كتب: باولو ماجيوليني
ترجمة: احمد بركات
يمكن وصف السلفية الأردنية اليوم على أنها منهج وأسلوب حياة وشبكة من جماعات غير رسمية مهتمة بالأساس بتعقب الحقيقة الدينية والتوصل إلى الممارسة الرشيدة والمتكاملة للإسلام كما جاء به النبي محمد. وتبدو السلفية الأردنية ظاهرة فسيفسائية متعددة الوجوه، ورغم إمكانية تعقب بعض الأسس التي نشأت عليها الحركة في عهد الإمارة في بداية القرن العشرين، إلا أن السلفية الأردنية تطورت بشكل لافت في ثمانينيات القرن الماضي، عندما سمح الملك حسين للعالم الألباني (محمد نصر الدين الألباني) بالعودة إلى البلاد والإقامة فيها.
من ثم، فإن هذه الأصول التاريخية تجعل السلفية الأردنية حركة مستلهمة من الخارج، وهي السمة التي تبقى حقيقة أصيلة فيها عند بحث تمددها في تسعينيات القرن الماضي، وما آلت إليه من تطورات في الوقت الراهن. ويمكن تتبع تاريخ التمدد السلفي في الأردن عبر ثلاثة مراحل:
تداعيات ثورة الخميني
المرحلة الأولى تأتي في أعقاب الثورة الإيرانية وتنامي ظاهرة الإسلام السياسي في المنطقة. في هذه المرحلة أعاد النظام اكتشاف مقاربة الألباني غير المسيسة للإسلام والهوية الإسلامية. وبعد نفيه عن البلاد في بداية ثمانينيات القرن الماضي، قرر النظام الاستعانة به مجددا، وتوظيف سلفيته – التي تتساوق مع آليات فرض السيطرة التي يمارسها النظام، وسياسات ’فرق تسد، التي ينتهجها – عبر تحويلها إلى منافس جديد على الساحة الدينية لجماعة الإخوان المسلمين.
من جانبها، استلهمت السلفية الأردنية النموذج الوهابي السعودي، فلم تقحم نفسها في معترك السياسة، وأقرت بشرعية النظام، ومارست انتقادا حادا ضد المقاربة الإخوانية والإسلام السياسي بوجه عام. وفي ضوء الخطوط الحمراء التي فرضها النظام، شكلت السلفية حضورا غير لافت على الساحة الأردنية، وتمددت عبر شبكات غير رسمية. وشكل المنحدرون من أصول فلسطينية والطبقات متوسطة الدخول القاعدة الصلبة للسلفية الأردنية في هذه المرحلة.
طلاب الشيخ الألباني في الأردن
تحولات حرب الخليج
المرحلة الثانية بدأت مع مطلع تسعينيات القرن الماضي بعد اندلاع حرب الخليج في عام 1991. في هذه المرحلة طرأت تحولات جوهرية على المشهد السلفي في الأردن، وراحت الحركة تتمدد بطول البلاد وعرضها، وأسهم تياران مختلفان من العائدين من أفغانستان والكويت في تغيير المشهد السلفي. فبرغم بدايتها كظاهرة دينية غير سياسية، شرعت السلفية في هذه المرحلة في اكتساب أبعاد سياسية وعسكرية، وبدا جليا وجود تيارين سلفيين متمايزين على الساحة، هما تيار السلفية التقليدية المحافظة والسلفية الجهادية. كان من بين اللاجئين الذين انتقلوا إلى الأردن من الكويت في عام 1992 أبو محمد المقدسي، الذي أسس تيار السلفية الجهادية في الأردن وتولى قيادته ونجح في تكوين قاعدة إقليمية ودولية عريضة له. في الوقت نفسه، عاد أبو مصعب الزرقاوي إلى وطنه، الأردن، مرة أخرى ضمن من أطلق عليهم ’الأردنيين الأفغان‘، الذين قاتلوا في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي ضد الاتحاد السوفيتي.
وسرعان ما وجد السلفيون الأردنيون في محمد المقدسي ضالتهم كمرشد أيديولوجي قادر على تأطير معارضة مسلحة للأنظمة الحاكمة في البلدان الإسلامية وفقا للنهج السلفي. فوفقا لفهمهم، لم يكن الجهاد مشروعا فقط ضد أعداء الإسلام، وإنما أيضا لقتال ما اعتبروها أنظمة إسلامية مارقة. ومع تدشين موجة الدمقرطة في الأردن، وتوقيع اتفاق السلام مع إسرائيل في عام 1994، ضمت السلفية الجهادية النظام الأردني ضمن قائمة أهدافها المستباحة. وعلى مدى تسعينيات القرن الماضي، حاولت العديد من الجماعات السلفية الجهادية التخطيط للقيام بعمليات مسلحة في المملكة. ونجح المقدسي في لملمة شعث الشباب السلفي المجاهد حوله، بمن فيهم أبو مصعب الزرقاوي، ليدشن بذلك ميلاد تنظيم غير رسمي عُرف بـ ’بيت الإمام‘، الذي دبر عمليات هجوم ضد أهداف إسرائيلية. ولكن سرعان ما وقع التنظيم في قبضة المخابرات الأردنية، وتم الحكم على كل من المقدسي والزرقاوي بالسجن لمدة خمسة عشر عاما.
أبو محمد المقدسي
وبرغم أن الجهاديين السلفيين لم يمثلوا تهديدا وجوديا للأردن في تسعينيات القرن الماضي، إلا أن حضورهم وتطورهم المطرد أسهم في إضفاء مزيد من التنوع على رقعة الإسلام السياسي في البلاد.
تحولات مهمة
المرحلة الثالثة بدأت قبيل بداية الألفية الثانية إبان اعتلاء الملك عبدالله الثاني عرش المملكة الهاشمية في عام 1999. في هذه الآونة، أسهم حدثان مهمان في وقوع تحولات مهمة في مجرى النهر السلفي في الأردن. فمن ناحية، أدى موت الألباني إلى بقاء مكان ومكانة مرشد وإمام السلفية المحافظة شاغرا. وعلى إثر ذلك، بادر النظام إلى تفعيل إستراتيجيته التقليدية لبسط سيطرته، وذلك عن طريق مأسسة شبكة الألباني غير الرسمية. وبالفعل، حقق تأسيس ’مركز الإمام الألباني‘ الغرض من إنشائه عبر وضع السلفيين المحافظين تحت سمع النظام وبصره, وتحت قيادة موالية ومعترف بها رسميا.
وكما كان الحال في السابق، اعتبر النظام السلفيين المحافظين موردا استراتيجيا لتحقيق أهدافه في تقويض استقلالية جماعة الإخوان المسلمين وكبح جماحها السياسي والاجتماعي. ومن ناحية أخرى، حصل كل من الزرقاوي والمقدسي على عفو ملكي في العام نفسه، تم على إثره إطلاق سراحهما. في أعقاب ذلك، غادر الزرقاوي إلى أفغانستان، حيث ساعده أبو قتادة – الذي كان مقيما في لندن آنذاك، ويزعَم أنه كان عضوا في تنظيم القاعدة – على التواصل مع تنظيم القاعدة في أفغانستان.
عاد الزرقاوي بعد ذلك مباشرة إلى المنطقة بهدف إنشاء تنظيمه الخاص من عناصر فلسطينية وأردنية على وجه التحديد. وبهدف الإطاحة بالنظام الملكي في الأردن، خطط الزرقاوي في عام 1999 لتنفيذ سلسلة من الهجمات استهدفت فندق راديسون عمان، الذي كان يستضيف مسئولين أمريكيين وإسرائيليين، وعدد من المواقع السياحية في البلاد، إلا أنها باءت جميعا بالفشل.
بعد فشل ما أُطلق عليه ’مؤامرة الألفية‘، اختفى الزرقاوي وجماعته عن الأنظار حتى عام 2001. ومن عام 2002 حتى عام 2005، عاد اسم الزرقاوي مجددا إلى الظهور كمؤسس لجماعة التوحيد والجهاد في العراق. واعتُقد في البداية أنه كان وراء اغتيال الدبلوماسي الأمريكي، لورانس فولي، كما اكتُشف أنه يحرض على مؤامرة لإطلاق سلسلة من الهجمات الكيميائية في عمان في عام 2004. وفي عام 2005، نفذت جماعة الزرقاوي ثلاث تفجيرات متزامنة في عمان أودت بحياة 60 شخصا.
أسامة بن لادن، وأبو مصعب الزرقاوي
انقسامات الجهاديين
إضافة إلى هذه الأحداث، كان المشهد السلفي الجهادي في الأردن قد شهد انقساما فجا في نهاية تسعينيات القرن الماضي بين مؤيدي المقدسي ومؤيدي الزرقاوي. فبينما انصرف تركيز الأخير إلى الجهاد، وما يلزم له من إعداد للقوة وتكديس للسلاح، سعى الأول إلى إعادة توجيه العمل الجهادي من خلال إنشاء مدونة لقواعد السلوك لتنفيذ الجهاد عبر منهجية إسلامية شرعية، بدلا من اتباع منهجية غير مثمرة تؤدي إلى نتائج عكسية.
وجه المقدسي جل اهتمامه إلى إقناع السلفيين الجهاديين بأن العمل الجهادي يتطلب توافر شروط بعينها، وأنه في حال تعذر توافر هذه الشروط لإلحاق الهزيمة بالعدو – مثلما هو الوضع في الحالة الأردنية – فإنه يلزم الجماعة المسلمة توجيه جهودها إلى خلق كتلة حرجة في المجتمع.على هذه الأسس انصرفت جهود الزرقاوي إلى ضم فلسطينيين وأردنيين إلى قوائمه الجهادية، بينما عني المقدسي بتوسيع قاعدة الحركة وتوجيه دينامياتها داخل المملكة، وهو ما أدى إلى سيطرة جماعته على المشهد الجهادي في الأردن.
ثم حلت حقبة الثورات العربية، وتحديدا الحرب الأهلية في سوريا، في بداية العقد الثاني لتعمق هذه الندوب الداخلية في الجسد السلفي الجهادي، ولتجعلها أكثر تعقيدا وأكثر إرباكا للمشهد السلفي العام في البلاد. فقد انضم السلفيون الجهاديون إلى الاحتجاجات الشعبية في مارس 2011؛ لكن سرعان ما صار جليا للجميع أن منطلقاتهم و دوافعهم تختلف عن دوافع النشطاء العلمانيين أو حتى الإسلامويين، حيث ركزت مطالبهم بشكل أساس على تطبيق الشريعة وإطلاق سراح السجناء، بمن فيهم المقدسي الذي ألقي القبض عليه في عام 2010.
في الوقت نفسه، انبرى السلفيون المحافظون في توجيه الانتقادات للاحتجاجات التي اندلعت في مصر، برغم تبني الشيخ علي الحلبي، أحد طلاب الإمام الألباني النابغين وأحد علماء السلفية المرموقين، موقفا مخالفا لرفقائه في عمان. وبعد أسابيع قليلة، شرع السلفيون الجهاديون في مهاجمة السلفيين المحافظين، قبل أن يشتبكوا في صدام مع القوات الشرطية في مدينة الزرقاء. في هذا الوقت، دعا المقدسي السلفيين الجهاديين إلى الانسحاب من الشوارع والتوقف عن المشاركة في الاحتجاجات بهدف إقامة حوار مع الحكومة. وبالطريقة نفسها، حاول أبو سياف، أحد قادة السلفية المحليين في مدينة معان الأردنية، إجراء اتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين بهدف تشكيل مجلس مشترك معني بقضايا تطبيق الشريعة والإفراج عن السجناء. إلا أن واحدة من هاتين المبادرتين لم تحقق نجاحا يذكر، باستثناء بعض حالات الإفراج عن بعض السجناء على أسس فردية. في هذه الآونة، عاودت استراتيجية مأسسة الحركات الإسلامية الظهور مجددا في الأفق الحكومي كحل استراتيجي ناجع في مواجهة نشاط التيارات الدينية. وبالفعل، ظل التهديد الجهادي للمملكة الأردنية قيد السيطرة حتى عام 2014.
الشيخ علي الحلبي
تأثيرات الحرب في سوريا
ومع ذلك، فقد خلًف تسارع وتيرة الحرب الأهلية في سوريا، وتحديدا ظهور جبهة النصرة في عام 2012، تأثيرا عميقا على السلفية الجهادية في الأردن. فعلى المدى القصير، بدت الحرب في سوريا مبشرة بإعادة تشكيل الحضور السلفي الجهادي في البلاد على نحو إيجابي، وبتجسير الفجوة بين مؤيدي المقدسي ومؤيدي الزرقاوي، حيث فتح الصراع في سوريا أبواب ميدان حقيقي على مصراعيها لممارسة الجهاد.
على إثر ذلك، غادر كثير من الأردنيين إلى سوريا لينضموا إلى جبهة النصرة، بينما بقي قادة السلفية الجهادية في الأردن يشحذون الهمم ويدعمون القتال ضد الرئيس السوري، بشار الأسد، وهو ما أسهم بقوة في تقليل حدة التوتر بين الفصيلين السلفيين داخل المملكة الهاشمية. إلا أن هذه الأوضاع انقلبت رأسا على عقب مع إعلان قيام الدولة الإسلامية في عام 2013، وما تبع ذلك من انفصال عن جبهه النصرة، وعودة روح التحزب الأيديولوجي وتعمق الهوة القديمة بين الزرقاويين الذين أيدوا الدولة الإسلامية والمقدسيين الذين شايعوا جبهة النصرة.
في البداية، أدت الانتقادات الحادة التي شنها كل من المقدسي وأبو قتادة (الذي عاد إلى الأردن في عام 2013) ضد الدولة الإسلامية في عام 2014 إلى إشعال جذوة الديالكتيك القديم، الذي ثار قبل موت الزرقاوي في عام 2006. ومع حلول نهاية عام 2016، بدأ الدعم الموجه لجبهة النصرة ينتقل إلى الدولة الإسلامية، مخلفا حالة من الانشقاقات الداخلية في معسكر المقدسي، وهو ما تمخض عنه تقوض سلطته وتراجع دوره. في هذا السياق، لم يكن إطلاق سراح المقدسي من محبسه بعد الانتقادات التي وجهها إلى الدولة الإسلامية مجديا. في الوقت نفسه، جاء إعلان سعد الحنيطي، الذي تم تعيينه مسبقا من قبل أبي قتادة كمتحدث رسمي باسم السلفية الجهادية في الأردن، الولاء للدولة الإسلامية بمثابة دليل دامغ على حالة التشرذم والترهل التي أصابت جسد المعسكر المقدسي.
سعد الحنيطي
في هذا الإطار أسهمت الانتفاضات العربية والحرب الأهلية في سوريا إلى ترسيخ تحولات عميقة في التوازن الداخلي للتيار السلفي الأردني بشقيه الجهادي والمحافظ. فمن ناحية، أدت هذه التحولات الإقليمية إلى اختفاء شبه كامل للسلفية المحافظة الموالية للنظام من المشهد بعد أن فشلت فشلا ذريعا في التأثير في مجرى الأحداث. ومن ناحية أخرى، بدا السلفيون الجهاديون أكثر تشرذما مما كانوا عليه قبل اندلاع الربيع العربي والحرب السورية. فإلى جانب الانقسام القديم بين مؤيدي المقدسي ومؤيدي الزرقاوي، كان للحرب الأهلية في سوريا أثرا نافذا في حدوث انقسامات داخل الفصيل المقدسي، مما أدى إلى تقلص قاعدته وتقويض مصداقيته.
رهانات المستقبل
الحقيقة أن السلفية الأردنية تستوجب في المرحلة الراهنة مزيدا من البحث الأكاديمي المتعمق، خاصة فيما يتعلق بالسلفية الجهادية. فبرغم أن السلفية الأردنية لا يمكن اعتبارها حركة جماهيرية (حيث تتراوح أعداد أتباعها بين 6000 و8000) إلا أنها تمثل حركة غير رسمية متجذرة في جميع أنحاء البلاد، فضلا عن كونها مصدر جذب لأعداد غير قليلة من شباب الضفة الشرقية.
وبالنظر إلى أهمية الحراك الريفي في فترة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، فإن هذه التطورات تقدم دليلا دامغا على أن القاعدة التقليدية لدعم الهاشميين تشهد تحولات جذرية. فأتباع السلفية الجهادية ينتشرون في الرصيفة والزرقاء والسلط وإربد ومعان. إضافة إلى ذلك، فإن السلفية الجهادية في الأردن تعول بالأساس على منظرَين كبيرَين، هما المقدسي وأبو قتادة، إلى جانب عدد من الكاريزمات المحلية في كل مدينة. كما أن أعداد الأردنيين الذين انضموا إلى القتال في سوريا، والتي تقدر بـ 3000 مقاتل، وأعداد الهجمات الإرهابية وعمليات مكافحة الإرهاب في عامي 2015 و2016 تبرهن جميعها بما لا يدع مجالا لشك أن الظاهرة السلفية الجهادية قد شبت عن الطوق وخرجت عن زمام سيطرة النظام.
أبو اليمان الأردني
خاتمة
مثلت العلاقة بين الدين والدولة – ولا تزال – محورا مهما في عملية بناء الدولة في المملكة الأردنية الهاشمية. فقد حرص النظام الهاشمي بقوة على السيطرة على الفضاء الديني المحلي، وتحديد تراتبية وتسلسلاته الهرمية، ووضع حدود صارمة لنشاطاته ونطاقاته، وذلك من خلال الاضطلاع بمأسسة مكوناته ودمجها في المنظومة الرسمية للبلاد. لقد كان الإسلام يمثل أحد المحاور الرئيسة التي ترتكز عليها إستراتيجية النظام الهاشمي للتوطيد لحكمه وترسيخ شرعيته. وقد قدمت الأردن نفسها مؤخرا باعتبارها نموذجا للإسلام المعتدل في الشرق الأوسط، وحالة مناقضة تسهم في إبراز عمليات التسييس المتشدد التي تتم بحق رسالة الإسلام من قبل جماعات الإسلام السياسي والتيارات الجهادية المتطرفة.
وقد أثبتت هذه الإستراتيجية نجاحا باهرا. فباستثناء المكون السلفي الجهادي – الذي لا يمكن إغفاله – ظلت التيارات الإسلامية في الأردن مستمسكة ليس فقط بعلاقاتها السلمية، وربما التكافلية، مع السلطة على المستوى المحلي، وإنما أيضا بإقرارها بشرعية الدولة والتاج الهاشميَين. في هذا السياق تمثل مشاركة جماعة الإخوان المسلمين في الاحتجاجات الشعبية، التي اجتاحت الأردن كإحدى موجات الربيع العربي، شكلا من أشكال المطالبة ’الشرعية‘ بإصلاح النظام الملكي، وليست بحال انقلابا عليه.
في هذا السياق أيضا يمثل ظهور تيارات سلفية متعددة ومتنوعة في البلاد أحد أهم التطورات في تاريخ المملكة الحديث وفي فضائها الديني. وتمثل السلفية الأردنية ظاهرة متمددة ومتعددة الوجوه تتجلى في مقاربات متباينة من السلفية المحافظة غير المسيسة إلى السلفية الجهادية. وبينما انقسم الإخوان المسلمين إلى جماعات متنافرة تسعى إلى قيادة تيار الإسلام السياسي في البلاد، تحل السلفية الأردنية بصورة متزايدة محل الحضور الإخواني في العديد من الأقاليم الحضرية التي تقطنها الطبقات الفقيرة والوسطى، إضافة إلى المناطق الريفية النائية في الضفة الشرقية.