منذ 39 عاما وبالتحديد في 27 يوليو عام 1980 رحل عن عالمنا دنجوان السينما المصرية رشدى أباظة عن عمر ناهز الثالثة والخمسين عاماً، بعد صراع مع سرطان الدماغ.
توفي رشدى أباظة أثناء تصويره مشهد أمام عزت العلايلي من فيلم «الأقوياء»، وهو فيلمه الأخير الذي لم يتمكن من إكماله. كان رشدى أباظة كتلة متحركة من الطاقة والحيوية والوسامة، وكان مجرد حضوره فى مكان يبعث البهجة فى كل الحاضرين، فقد عُرف بخفة الروح والدم، ولذلك كان محبوبا من الجميع لطيبته وخفة ظله.
وعلى الرغم من أن لقبه هو «دون جوان» السينما إلا أن وسامة رشدي أباظة وخفة ظله لم تكن ميزته الوحيدة، إنما رجولته بالقول والفعل وتعامله مع جميع الناس بشكل طيب، ما ترك أثراً كبيراً لدى كل من تعامل معه على الصعيد الشخصي والعملي.
لعبة البلياردو
ولد رشدي أباظة في القاهرة في 3 أغسطس عام 1927. والده سعيد بغدادي أباظة كان ضابط بوليس، وأمه تريزا لويجي الإيطالية. حصل رشدى على الشهادة الابتدائية من المدرسة المارونية بحي الظاهر، وهي نفس المدرسة التي تخرج منها فريد الأطرش وأخته أسمهان، ثم حصل على التوجيهية (أو ما يعرف اليوم بالثانوية العامة) من مدرسة سان مارك بالإسكندرية.
اقرأ أيضا:
أسمهان.. الأميرة التي ولدت في البحر وتنبأت بطريقة موتها via @aswatonline https://t.co/AxF3xrPy0e
— أصوات Aswat (@aswatonline) July 27, 2019
لعبة البلياردو كانت سبباً في دخول رشدى أباظة عالم التمثيل والسينما عندما شاهده المخرج كمال بركات عام 1948 في صالة بلياردو، وعرض عليه العمل بالسينما وبالفعل شارك في أول أفلامه وهو «المليونيرة الصغيرة» مع فاتن حمامة وفؤاد شفيق ومن إخراج كمال بركات.
وقد ساعده إتقانه لخمس لغات مختلفة على العمل في السينما العالمية ،حيث سافر عام 1950 إلى إيطاليا، وشارك في بطولة عدد من الأفلام الأجنبية منها أمنية أمام الإيطالية آسيا نوريس، وامرأة من نار، أمام النجمة المشهورة كاميليا، والوصايا العشر للمخرج سيسيل ديميل، لكنه عاد مرة أخرى للقاهرة ليسترد نجوميته بفيلم امرأة على الطريق عام 1958، مع شكري سرحان وزكي رستم وهدى سلطان، والذي أخرجه الراحل عز الدين ذو الفقار.
https://youtu.be/TJNMQdVIK4w
قدم أباظة على مدى مشواره السينمائي أكثر من 157 عملا سينمائيا، تنوع أداؤه فيها بين أدوار الشر والكوميديا والتراجيدى، أشهرها «لا وقت للحب»، «تمر حنة»، «لا أنام»، «رد قلبي»، «صراع في النيل»، «الرجل الثاني»، «لقاء في الغروب»، «وا إسلاماه»، «في بيتنا رجل»، «الزوجة 13»، «آه من حواء»، «الساحرة الصغيرة»، «عروس النيل»، «طريق الشيطان»، «صغيرة على الحب»، «حواء على الطريق»، «بابا عايز كده»، «نص ساعة جواز»، «شيء في صدري» وغيرها الكثير.
نساء في حياة الدنجوان
عُرف رشدي أباظة، بعلاقاته النسائية المتعددة، سواء من الوسط الفني أو خارجه، حيث كان يعتبر الزواج أشبه بـ «ورقة يا نصيب»، فإماّ تصيب وإما تخيب. فقد ارتبط بشكل رسمي 5 مرات، كان أوّلها من الفنانة الراحلة تحية كاريوكا ولم تستمر علاقتهما أكثر من سنتين لطبيعة شخصيتهما القوية وعدم تنازل أيّ منهما عن رأيه.
وتزوج من الأمريكية، بربارا، التي أنجب منها ابنته الوحيدة قسمت، وكانت الأقرب إلى قلبه وفق ما ذكرته شقيقته في حواراتها الإعلامية.
وأكدت أنّ انفصالهما كان بسبب حياته الفنية التي لم تتحملها، علاوة على اختلاف الثقافتين، فسافرت لبلدها فيما بقيت ابنته معه.
وتزوج بعدها الراقصة الشهيرة سامية جمال، وكانت أطول زيجة له لاستمرارها 18 سنة، كما تزوج من الفنانة صباح خلال تصويرهما لفيلم في لبنان وطلّقها بعد 48 ساعة فقط.
تقول شقيقته منيرة أباظة، إنّه عندما علمت سامية جمال بخبر زواج رشدى أباظة من صباح غضبت وحزنت كثيرا وحاول رشدى استرضاءها بكل السبل، مضيفة، أن سبب طلاق رشدى وسامية بعد زواج طويل ظلّ مجهولا لطبيعتهما الكتومة، وأنه لا علاقة لارتباطه بصباح بهذا القرار.فيما قال الممثل سمير صبري، صديق الزوجين، رأيا مغايرا حين أكد أن سامية استقبلت رشدى إثر عودته من لبنان ولم تذكر حادثة زواجه قطّ.
أماّ الزواج الأخير فكان من ابنة عمّته نبيلة أباظة، مع بداية مرضه وإجرائه لأول عملية مات بعدها بـ 6 أشهر. وعن أسباب تعدد زوجاته، أكدت أخت الدنجوان، أنّ لكل زيجة أسبابا جعلته يرتبط بها.
حبيبات الدنجوان بين الفن والسياسة
يجمع بين حبيبات رشدي أباظة، تداخل حياتهنّ الفنية بالسياسة، إذ انتقلن من الملك والسلطة إلى الحب.
كانت البداية بالراقصة تحية كاريوكا التي تزوجها قبل أن يتجاوز الـ17 عاما وكانت تكبره سناّ وتجربة فنية وعاطفية. حيث يعدّ أباظة الزوج السابع في حياتها من مجموع 14 زيجة لها، منذ بداية مغامرتها في عالم الرقص والتمثيل، قبل أن يطلقها بعد 3 سنوات.
يروي رياض جركس في غراميات أهل الفن، أن رشدي أباظة كان عنيفا وفي قلب الصراع دائما ولكنه في علاقته مع المرأة كان يلبس قفاز اللباقة واللياقة، أحبّ تحية كاريوكا، حتى جاءت سامية جمال.
هربت سامية جمال إلى كازينو بديعة، حيث تعلمت من تحية كاريوكا، التي أهدتها بدلة رقص وفساتين على آخر موضة، من أشهر قصص حب سامية تلك التي ربطتها بفريد الأطرش إلى أن جمعتها علاقة برشدي أباظة خلال وجودهما في حفل سويا.
عُرفت سامية جمال بطموحها الجامح الذي دفع بها أن تقيم علاقة بالملك فاروق، قبل الثورة وتحاول التربع على عرش مصر.
وذكرت هند رستم في سيرتها الذاتية التي نشرتها تحت عنوان «ذكرياتي»، أنّ أباظة «كان يحب زوجته سامية بصدق، وأعتقد أنها أحب الزوجات إليه». وكان يقول عنها إنها «ست بيت ممتازة وزوجة عظيمة جدا، وتحبه بجنون».
وأضافت أنها لم تلتق بسامية طيلة حياتها، سوى أربع مرات، آخرها عند زيارتها لرشدي في المستشفى عندما كان مريضا.
تزوج عليها المطربة صباح، بطريقة سريعة في لبنان وتساءل العديد من المتابعين عن سبب زواج رشدي من صباح على الرغم من حبه لسامية جمال التي ضحت بمستقبلها الفني واعتزلت لأجله.
وكان رشدي أباظة قد تعرف فى بداية حياته الفنية على الممثلة المصرية كاميليا، التي دخلت قلبه. وعاشا قصة حب انتهت بوفاتها في حادث طائرة مفاجئ.
ومثلت قصة علاقته بالفنانة كاميليا سببا من أسباب غضب الملك فاروق منهما. ولم يأبه رشدي بما يمكن أن يحدث له، حيث تحدى الملك ولم يقطع علاقته بها خاصة أنها أحبته حبا شديدا.
استطاعت كاميليا، وفق مصطفى نصر في كتابه، «عصر الفن الذهبي»، أن تجمع خلال خمس سنوات ثروة لا تقدر بعد أن أقامت علاقات غرامية مع الكثير من الأغنياء والساسة، منهم السيد اللوزي، صاحب مصانع الحرير بالقاهرة، الذي قدمها لمجتمع الساسة والأثرياء، ثم للملك فاروق.
واتهمت بعلاقتها بالمخابرات الصهيونية التي دفعتها للتقرب من الملك، ويقال إنها سربت أخبار السرايا للموساد خاصة في علاقة بحرب فلسطين.
ويقال إن رشدي أصيب بصدمة نفسية شديدة عند علمه بمقتلها، خاصة أنه كان قد أقنعها بالزواج