بعد توغل القوات التركية في شمالي سوريا في أعقاب قرار الولايات المتحدة الانسحاب من مواضعها هناك، بات مصير الآلاف من المشتبه بانتمائهم لتنظيم الدولة الإسلامية المحتجزين هناك غير واضحا.
وتحتفظ القوات الكردية بالعديد من هؤلاء المحتجزين وعوائلهم، وبينهم العديد من المقاتلين الأجانب من دول مختلفة في أنحاء العالم.
وقد حضت الولايات المتحدة الدول الأجنبية على استرجاع رعاياها الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، واتهمت الدول الأوروبية برفض القيام بذلك.
إحصاءات
صحيح أن دول أوروبا الغربية كانت مترددة للغاية في استعادة أعضاء التنظيم المشتبه بهم، بسبب القلق من الرأي العام والتحديات القانونية للتعامل مع المواطنين الذين انضموا إلى المجموعة، إلا أن العديد من الأجانب عادوا إلى بلدانهم في السنوات الأخيرة قبل أن يفقد التنظيم الجيب الأخير الذي كان يسيطر عليه في الباغوز شمال شرقي سوريا في مارس من العام الحالي.
وقال البيت الأبيض في بيان له: «لقد ضغطت الحكومة الأمريكية على فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى ممن جاء منها مقاتلي التنظيم، لاستعادتهم. لكنها رفضت استعادتهم واستقبالهم، ولن تتحمل الولايات المتحدة أعباءهم بتكلفة باهظة يدفعها دافعي الضرائب في الولايات المتحدة».
إذاً، ما عدد الرعايا الأجانب المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، ومن هي الدول التي استعادت بعضا من رعاياها؟
لقد احتجزت عائلات من يشتبه بأنهم من عناصر «تنظيم الدولة الإسلامية»، في عدد من مخيمات النازحين في شمال سوريا.
وحتى الآن، يعد مخيم الهول الأكبر من بين المخيمات، إذ يسكن فيه حوالي 70 ألف شخصاً، 94 في المئة منهم نساء وأطفال، و 11000 من الأجانب.
بالإضافة إلى ذلك، تقول قوات سوريا الديمقراطية إن حوالي 12 ألفا من المشتبه في أنهم من مسلحي التنظيم محتجزون في سبعة سجون في شمال شرق سوريا، ويقدر عدد الأجانب بينهم (من غير السوريين أو العراقيين) بنحو أربعة آلاف شخص.
أما تقرير الحكومة الأمريكية الذي نُشر في أغسطس الماضي فيشير إلى عدد أقل من المقاتلين الأجانب المحتجزين في شمال سوريا، ويقول إنهم 2000 مقاتل من 50 دولة. وحوالي 800 منهم من دول أوروبية، أما الباقين فهم من بلدان الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا أو آسيا.
وأظهرت دراسة أجراها العام الماضي مركز «كينغز كوليدج» الدولي لدراسة التطرف، أن أكثر من 41000 مواطن أجنبي انضموا إلى «تنظيم الدولة» في العراق وسوريا في الفترة بين أبريل 2013 ويونيو 2018.
هل استعادت أي دولة من تلك الدول رعاياها؟
قالت الأمم المتحدة إنه يتعين على الدول تحمل مسؤولية مواطنيها ما لم تتم محاكمتهم في سوريا وفقاً للمعايير الدولية.
وظل العديد من الدول مترددا في القيام بذلك، بسبب القلق من الرأي العام في تلك الدول والتحديات القانونية للتعامل مع قضايا مواطنينها الذين انضموا إلى التنظيم.
ضغطت الولايات المتحدة على فرنسا وألمانيا وغيرهما من الدول لاستعادة مسلحي تنظيم الدولة المعتقلين، ولكن هذه الدول رفضت ذلك
العملية التركية في سوريا: هل يعود تنظيم الدولة الإسلامية من جديد؟
ووصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» عمليات الترحيل التي قامت بها الحكومة للمواطنين الأجانب بأنها تتم وفق معايير انتقائية وفي فترات متباعدة وليس بشكل منهجي.
وتقول إن أكثر من 1200 مواطن أجنبي، معظمهم من الأطفال، قد رحلوا من سوريا والعراق إلى كل من كازاخستان وأوزبكستان وطاجكستان وروسيا وكوسوفو وتركيا.
لكن الدول الأخرى استعادت أعداداً قليلة جداً:
- فرنسا: 18 طفلاً
- الولايات المتحدة: 16 من الرجال والأطفال
- ألمانيا: أقل من 10 أشخاص
- أستراليا: ثمانية أطفال
- السويد: سبعة أطفال
- النرويج: خمسة أطفال
وفي بعض الحالات، حُول الرعايا الأجانب إلى القضاء العراقي و حوكموا أمام محاكم عراقية.
وفي وقت سابق من هذا العام، حُكم على أربعة فرنسيين بالإعدام في العراق في إطار محاكمة تعرضت إجراءاتها القضائية لانتقادات شديدة في ذلك الوقت.
وسحبت بعض الحكومات الأجنبية جنسياتها من حامليها ممن يشتبه بانتمائهم للتنظيم لمنع عودتهم إليها، كما هي الحال مع شيماء بيغوم، من بريطانيا، المحتجزة في مخيم بسوريا تديره قوات سوريا الديمقراطية.
ومن المحتمل أن يكون قد عاد الكثيرون من الأجانب الذين انضموا إلى التنظيم إلى بلادهم قبل أن تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على الجيب الأخير للجهاديين في الباغوز في مارس 2019.
ويقدر المركز الدولي لدراسة التطرف أن أعداد هؤلاء العائدين في عموم العالم تتراوح بين 7712 و 8202.
وتشمل هذه الأعداد كلا من العائدين في عمليات عودة طوعية وأولئك الذين سهلت الحكومات عودتهم، على الرغم من المركز أشار إلى أن أعداد الأخيرين قد تكون أقل ما يمكن.
وقالت جوانا كوك وجينا فال، الباحثتان اللتان اشتركتا في انجاز الدراسة لبي بي سي : «يبدو أن العديد من الحكومات مستعدا لتسهيل عودة القاصرين، وخاصة المستضعفين كالأيتام، أكثر من استعداده لقبول عودة المعتقلين البالغين».