فن

عبد المنعم مدبولي.. مايسترو الدراما وناظر مدرسة الضحك

تحل اليوم (التاسع من يوليو) الذكرى الثالثة عشرة، لرحيل واحد من أبرز رواد المسرح العربي وفرسانه الكبار، عُرف بأنه فنان مسرحي شامل، فلم يكن ممثلا فحسب، بل كان يؤلف ويخرج ويقوم ببطولة العديد من المسرحيات، ويؤسس العديد من الفرق المسرحية. واليه يعود الفضل في اكتشاف العديد من نجوم الكوميديا  والمسرح الكبار بعد ذلك على مدار أجيال مختلفة، بدءا من جيل عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي ومحمد صبحي وغيرهم، وحتى جيل هاني رمزي وأشرف عبد الباقي.. إنه الفنان الكبير الراحل عبدالمنعم مدبولي.

البدايات

وُلد عبد المنعم مدبولي بحي باب الشعرية بالقاهرة في 28 ديسمبر 1921 يتيماً فقيراً، وقد ظهرت موهبته التمثيلية مبكرا  ومنذ المرحلة الابتدائية عندما تم ترشيحه ليقود الفرقة المسرحية بالمدرسة. تخرج في مدرسة الفنون التطبيقية وعمل بها مدرسا في قسم النحت وظل محتفظا بوظيفته فيها حتى منتصف السبعينيات رغم شهرته ومجده الفني. وقد اكتشف الكثير من الموهوبين في التمثيل من طلاب الكلية، كان من أبرزهم الراحل «نبيل الهجرسي» خريج قسم الحديد.

رغم موهبته الفنية إلا أن مدبولي حرص على أن يصقل تلك الموهبة بالدراسة الأكاديمية، فالتحق بالمعهد العالي لفن التمثيل العربي ليتخرج فيه عام 1949 في ثان دفعاته بعد إنشائه. وعقب تخرجه انضم إلى فرقة «جورج أبيض» ثم فرقة «فاطمة رشدي»، وشارك بالتمثيل في برامج الأطفال بالإذاعة ضمن حلقات برنامج بابا شارو.

 كانت مشاركته في البرنامج  الإذاعي الشهير «ساعة لقلبك»، أحد المحطات المهمة في مسيرته الفنية، قبل أن ينضم لمسرح التليفزيون عقب افتتاحه برئاسة الفنان الراحل السيد بدير، ليؤسس من خلاله مع رواد جيله الكبار فؤاد المهندس وأمين الهنيدي وغيرهما، مدرسة كوميدية استمد تراثها من الجيل السابق الريحاني والكسار.

بعدها تولى مدبولي رئاسة فرقة المسرح الكوميدي وأخرج لها أكثر من 4 عروض منها: «جلفدان هانم»، «أنا وهو وهي»، «دسوقي أفندي»، «مطرب العواصف»، «أصل وصورة»، «حلمك يا شيخ علام»، «المفتش العام»، «السكرتير الفني»، «وسط البلد». كما أخرج لفرقة إسماعيل يس عملين هما: «3 فرخات وديك»، و«أنا وأخويا وأخويا».

مدرسة المدبوليزم المسرحية

لسنوات طويلة من مسيرته الفنية الحافلة، التي زادت عن نصف قرن، كان المسرح هو العشق الأول للفنان عبد المنعم مدبولي ومجال إبداعه الأساسي.وقد استطاع بموهبته وجهده وخبرته أن يكون أحد العلامات البارزة في مجال الكوميديا والأداء المسرحي الخاص به والذي تحول إلى أطلق عليها مدرسة «المدبوليزم» المسرحية، وهو أسلوب في الأداء التمثيلي يعتمد على تكرار بعض الكلمات بنغمات مختلفة، وعلى وسوء التفاهم والحركة السريعة بجميع عضلات الجسم على خشبة المسرح..

شكّل «مدبولي» مدرسة كوميدية مستقلة في الضحك الراقي، وأسس العديد من الفرق المسرحية مثل المسرح الحر عام 1952 والكوميدي 1963 .

ومن أهم الأعمال المسرحية التي أنتجتها فرقة المسرح الحر برئاسة مدبولي: «الأرض الثائرة»، «حسبة برما»، «الرضا السامي»، «خايف اتجوز»، «مراتي بنت جن»، «مراتي نمرة 11»، «كوكتيل العجائب». وإضافة إلى ذلك شارك  الفنان الراحل في كتابة عدد من العروض المسرحية مثل «كفاح بورسعيد»، التي كانت عبارة عن مجموعة من المسرحيات القصيرة أخرجها كل من سعد أردش وصلاح منصور.

كما شارك «مدبولي» في تكوين فرقة الفنانين المتحدين عام 73، وقدم من خلالها  عدد من العروض المسرحية وهي: «البيجاما الحمراء»، «الزوج العاشر»، «العيال الطيبين»، ثم انفصل عنها ليكّون عام 75 فرقته الخاصة «المدبوليزم»  والتي قدم من خلالها  عروض: «راجل مفيش منه»، «يا مالك قلبي»، «مولود في الوقت الضائع»، «مع خالص تحياتي»، «حمار ماشالش حاجة».

أما بالنسبة لرحلة مدبولي مع السينما فقد بدأها متأخرا عن بدايته المسرحية المبكرة، حيث شارك في أول فيلم سينمائي عام 1958 وهو «أيامي السعيدة»، لتتوالى بعدها  الأفلام التي شارك في بطولتها والتي بلغ عددها 150 فيلماً. ومن أبزر هذه الأفلام  «الحفيد، «مولد يا دنيا»، «إحنا بتوع الأتوبيس»، وغيرها.

أما المسلسلات التي شارك مدبولي في بطولتها فكان أشهرها على الإطلاق مسلسل «لا يا ابنتي العزيزة» ومسلسل «أبنائي الأعزاء شكرا» وهو المعروف بمسلسل «بابا عبده».

بابا عبده

اشتهر عبد المنعم مدبولي بحبه الكبير للأطفال لذلك قدم العديد من أغاني الأطفال في أفلامه ومسلسلاته ومن خلال التلفزيون المصري التي ظلت خالدة في ذاكرة التلفزيون والسينما المصرية، وحفرت داخل وجدان كل أطفال مصر خلال عقود من الزمان ومن أغانيه «توت توت» و«كان في واد أسمو الشاطر عمرو» و«جدو عبده زارع أرضه» و«الشمس البرتقالي» وغيرها من الأغاني الجميلة التي شكلت وجدان جيل كامل من الأطفال.

تكريم وجوائز

نال الفنان عبد المنعم مدبولي خلال مشواره الفني الحافل، العديد من الجوائز وشهادات التكريم، منها جائزة أحسن ممثل في السينما عن أفلامه «الحفيد» و«أهلا يا كابتن» وكذلك «مولد يا دنيا». وفي عام 1983 حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وفي عام 1984 حصل على جائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعماله.

كرمّه الرئيس الراحل أنور السادات بشهادة تقدير خاصة في أكاديمية الفنون، وذلك عن دوره في مسلسل «أبنائي الأعزاء.. شكراً»، كما يعد أول فنان عربي كتبت عنه دائرة المعارف النمساوية.

 وفي التاسع من يوليو عام 2006 رحل الفنان عبد المنعم مدبولي عن عمر ناهز 85 عامًا، بعد رحلة عطاء فني شديدة الثراء، تاركا وراءه رصيدا كبيرا من الأعمال الفنية، بلغ نحو 120 مسرحية، و 60 فيلما سينمائيا ً و30 مسلسلا، ومدرسة متميزة في فن التمثيل والمسرح لها تلاميذها ومحبوها.. رحمه الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock