كما أن رمضان هو شهر العبادات والروحانيات، فإنه أيضا يكون مناسبة للإقبال على صنوف من الأطعمة ترتبط بالشهر الكريم بصفة خاصة تأتى فى مقدمتها بالطبع القطايف، والقطايف هى نوع من الحلويات الشرقية التي ارتبطت برمضان، ليس في مصر فقط بل في أغلب الدول العربية، حيث تحرص أغلب ربات البيوت على عمل هذه الحلوى في شهر رمضان الكريم.
أصل التسمية
بحسب كتاب «الأمثال الشعبية الشامية» لـ نزار الأسود، فإن القطايف تعود إلى أواخر العصر الأموى وبالتحديد عام 132 هـ، ويروى أيضا أنها تعود إلى العصر الفاطمى، حيث كانت تقدم مزينة فى صحن كبير ليقطفها الضيوف، و«قطفت عليه» فى الشام معناها تمتعت بمنظره، ومن هنا سميت قطايف.
وبحسب «الموسوعة الحرة ويكيبيديا» فأن أول من تناول القطايف هو الخليفة الأموى سليمان بن عبد الملك سنة (98 هجرى) فى رمضان، وهناك العديد من الروايات حول تسمية القطايف بهذا الاسم، منها ما ينسب التسمية للعصر الفاطمى، حيث إن الطهاة كانوا يتنافسون فى تحضير أنواع الحلويات فى الشهر الفضيل، وكانت فطيرة القطايف من ضمن هذه الحلويات، و وكان يتم تحضيرها بشكل جميل وتزين بالمكسرات وتقدم فى طبق كبير، وكان الضيوف يتقاطفونها بشدة للذّتها، بينما يرجع بعض المؤرخين أصل تسمية القطايف بهذا الاسم لتشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة.
وتصنع حبة القطايف على شكل هلال نسبة لهلال شهر مضان، ويتم تناولها بعد وجبة الإفطار وعلى السحور كذلك، وهى عبارة عن فطيرة مكونة من عجينة سائلة مخبوزة، محشوة بالمكسرات، أو العجوة، أو القشطة، أوالجبنة ويمكن تحميرها أو قليها بعد حشوها.
القطايف.. ووزير المعارف!
روى أول وزير معارف لثورة يوليو، علي أيوب، أول تجربة له مع القطايف، حين أراد أن يعرفها «على حقيقتها» بعد أن سمع عنها الكثير، وحيث ذكرّنا باحث التراث، أيمن عثمان، بمقال لـ«أيوب»، نشره بمجلة «الإثنين والدنيا»، يوليو 1953 يقول فيه إن رمضان هلّ عليه وهو تلميذ صغير يدرس بالقسم الداخلى لمدرسة الناصرية وكانت عبارة عن مبنى عتيق مكانه الآن المدرسة السنية للبنات، حيث جاء وحيداً صغيراً من قريته الريفية ليلتحق بالمدرسة، وتصادف أن أدخلت المدرسة تعديلات على وجبات التلاميذ، فأضافت الفول المدمس والمشمشية والكنافة، وكانت هذه الأصناف الجديدة مدعاة لكى يتحدث تلاميذ القسم الخارجى عما يأكلونه فى بيوتهم، ليتباهوا بذلك أمام تلاميذ القسم الداخلى الغلابة القادمين من الأرياف.
كتب الوزير: «كنا إذا ما اجتمعنا مع زملاء القسم الخارجي في الصباح، تحدثنا عما قدم من طعام وما ينتظر أن يقدم، ولأن بينهم كثيرين من أبناء الذوات، كانوا يتغنون بالطيبات التي يأكلونها في بيوتهم، وكنت أفهم ما يذكرون، إلا (القطايف) التي لم أسمع بها ولم أعرف ما هي».
خجل «أيوب» من السؤال عن «القطايف» خشية تهكم زملائه إذا عرفوا جهله بها، حتى قرر في يوم العطلة (الجمعة) أن يتعرّف عليها بنفسه، وهو اليوم المسموح له فيه بالخروج من المدرسة، فاستلم مصروف الأسبوع، 5 قروش، وأسرع إلى شارع «خيرت» حتى وجد رجلًا نظيف الهندام يحمل على رأسه صينية كبيرة وينادي: «قطايف.. قطايف»، فطلب منه بمقدار قرشين.
رغم أنه لم يكن يصوم رمضان حينها إلا أنه احترم الشعور العام، مع تعجله اختبأ في زقاق ضيق لتناول «القطايف»، وأخذ كمية كبيرة ودفعها إلى فمه «لأنال هذه المتعة المرتقبة قبل أن يفاجئني المارة.. وحاولت أن أمضغها وأزردها، ولكني لم أجد سوى عجين وقف في حلقي ولم يكن له طعم أو عذوبة، واضطررت إلى أن أخرجه من فمي وأن ألقي ما أحمله على الأرض».
رآها «مجرد عجين»، وحزَّ في نفسه أنه خسر نصف مصروفه بغير فائدة «كشفت لي التجربة عن تفاهة أبناء الذوات الذين يمتدحون صنفًا لا يؤكل ولا يشرب»، وازداد على أيوب اعتقادًا بأن أهل الريف وحدهم هم الذين يعرفون أطايب الطعام، تكتم على الواقعة، حتى مرت الأيام والسنون وساقت له الصدف فرصة عرف فيها القطايف على حقيقتها على مائدة أحد أصدقائه، ليعرف أن هناك طريقة لتجهيزها، وأنها لا تؤكل كما فعل في سيرتها الأولى دون حشو وقلي في الزيت.
نصائح قطائفية
– عند شراء القطائف نيئة من المحلات يجب التأكد أنها طازجة وطرية ومغطاة جيدا وليست معرضة للهواء حتى لا تجف ويصعب حشوها وتحضيرها وتتشقق وتتلف.
– وعند تحضير عجينة القطايف في المنزل يجب الانتباه لتغطيتها بعد التسوية حتى تكتمل الكمية بالكامل حتى لا تجف وتفسد وفي حال الرغبة في حفظها توضع في طبق فويل وتغلق لتوضع في الفريزر طازجة وهو ما يحافظ عليها طرية عند التقديم فيما بعد.
– يجب أن يكون الزيت غزيرا ساخنا جدًا حتى تقلى القطايف وتحصل على اللون الذهبي سريعًا دون أن تتواجد في الزيت طويلًا وتمتص المزيد منه خلال القلي الطويل.
– يفضل ألا تكون قطعة القطايف سميكة حتى لا تتشرب الكثير من الزيت عند القلي.