جاءت جائحة فيروس «كوفيد 19» لتمثل أزمة غير مسبوقة في ظل تنامي حالة اللا يقين حوله والعجز الدولي عن مواجهة الأمراض المعدية، ودفع هذا الفراغ الامني والفكري في المواجهة الى محاولة الجماعات المتطرفة قيادة المشهد كفرصة لإعادة شرعية خطابها عبر الانترنت، ومستفيدة من طبيعة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دول العالم، ومحاولة إنعاش التأويلات التآمرية تارة والأخري ذات الطبيعة الروحية تارة أخرى، و ما يمكن أن يقود ذلك إلى حالة من غياب العقل الجمعي وغياب المنهج العلمي، وهي بيئة خصبة للاستقطاب من جانب التطرف والعنصرية.
التوظيف الديني للجائحة
تمثل جائحة «كوفيد 19» تأثيرات غير مسبوقة سواء من حيث حجم الانتشار ومجال التأثير أو ضخامة الاهتمام المحلي والعالمي، وقد تصاعد دور الانترنت في إدارة الازمة والمساعدة في المواجهة، وبخاصة فيما يتعلق بالإجراءات الاحترازية، والتي منها تطبيق سياسة التباعد الاجتماعي، وهو الأمر الذي أدي إلى زيادة معدلات التعرض لتأثيرات الانترنت واتساع الشرائح المستخدمة له، و مثل ذلك فرصة وصيدا ثمينا من جهة للقراصنة لتحقيق مكاسب مالية عبر الفيروسات أو الأخبار الزائفة.، و من جهة أخرى للمتطرفين من حيث تحقيق مكاسب سياسية. و منها محاولة زعزعة الثقة بين الدولة والمجتمع، ومحاولة اختراق القاعدة الكبيرة من مستخدمي الإنترنت في وقت الأزمة، وبخاصة بعد غلق المنافذ التقليدية كالمساجد أو التجمعات، ودفعت الظروف الاستثنائية التي فرضها الفيروس من الحجر الصحي والعزلة الذاتية إلى تصاعد استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي للحصول على الخدمات والتعليم عن بعد، والعمل واللقاءات والاجتماعات، والاهتمام بالمعلومات الصحية والدوائية.
وعلى الرغم من أن التباعد الاجتماعي جاء كوسيلة لوقف انتشار الفيروس البيولوجي «كوفيد 19»، إلا أن هذا التوجه كان له تأثير سلبي في تطبيقات الفيروس الإلكتروني سواء بطابعه الصلب كالإختراق والقرصنة او بطابعة الناعم عبر شن الحرب النفسية والأخبار الزائفة.
وتم توجيه ذلك ضد القاعدة العريضة من المستخدمين والذي أصبحوا يعيشون ظروفا متشابهة ويعانون من نفس الأعراض وتشغلهم تقريبا نفس الاهتمامات، وهي حالة من «التوحد» نادرا ما تتكرر، وتعكس الاستجابات الاجتماعية الهائلة مع الوباء، وما يرافق ذلك من، أولا، حالة الخوف وعدم اليقين، بمآلات الأزمة والخوف على المستوى الشخصي من الإصابة، أو من القلق الناتج من تزايد الشعور بالضعف والعجز عن رد الفعل أو الحماية، والهوس باتباع ما يعتقد أنه يحمي من التعرض للإصابة، ويساهم في توظيف ذلك تعاطي وسائل الإعلام مع «الوباء» وبخاصة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي تربط بين الملايين من المستخدمين وتعمل على سرعة نشر التشاؤم والتفاؤل ويمثل ذلك كله بيئة خصبة لاستهلاك ونشر الأخبار الزائفة والمضللة.
