نقلًا عن البي بي سي
اختتمت القمة العربية الثانية والثلاثون أعمالها في مدينة جدة السعودية على مستوى القادة، اليوم الجمعة، بحضور رؤساء وملوك وأمراء عدة دول عربية، من بينهم الرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة منذ 2010، وبمشاركة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.
وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اعتماد القرارات الصادرة عن القمة ومشروع جدول الأعمال و”إعلان جدة”.
وأكد بن سلمان في كلمته أمام القمة، على عدم السماح بأن تتحول المنطقة العربية إلى منطقة صراعات، وشدد على محورية القضية الفلسطينية، وقال: “… نعمل معا من أجل التوصل إلى حلها”.
وأعرب عن أمله في أن تسهم عودة سوريا إلى الجامعة في دعم أمنها، مُرحبا بحضور الرئيس السوري بشار الأسد.
كما رحب بتوقيع طرفي النزاع في السودان على إعلان جدة، وقال إنه يأمل أن يقود ذلك إلى وقف دائم لإطلاق النار في السودان.
إعلان جدة
تضمن البيان الختامي للقمة “إعلان جدة” أكثر من 32 بندا شملت العديد من القضايا الهامة في المنطقة، منها القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع اللبناني، والتعامل مع إيران، وكذلك قضايا الأمن القومي العربي والأمن الغذائي والملفات الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد البيان على استمرار تمسك الدول العربية بدعم المبادرة العربية لحل الدولتين والأزمات المستجدة في السودان وليبيا، والرفض التام للميليشيات والكيانات المسلحة خارج نطاق الدولة، وتوحيد المواقف في علاقات الدول العربية بمحيطها الإقليمي والدولي.
وفي لبنان كان هناك مطالبة للسلطات اللبنانية بمواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد، وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة.
أما في الشأن السوري، فقد شددت مسودة البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري.
وكان هناك تأكيد على التضامن الكامل مع السودان في الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد، ووحدة أراضيها، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية باعتبار الأزمة شأناً داخلياً، والحفاظ على المؤسسات.
وضمن تطورات الوضع في ليبيا، أكد البيان الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة، والامتناع عن التصعيد.
كما رحب إعلان جدة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
أما عن تركيا، فقد أدان البيان توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، مطالباً الحكومة التركية بسحب قواتها دون شروط.
الشيخ تميم يغادر مبكرا
وغادر أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مقر القمة في جدة قبل إعلان البيان الختامي للقمة، ودون أن يلقي كلمة في القمة.
ونقلت وكالة رويترز عن “مسؤول عربي” لم تسمه أن أمير قطر غادر القمة العربية قبل بدء كلمة رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وكانت قطر تعترض على التقارب مع النظام السوري في الوقت الحالي.
وأعلن الديوان الأميري القطري مغادرة أمير البلاد مدينة جدة السعودية بعد ترؤسه وفد الدوحة في القمة العربية بدورتها الـ32، الجمعة.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قد ذكرت أن الرئيس السوري بشار الأسد “صافح أمير قطر” على هامش مشاركتهما في القمة العربية، بينما لم يصدر أي تصريح بعد من الجانب القطري عن ذلك.
رسالة بوتين
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في برقية للقمة العربية الـ32 في جدة بالمملكة العربية السعودية، والتي شارك فيها الرئيس الأاوكراني، الاستعداد للمشاركة في حل أزمات المنطقة.
وقال الرئيس بوتين: “سنواصل تقديم كل مساعدة ممكنة لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وأضاف: “نعتزم توسيع التعاون متعدد الأوجه مع الدول العربية”.
وأكد بوتين حرص بلاده على دعم جهود حل الأزمات في السودان وليبيا واليمن.
وكان زيلينسكي قد قال أمام القادة العرب في القمة، إن أوكرانيا في حالة حرب، وما يحدث ليس مجرد نزاع، وإن بلاده لم تختر الحرب ولم تنخرط في أي أعمال عدائية في أراضي دول أخرى.
وأضاف أن بلاده “لن تستسلم ولن تخضع لأي محتل أجنبي”، مناشدا القادة العرب “لحماية شعبنا والجالية الأوكرانية المسلمة”.
