يجزم المؤرخون أن شرب القهوة في مصر، انتقل من مكة المكرمة لمصر في القرن السادس عشر، بواسطة طلاب العلم الحجازيين واليمنيين، الذين كانوا يدرسون في الأزهر الشريف، ومنذ ذلك الحين أخذ المشروب في الانتشار رغم مرور فترات من التحريم ضد هذا المشروب، الذي يتم الاحتفاء العالمي به يوم 1 أكتوبر من كل عام، لتشجيع التجارة في البن، وزيادة الوعي بمشاكل مزارعي البن في جميع أنحاء العالم.
بوابة الأهرام في السطور التالية تستعرض تاريخ زراعة البن في مصر ، بعد نشر دراسات علمية جادة تناقلتها المواقع وكالات الأنباء منذ يومين، تعرض زراعات البن العالمية بنحو 60 على وشك الانقراض بسبب التغيرات المناخية.
منذ القرن السابع عشر ‘احتلت تجارة البن في البحر الأحمر مرتبة كبيرة، كما يقول الباحث التاريخي محمد سباق الحويطي في تصريحات لــ”بوابة الأهرام”، مؤكداً أن أغلب التجارة في ذلك الوقت، كانت منصبة علي استيراده من اليمن والمتاجرة فيه، حيث كان الأسطول التجاري بين جدة والسويس، يقوم بحركة نقل من خلال رحلة واحدة في العام، وقد اندفع التجار المغاربة والمصريون في التجارة، وكانت مصر المحور الرئيسي لتجارة البن وتصديره لأوروبا.
المؤرخ أحمد الحتة يؤكد في كتابه “تاريخ الزراعة المصرية”، أن محمد علي باشا أراد زراعة البن دون استيراده وذلك لعشقه للقهوة، فقد أراد زراعته في حديقة قصره بشبرا، ولكنه فشل، ثم أراد زراعته في حديقة أطلق عليها جنة البن، وهي الحديقة التي اندثرت ولم يعد لها وجود.
المحاولات المستمرة لزراعة البن في مصر وصعيد مصر، يستعرضهاا الأثري محمود مدني في حديثه لــ”بوابة الأهرام”، مؤكداً أن محافظات الصعيد في عهد محمد علي باشا كانت تزرع البن رغم الفشل الذي قابل زراعته، لعدم ملائمة البيئة المصرية لزراعة البن، بل توجد الكثير من المدونات التاريخية التي تظهر عدد محامص البن في أسواق الصعيد، كما ظهرت القصص الشعبية الأسطورية عن زراعة البن في عقول الأهالي، ورفض الخبراء الإفصاح عن سر زراعة البن للآخرين.
قال رفاعة رافع الطهطاوي في كتابه “مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية” الصادر عام 1869 من مكتبة بولاق”، إن البن الذي سبق زراعته في الصعيد لايبلغ جودة البن اليمني، فهو مثله مثل البن الذي يزرع في فرنسا، والذي يطلق عليه الأفرنجي، ولا يعتني أحد بجلبه للقطر المصري.
وأكد رفاعة الطهطاوي أن أهل أوروبا يقتنعون بأي مستوى من البن، بينما أهل مصر يفضلون البن اليمني ويتاجرون فيه، فعلي فرض غرس أشجار البن في الأراضي، فإن ذلك سيكون عديم الفائدة، محذرًا من الانسياق وراء بعض الأقاويل التي تنادي بإصلاح الأراضي البور في الصعيد واستصلاحها بزراعة البن.
الباحث محمد سباق الحويطي أكد أن تجربة زراعة البن في مصر استمرت رغم فشلها، مثل المحاولة التي جرت في بستان الجيزة، التي وصفتها مجلة المقتطف الثقافية عام 1892، حيث استعرضت المقتطف نجاح زراعة البن في البرازيل بعد جلبها لنبات البن من إحدي البلدان الإفريقية ، وأكدت أن بستان الجيزة يضم زراعات من البن.