فن

سمير سيف.. صاحب الوصفة السحرية للنجاح السينمائي

ودعت مصر واحدا من أهم صناع السينما العربية ورئيس المعهد العالى للسينما المخرج الكبير سمير سيف، الذي رحل عن عمر ناهز 72 عاما، بعد رحلة سينمائية حافلة قدم خلالها 22 فيلما سينمائيا، وعددا من المسلسلات الدرامية. 

ولد سيف فى 23 أكتوبر عام 1947 بالقاهرة، وتخرج في المعهد العالي للسينما قسم إخراج عام 1969 بتقدير إمتياز، وعُين بعد تخرجه معيداً بالمعهد وظل منذ تخرجه أحد الأكاديميين البارزين بالمعهد، إلى جانب مشواره الحافل في الاخراج السينمائي والدرامي. 

وقد تميزت سينما سمير سيف بإهتمام واضح بالحركة والأكشن، وكانت له رؤية سينمائية مختلفة وحضور فنى فريد، ما جعله صاحب بصمة واضحة لا يمكن إنكارها  فى تاريخ السينما المصرية.

سمير سيف.. صاحب «آخر الرجال المحترمين»

سمير سيف.. صاحب «آخر الرجال المحترمين»نص: Belal Momenتحريك ومونتاج: Abdalah Mohamed

Posted by Aswat Online on Tuesday, December 10, 2019

مسيرة فنية حافلة

بدأ سمير سيف حياته الفنية كناقد سينمائى، وله العديد من الكتابات النقدية، من أهمها دراسته التى نال بها درجة الماجستير حول أفلام الأكشن (الحركة) فى السينما المصرية عام 1991. ولم يتوقف عن الكتابات النقدية والعمل الأكاديمى حتى رحيله، وأشرف على عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه فى مختلف جامعات مصر. كما عمل سيف مساعداً لعدد من المخرجين الكبار منهم شادي عبد السلام ويوسف شاهين و حسن الإمام.

وفى عام 1980 عمل سيف مساعدا للمخرج العالمى «فرانكلين شافنر» فى فيلم «أبو الهول» الذى صورت معظم مشاهده فى مصر، كما عمل عام 1992 مساعدا للمخرج الأمريكى الشهير «سبايك لى» فى فيلم «مالكوم إكس».

لفت سمير سيف الأنظار إليه بقوة كمخرج واعد فى السينما المصرية من خلال فيلمه «دائرة الانتقام» عام 1976، الذى لعب بطولته نور الشريف وميرفت أمين. خلال هذا الفيلم حاول سيف أن يصنع شكلا مغايرا فى سينما الحركة، التى كانت تقليدية إلى حد كبير وتوقفت عند ما كان يُقدم من أفلام الحركة للنجم فريد شوقى طوال عقدى الأربعينيات والخمسينيات.

 وفي عام 1978 قدم المخرج الراحل فيلم «إبليس في المدينة»، وبعده بعام  قدم فيلم «المتوحشة» بطولة سعاد حسنى ومحمود عبد العزيز. ثم قدم النجم عادل إمام بصورة مختلفة عن أدواره الكوميدية، وذلك في واحد من أهم أعماله وهو فيلم «المشبوه» أمام سعاد حسني عام 1982.

 ومع سعاد أيضا أخرج سمير سيف فيلم «غريب في بيتي» مع نور الشريف، قبل أن يعود مجددا للعمل مع عادل إمام حيث قدما معًا فيلم «الغول» عام 1983، وعاد لنور الشريف ليقدم فيلم «آخر الرجال المحترمين»، وقد ساهم عمله مع هولاء النجوم في انتشار إسم سمير سيف فى وقت سريع نسبيا، بمقارنة بزملائه من مخرجى نفس الجيل.

بين الجودة الفنية والنجاح الجماهيري

 قدم سمير سيف أفلاما تميزت بقدرتها على الجمع بين جودتها الفنية ونجاحها الجماهيرى. فقد كان قادرا دائما على صنع تلك الوصفة أو الخلطة السحرية الرائعة التي تجمع بين ما هو فنى حرفى، وما هو جماهيرى جاذب للمشاهد، حيث استطاع بحرفية شديدة أن يحقق قدرا من التوازن فيما يقدمه بين سينما جماهيرية تحقق إيرادات وسينما تحمل قيمة ورسالة فى الوقت نفسه، وهى معادلة صعبة قلما تتحقق. وقد تأثر في ذلك إلى حد كبير بسينما صلاح أبو سيف، التى جمعت فى مراحل منها بين الواقعية الشديدة والتشويق والحركة.

ومن تلك الأفلام التى حقق فيها سمير سيف هذا التوازن المطلوب – على سبيل المثال- فيلم  «الهلفوت» و«النمر والأنثى»  و«المولد» و«شمس الزناتى»  و«مسجل خطر»، و«شوارع من نار»، و«المطاردة» و «عصر الذئاب»،  و«الراقصة والسياسي» و«الشيطانة التي أحبتني»، و«لهيب الانتقام»، و«عيش الغراب»، و«سوق المتعة». وتمثل فترة التسعينيات من القرن الماضى أغزر فترات سمير سيف الفنية حيث قدم خلالها ما يقرب من نصف أعماله السينمائية.

 وخلال رحلته السينمائية تعاون سمير سيف مع الكاتب وحيد حامد، وقدم معه بعض انجح أعماله مثل «سوق المتعه» بطولة إلهام شاهين ومحمود عبد العزيز عام 2000، وهو الفيلم الذى أثار جدلا واسعا عند عرضه وحقق نجاحا جماهيريا واسعا. كما قدم معه فى عام 2002 فيلم «معالى الوزير» بطولة أحمد زكى ولبلبة والذى يعد واحدا من أجرأ أفلام تلك المرحلة.

علامات درامية

كان الراحل الكبير من أوائل مخرجى السينما الذين أتجهوا إلى العمل فى الدراما التليفزيونية، حيث يرجع إليه الفضل فى انه أول من نقل تقنية التصوير السينمائى إلى الشاشة الصغيرة، فأحدث نقلة هامة ومتطورة فى الصورة التلفزيونية. كما أنه خرج من النموذج التقليدى للتصوير التليفزيونى والذى كان يعتمد على الأماكن المغلقة فى التصوير، ليخرج بالكاميرا إلى أماكن حقيقية بعيدا عن الاستديوهات.

ففى عام 1987 أخرج سمير سيف مسلسل «البشاير» وهو أول عمل تلفزيونى له وحقق نجاحا كبيرا، وفي هذا العمل تألق محمود عبد العزيز ومديحة كامل بشكل كبير. وفى عام 2000، وفى ظل تصاعد التطرف الدينى فى مصر، تعاون سمير سيف مع وحيد حامد عبر الشاشة الصغيرة ليقدما مسلسل «أوان الورد»، هذا العمل الذى أثار جدلا واسعا وتناول قصة زواج قبطية من مسلم احتفظت بديانتها بعد الزواج ونشأت ابنتها المسلمة بين أهل والدتها المسيحيين بعد وفاة والدها.، وقدم المسلسل نموذجا رائعا للتعايش والأخوة بين أبناء الوطن وتجاوز الإختلافات والتعصب، وكان جريئا فى تناوله للمتعصبين من الجانبين، لكن فى النهاية انتصرت إرادة الأخوة والتعايش.

 كذلك قدم الراحل عددا آخر من المسلسلات التلفزيونية من بينها «الدم والنار» 2004، و«السندريلا» عام 2006 عن قصة حياة الراحلة سعاد حسنى، إلا أن المسلسل واجه حملة من النقد بسبب ضعف مستواه وسوء إختيار فريق العمل، وفي نفس العام قدم مسلسل «نور الصباح»، ثم مسلسل «نسيم الروح» عام 2008، ومسلسل «بالشمع الأحمر» عام 2010.

 حصل سمير سيف على عدد من الجوائز عن بعض أعماله، وكان آخرها حصوله على جائزة التميز من مهرجان الإسكندرية السينمائى عن الفيلم التونسى «أوغسطينوس ابن دموعها» عام 2016

ومساء الأثنين 9 ديسمبر 2019، ترجل سمير سيف عن صهوة جواد الابداع، ليرحل بعد رحلة عطاء فني حافلة وثرية، وهب حياته خلالها للسينما.. ناقدا ومنظرا ومخرجا وكاتبا..

الفيديو جرافيكس

نص: Belal Momen
تحريك ومونتاج: Abdalah Mohamed

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock