» و«ساعة لقلبك» و«ربع ساعة رياضة» لينطلق نحو تحقيق غايته في التألق ليصبح شيخ الإعلاميين الرياضيين.
عبر برنامج «ساعة لقلبك» قدم «فهمي عمر» للإذاعة المصرية ألمع نجوم الكوميديا كان من بينهم: «عبد المنعم مدبولي، عبد المنعم إبراهيم، فؤاد المهندس، محمد عوض، أمين هنيدي، خيرية أحمد، نبيلة السيد، محمد يوسف، فؤاد راتب، فرحات عمر، يوسف عوف، وأحمد الحداد» الذين باتوا فيما بعد ألمع نجوم الكوميديا بمصر والعالم العربي.
يتوقف «فهمي عمر» ليروي عن علاقته بالرياضة وكيف أنها لعبت دورا محوريا في تحقيق شهرته وجماهيريته: «جماهيرية الكورة، هى التي صنعت جماهيريتي .. الرياضة أعطتني أكثر مما كنت أحلم، الرياضة جعلتني أزور مختلف دول العالم، كنت أرافق الفرق الرياضية في جولاتهم حول العالم».
عبر رحلاته الرياضية تعرف عمر على الإذاعات الرياضية المتخصصة حول العالم فتمكن من تحويل برنامجه الأسبوعي «ربع ساعة رياضة» والذي كانت تبلغ مدة بثه ربع ساعة فقط أسبوعيا كبرنامج رياضي وحيد بالإذاعة المصرية، إلى قناة متخصصة بالرياضة وهى قناة «الشباب والرياضة» التي قام من خلالها بتغطية ست دورات أوليمبية، مواصلا رحلته حتى عين رئيسا للإذاعة المصرية عام 1982، كما رشح لعضوية مجلس الشعب وظل نائبا في البرلمان من عام 1987 حتى عام 2000.
يذكر أن الإذاعية القديرة «أمينة صبري» مقدمة برنامج «حديث الذكريات» من مواليد 9 مايو سنة 1945، حصلت على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية سنة 1967، ثم دبلوم الدراسات العليا في مجال الإعلام، وعينت بالإذاعة المصرية في 30 مايو سنة 1968، وتولت العديد من المناصب والمهام الإاعية بداية من رئاسة قسم المنوعات بإذاعة «صوت العرب» في 26 مايو سنة 1985، وصولا لمنصب رئيس شبكة «صوت العرب» سنة 1999، لتصبح بذلك أول سيدة تتوالى ذلك المنصب منذ تأسيس إذاعة «صوت العرب» ذات الطابع السياسي، وتكريما لدورها الرائد في مجال العمل الإذاعي تم إختيارها كرئيسة للجنة الدائمة لإتحاد الإذاعات العربية، لتكون أول امرأة تحصل على هذا المنصب الذي يتم بالإنتخاب من رؤساء الإذاعات العربية.
يختتم: «فهمي عمر» حديثه مع الإعلامية «أمينة صبري» وبرنامجها «حديث الذكريات» مشيرا إلى أن الإذاعة ستظل راسخة، مهما تعددت الفضائيات ومهما تعددت الشاشات.
https://youtu.be/GtBI28M3idc?t=3065
وللحديث بقية