فن

وداعًا عزت العلايلي.. ابن الأرض

مع رحيل الفنان القدير عزت العلايلي تفقد الساحة الفنية المصرية اسمًا آخر من جيل مميز من الفنانين الذي أثروا المشهد الفني في مصر والعالم العربي بأعمالهم الراقية وكان العلايلي أحد أبرز أبناء هذا الجيل.

وٌلد العلايلي في فترة ملأى بالأحداث في تاريخ مصر الحديث، فحين أتم عامه الأول شهدت البلاد انتفاضة عام ١٩٣٥ الشعبية المنادية بعودة الدستور المٌهدر وخروج المحتل الإنجليزي وفي سن الثانية عشرة كان الفتى العلايلي شاهدًا على انتفاضة اخرى اكثر عنفًا هي انتفاضة عام ١٩٤٦ التي أضافت إلى المطلبين السابقين مطالب خاصة بالعدالة الاجتماعية لاسيما وأن قيادتها آلت إلى كل من الحركتين الطلابية والعمالية.

غرست هذه الاحداث في نفس العلايلي حسًا وطنيًا رفيعًا تجلى في اختياره لنوعية أدواره عقب تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية عام ١٩٦٠.

وفي عام ١٩٦٢ واتت العلايلي فرصته الأولى في عالم السينما من خلال دور الطبيب في فيلم “رسالة من امرأة مجهولة” وفي العام ذاته إختاره المخرج المخضرم حسن الإمام لدور صغير نسبيًا في فيلم “بين القصرين” حيث لعب العلايلي دور أحد الطلبة الوطنيين المشاركين في ثورة عام ١٩١٩.

تألق العلايلي في هذا الدور رغم صغر مساحته وبرزت مهاراته الخطابية وتمكنه التام من اللغه العربيه الفصحى.

وفي عام ١٩٦٧ حصل العلايلي على دور البطولة في فيلم “السيد البلطى” المُقتبس عن رواية للكاتب المبدع صالح مرسي ويتناول صراع الصيادين في مدينة ساحلية في سبيل قوت يومهم.

وفي العام التالي٫ شارك العلايلي بدور صغير في فيلم من كلاسيكيات السينما المصرية هو “قنديل أم هاشم” للمخرج كمال عطية المقتبس عن رواية الكاتب الكبير يحيى حقي٫ ولعب العلايلي دور شيخ كفيف يؤنسه عوده في وحدته ويتلقى العلاج على يد الطبيب إسماعيل (شكري سرحان) إبن حي السيدة زينب.

وفي عام ١٩٧٠ قدم العلايلي أحد أبرز أدواره على الشاشه الفضيه وهو دور “عبد الهادي” الفلاح المناضل المتشبث بالأرض في رائعة يوسف شاهين “الأرض” والذي تألق فيه الى جانب الممثل المخضرم محمود المليجي.

وعاد العلايلي للتعاون مع شاهين في فيلم آخر أبرز قدراته الفنية هو “الإختيار” عام ١٩٧١ حيث لعب دور توأمين متناقضين تمامًا إحدهما بحار محب للحرية والثاني كاتب مقيد بتقاليد المجتمع وقوانينه، واستطاع العلايلي أن يقدم أداءً مُقنعًا للغاية في كلا الدورين مُبرزًا الصراع النفسي بداخلهما.

وعلى مدار سنوات السبعينات قدم العلايلي عددًا من الأدوار المميزة مثل دور المحقق في “على من نطلق الرصاص” ودور السقا في الفيلم الفلسفي “السقا مات” عام ١٩٧٧ للمخرج صلاح أبو سيف٫ ومن جديد تعاون مع شاهين في “إسكندرية ليه” عام ١٩٧٩.

ومع بداية الثمانينات٫ اتجه العلايلي الى الدراما التلفزيونية لاسيما الأعمال التاريخيه مثل “صقر قريش” عام ١٩٧٩ ومسلسل “النديم” الذي جسد فيه دور خطيب الثورة العُرابية عبد الله النديم عام ١٩٨٢ والإمام الطبري عام ١٩٨٧.

أما في السينما وفي نفس الفترة٫ تنوعت أدوار العلايلي ما بين الأسطورة الشعبية في “التوت والنبوت” واجواء الصعيد في “الطوق والاسوره” والادوار الوطنية مثل دور ضابط المخابرات المصري في “بئر الخيانة” وغيرها.

وهذه النوعية الاخيرة باتت طابعًا غالبًا على أدوار العلايلي اللاحقة مثل دوره في الفيلم التلفزيوني “الطريق إلى إيلات” عام ١٩٩٣ الذي لعب فيه دور أحد قادة عملية بطولية في مرحلة حرب الاستنزاف ودور الضابط الوطني أحمد الخازندار في “بوابة الحلواني” والعميد كمال مهران ضابط حرس الحدود في مسلسل “حرس سلاح” عام ٢٠٠٢.

وفي فيلم “المواطن المصري” المأخوذ عن رواية للكاتب يوسف القعيد قدم العلايلي واحدًا من أهم وأبرز أدواره وهو دور الفلاح المقهور الذي يضطر لارسال ولده الى جبهة القتال بدلاً من ابن عمدة القرية.

كما أهلته خلفيته المسرحية وقدرته المتميزة على الإلقاء باللغة العربية لبطولة أعمال دينيه كمسلسل “الحسن البصري” عام ٢٠٠٠.

وكان آخر أعمال الممثل القدير الراحل على الشاشة الصغيرة هو مسلسل “قيد عائلي” الذي تقاسم بطولته مع كل من النجمتين بوسي وميرفت أمين عام ٢٠١٩.

وأتى رحيل الفنان عزت العلايلي ليختم مسيرته ابداعية دامت نحو نصف قرن من الزمان وتنوعت خلالها أعمال ما بين السينما والمسرح والدراما التلفزيونية وباتت قسمًا من تراث مصر والعالم العربي الفني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock