من أمتع فترات الحوار مع المايسترو سليم سحاب تلك التي سألته فيها عن أزمة الموسيقى العربية، فقد راح يطوف بي بين ما جرى في عصور مختلفة في أوروبا وفي المشرق العربي ليثبت لي أننا نعيش وضعاً طبيعياً، حيث يدخل التطور الحضاري عند كل شعوب العالم في مراحل فيها المد و الجزر، وكما أن الأرض تحتاج ـ بعد عطاء سنوات طويلة ـ لفترة راحة تستعيد خلالها عناصرها الغذائية لتعطي من جديد، كذلك العطاء الإنساني يحتاج لفترة يستعيد بعض أنفاسه ليبدأ من جديد، فالتاريخ الإنساني لم يكن سلسلة من العطاءات المتدفقة دون توقف، ومن ينظر إلى أوروبا الآن يجدها تمر بمرحلة جذر موسيقي، كانت قد سبقتها المرحلة الكلاسيكية والرومانسية ( القرن 18 ، 19 ) بعطاءات كبيرة لملحنين عباقرة.
حتى أثناء الفترة “الكلاسيكية” لم يبق التاريخ إلا على ثلاثة أسماء: هايدن[1] مؤسس المدرسة الكلاسيكية، وموتسارت الذي تبعه، ومعهم بيتهوفن[2]، ومن البديهي أن العصر الكلاسيكي كان مليئاً بعشرات الأسماء من المؤلفين، ما يعني أن مائة سنة من العطاء الموسيقي لم يخلد منها غير هذه الأسماء الثلاثة.
جوزيف هايدن
وقبل العصر الكلاسيكي كانت حقبة ” الباروك ” التي بدأت من القرن الرابع عشر، وكان خاتمها “باخ”[3] العظيم، طبعاً تخلل هذه الحقبة فترات صعود وهبوط بدون شك، ولم يكن كل من ساهم في كتابة الموسيقى في عصر” الباروك ” على نفس المستوى من العبقرية، غير أن وجود عبقري بحجم باخ أعطى موسيقى هذا العصر ليس فقط شمولية إنسانية نادرة، بل شمولية كونية أوسع من ناحية العمق الفلسفي في وصف علاقة الإنسان بالكون كله، (وأدعوك لأن تسمع موسيقاه لتحس وكأنها تجيء من الكون الخارجي)، بعد باخ لم يكن في الإمكان مواصلة العطاء بنفس هذه اللغة، لغة موسيقى عصر الباروك.
يوهان سباستيان باخ
فجاءت الأزمة مع مدرسة ” الروكوكو “[4] التي كانت فيها الفنون كلها، وليس فقط الموسيقى، على أحط مستويات السطحية، تحولت خلالها الفنون من ثقافة إنسانية إلى عنصر ترفيهي، كل شيء بدون العمق الحضاري الثقافي الحقيقي.
تخللت هذا العصر إرهاصات في الفكر الموسيقي ابتداءً من أولاد باخ الذين كانوا يسمون يوهان باخ العظيم” الباروك ” القديمة، إلى اٍسكارلاتي[5] المؤلف الإيطالي الذي أبدع “السوناتا ” للبيانوـ وأدت كل هذه الإرهاصات إلى ظهور بداية العصر الكلاسيكي على أيدي هايدن الذي كان حظه وحظ هذه الموسيقى أن استضافه الأمير الهنجاري ثلاثين سنة في إمارته مفرغاً إياه للعطاء الموسيقي، (دور الأمير المثقف) فأدت هذه الفترة إلى ظهور وتبلور جميع القوالب الموسيقية الكلاسيكية من هذا المطبخ العظيم.
بعد نهاية العصر الكلاسيكي جاءت فترة هبوط فظيعة، مع سقوط نابليون المثل الأعلى لشباب أوروبا (1815) وبدء عصر حذاء ميترنيخ[6] الذي داس على جميع الشعوب الأوروبية، ورافق هذا سقوط مريع في الموسيقى، وفي الهدف الحضاري لها، فتحولت في عصر ميترنيخ إلى موسيقى ترفيه ورقص مع فالصات شتراوس في القصور الملكية، واكب هذه الفترة انطواء الإنسان الأوروبي على نفسه، وتفتيشه عن مثل عليا جديدة، فكان ظهور العصر الرومانسي مرحلة انطلاق جديدة للموسيقى الأوروبية.
كليمنس فينزل ميترنيخ
ثم انتهت هذه المرحلة مع “فاجنر”[7] إلى دخول الموسيقى في شكليات التأليف والبحث عن وسائل تعبيرية جديدة تحولت مع الوقت من وسائل تعبير إلى هدف في حد ذاته ما أدى بالموسيقى الأوروبية إلى المتاهات التي تعيشها حتى الآن.
إذا وضعنا الخط الموازي لهذه المسيرة التي حدثت في أوروبا في موسيقانا نجد أن المسيرة تعيد إنتاج نفسها وللأسف إذا كان التحليل قد تناول الموسيقى الأوروبية منذ القرن الثالث عشر بسبب وجود مدوناتها وبالتالي إمكانية سماعها وتحليلها وأدائها، فاٍن الموسيقات العربية التي نستطيع تحليلها وسماعها وأداءها تبدأ للأسف منذ وجود الاسطوانات في مصر[8]. هذه الوسيلة العظيمة التي أتاحت للمطربين المخضرمين من نهاية القرن 19 تسجيل جميع تراث هذا القرن وحفظه من الضياع كما ضاع تراث القرن 18 وما قبله.
إذا أمعنا النظر في هذه المسيرة نجد أن مدرسة “الصهبجية” من منتصف القرن 19 كانت أول مدرسة تبلورت فيها أشكال الغناء العربي المعاصر، وكان أعظم ممثليها ومسك ختامها محمد عثمان[9]، وعبده الحامولي[10]،هذه المدرسة الغنائية إلى جانب المسرح الغنائي الذي أسسه أحمد خليل القباني في الإسكندرية كانت بداية النهضة الموسيقية العربية الحديثة التي سارت في مسارين متوازيين: الأغنية الفردية والمسرح الغنائي، وقد تطورت الأغنية الفردية مع وجود أصوات تاريخية ظهرت في بداية القرن كأم كلثوم وعبد الوهاب وتحولت هذه الأصوات إلى مؤسسات فنية ذات اكتفاء ذاتي، أم كلثوم مع بيرم التونسي وأحمد رامي كشعراء، والقصبجي ورياض السنباطي وزكريا أحمد كملحنين، وعبد الوهاب كصوت وملحن عظيم مع كوكبة الشعراء التي كانت تؤلف له، وتطور الخط المسرحي بوجود عباقرة المسرح الغنائي العربي، الشيخ سيد درويش والشيخ زكريا أحمد الذي قدم آخر مسرحية له “عزيزة ويونس” سنة 1945.
محمد عثمان، وعبده الحامولي
بعد هذا العطاء الذي بدأ مع القرن 19 وساهم فيه إلى جانب عباقرة مثل عبده الحامـولـي ومحمد عثمان وداود حسني وأبو العلا محمد وأحمد صبري النجريدي وزكريا أحمد وسيد درويش ومحمد عبد الوهاب ومحمد القصبجي ورياض السنباطي ثم بظهور المدرسة الجديدة وعلى رأسها محمد الموجي وكمال الطويل وبانتهاء هذه المرحلة بدأت مرحلة الجذر التي نعيشها بعد رحيل العباقرة التاريخيين في التلحين.
زكريا أحمد، وسيد درويش
وإذا كان سقوط نابليون وظهور ميترنيخ كقطب وحيد جعله يتحكم في أوروبا وشعوبها، فقد كان سقوط الاتحاد السوفيتي سببا في ظهور القطب الوحيد الذي يتحكم في أوروبـا والعالـم، وفرض هذا القطب ليس فقط مبادئه السياسية والاقتصادية بل وتجلياته الفنية الرخيصة، فسيطر الفيلم الأمريكي السطحي الخالي من أي أعماق فكرية وإنسانية على صناعة السينما العالمية، وتغلغل الضعف إلى هذا الفن العظيم، وسيطرت الموسيقى الصاخبة الخالية من أي أعماق إنسانية أو فنية على وجدان شعوب العالم كله، وأصبح نكرة ثقافية و فنية اسمه” مايكل جاكسون” واجهة الحضارة الأمريكية الموسيقية، وأصبح مثلاً أعلى لكل ساعٍ إلى الـشهـرة والمال، وهذه هي الحالة الحاضرة للأغنية العربية.
نعود إلى مشكلة الأغنية العربية ليؤكد لي المايسترو سليم سحاب أنه رغم القتامة التي تبدو من النظرة الأولى فاٍن ما يحدث طبيعي مائة في المائة، فالموسيقى الخفيفة الترفيهية السائدة حالياً كانت موجودة من أقدم العصور عند جميع الشعوب، وهي موجودة، وستظل موجودة، ولا يسمعها إلا المراهقون للتنفيس عن طاقة الشباب بواسطة الرقص والزعيق في الحفلات.
هذا شيء طبيعي، ولكنه يتحول إلى مشكلة عند خلط الأوراق واعتبار أن هذه الظاهرة – ظاهرة الموسيقى الترفيهية – هي تطوير للموسيقى الكلاسيكية الكبيرة التي عرفناها في الموسيقى العربية، وعند فصل الأوراق بشكل واضح نجد أنه لا مشكلة نهائياً، فبالرغم من كل شهرة “مايكل جاكسون” فإن هذا الراقص لا يدعي أنه خليفة “بيتهوفن” أو”موتسارت” كما أن “جيمس لاست” لا يدعي أنه خليفة “فاجنر” والمشكلة تبدأ عندما يقول أحد مطربي هذه الموجة، وبالفم الملآن وعلى صفحات الجرائد أنه خليفة أم كلثوم الشرعي، أو حين نسمع نطاط آخر( يغني في أحد أغانيه على طبقة موسيقية بينما الفرقة تعزف على طبقة أخرى) يقول: أنه زعيم المدرسة الغنائية العربية الحديثة، هنا تبدأ المشكلة.
مايكل جاكسون
نحن نمر الآن في مرحلة جذر، أرض تستريح، وأرى أن المشكلة هي مشكلة ملحنين أكثر منها مطربين فالأصوات الجميلة موجودة في كل زمان ومكان ولكن وجود شخصية الملحن صاحب الرؤية الحياتية والفنية والفلسفية أندر بكثير من وجود حنجرة جميلة، لذلك ستستمر مرحلة الجذر التي نعيشها حتى تظهر موهبة لحنية كبيرة فيها كل هذه العناصر التي تشكل شخصية الملحن العبقري.
ولعلنا نتفق على أن المطرب هو الصوت الناقل لعمل موسيقي ملحن، وإذا اتفقنا على ذلك فسيكون بالنتيجة إذا كبرت قيمة هذا العمل الموسيقي كبرت قيمة الصوت الذي يؤديه. وأؤكد لك أن العمل الموسيقي هو الذي يدخل المطرب إلى التاريخ، أضرب لك مثالاً، لو أن أهم عازف بيانو في العالم تسابق مع عازف عادي على أن يؤدي كل منهما لحناً بسيطاً بإصبع واحد الذي لا شك فيه – عند المتخصصين – أنهما سيعزفان اللحن بالبراعة نفسها، تسألني ومتى تظهر عبقرية العازف الكبير؟ أقول لك بدون تردد عندما يعزف عملاً يعجز عن أدائه العازف العادي.
وهذا نفسه ما يحدث مع المطرب، مع الصوت العبقري عندما يغني لحناً عادياً النتيجة المؤكدة أنه سوف يبدو عادياً بدون أي شك ولن تظهر عبقرية هذا الصوت الحقيقية إلا عندما يؤدي لحناً عبقرياً. تريد مثالاً، صوت محمد عبد الوهاب في ” الكرنك ” هل هو نفسه في ” راعيني قيراط أراعيك قيراطين “؟ أين تظهر عبقرية الصوت، بالطبع في اللحن الكبير ” الكرنك “، مع أن الصوت هو نفسه، والعبقرية الصوتية هي نفسها. إذن العمل الموسيقي المؤدى بالصوت هو الذي يُدخِل معه الصوت إلى التاريخ، وهناك أصوات عبقرية أدت أغان سخيفة – وهي لذلك ومع الأسف الشديد – لن يبق منها شيء، وأخشى أن أقول إن الأصوات الحالية مكتوب عليها الموت بأكثر مما هو مكتوب لها أن تعيش.
محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم
[1] جوزيِفْ هايدِن (1732-1809 م) مؤلف موسيقي ولد في مدينة روهو في النمسا، اكتشفت عبقريته وهو ما زال في أول سنين حياته. لحن أول مقطوعاته الدينية في سن العاشرة. في عام 1766 أصبح هايدن قائداً لأوركسترا الأمير استراهازي وبقي ما يقرب الأربعين عاماً. بعد موت الأمير استراهازي رحل هايدن إلى لندن ليقود بضع حفلات. ثم عاد إلى فيينا، وكتب نشيد ليحفظ الله القيصر الذي أضحى بعد ذلك النشيد الوطني الألماني. يعد من أهم الموسيقيين الذين قاموا بتطوير الآلات الموسيقية، وقد أطلق عليه اسم أبي السمفونية لأنه قام بتطويرها من الشكل البسيط القصير التأليف الموسيقي إلى الشكل المطول المستخدم مع الأوركسترا الطويلة.
[2] لودفيغ فان بيتهوفن: (17 ديسمبر 1770-26 مارس 1827): يُعتبر من أهمّ الموسيقيين على الإطلاق. وهوَ أحدُ الشخصيّات البارزة في الحقبة الكلاسيكيّة التي تَسبِق الرومانسيّة؛ ويُعتَبرُ من أعظَم عباقرة الموسيقى في جميعِ العصور وأكثَرهُم تأثيراً، وأبدَع أعمالاً موسيقيّة خالِدة، كما له الفضلُ الأعظم في تطوير الموسيقى الكلاسيكيّة. وتَشمَلُ مُؤلّفاتُه تِسعَ سيمفونيّات وخَمسَ مقطوعاتٍ على البيانو وأُخرى على الكمان، واثنينِ وثلاثينَ سوناتا على البيانو وسِتّة عَشر مقطوعةً رُباعيّة وتريّة؛ كما ألّف أيضاً أعمالاً للصالونِ الأدبيّ وأُخرى للجوقة وأغانٍ أيضاً.
[3] يوهان سباستيان باخ مؤلف موسيقي ألماني ولد في 1685 ورحل في 1750 ميلادية يعتبر أحد أكبر عباقرة الموسيقى الكلاسيكية في التاريخ الغربي.
[4] روكوكو كلمة تعني في اللغة الفرنسية الصدفة أو المحارة غير المنتظمة الشكل ذات الخطوط المنحنية والتي استمدت منها زخارف في تلك الفترة، ويعتبر فن التزين الداخلي، وظهر هذا الطراز من الفن في القرن الثامن عشر ويعد امتدادا للباروك ولكن بمقاييس جمالية تتسم بالسلاسة والرقة، وهدفه الأساسي هو المتعة والترفيه والاستحواذ على استحسان المجتمع الطبقي الجديد. وانعكس هذا المفهوم على كافة الفنون. واستمر هذا الطراز مزدهراً في ألمانيا وفرنسا بصفة خاصة واختفى من فرنسا بعد قيام الثورة الفرنسية في عام 1789.
[5] أليساندرو سكارلاتي: (باليرمو 1660- نابولي 1725 م) : مؤلف موسيقى إيطالي، من مؤسسي المدرسة النابولية (نسبة إلى مدينة نابولي) للأوبرا الباروكية، كان أستاذا على الفرقة الغنائية في البلاط الملكي (مملكة نابولي والصقيليتين)، ألف العديد من الأعمال الأوبرالية، والتي تميزت بافتتاحيتها وألحانها الإيقاعية. خلف وراءه العديد من الكنتاتات، الأوراتوريوهات، ومقطوعات للكلافسن (البيانو القيثاري). وهو والد المؤلف دومينيكو سكارلاتي.
[6] الأمير كليمنس فينزل ميترنيخ (15 مايو 1773 -11 يونيو 1859): سياسي ورجل دولة نمساوي ومن أهم شخصيات القرن التاسع عشر. ينسب إليه وضع قواعد العمل السياسي التي سارت عليها القوى الكبرى في أوروبا طوال الأربعين عاما التي أعقبت هزيمة نابليون بونابرت. شكلت مبادئ ميترنيخ، والتي تبلورت خلال مفاوضات مؤتمر فيينا، مجرى الأحداث السياسية الأوروبية الأساسية. يعتبر البعض ميترنيخ خير من طبق مبادئ الميكافيلية السياسية بصورتها الكلاسيكية.
عمل ميترنيخ وزيرا لخارجية الإمبراطورية النمساوية في الفترة من عام 1809 وحتى العام 1848، وتربع على قمة السياسة الأوروبية طوال الثلاثين عاما التي تلت انعقاد مؤتمر فيينا حتى أن المؤرخين قد أطلقوا على الفترة من 1815 وحتى 1848 اسم “عهد ميترنيخ ” الذي قضى هذه الفترة منهمكا في تدعيم النظام القائم وكان هو المصمم الرئيس لدعائمه. كان الهدف الأساسي لسياساته هو استغلال النظام المتفق عليه في مؤتمر فيينا والذي اقتضى تعاون الدول الموقعة عليه في مواجهة أي ثورات قد تقوم بإحدى دول الاتفاق. نجح نظام ميترنيخ في قمع العديد من الثورات التي اندلعت بألمانيا وإيطاليا وهولندا والمجر والامبراطورية النمساوية خلال العشرينيات والثلاثينات من القرن التاسع عشر. مثلت تلك الفترة قمة عصر الاستبداد وقمع الحريات في عهد ميترنيخ.
[7] ريتشارد فاجنر: مؤلف موسيقي وكاتب مسرحي ألماني، ولد في لايبزج، ألمانيا سنة 1813، وتوفي في البندقية، إيطاليا سنة 1883، يعتبر رائد النزعة الرومانسية في الموسيقي الألمانية، وإذا كان بيتهوفن قد سيطر على النصف الأول من العصر الرومانسي في الموسيقى فقد جاء فاجنر لكي بيطر على النصف الثاني.
[8] دخلت شركات الاسطوانات مصر في أواخر القرن التاسع عشر، بعد أقل من مرور عقدين على اختراع توماس إديسون للجرامافون في 1877.
عبده الحامولي (1836-1901) ويوسف المنيلاوي (1850-1911) هما أصحاب أقدم تسجيلات على الاسطوانات التي كانت تسمى (cylinders) أو كبايات، والتي كانت تصنع من الشمع، وهذا النوع من الاسطوانات نادر جدًا في مصر، ويوجد منه ما يقرب من 15 تسجيل بأرشيف جامعة جنوب كاليفورنيا.
في نهاية القرن التاسع عشر كانت أجهزة الجرامافون في مصر قليلة جدًا وغير موجودة إلا في بيوت الأثرياء. ومع حلول عام 1903 حدث تطور لصناعة الاسطوانة من الكبايات إلى القمع ثم إلى الاسطوانة المستديرة التي كانت تصنع من القار. تزامن هذا التطور مع غزو شركات الاسطوانات لمصر.
[9] محمد عثمان (1855ـ 1900): ملحن ومغنى مصري، ورائد من رواد الموسيقى البارزين في مصر، ويعتبر أباً الموسيقي المصرية، نافس بقوة للمطرب القدير عبده الحامولي، ومن تلاميذه المطرب الكبير عبد الحي حلمي.
[10] عبده الحامولي (1836 ـ 1901): أبرز اسم في عالم الطرب في القرن التاسع عشر امتد أثره إلى مطربي القرن العشرين، ارتبط اسمه بالمطربة ألمظ التي تزوجها وقدما ثنائيا ناجحا ذاع صيته، استخدم مقامات لم تكن موجودة في مصر كالحجاز كار والنهاوند والكرد والعجم. وعرف عنه رقيه في اختيار الكلمة، ورغم أن تراثه الغنائي ينتمي إلى القرن التاسع عشر إلا أن تأثيره كان قويا على كل مطربي العقدين الأولين في القرن العشرين أمثال صالح عبد الحي ويوسف المنيلاوي وعبد الحي حلمي وسلامة حجازي.