بثقة تامة وعلى مهل صعد صبري فوَّاز سلَّم الفن الطويل الشَّاق حتى بلغ أعلاه وصار واحدا من نجوم يشار إليهم بالبنان في مصر والعالم العربي. بالأساس هو شاعر عامية متميِّز، عياراه الوحيدان في الشعر البساطة والصدق. جاور الشاعر الممثل والمخرج المسرحي والكاتب وامتزجت مواهبه المتعددة فأنتجت شخصية فريدة في الأدب والفن معا
عبر الرحلة الطويلة جسَّد فوَّاز، الذي يعتز باسمه اعتزازا خاصا ويحب أن يناديه أصدقاؤه بـ “الصَّابر الفوَّاز” كما يحب أن يناديه الجميع بأسماء شخصياته الفنية التي يعتبرها ضميره وخلاصاته. هو من مواليد 22 نوفمبر 1968 (برج العقرب)، زوجته الإذاعية عزَّة موسى، ومروان وصبا ولداه منها.
بجانب أغانيه الخاصَّة لرفقة الإبداع ومشوار الشَّجن وقصائده المفردة المنشورة بالدوريات المتخصِّصة؛ صدر له ديوان شعري وحيد هو “حنين للضي” وغالبا يملك دواوين أخرى يعلم وحده مواعيد شروقها للمتلقِّين.. أخرج عدة أعمال مسرحية في بداية مشواره: حنقول كمان، ايزيس، صدى الأصداء، ليالى الحسينية، اللى خايف يروح، مزرعة الأرانب، ياسين وبهية، عروس الجنوب، المدد، ليل يا عين.
كممثل له في الدراما التلفزيونية: الوصية – العائلة – امرأة من زمن الحب – الأصدقاء- لحظات حرجة- حدائق الشيطان- ليالي الحلمية- البر الغربي- مسألة مبدأ- امرأة من نار- الفريسة والصياد- المصراوية- السبع وصايا.
وفي السينما: – مبروك وبلبل- أيام السادات- دم الغزال- عصابة الدكتور عمر- الدادة دودي- دكان شحاتة- كلمني شكراً- كف القمر- الليلة الكبيرة- جواب اعتقال- سوق الجمعة.
قام بتأليف وإخراج مسرحية “ميسد كول من هولاكو” وكتب السيناريو والحوار لمسلسل “حكايات بهية” بالإضافة إلى عدد كبير من الكتابات المنوَّعة له في الصحف والمجلات وفي صفحته بالفيسبوك التي يؤرخ منها لأعماله وينشر أشعاره وأشعار الآخرين التي تروق ذائقته ويحكي قصصه الأثيرة وقصصاً سواها تعجبه ويفسِّر الأحداث العامَّة تفسيرا مختصرا نافذا لا تنقصه الدراية والخبرة.
التقيناه وكان لنا معه هذا الحوار في “أصوات“:
– حدِّثنا عن الشاعر الذي خطفته الدراما، والدراما التي ساح داخلها الشاعر بألق روحه؟
— الشاعر موجود.. سواء فيما أكتبه من أشعار، أو في خيالي للشخصيات التي أجسِّدها للدراما.
– قلت مرَّة، إن الممثل مشغولة أوقاته فلا يجد فرصة لممارسة أعمال أخرى إلا في الندرة؛ هل كنت تبشِّر بالتفرغ للتمثيل دون غيره؟
— لا، أبداً كان المقصود تضاؤل المساحة الخاصة بالإنسان لصالح الفنان .. لكن الإخراج والكتابة موجودين وبخير.
– صَبَا ومروان كيف يريانك على الشاشة؟ وكيف يستقبلان قصائدك لو كنت تقرأها لهما؟
— مروان يملك عينا ناقدة وذائقة يصعب إرضاؤها، لأنه متابع جيد للفنون والأدب في العالم، رأيه يهمني جداً، هو يعزف مزيكا ويكتب ويغني، لكنه أحب أن يتخصص في علوم الكومبيوتر. صَبَا فنانة، وشكلها هيبقى ده عالمها، وربما تغير الأيام قناعاتها.. هي حرة.
