ونستون تشرشل، الزعيم البريطاني الشهير، يُنظر إليه باعتباره أحد أعظم رموز القرن العشرين. يستمد تشرشل شهرته التاريخية من خطاباته الملهمة ومن قيادته التي رفعت بلاده من وهدة الهزيمة إلى ذروة النصر، لكن ربما يثير دهشتك أن تعلم أن تشرشل كان يمتلك سجلا أكاديميا مشينا، وأنه كانت له علاقات نسائية بخلاف زوجته كليمنتن، وأنه أحد أول من ارتدوا ’العفريتة‘ (بدلة من قطعة واحدة).
في هذا السياق، يسرد المؤرخ البريطاني دانيل سميث، مؤلف كتاب How to Think Like Churchill، تسع حقائق ربما تعرفها لأول مرة عن تشرشل.
طفولة لا تبشر بمستقبل باهر
لم تسعف طفولة تشرشل المحيطين به على استشراف مستقبل بنظرة تفاؤل؛ فقد كان جسده النحيل عرضة دائما للأمراض، وكان يعاني من صعوبات في النطق (مثل اللثغة والتأتأة)، إضافة إلى سجل أكاديمي حافل بالإخفاقات. وقد أرسل وكيل مدرسة “هارو” عام 1888 تقريرا مفصلا إلى أمه، السيدة راندولف، عن مشكلاته التعليمية، التي تضمنت – من بين أشياء أخرى – كثرة النسيان والإهمال وعدم الالتزام. إضافة إلى ذلك، فقد أغرى جسده الهزيل زملاءه في المدرسة بالتعرض له بالاعتداء، وربما كان هذا ما أعطاه قدرة على الصمود أمام خصومه الأشداء في مرحلة لاحقة من حياته.
نهم شديد للقراءة
كان تشرشل قارئا نهما، وعرف عنه شغفه الشديد بالقراءة، وقدرته على التعامل مع أعداد هائلة من النصوص، واستلهام أفكارها الرئيسة بسرعة فائقة. ويعد تشرشل أكثر من أُخذت عنه اقتباسات باللغة الإنجليزية على الإطلاق، بعد وليم شكسبير. رغم ذلك، فقد كان هو نفسه مولعا بالاقتباسات التي كان يعتبرها ’مستجمعات‘ لا تنضب للمعرفة. وقال في كتابه My Early Life – الذي نُشر عام 1930 – “من الجيد لرجل غير متعلم أن يعكف على كتب الاقتباسات”، وتابع: “هذه الاقتباسات “عندما تُنقش على جدار الذاكرة تمنحك أفكارا جيدة”.
تعرض دائم للحوادث
كثيرا ما تعرض تشرشل لحوادث خطيرة، ففي عام 1931 – على سبيل المثال – تعرض تشرشل لحادث سيارة كاد يودي بحياته في أحد شوارع مدينة نيويورك، وكثيرا ما بدا الأمر وكأن القدر قد أضمر في نفسه أن ينال من جسد تشرشل، لكن هذا لم يفت في عضده، بل كانت السحجات المتناثرة في جسده تحفزه على التمادي في إغراء القدر وتدفعه إلى وضع نفسه في مواطن مواجهة المزيد من المخاطر. وقدم تشرشل في كتابه South Africa: London to Ladysmith via Pretoria – الذي نشر عام 1900 – رؤية عميقة تتعلق بموقفه من المغامرة، حيث أكد: “إذا كنت تريد النجاح، فيجب أن تضع رأسك في فم الأسد”.
ابتكار العديد من الكلمات
عُرف عن تشرشل ولعه باللغة إلى درجة جعلته، على غرار بطله المفضل وليم شكسبير، يبتدع بضع كلمات، على سبيل المثال، يُنسب إليه ابتكار كلمة “summit” (قمة) في عام 1950، كما أنه ساعد على استخدام كلمة “quisling” (متعاون مع العدو) على المستوى الشعبي كمرادف لكلمة “traitor” (وذلك نسبة إلى ’فيدكون كويزلينج‘، الضابط الفاشستي الذي عُين رئيسا لحكومة النرويج، المحتلة من قبل الألمان، في عام 1942).
الترشح لجائزة نوبل عدة مرات قبل الفوز بها
درست اللجنة المانحة لجائزة نوبل منح ونستون تشرشل جائزة نوبل للأدب عدة مرات، قبل حصوله عليها في عام 1953، وقد اعتبر تقرير صادر عن اللجنة في أربعينيات القرن الماضي أن تشرشل “مؤرخ مهم”، لكن أعماله ليست من الأهمية أو البراعة الأدبية التي تكفل له أعظم جائزة على الإطلاق. وبعد سنوات من تردد اسمه في نقاشات اللجنة، حصل تشرشل أخيرا على هذه الجائزة المرموقة، وأشار الإعلان الرسمي لاختياره للجائزة إلى أنه حازها بسبب “إتقانه التوصيف التاريخي وكتابة السير الذاتية، وقدراته الفذة في مجال الخطابة التي يسخرها للدفاع عن القيم الإنسانية السامقة”.
حبه الأول لم يكن زوجته كليمنتن
كانت كليمنتن تشرشل بلا شك شخصية فريدة من نوعها، لكنها لم تكن – برغم العلاقة الوطيدة والممتدة – قصة الحب الأول في حياة تشرشل؛ إذ حظيت بهذه المكانة باميلا بلاودين، ثم جاءت بعدها فيوليت أسكويث، ابنة رئيس الوزراء هيربرت أسكويث، في أثناء ذلك ظهرت كليمنتن في حياة تشرشل. وكشف تشرشل أن علاقته بفيوليت كانت على شفا إعلان خطبتهما، لولا قبول كليمنتن طلبه للزواج، ما أشعر فيوليت بالخيانة، ورفضت بعدها تلبية الدعوة لحضور حفل زفافه.
إنتاجه الفني 500 لوحة
بدأ تشرشل احتراف الرسم في عام 1915، وبلغ إنتاجه الفني بوجه عام 500 لوحة، كما جادت قريحته بصور مناظر طبيعية جذابة، أعيد إنتاج أغلبها على بطاقات التهنئة. وقال بابلو بيكاسو عنه: “لو احترف هذا الرجل الرسم لحقق لنفسه دخلا جيدا بسهولة”.
وفي عام 1947، قبلت أكاديمية Royal Academy، في لندن، عرض لوحتين من أعمال تشرشل، كان قد تقدم بهما باسم مستعار، هو “ديفيد وينتر”. وعند موته، تجاوز عدد أعمال تشرشل الفنية المعروضة فيRoyal Academy خمسين لوحة.
تضمنت هوايات تشرشل الأخرى تصوير المناظر الطبيعية والبناء الحجري. وأسهب تشرشل في الحديث عن هذا الشغف في العدد الأول من مجلة The Second World War، حيث كتب: “عشت بالأساس في تشارتويل، حيث توافرت لدي وسائل التسلية بدرجة كبيرة. وقد بنيت بيدي جزءا كبيرا من بيتين، وجدران حديقة مطبخ واسعة، كما قمت بتصميم جميع أنواع الحدائق ومحطات المياه، إضافة إلى مسبح كبير يمكن فلترة مياهه ونسخينها لتعويض غياب الشمس لفترات طويلة”.
حبه للتدخين وشرب الخمر
برغم مسئولياته الجسام، كان تشرشل حريصا على الاستمتاع بحياته إلى أقصى درجة؛ فكان يفرط في شرب الخمر والتدخين؛ حتى أن قناع الأكسجين الخاص به على متن الطائرات كان مجهزا بحيث يسمح له بالتدخين أثناء استخدامه.
كما اشتهر تشرشل بنهمه للطعام منذ نعومة أظفاره، حتى أنه تعرض للعقاب في المدرسة نتيجة سرقة بعض السكاكر من أحد المخازن. وقبيل وفاته بعام واحد، دفعته كليمنتن دفعا إلى الخضوع لحمية غذائية.
من أول من ارتدوا ’العفريتة‘
يعد تشرشل من أول من ارتدوا ’العفريتة‘، التي كان يُطلق عليها ’بدلة صفارة الإنذار‘ بسبب مناسبتها لحالات الغارات الجوية. كما كان تصميمها من قطعة واحدة يجعلها عملية ومريحة في آن. وبرغم أن هذا البذلة كانت تصنع من أنواع مختلفة من الأقمشة، مثل الصوف والكتان، إلا أن تشرشل كلف شركة تصميم الأزياء الشهيرة Turnbull & Asser بعمل مجموعة ذات لون مخملي، لا تزال موجودة حتى يومنا هذا في قصر بلينهايم.
*هذه المادة مترجمة :