وشدد على أن بلاده لم تختر الحرب ولم تنخرط في أي أعمال عدائية في أراضي دول أخرى، وتابع “نحن مجبرون على مواصلة القتال، ولا أحد يوافق على تسليم أرضه”.
وكان الرئيس الأوكراني زيلينسكي، قد وصل يوم الجمعة إلى المملكة العربية السعودية لحضور القمة التي يحضرها أيضا الرئيس السوري بشار الأسد، حليف روسيا الوثيق، للمرة الأولى منذ 12 عاماً.
الزيارة التي لم يُعلن عنها سابقاَ هي أول زيارة يقوم بها زيلينسكي إلى الشرق الأوسط منذ غزو موسكو لبلاده في فبراير/شباط 2022، مما يمنح الزعيم الأوكراني فرصة لمخاطبة القادة في المنطقة الذين كانوا أقل اتحاداً بكثير في دعمهم لكييف من الحلفاء الغربيين.
وفي كلمته أمام القمة قال الرئيس السوري بشار الأسد، إن العرب أمام فرصة تاريخية لإعادة ترتيب شؤونهم بمعزل عن التدخلات الخارجية، مشيرا إلى أن العمل العربي المشترك بحاجة إلى أهداف سياسة موحدة ومبادئ واضحة.
وكانت المجموعة العربية قد علقت عضوية سوريا قبل 12 عاماً، بعد أن أدت حملة القمع التي شنتها حكومته على الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية إلى اندلاع حرب أهلية قتل فيها نصف مليون شخص.
وأعيدت عضوية سوريا في الجامعة هذا الشهر، بعد أن أقرت الدول التي كانت دعمت المعارضة خلال الحرب، بأنه يحكم قبضته على السلطة.
وتسارع هذا التقارب في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال غربي سوريا في فبراير/شباط الماضي، عندما قررت القوى، التي كانت معادية للأسد في السابق، إرسال مساعدات إنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية.
كما توسطت الصين في اتفاق مفاجئ في مارس/آذار، لاستعادة المملكة العربية السعودية العلاقات الدبلوماسية مع منافستها الإقليمية إيران، والتي ساعدت، إلى جانب روسيا، الجيش السوري في استعادة السيطرة على أكبر مدن سوريا.
ومع ذلك، لا تزال أجزاء كبيرة من البلاد تحت سيطرة جماعات مسلحة مدعومة من تركيا، وتنظيمات إسلامية، ومجموعات يقودها الأكراد بدعم من الولايات المتحدة.
واضطر نصف سكان سوريا البالغ عددهم 22 مليون نسمة قبل الحرب، إلى الفرار من ديارهم. وهناك حوالى 6.8 مليون شخص نزحوا داخلياً، بينما يوجد ستة ملايين آخرين من اللاجئين أو طالبي اللجوء في الخارج.
حتى قبل وقوع الزلزال، كان ما يقدر بنحو 15.3 مليون شخص داخل سوريا بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، وهو أعلى مستوى منذ بدء الحرب.
ووصل الأسد مساء الخميس إلى مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر، حيث تنعقد قمة جامعة الدول العربية هذا العام.
وأعلن الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، في اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء الـ22، الأربعاء، أنه يأمل في أن “تكون استعادة سوريا مقعدها تمهيداً لانتهاء صراعها”.
كما رحب وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، بعودة سوريا.
وقال: “عالمنا اليوم يواجه العديد من التحديات والصعوبات التي تضعنا عند مفترق طرق”. وأضاف: “من الضروري أن نقف معاً ونحاول جاهدين تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهتها”.
لكن لم تكن جميع بلدان الجامعة متحمسة لعودة سوريا. كما يعارض بعض السوريين الذين فروا من بلادهم هذه الخطوة.
وقال وزير الخارجية القطري، في مؤتمر صحفي في الدوحة، إن بلاده تخلت عن معارضتها لعودة سوريا للجامعة لأنها لا تريد “الخروج عن الإجماع العربي”.
في غضون ذلك، قالت الولايات المتحدة إنها “لا تعتقد أن سوريا تستحق العودة إلى الجامعة العربية”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، فيدانت باتيل في مؤتمر صحفي: “موقفنا واضح.. لن نطبع العلاقات مع نظام الأسد ونحن بالتأكيد لا ندعم قيام الآخرين بذلك أيضاً”.