مع أبنائه صبا ومروان
– عاملت مخرجين كبارا في مسيرتك، وأنت أيضا مخرج مسرحي بارع، كيف تختلط الخبرات داخلك؟
— تعدد الأعمال مع مخرجين مختلفين موضوع أساسي عند الفنان، لأن تنوع المدارس يثري تجربته، أما عن شغلي في الإخراج المسرحي فهو أفادني في تحليل النص وفهمه ورؤوية دوري بشكل أعمق وأشمل، وجعل معاملاتي مع المخرجين جيدة جداً لأني أحس ثقل مسؤولياتهم.
– ما سرُّ ولعك بوالد الشعراء فؤاد حداد؛ الذي طالما تذكره وتستشهد به؟
— الإجابة في السؤال.. هو والد الشعراء، ومن ينتسب لعالم يجب أن يعرف ذاته ومكانته في هذا العالم، ومعرفة الذات تبدأ عندما تعرف ابن من أنت، هو والد الشعراء بالحقّ قبل وصفه لنفسه بالأبوّة لهم، وحريٌّ بنا أن نتعرف على أصولنا. وعلى رأيه: أَلِفي وبائي أكرم آبائي/ الناس أصول.
– تُكبِر زوجتك إكبارا خاصا وتصفها على الدوام بالرائعة؛ لا أسأل عن كفاحها معك فالواضح أنه بالغ الأثر لكن عن غيرتها على رجلها الذي صار محاطا بالجميلات؟
— الله المستعان..
مع زوجته السيدة عزة موسى
– من الذين لا تنساهم في مسارك الفني الحافل؟ وما الأسباب؟
— أمِّي.. أول من آمن بي.
زوجتي عزَّة.. رفيق الطريق.
عمّ اسماعيل عبد الحافظ .. أول الداعمين.
عبد الوهاب عبد المحسن .. اللي قال لي قاعد تعمل إيه في كفر الشيخ.. ياللا على القاهرة.
– دور لعبه زميل لك تمنيت أن تلعبه. ما الدور؟ ولماذا تمنيته؟
— دور عادل إمام في فيلم المنسي.. فربما كان “المنسيُّون” هم الأكثر نُبْلاً ببلادنا.
– تغيرت القصص بمرور الوقت؛ فهل تغيرت الأدوات الفنية تبعا لذلك؟
— التمثيل هو التمثيل .. صدق وصنعة ومعرفة وإيقاع وخيال.. أياً كانت القصص!
– ككاتب.. ما الذي يشغلك باستمرار؟ وما أكثر ما يستفز قلمك؟
— المشاعر بالنسبة لي هي الحافز والمثير الأول والأهم.
– حملتْ بعض أدوارك لمحات كوميدية باذخة. أتفكر في عمل كوميدي خالص؟
— الكوميديا نوع يصنعه المؤلف والمخرج وليس الممثل.. الممثل هو الممثل بنفس الصفات التى كنت ذكرتُها في السؤال قبل السابق.. ما فيش حاجة اسمها دا ممثل كوميدي ودا تراجيدي (لسنا كالأطباء يلزمنا التخصص).. الكوميديا بالأساس كتابة وإخراج.. وعلى الممثل تنفيذ المراد بإتقانٍ مدهشٍ (فوق المطلوب) يؤكد جدارته بفن التمثيل.
– بعد وقت يطول أو يقصر؛ أيجدك جمهورك في خانة الإنتاج؟ ومن أول من ستنتج لهم، ولماذا؟
— يسمع من بقك ربنا.. لو حصل هانتج لماجد الكدواني وأسماء أبو اليزيد عشان الناس تستمتع بجد.. كمان هانتج ألبومات غنا ياما للأصوات الحلوة الكتير اللي ما حدش شايفها.
– كقارئ نَهِم ومثقف؛ كيف تعامل من دخلوا الأدب والفن بالصدفة لا الجدارة؟
— باعاملهم كبني آدمين بمنتهى الذوق احتراماً لإنسانيتهم.. لكن هناك دائماً نظرة تقدير لا تخرج من عيني إلا لمن يستحقها.
– أعلم مدى أشواقك إلى محافظتك كفر الشيخ.. هل الموهوبون هناك في بالك ولديك خطط لهم ومشروعات؟
— أنا ما غِبتش عن كفر الشيخ أبداً.. وفيه مشروع لقصر الثقافة هناك من خلال هيئة الثقافة الجماهيرية.
– أما زالت لديك ساعة لشرب الشاي بوسط القاهرة في مقهى “زهرة البستان” الذي شهد بواكير أعمالك وتجلياتك؟
— لسه الشاي والقهوة والشيشة والصحبة بين الإيدين.. حتى اللي سافروا، موجودين.. حتى اللى ماتوا، موجودين…. بس أحيانا ناس بتستأذن.
– أين تضع جيلك في الإخراج والتمثيل؟
— إحنا جيل الفرص الأضيق.. فالجيل الأسبق كانت قنواته معروفة بالاسم والعدد.. فلم يرَ الجمهور غيرهم.. والجيل التالي لنا جيل الفضائيات المفتوحة والآفاق الأرحب.. إحنا جيل اتفرم منه ناس كتير في الطريق.. ولم ينجُ سوى خمسة فنانين في اعتقادي بغض النظر عن ذكرهم الآن.
– ما آخر الكتب التي بين يديك؟ وما الرواية التي تعاود قراءتها؟
— آخر كتاب “الجينات.. تاريخ حميم” لـ سيدهارتا موكرجي.. ترجمة/ إيهاب عبد الحميد.. ولا أملّ قراءة “الجبتانا” (أسفار التكوين المصرية).
– إلى أي مدى كان الفيسبوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي فارقا في تجربتك؟
– على قد فايدة السوشيال ميديا في التواصل وسرعة نقل الأخبار، إلا أنها تحمل الكثير من عيوب نشر الأكاذيب ونشر بعض الأفكار المتخلفة.. بس ماشى الحال طبعا.. لكل حاجة عيوب ومميزات.
– الصعيدي غير الفلاح ابن الدلتا حتى لو تشابها.. باعتبارك مصريا صميما ما كلمتك لمن خلطوا بينهما في شخص واحد ذي لهجة عجيبة؟
— سواء فلاح أو صعيدي، يجب التعامل مع اللهجات باعتبارها لغات تحمل ملامح وثقافة داخل مفرداتها وليست ألفاظا محضة فحواها، في الأداء، أنها تُنْطَقُ بطريقة مغايرة للنُّطق الطبيعي المستقيم.. وأوصيهم، ونفسي، بالبحث والدراسة والاجتهاد الأمين وعدم السقوط في فخِّ المجانية والافتعال.
– هل تعرضت لصدمات كادت تفقدك يقينك بالفن والأدب؟ وما نصيحتك للوافدين الجدد إلى ساحات الإبداع بكافة أشكاله؟
— يوووووه كتير قوي.. ياما دقت ع الراس طبول زي ما بيتقال.. بس الشطارة انك تثبت وتاخد الضربة بمرونة عشان ما تنكسرش.. وتلملم نفسك وتكمّل.. أكيد هتوصل.
– لك حسُّك السياسي النابه، ما هي السياسة في تلخيصك الأخير؟
— أقصى ما يقال بهذا الشأن إن السياسة بشكل عام- سواء داخلياً أو خارجياً- ملتبسة بشكل لا يُمَكِّن، حتى أعتى المحلِّلين السِّياسيِّين، من أية قراءات مستقبلية يُعَوَّلُ عليها.
– كمشجع كبير للنادي الأهلي؛ ما آفاق الرياضة في حياتك الشخصية؟
— الرياضة في حياتي- للأمانة- شوية مشي أو جري خفيف.. مع الحرص على مشاهدة الماتشات.. وتشجيع الأهلي والمنتخب بإخلاص كامل.
– من أصدقاؤك الأقرب وسط زحام الحياة الفارغ؟
— صبرى السّمّاك- صفيّ الدين محمود- سميح فكري عزيز- محمد عاطف. (هؤلاء الأبرز وفي القلب آخرون).