منوعات

«رجل في هيئة طفل».. محمود سعيد يحكي معاناة «الأقزام»

رجل في هيئة طفل، ينطبق هذا الوصف على الشاب محمود سعيد، فور أن تطالعه عيناك، طفل جميل المحيا، عينان زرقاويان، بشرة شقراء، وشعر ذهبي.

رغم جمال صورته يعيش محمود مأساة حقيقية، تجسد حال الكثير من أقرانه في مثل أزمته، قزم يبلغ من العمر ستة عشر عاما بينما لا يشي مظهره بأكثر من الست سنوات. الأزمة الحقيقية التي يعيشها محمود، ابن محافظة الشرقية، ليست فيما يتمتع به من قدرات، ولا في شعوره الداخلي بالتراجع والنقص، هو متجاوز لكل ذلك، ويملك قدرا كبيرا من الثقة بالنفس، مشكلته الحقيقية تكمن في تعامله مع المجتمع، الذي يرفض تصديق أنه شاب يافع يمتلك القدرة الكاملة على العمل، والاختلاط بالناس.

محمود سعيد

مأساة محمود ترسمها كلماته الحزينة: “تركت المدرسة علشان العيال بيضربوني، وكنت كل ما أروح عند حد يقولي مش هتقدر تشتغل، ومش عايزين يشغلوني عشان أنا قصير، رغم أني تعلمت النقاشة وكنت أحصل على 50 جنيها في اليوم”.

يضيف وهو يجهش بالبكاء: “لما بشتغل بحس أنى إنسان، خصوصا أني معنديش إلا صاحب واحد عايش في بلد تانية، ولما بروح أركب المواصلات، السواقين بيطردوني لأنهم بيتخيلوا أني طفل هارب من أهلي”.

يكشف محمود عن مفاجأة، وهي أن حالته يمكن علاجها بواسطة كورسات من الأدوية المعززة للهرمونات، موضحا: “علاجي موجود لكن غالي جدا، وأنا على قد حالي”. ويتابع: “كل ما أريده فرصة عمل آدمية، آكل منها وأعيش مثل البشر، وأتمنى أن أجد من يساعدني في الحصول على العلاج”، مناشدا محافظ الشرقية إنقاذه من الآلام التي يعيشها يوميا.

مأساة محمود لا تمثل إلا نموذجا بسيطا لأعداد هائلة من الأقزام في مصر، الذين يتجاوز عددهم في مصر 100 ألف شخص، حسب الإحصاءات الرسمية. قصر القامة يصنف كحالة مرضية ناجمة عن نقص هرمونات النمو منذ الولادة، ويعاني أصحابها عزلة اجتماعية تدفعهم إلى خلق عالم خاص بهم، ويعد مقهى “الأقزام” في حي مدينة نصر بالقاهرة، أحد أبرز الشواهد التي تؤكد وجود عالم خاص للأقزام في مصر.

مقهى الأقزام

ماذا يقول التاريخ؟

حظي قصار القامة في مصر القديمة بمكانة لائقة، وكان لهم دور فى المجتمع، واحتلوا مناصب رفيعة في عهد الفراعنة، كان من أشهرهم “سينيب” كاهن الجنازات والمشرف على خزانة الملابس الملكية.

الدكتور ماهر الضبع، أستاذ علم النفس بالجامعة الأمريكية، يؤكد أن قصار القامة أكثر عرضة للأمراض النفسية، خاصة سوء تقدير الذات والشعور الدائم بالدونية؛ نظرا للطريقة التي يتعامل بها المجتمع معهم، داعيا إلى إطلاق حملة توعوية للتعريف بأهمية التعامل الطبيعي مع هذه الفئة.

الدكتور ماهر الضبع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock