فن

فاز بجائزة الأغا خان: مصطفى سعيد «الحارس الأمين على تراثنا الموسيقي»

حالة فنية تجمع بين الطزاجة والعراقة، ولحن عربي أصيل. يٌداعب أوتار عوده في شجن فينقلك إلى حالة من الامتزاج بالوطن، والاندفاع الى خوض أحلامه وآلامه وأمانيه حتى نهاية الطريق. شيء ما فيه يستدعي بداخلك الحنين إلى الماضي، ربما نظرات عينيه المتنقلة في فضاء حالم كذلك الذي استوعب أنغام وألحان سيد مكاوي، والشيخ إمام وعمار الشريعي. أو لبراعة أنامله التي تثير في النفس السؤال عن العلاقة التي تربط بينه وبين عواد الشرق الأول الأمير فريد الأطرش، أو ذلك الشجن المتواري خلف صوته فيذكرك برائعة السنباطي في قصيدته أشواق. إنه المطرب والملحن المصري الموهوب مصطفى سعيد الذي فاز قبل أيام بجائزة الأغا خان في الموسيقى ليتوج بهه الجائزة مسيرة حافلة مع الموسيقى الشرقية وبهجتها.

في الثانية والعشرين من عمره بدأ مصطفي سعيد رحلته مع الموسيقي الشرقية بتأسيس فرقة «أصيل» سنة 2003، والتي قدم من خلالها العديد من ألحانه وأغانيه التي أعاد بها إحياء العديد من المقطوعات من التراث الموسيقي المنسي،  ويرجع إليه الفضل في جمع وتوثيق وبعث أكثر من 500 مقطوعة موسيقية وأغنية كانت تعتبر مفقودة من تراثنا الموسيقي الشرقي.

اختار الموسيقار الشاب أن يعيش في (بيروت) منذ أغسطس عام 2004 حيث طرقت ألحانه مسامع اللبنانيين برباعيات الخيام، حيث يعتبر مصطفى نفسه أحد حراس الموسيقى الشرقية بنغمها وإيقاعها ومقاماتها بما أوتى من أذن موسيقية قلما تتكرر في قدراتها وذوقها، وما أوتي من قدرة على صياغة نغم عربي شرقى يتسق وذائقة العربي الأصيل التي توشك أن تغادر تحت وطأة التأثيرات المختلفة للموسيقى الغربية.

https://youtu.be/wcB1UIM7Fh0

 

الموسيقي الذي أعادت ثورة يناير اكتشافه

ورغم كل هذا العطاء فإن مصطفى سعيد لم يكن معروفا كموسيقي وملحن في الاوساط المصرية، وجاءت ثورة 25 يناير2011 لتشكل فرصة مهمة لمصطفى سعيد ليعلن عن موهبته وقدراته الفنية الكبيرة، بعدما شارك الثوار مشاعرهم المتأججة بالعديد من الأغاني التي غناها على منصات ميدان التحرير وغنائه من كلمات تميم البرغوثي أو من أشعار أحمد فؤاد نجم  كأغنيته «منصورة يا مصر».

و الواقع أن ظهور مصطفى سعيد في الثورة لم يكن سوى محاولة للتعبير عن مشاعر وطنية حقيقية تختلج بداخله، ومحاولة للمشاركة في النضال الوطني بالأداة والوسيلة التي أجادها وأحبها ، فباتت تعبر عنه ويعبر بها، هذا تماما ما تظهره نغمات مصطفى وإيقاعاته الشجية في رائعته ( يامصر هانت وبانت كلها كام يوم)

مصطفي سعيد الحائز مؤخرا على جائزة الأغا خان في الموسيقى من ملك البرتغال  هو عازف وملحن ومغني وباحث في الموسيقي، حاصل علي درجتي ماجستير من جامعة الأنطونين في لبنان عام 2009 و 2010 علي التوالي،  ويعمل حاليا  مديرا لمؤسسة البحث والتوثيق في الموسيقى العربية في بيروت، وهو محاضر زائر في العديد من الجامعات في ألمانيا واليابان والإمارات.

لمصطفي أربعة ألبومات وهي رباعيات الخيام – أصيل – بردة، وأخيرا توحد، ، وتضم مؤلفاته الموسيقية قدرا كبيرا من التجريب والمغامرة التي نجح أن  يمزج فيها بين الإمتاع والحفاظ على التراث، وقدم مصطفى عروضا لموسيقاه في العديد من دول العالم  كألمانيا، البرتغال، لبنان.. لتكلل رحلة كفاحه في الحادي والثلاثين من مارس الماضي بالعاصمة البرتغالية لشبونه بحصوله على جائزة (الأغاخان) فئة الأداء الموسيقي بعزفه للعود، بإجماع لجنة التحكيم بعد منافسة مع 14 موسيقيا ومغنيا من الهند وإيران وفلسطين وباكستان وتركيا ولبنان وسوريا.

 

بلال مؤمن

كاتب و محرر مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock