ماجي هابرمان – مراسلة صحيفة The Times في البيت الأبيض، وعضو الفريق الفائز بجائزة بوليتزر عام 2018 عن كتابة تقارير عن مستشاري دونالد ترمب وعلاقاتهم بروسيا.
تشارلي سافيج – مراسل صحيفة The New York Times في واشنطن. حائز على جائزة بوليتزر، ومؤلف كتاب Power Wars (2015).
عرض وترجمة: أحمد بركات
اتهم الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وأعضاء من إدارته، الحركة اليسارية المتطرفة (أنتيفا) بالمسؤولية عن أعمال العنف التي شهدتها البلاد في نهاية الأسبوع الماضي، لكن من غير المؤكد ما إذا كان هذا الاتهام سيؤدي إلى إجراء حقيقي.
الرئيس الأميركي، دونالد ترمب
وكتب الرئيس الأميركي على حسابه على موقع «تويتر» يوم الأحد الماضي (31 مايو)، أن الولايات المتحدة سوف تصنف حركة النشطاء اليسارية المتطرفة المناهضة للفاشية كمنظمة إرهابية، وهو الإعلان الذي لا يستند إلى أي سند قانوني، في الوقت الذي تسعى فيه إدارته إلى تحميل الحركة مسؤولية الاحتجاجات العنيفة التي اجتاحت البلاد في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
The United States of America will be designating ANTIFA as a Terrorist Organization.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) May 31, 2020
وبحسب ترمب فإن الولايات المتحدة الأميركية سوف تصنف (أنتيفا) كـ «منظمة إرهابية» إذ اعتاد بصورة دورية توجيه الانتقادات إلى الحركة، التي يعد اسمها اختصارًا لكلمة anti-fascist بمعنى مناهضة الفاشية، والتي ارتبط اسمها بمحتجين يساريين متشددين انخرطوا في أعمال عدوانية مثل التخريب المتعمد للممتلكات.
لكن، من غير الواضح إذا ما كان إعلان الرئيس الأميركي سيكون له أي مردود حقيقي بخلاف محاولاته النمطية المتكررة لإثارة جدل الحرب الثقافية، وتشتيت الانتباه، وإرضاء قاعدته المحافظة، فحركة (أنتيفا)، ليست منظمة في المقام الأول، إذ لا يوجد لها قائد بعينه، أو أعضاء منوط بهم القيام بأدوار معينة، أو هيكلية مركزية محددة؛ وإنما هي حركة غامضة ليس لها أي شكل تنظيمي، وتضم أعضاء يتبنون آليات احتجاجية وأهدافًا مشتركة.
منظمة (أنتيفا)
والأهم من ذلك هو أنه حتى إذا كانت (أنتيفا) منظمة حقيقية، فإن القوانين التي تسمح للحكومة الفيدرالية بوصم الكيانات المختلفة بالإرهاب، ومن ثم فرض عقوبات عليها، تقتصر فقط على الجماعات الأجنبية، ولا يوجد أي قانون يتعلق بالإرهاب المحلي، برغم تواتر المقترحات بتشريع قانون لهذا الغرض.
في هذا السياق، تؤكد ماري ماكورد، الرئيس السابق لوحدة الأمن القومي بوزارة العدل، أنه «لا يوجد أي سند قانوني يسمح بذلك، وفي حال تمرير قانون كهذا فإنه سيتعارض بشكل مباشر مع التعديل الأول». وتضيف: «أما الآن فإن السلطة القانونية المتاحة لتصنيف أي منظمة كمنظمة إرهابية فتتعلق بالمنظمات الأجنبية فقط».
ماري ماكورد، الرئيس السابق لوحدة الأمن القومي بوزارة العدل الأمريكية
وينص التعديل الأول للدستور الأميركي على حرية التعبير وحرية الصحافة، في إطار حماية الحريات الأساسية.
وفي تحقيقات الإرهاب المحلي الخاصة بالمنظمات النازية الجديدة، مثل «شعبة الأسلحة النووية» (Atomwaffen) و«مجموعة القاعدة» (Base)، وغيرهما، فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي يتعامل معها باعتبارها منظمات إجرامية.
«شعبة الأسلحة النووية» (Atomwaffen)
ومع ذلك، ففي بيان أعقب تغريدة ترمب، قال النائب العام الأميركي، ويليام بار، إن مكتب التحقيقات الفيدرالي سوف يستخدم شراكته مع شرطة الولاية والشرطة المحلية لتحديد هوية المحتجين، الذين مارسوا أعمال عنف، والذين وصفهم بالإرهابيين المحليين.
«إن عمليات التحريض على العنف والقيام به التي مارستها (أنتيفا)، وجماعات أخرى مماثلة، فيما يتعلق بأعمال الشغب التي تجتاح البلاد هو إرهاب محلي، وسيتم التعامل معه وفقا لذلك»، كما قال النائب العام الأميركي.
لكن «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» دان في بيانه تعهد الرئيس الأميركي بتصنيف (أنتيفا)، وقالت هينا شمسي، مديرة مشروع الأمن القومي التابع للاتحاد، والتي ألقت البيان إنه «كما تُبين هذه التغريدة، فإن الإرهاب يمثل تسمية سياسية بطبيعته»، وأضافت: «ليس هناك أي سند قانوني لوصم جماعة محلية بالإرهاب. وأي محاولة لفرض هذا التصنيف سوف تثير مخاوف بشأن الإجراءات القانونية الواجبة والتعديل الأول».
تبدو تغريدة الرئيس ترمب جزءًا من جهود تبذلها إدارته لإلصاق تهمة العنف الذي يجتاح البلاد، بالنشطاء اليساريين المتشددين في أعقاب مقتل المواطن الأسود جورج فلويد على يد أحد أفراد الشرطة في مدينة مينيابوليس، الأسبوع الماضي.
وألقى مستشار الرئيس ترمب للأمن القومي، روبرت أوبراين، يوم الأحد الماضي، باللائمة على هؤلاء النشطاء في مداخلات مع شبكتي CNN وABC الإخباريتين، وقال إنه لم ير شيئا يدعم التقارير الصادرة عن وزارة الأمن الداخلي ووسائل الإعلام الإخبارية بمشاركة الجماعات اليمينية المتشددة في تأجيج العنف.
روبرت أوبراين
وقال أوبراين في برنامج This Week على شبكة ABC الإخبارية، إن مكتب التحقيقات الفيدرالي بحاجة إلى «وضع خطة» للتعامل مع (أنتيفا): «الآن، أعتقد أن الرئيس والنائب العام، يريدان أن يعرفا ما الذي يقوم به مكتب التحقيقات الفيدرالي لمراقبة (أنتيفا)، ووقف نشاطاتها، والقضاء عليها، ومحاكمة أعضائها»، وأضاف: «هذه ليست المرة الأولى التي يتواجدون فيها، أنهم يستخدمون تكتيكات عسكرية، ويجوبون البلاد للاستفادة من هذه الأوضاع لإحراق مدننا».
إن افتقاد ترمب للشرعية القانونية التي تخوله إعطاء تعليمات إلى إدارته بتصنيف المجموعة كمنظمة إرهابية محلية لا يهم مؤيديه الذين أشادوا بتغريدته، كما أن أحد مستشاريه أكد أن قمع الاحتجاجات يمثل عملا مهما على المستوى السياسي للرئيس، قبل خمسة أشهر فقط من موعد الانتخابات الرئاسية.
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا