«هذا كتاب صنعته المصادفة، فقد كنت قرأت كتاب انطوان تشيكوف بالصور، وقررت أن أقدم كتابا مماثلا عن أمل دنقل، لكن كم الصور المتوفرة لدي لم يسعفني، رغم ما جمعنا من علاقة ممتدة كانت في غاية الحميمية».. هكذا تحدث عصفور عن كتابه الجديد الصادر عن دار «بتانة» للنشر تحت عنوان: «أمل دنقل.. ذكريات ومقالات وصور».
في الندوة التي استضافتها دار «بتانة» بمناسبة حفل توقيع الكتاب بحضور حشد من المثقفين والمهتمين، كشف عصفور أنه لم يمتلك الجرأة للكتابة عن أمل دنقل على مدى السنوات الخمس التي أعقبت رحيله: أحل بي ما يشبه «الخرس» قبل أن استعيد القدرة مجددا في الكتابة عنه.
وقال: قبل أن أختار عنوان “قصيدة الرفض” لكتابي عن أمل دنقل، فكرت في عنوان “لحظات الفرح المختلس”، باعتباره عنوانًا غير تقليدي، غير أنني وجدت أن الاختيار الأول هو الأكثر تعبيرًا عن دنقل وشعره.
وأضاف: أمل دنقل هو الذي جذبني من حياة المكتب والقراءة المنغلقة إلى الحياة الرحبة متعددة التفاصيل خارج المكتب، ورغم ما يربطنا من صداقة ممتدة إلا أنني التزمت المنهجية الموضوعية في كل تفاصيل كتابي عنه.
وأشار إلى أن الكتاب يحوي قصائد مجهولة ووثائق وصور نادرة لأمل دنقل مع رفاق رحلته من شخصيات وقامات أدبية وثقافية مرموقة، كما يكشف عن الكثير من الجوانب غير المعروفة في مسيرة الشاعر الكبير، ويعكس أجواء المشهد الشعرى والثقافي المصري والعربي بكل ثرائه وتنوعه في ذلك الوقت.
بدوره، أكد وزير الثقافة الأسبق الدكتور عماد أبو غازي، أن كتاب جابر عصفور عن أمل دنقل يمثل إضافة مهمة في دراسات السيرة الذاتية، رغم عدم تخلي جابر عصفور عن تسريب دوره كناقد، فالكتاب بدا وكأنه تسجيل حي لتاريخنا السياسي والاجتماعي والثقافي، بما يحويه من صور ومقالات نادرة لم يسبق نشرها.
د. عماد أبو غازي
واعتبر أبو غازي أن الفصل الأخير، بمثابة الكتاب، في تصويره لعلاقة الصداقة بين الإصلاحي (عصفور) والثوري (دنقل)، فرغم أن كلاهما كان يصدق الآخر، إلا أن الخلاف بينهما في الرؤى بدا واضحا، منوهًا بأن الكتاب معني بالتاريخ عبر الحياة الخاصة وحضور الذات في الكتابة كأساس مهم لفهم التحولات السياسية والاجتماعية التي مرت بمجتمعاتنا.
من جانبه، نوه الناقد والأكاديمي سيد ضيف الله، نوه بما تميز به الكتاب من تفرد عبر تسريب الرؤى والأفكار النقدية لصاحبه، وحرصه على توثيق حياة أمل دنقل عبر صور ومقالات ورسائل نادرة بالغة الأهمية، بدا خلالها كما عرفناه جميعا من قصائده، متحديا نهج مؤسسات رسمية رآها تصنع جيلا من مبدعين مزيفين.
سيد ضيف الله
كما تحدث في الندوة الشاعر والناقد شعبان يوسف، لافتا إلى أن الكتاب يستمد أهميته من كونه يسرد تفاصيل سيرة قامتين أدبيتين كلاهما نقيض الآخر: أولهما أمل دنقل أحد أهم أيقونات الشعر، الذي عاش حياته على يسار المؤسسة الرسمية، وثانيهما الناقد جابر عصفور، أحد أهم رموز المؤسسة الثقافية والأكاديمية الرسمية، وهي علاقة تبدو متفردة في تاريخنا الثقافي المصري والعربي.
الناقد شعبان يوسف