ثانيا، تصاعد حالة التوظيف الديني، وهي ترتبط بحالة العجز عن تقديم تفسيرات علمية لما يحدث، ومن ثم يتم اللجوء الى «الله»، في وقت الشدة أو الأزمة، ومن ثم تتعالي الشعارات الدينية وإعطاء مدلولات مقدسة، ♫وفكرة»، «الخطيئة»، وفكرة «العقاب الإلهي»، ومن ثم يتم نشر النصوص المقدسة والإسقاطات الدينية على الأحداث عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
ثالثا، ردود الافعال التي تسعى إلى التكيف، ويتم اتباع تعليمات أو إرشادات والتعبير عن التكيف مع الأزمة، وبخاصة التي تتعلق بالحياة مقابل الموت، والتعاضد الاجتماعي في مقابل انعدام الثقة في النفس أو الغير، وتحاول الجماعات الدينية تقديم حلول للازمات عن بعد عبر تطبيقات الإنترنت والشبكات الاجتماعية، وتقديم نفسها أنها تمتلك الحل في مقابل عجز الآخرين.
محفزات نمو التطرف في بيئة خصبة
في ظل الفشل الذريع الذي منيت به التنظيمات المتطرفة في إقامة مشروع «الخلافة الإسلامية» بعد الخسائر العسكرية الكبيرة في «مركز» الدولة في سوريا والعراق، ليضاف لفشلها السابق في إقامة الخلافة في أفغانستان، دفعت الهزيمة العسكرية الميدانية إلى محاولة إعادة ترتيب الصفوف عبر الفضاء الإلكتروني، والتعبئة الدينية من قبل كافة التيارات الدينية على اختلاف توجهاتها، وذلك في محاولة للبحث عن أرض جديدة لإقامة دولة ما في المستقبل.
وجاءت أزمة «كوفيد 19» لتعطي تلك التنظيمات فرصا للشحن المعنوي والديني الذي يتم توظيفه سياسا لزعزعة الاستقرار في ظل الأزمة غير المسبوقة في مجالها ونطاق تأثيرها وطابعها غير التقليدي، ولكن مثل قيام الجيوش الوطنية في ممارسة دورها، ووعي الجماهير بأهدافها الدنيئة والانتهازية حجر عثرة تهشمت عليها طموحات التعبئة الدينية في الشارع ضد الدولة.
وعلى الرغم من أن تلك التنظيمات رأت أن الإجراءات الخاصة بالحظر والعزل الاجتماعي قد قلّصت من قدرتها على التعبئة الدينية ضد الدولة في المساجد أو التجمعات إلا أنها وجدت في ذلك فرصة أخري لممارسة التأثير الديني المتطرف عبر شاشات الإنترنت، وذلك مع سهولة دخول الملايين من المستخدمين على الإنترنت، واحتمالية دخولهم عن غير قصد في دوائر أكثر راديكالية ومتطرفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفي ظل طبيعة الظروف النفسية والاجتماعية التي فرضها «الوباء»
وبالتزامن مع إدخال جائحة فيروس «كوفيد 19» جزءا كبيرا من سكان الأرض في التباعد الاجتماعي لوقف الانتشار، جاءت محاولة أخرى لنشر الخطاب المتطرف وبث الكراهية والأخبار الزائفة، وتصاعدت الأخطار الجديدة في ظل الأزمة، لتوفر حوافز غير تقليدية تتمثل في،
أولا، أن الاتجاه إلى الوجود داخل المنزل والعزلة الاجتماعية كإجراء احترازي ضد تفشي الوباء قد مثل فرصة لزيادة احتمالات التعرض للخطاب الاعلامي للجماعات المتطرفة.
ثانيا، إن حالة الاضطراب وعدم اليقين سواء عن ماهية الفيروس أو تقديم تفسيرات متباينة حول المسبب أو العلاجات المناسبة، قد أدت إلى إنعاش بث المعلومات والأخبار المضللة.
ثالثا، تصاعد في نشاط القراصنة والذين يستهدفون تحقيق مكاسب مالية يمكن أن يدفعهم للتحالف مع الجماعات المتطرفة والتي تسعى لتحقيق اهداف سياسية.
رابعا، إن تزايد معدلات البطالة وعدم القدرة على توقع المستقبل دفع بشريحة جديدة للبحث عن عمل و قد يمثلون فرصة للتجنيد عبر الإنترنت.
خامسا، دفعت الظروف الجديدة إلى اضطرار شريحة جديدة من المراهقين للدخول إلى الإنترنت، ممن يفتقدون الوعي الكافي أما بصحيح الدين أو بإجراءات الحماية من التعرض للخطاب المتطرف.
سادسا، أدي انشغال مؤسسات الدولة والهيئات الأمنية بمواجهة الازمة إلى إحساس زائف لدي المتطرفين بوجود فراغ أمني واقعي – سيبراني يمكن إن يشكل فرصة للقيام بأعمالهم غير المشروعة.
سابعا، أن عملية عزل الأشخاص عن ذويهم وفي العمل قد يجعلهم غير قادرين على اتخاذ قرارات سليمة تعرضهم للوسائل المتعددة للخطاب المتطرف.
ثامنا، توظيف اتساع دائرة التعرض لتأثيرات الإنترنت في إعادة نشر الخطاب المتطرف بين من يستخدمونه كملاذ للعمل عن بعد أو من يستخدمونه للدرس والتعلم.
تاسعا، قيام الجيوش الوطنية بفرض حظر التجوال ومتابعة الإجراءات الاحترازية يمكن أن يعرضها إلى خطر القيام بهجمات من قبل جماعات إرهابية بطريقة الذئاب المنفردة.
تحولات الخطاب المتطرف في ظل الازمة
صاحبت عملية تفشي جائحة «كوفيد 19» حملة موسعة للاستثمار فيها من قبل الجماعات المتطرفة عبر الإنترنت، في محاولة لإعادة إنتاج ما يزعمونه من شرعيتهم، وعكست ردود أفعالهم تجاه الأزمة غياب الرؤية، والبعد الإقصائي، ومحاولة إصباغ البعد الديني، وتغليب البعد التآمري على البعد العقلي والعلمي في معالجة الأزمة، والتأكيد أن الأزمة هي محنة لغير المؤمنين ومنحة للمؤمنين، وتحول موقفهم مع تطور الأزمة، وشملت المرحلة الأولى، تصوير الفيروس أنه عقاب إلهي ضد الصين جراء ممارسات الصينيين ضد أقلية «الإيجور» المسلمة، وأنهم شعب «ملحد» يأكل ما «حرم» الله. والمرحلة الثانية، جاءت بعد انتقال العدوى من الصين إلى الخارج وبخاصة في إيران وإيطاليا وبريطانيا، حيث تم تصوير الفيروس على أنه جند الله ضد الظالمين والكافرين. وجاءت المرحلة الثالثة، بعد انتشار الفيروس الى البلدان الاسلامية واتساعه ليشمل أغلب دول العالم ومنذ ذلك الوقت أخذت التنظيمات المتطرفة تنشر تعليمات للوقاية من الفيروس والتوصية بعدم الدخول إلى أوربا باعتبارها مركزا للوباء.
وبعد إعلان تحول الفيروس إلى وباء عالمي بعد إصابة ما يزيد على مليون ونصف مصاب وما يقترب من مائة ألف فارقوا الحياة، وطول الفترة الزمنية نسبيا له والتي امتدت من يناير حتى كتابة هذا المقال، وذلك دون وجود لقاح مناسب له، ومن جهة أخرى تشديد الإجراءات الأمنية والاحترازية لفرض حظر التجوال أو تنفيذ سياسات التباعد الاجتماعي، وأن النقاب يُعد علاجًا فعّالًا للفيروس، وأنه لولا الحرج لأمرت منظمة الصحة العالمية دول العالم بإجبار الرجال والنساء على ارتدائه، وتم توجيه الدعوة للغربيين بالدخول إلى الإسلام أثناء فترة الحجر الصحي.
«مجلة النبأ» الذراع الإعلامي لتنظيم الدولة
وحاولت تلك التنظيمات الدينية بث أفكار تتعلق بالخلاص الإلهي أو بأن نلك الجائحة هي تمهيد لظهور المهدي المنتظر، وأنها ذكرت في القران الكريم بإعادة تفسير الآيات 27-29 من سورة المدثر «(27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) علَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ». على أن المقصود بها «الفيروس كوفيد 19»
وركز الخطاب على توظيف وصايا «النبي» ﷺ الخاصة بالتعامل مع الأوبئة، ونظافة المسلمين دون غيرهم من خلال الوضوء، وأن هناك أربع أطباء مسلمين توفوا جراء الفيروس في بريطانيا، وأن الأمريكيين قد أدركوا أهمية الحمام «الإسلامي» واستخدام «الشطاف» بدلا من «الورق» في الحمامات، وأن رئيس شركة «ميدترونيك» لصناعة الأجهزة الطبية والتي يقع مقرها في أيرلندا وهو المسلم «عمر اشراق» قد طرح التصميم الخاص بأجهزة التنفس الصناعي على الانترنت متنازلا عن حقوق الملكية الفكرية لإنقاذ البشرية.
ولاول مرة يستخدم تنظيم «داعش» خطابا دعائيا يخرج من التحيز الديني والمذهبي لياخذ صورة إرشادات عامة تقترب من توصيات منظمة الصحة العالمية مع التوكيد عليها من السنة. وذلك في نشرة «النبأ» تحت عنوان «توجيهات الشريعة للتعامل مع الأوبئة»، وشملت النصيحة الابتعاد عن المصابين، ومنع المرضى من السفر، والتوجيه بشأن آداب السلوك المناسبة للعطس وغسل اليدين باعتبارها «آداب إسلامية». وكشف عن خطاب برجماتي يرتكز على أخذ الحيطة والحذر وفي نفس الوقت الإيمان بالله وأن الأمراض تنتشر فقط بإرادة الله.
التوجيهات الشرعية للتعامل مع الأوبئة
ورصد «داعش» آثارا إيجابية لانتشار الفيروس وتم النظر إليه كسلاح «معجزة» و«جند» من جنود الله، واحتفى بالانتشار الواسع له في الدول الغربية وايران والصين، وذلك باعتباره عملا الهيا، وهو يخوض معاركة لتطبيق العقاب العادل و «تعذيب الكفار» و«الدول الصليبية». والنظر الى أن «الجهاد» على أنه «أفضل ضمان لحماية النفس من الوباء». ونشرت صحيفة النبأ الصادرة عن التنظيم مقالتين بعنوان: «إن بطش ربك لشديد»، و«ضلَّ من تدعون إلا إياه». ووصف «الصين» بـ الدولة «الكافرة – الحكومة المتجبرة»، وأنهم مستحقون للعذاب في الدنيا والآخرة، وأن التشفي في مصائبهم أمر محمود شرعًا حتى لو انتقل الوباء للمسلمين. وان الجهاد اختبار لإيمان قلوب المسلمين في مواجهة الكفار، وعبر التنظيم عن سعادته من تفشي الفيروس بمدينة «قم» الإيرانية الشيعية، ووصف أهلها بـالسفهاء والمشركين وحذر بعض قادة داعش الجهاديين من نشر إيران للأشخاص المصابين كأسلحة بيولوجية ضد المقاتلين في سوريا.
ورصد مؤشر الفتوى الصادر عن الازهر الشريف ان نسبة 55% من فتاوى الإخوان والسلفيين تدور حول فكرة العقاب الإلهي وأن35% من فتاوى وآراء السلفيين والإخوان رسَّخت لوجوب ارتداء المرأة للنقاب لمواجهة الوباء، و10% من الفتاوى تثير الجدل حول فكرة «الفرار من أرض الوباء»، وتوصيف «الفيروس» بالوباء وليس بالطاعون،
ومن جانبه حاول «تنظيم الاخوان» في الداخل الدعوة عبر التواصل الاجتماعي لتنظيم احتجاجات ضد اجراءات الدولة الخاصة بحظر التجوال او العزل الاجتماعي، في حين دعا ذراعه الخارجي إلى توظيف «الجائحة» للافراج عن المسجونين من القيادات التنظيمية، وتم إطلاق حملة من الأخبار الزائفة بغرض تشويه جهود الدولة في مواجهة تفشي الفيروس، والتقليل من شأن الجهود المصرية في مجال التعاون الدولي في المواجهة، كالنتقادات التي طالت زيارة وزيرة الصحة إلى الصين في بداية الازمة و زيارتها الاخرى لتقديم مساعدات إنسانية إلى إيطاليا.
ومن جهة اخرى رأت جماعة الإخوان «الفيروس كسلاح بيولوجي» يمكن استخدامه ضد الدولة فقد قام «بهجت صابر» احد المتعاطفين معهم في الخارج بنشر فيديو دعا كل من يُصاب بفيروس «كوفيد 19» إلى الدخول لأقسام الشرطة والمؤسسات العسكرية والحكومية، كمدينة الإنتاج الإعلامي والاختلاط بأكبر قدر ممكن لنشر العدوى والانتقام ممن وصفهم بـ «النظام المصري».
https://youtu.be/Z9eIxoY-54k
بهجت صابر يدعو على مصر بمرض كورونا
أي مستقبل لجائحة التطرف؟
لا شك أنه إن كانت العدوى البيولوجية تنتقل عبر الحدود وتخلف وراءها الكثير من الضحايا فإن العدوى الفكرية المتطرفة تجد لها مجالا للانتشار والتأثير العابر للحدود كذلك عبر توظيف تطبيقات الإنترنت المختلفة ومنها شبكات التواصل الاجتماعي، ومحدثة هي الاخري نفس الشئ، ورغم التقدم الذي أحرز في مواجهة الجماعات المتطرفة من خلال تدمير بنيتها التحتية وهزيمتها عسكريا، إلا أن شقها الفكري – على الرغم من ضعفه اللحظي كانعكاس للواقع،- يحاول الاستثمار في الأزمات والنفخ في المآسي للبحث عن موضع قدم جديد على الأرض، يكون انطلاقة لإنتاج النموذج الثالث من «دولة الخلافة» وذلك وفق دراسة حديثة للمركز العربي لأبحاث الفضاء الإلكتروني، وعلى قدر ما كشفت جائحة «كوفيد 19» عن حالات التضامن الإنساني والبحث عن المصير المشترك، فإنها كشفت كذلك أهمية إسكات البنادق في مواجهة تلك التعبئة الخاطئة في مجال العسكرة وتنامي الاهتمام بالأبعاد الأمنية على حساب الأخرى الإنسانية، وهو ما أنتج في النهاية ضعفا وأزمات سياسية وأمنية واقتصادية أثرت في الجاهزية الدولية لمواجهة الأوبئة والأمراض المعدية إلى جانب باقي القضايا ذات الأولوية المشتركة.
ويجب أن تكون الدولة على يقظة دائمة من مخططات التيارات الإرهابية والمتطرفة واستنادا على وعي الشعب بالمخاطر التي تمثلها.
ويُتوقع أن تحاول كافة التيارات المتطرفة سواء ذات الأبعاد الدينية أو اليمينية ومن كافة الشرائع السماوية أن توظف تلك الجائحة في انتهاك سيادة الدولة، وإحداث الفوضي التي تمكنهم من امتلاك السلطة، والتي تعني صعود التطرف والعنصرية بكافة أشكالها، إلا أن هذا المخطط قد تم افساده شعبيا قبل ان يكون سياسيا تحت طائلة جائحة «كوفيد 19»، والتي اثبتت قبل كل شيئ مركزية الانسان كمحور للسلطة والحكم، وان الابعاد الانسانية هي ركيزة مهمة في الحضارة المعاصرة في ظل مكتسبات الثورة العلمية والتكنولوجية والتي جعلت من العالم قرية واحدة وذكية ودائمة التواصل والتأثير.
وأن حالة الفوضى في النظام الدولي والتي تتسبب بها صراعات القوى الكبري ستمثل وقودا لإعادة الاعتبار للمؤسسات الدولية والقانون الدولي، وإنشاء قواعد جديدة تحافظ على المناعة البشرية من الأمراض المعدية وأخرى تحافظ على الأمن الإنساني، ومحاولة إنتاج لقاح ناجع لجائحة التطرف والحد من انتشاره، وتشكيل مناعة أخرى للمجتمعات ضده حينئذ سيسود التسامح مقابل التطرف ليس باعتباره اختيارا بل أمرا حتميا للحافظ على الوجود البشري.