رؤى

هل يوقف كورونا التوسع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية؟!

تقرير للايكونيمست من القدس المحتلة

عرض وترجمة: أحمد بركات
ست سنوات انقضت على الحوار الأخير الذي جمع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين دون أن تلوح في الأفق أي بادرة نهاية لحل القضية الفلسطينية أو حتى لتخفيف حدة التوتر المتواصل بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، لكن أزمة تفشي كوفيد – 19 خلقت ما وصفه نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة في المنطقة، بأنه «نماذج ملهمة» للتعاون.

تعاون مرحلي بسبب كورونا

على سبيل المثال، في 19 مايو، سمحت إسرائيل لطائرة من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي لا تربطها بها أية علاقات رسمية، بتوصيل إمدادات طبية إلى الفلسطينيين. كما قامت إسرائيل نفسها بتدريب أطباء فلسطينيين، وتحققت من وصول أدوات الاختبار والحماية إلى الأراضي المحتلة. علاوة على ذلك، تخطط الحكومة الإسرائيلية لمنح قرض للسلطة الفلسطينية  التي تدير الضفة الغربية. «إن الاعتراف بحاجة الطرفين إلى بعضهما البعض يمكن – في حال توافر الإرادة السياسية – أن يُترجم إلى تقدم ملموس نحو حل النزاع»، كما يأمل ملادينوف.

هل هناك تعاون فلسطيني إسرائيلي لمواجهة كورونا؟

ومع ذلك، ربما تقود الحكومة الجديدة في إسرائيل، التي أدت اليمين في 17 مايو، إلى وضع نهاية دراماتيكية لهذه الفترة من التعاون. فبعد ثلاثة انتخابات، وأكثر من عام من الجمود السياسي، توصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى اتفاق مع منافسه السابق بيني جانتس، حول تقاسم السلطة يقضي ببقاء الأول في منصبه حتى نوفمبر 2021 ليتولى بعده جانتس – رئيس الوزراء البديل حاليا – مقاليد السلطة. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو كيف ستمضي الحكومة الائتلافية الإسرائيلية الجديدة قدما في عملية ضم الأراضي. لقد وعد نتنياهو بتمديد السيادة الإسرائيلية على حساب أراض من الضفة الغربية يعتبرها الفلسطينيون جزءا لا يتجزأ من دولتهم المستقبلية. ووفقا للاتفاق داخل الائتلاف الإسرائيلي، يستطيع نتنياهو إجراء تصويت على ضم الأراضي داخل مجلس الوزراء أو البرلمان في أي وقت بعد 1 يوليو، كما يجب أن توافق الولايات المتحدة الأمريكية على أي خطوة.

بنيامين نتانياهو وبيني غانتس يتفقان على تشكيل حكومة وحدة

كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد منح دفعة قوية لنتنياهو في يناير الماضي، عندما أعلنت الإدارة الأمريكية عن خطة سلام تضع القدس بأكملها تحت السيطرة الإسرائيلية، إضافة إلى أجزاء من الضفة الغربية – حيث تمتلك إسرائيل عشرات المستوطنات – ووادي الأردن بأكمله. وفي خطابه الافتتاحي، بدا نتنياهو  متحمسا «لكتابة فصل جديد من الأمجاد في تاريخ الصهيونية». لكنه في الوقت الحالي يركز بقوة على إعادة «الوظائف، الوظائف، الوظائف» إلى اقتصاد تضرر بشدة بسبب الفيروس المستجد (إضافة إلى مواجهة تهم الفساد في محاكمة بدأت في 24 مايو). كما أنه لم يحدد جدولا زمنيا لضم الأراضي، وعندما تحدث إلى وزرائه الجدد بهذا الشأن لم يدرجه كأولوية. «كانت حيلة ذكية استخدمها نتنياهو لحشد قاعدته؛ وقد نجحت. لكنني لا أعتقد أنه سيمضي بها قدما. ربما سيكتفي بضم رمزي لبضع مستوطنات» كما يقول أحد الوزراء.

https://youtu.be/T2QGOlMhKBg

ترامب يعلن القدس عاصمة إسرائيل

في الوقت نفسه، يبدو شركاء نتنياهو الجدد أيضا حذرين للغاية بهذا الشأن. في هذا السياق، يصف جابي أشكنازي، وزير الخارجية (وحليف جانتس) خطة ترامب بـ «الفرصة التاريخية»، لكنه يؤكد أن إسرائيل سوف تمضي «بمسئولية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على اتفاقات السلام ومصالح إسرائيل الاستراتيجية». كما أعرب أشكنازي عن قلقه بشأن الأردن التي تربطها بإسرائيل علاقات سلام وتمثل موطنا لملايين الفلسطينيين. لكن ما يثير قلق العاهل الأردني، الملك عبد الله، هو أن سياسة إسرائيل في ضم الأراضي سوف تقضي تماما على أي أمل في حل الدولتين، وتثير غضب رعاياه الفلسطينيين.

جابي أشكنازي، وزير الخارجية الإسرائيلي

غضب فلسطيني

من ناحية أخرى يريد أنصار نتنياهو من زعيمهم أن يمضي قدما في الوقت الذي لا يزال فيه ترامب في منصبه. برغم ذلك، فقد بدا البيت الأبيض في الآونة الأخيرة أقل حماسا بشأن الضم، وذلك بسبب بعض الضغوط التي مارسها القادة العرب. ففي زيارته الأخيرة إلى إسرائيل في 13 مايو، أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أن نتنياهو وجانتس، القائد العسكري السابق الذي يعارض الضم من جانب واحد، «سيتعين عليهما أن يجدا طريقهما للمضي قدما معا». كما يؤكد دبلوماسيون إسرائيليون أن الإدارة الأمريكية طالبت نتنياهو بتعليق الأمور في الوقت الراهن. ويأمل البعض في اليمين الإسرائيلي أن يدفع ترامب، الذي يستعد بقوة للسباق الانتخابي على مقعد الرئاسة الأمريكية في نوفمبر القادم، في اتجاه الضم من أجل كسب أصوات الإنجيليين واليهود اليمينيين.

من جانبهم يشعر الفلسطينيون بغضب عارم. في هذا السياق، يقول محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، أن بند الضم في اتفاق الائتلاف الإسرائيلي يعني أن السلطة الفلسطينية لم تعد ملزمة باتفاقاتها مع إسرائيل. رغم ذلك، فقد أدلى عباس بتصريحات كهذه من قبل، لكنه لم ينفذ منها شيئا على أرض الواقع، على سبيل المثال  تهديده بإنهاء التعاون الأمني مع إسرائيل. في الوقت نفسه، لا يزال العمل المشترك في مواجهة تفشي وباء كورونا مستمرا. وقد انخفضت معدلات الوفاة الناجمة عن هذا الوباء في الجانبين. «يمكنني العمل مع زملائي الإسرائيليين لمواجهة فيروس كورونا من أجل صحة شعبي»، كما يقول أحد الأطباء الفلسطينيين. ويضيف: «لكن ذلك لا يغير من واقع الاحتلال القبيح شيئا».

محمود عباس، يعلن الانسحاب من جميع الاتفاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock