كتابة: يحيي عبد الغني – ترجمة: أحمد بركات
عبر السنين، أثرت مسلسلات الدراما الثقافة الشعبية المصرية بعدد من تترات المقدمة باتت أيقونات حية، استمد بعضها نجاحه من نجاح المسلسل ذاته، بينما ظل بعضها الآخر حيا بذاته، مستوطنا الوجدان الشعبي بعد أن طوى النسيان المسلسل نفسه.
الحقيقة ان جزءا من تفسير خلود هذه التترات يعود إلى أنها عبرت عن فترات معينة في التاريخ المصري؛ ومن ثم فهي تمكنت من تحريك المشاعر الوطنية الاجتماعية والسياسية.
ونقدم عبر هذه الإطلالة باقة لعدد من أشهر هذه المقدمات “التترات”
بوابة الحلواني – علي الحجار
هي المقدمة الأكثر أهمية على الإطلاق، وتمثل – ببساطة – ’رسالة غرامية‘ موجهة إلى ’شخص‘ مصر. تبدأ أغنية مقدمة مسلسل بوابة الحلواني بالمقولة الشهيرة “اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني”. وتعكس بوجه عام جهدا جماعيا لقمم فنية سامقة؛ وكيف لا! وقد أبدع كلماتها الشاعر الكبير سيد حجاب، ولحنها الموسيقار الأسطوري بليغ حمدي، ثم أفاض عليها علي الحجار من صوته الرخيم فلامس بعمق جوهر الكلمات وعمق الألحان.
وتتضافر الكلمات الساحرة مع الموسيقى الأخاذة والصوت الندي ليبدعوا جميعا في نهاية المطاف مزيجا فنيا يمثل واحدة من أبرز الأغنيات المصرية في التاريخ الحديث، ما لم تكن أبرزها على الإطلاق.
رأفت الهجان – عمار الشريعي
رغم اعتمادها على الموسيقى فقط دون الكلمات، فإن المصريين عادة لا يبذلون جهدا أو وقتا ليتعرفوا على هذه المقدمة. يرجع هذا – بصورة جزئية – إلى النجاح الساحق الذي حققه مسلسل رأفت الهجان في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
تربعت هذه المقدمة الموسيقية على عرش افتتاحية المسلسل على مدى ثلاثة مواسم، هي مدة عرضه، وتعكس بعمق الطبيعة الدراماتيكية المكثفة لمسلسلات الجاسوسية المستمدة من السير الذاتية. تعتبر هذه الموسيقى أيضا أحد أبرز أعمال الموسيقار الراحل عمار الشريعي.
أبو العلا البشري – علي الحجار
عمل آخر من كلاسيكيات علي الحجار. كتب كلمات هذه المقدمة الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، أحد أبرز الشعراء في تاريخ مصر الحديث، ولحنها الموسيقار عمار الشريعي. يمثل تتر مقدمة مسلسل أبو العلا البشري أحد أشكال المقاومة ضد مجتمع مادي وطد نفسه على محاربة النبلاء وتقويض إنسانيتهم. ويستحث صوت الحجار عبر الأغنية هذا المجتمع للارتقاء بنفسه إلى مستوى ’خصومه‘، والتحليق في آفاقهم الرحبة قبل أن يفوت الآوان.
يتربى في عزو – هشام عباس
أغنية خفيفة الظل لمسلسل خفيف الظل. يرسم المطرب هشام عباس عبر تتر المقدمة صورة مفصلة لحياة بطل مسلسل يتربى في عزو، حمادة عزو، الابن الوحيد المدلل الذي يخوض غمار حياة خالية من الهموم. تعتبر الأغنية مميزة ولافتة للانتباه، بحيث يمكن للمصريين حفظها عن ظهر قلب بسهولة. كتب كلمات الأغنية أيمن بهجت قمر، ولحنها محمود طلعت.
ليالي الحلمية – محمد الحلو
أغنية يحاول من خلالها المطرب محمد الحلو استيعاب جوهر قصة المسلسل الناجح ليالي الحلمية. يؤرخ المسلسل لحياة سكان حي الحلمية القاهري عبر التاريخ المصري، بدءا من عصر الملك فاروق وحتى بداية تسعينيات القرن الماضي.
انتهى عرض المسلسل في عام 1995، لكنه تجدد لموسم سادس في عام 2016. وبرغم تغير الزمن، إلا أن تتر المقدمة لم يتغير في عام 2016، وهو ما يدل دلالة واضحة على عمق الأثر الذي طبعه في نفوس المصريين على مر السنوات. الأغنية من تلحين الموسيقار ميشيل المصري، وكلمات الشاعر سيد حجاب.
المال والبنون – على الحجار
تمثل أغنية المقدمة في مسلسل المال والبنون حلقة أخرى من حلقات التعاون بين علي الحجار وسيد حجاب. يحاول الحجار عبر الأغنية – التي لحنها ياسر عبد الرحمن – سبر أغوار العلاقة المفخخة بين الحب والمال، وهو ما يربطها بقوة بالحبكة الفنية للمسلسل. ويخلص الحجار إلى أن الطمع يؤدي حتما إلى تدمير الذات، وهو الموضوع الرئيس للمسلسل.
هوانم جاردن سيتي – هدى عمار
يعرض المسلسل للعديد من القصص العاطفية في أجواء سياسية مثخنة
من الاضطرابات والقلاقل. تعثر أغنية المقدمة على هدى عمار كصوت يبدو وكأنه منبعث من الماضي ليحمل إلينا عبقه ورومانسيته، وهي الفكرة التي تتقاسمها جميع شخصيات مسلسل هوانم جاردن سيتي؛ حيث يحلمون جميعا بالعودة إلى الوراء، حيث الماضي المفعم بالبساطة والخالي من التعقيدات. كتب كلمات المقدمة الشاعر سيد حجاب، ولحنها الموسيقار راجح داوود.
زيزينيا – محمد الحلو
يسبر مسلسل زيزينيا أغوار حياة الأجانب في الأسكندرية في أربعينيات القرن الماضي، ومن ثم فقد انبرى الشاعر الأسطوري، أحمد فؤاد نجم، في التغزل في المدينة وأهلها. المقدمة من غناء محمد الحلو وألحان عمار الشريعي.
*هذه المادة مترجمة