لورا بولمان – مراسل صحيفة «صنداي تايمز» في نيويورك
جوش جلانسي – مراسل صحيفة «صنداي تايمز» في واشنطن
عرض وترجمة: أحمد بركات
مع انتشار الحديث في الولايات المتحدة عن مواجهات خطيرة سوف تشهدها البلاد في أعقاب الانتخابات الأمريكية في 3 نوفمبر القادم، وترويج ترمب لمزاعم تؤكد أن هذه الانتخابات لن تكون سوى «عملية تزوير غير مسبوقة في تاريخ البلاد»، يبدو كريس هيل – المسلح والمتأهب للعنف- مستعدا تماما لمواجهة الأسوأ من أجل دعم الرئيس ترمب. «سوف نمضي إلى أي مكان يجب أن نكون فيه، وأينما تكون نقطة الانطلاق سوف نكون مزودين بما يكفي من السلاح والخطط والإمدادات»، كما قال هيل، البالغ من العمر 45 عاما، من منزله بالقرب من أتلانتا.
يحمل هيل – الذي يلقب بـ Blood Agent (عميل الدم) – وشما على ذراعه ويرتدي البزة العسكرية، ويصطحب الأعضاء لأداء تدريبات ميدانية كل شهر. «نستعد لأي سيناريو مأزوم»، كما يقول هيل، الأب لطفلين، والذي يعمل كمساعد محامي. ويضيف: «نقوم بتدريبات بدنية، وتدريبات على البقاء على قيد الحياة في الظروف الصعبة، ونتعلم المهارات الخاصة بجنود المشاة، والتكتيكات العسكرية، وأساليب العمل الأمني والعسس والحراسة، كما نتدرب على الرماية وتقديم الإسعافات الأولية الطبية المنقذة للحياة».
كريس هيل
الدماء ستسيل إذا ألغيت تراخيص حمل السلاح
«يجب أن تكون قادرا على الصيد في البر والبحر، ونصب الفخاخ والشباك، وزراعة المحاصيل.، إذ لا يمكنك أن تخوض حربا بمعدة خاوية. ونطور جميعا أسلحتنا دائما. كما أننا نعمد إلى تخزين ما نحتاج إليه من طعام ومياه وذخيرة بما يفي بحاجتنا للدفاع عن أنفسنا وعن بلدنا ضد استبداد الحكومة».
لقد احتجت المجموعة المناهضة للمهاجرين وللمسلمين على بناء مسجد، واحتشدت من أجل حماية المقابر الكونفدرالية. ويتمثل الخوف الأكبر الذي يساور هيل في مجيء رئيس جديد يجور على حقه في حمل السلاح: «إذا فاز بايدن وحاول نزع البنادق نصف الآلية على مستوى البلاد، فإن هذا لن يمر بسلام، وسوف تسيل على إثره الدماء».
ويزعم هيل أنه في جورجيا وحدها يوجد حوالي 400 أمريكي (من مليشيا Three Percenters اليمينية المتشددة) يملكون ما لا يقل عن 1000 بندقية، وأكثر من 150 ألف طلقة ذخيرة.
كريس هيل وميليشياته
وقال إن الانتخابات الفاسدة سوف تكون أشبه بـ «لحظة لكسينجتون وكونكورد»، في إشارة إلى المعارك التي اندلعت في عام 1775 في بداية حرب الاستقلال الأمريكية، وهو الصراع الذي تستمد منه جماعته المليشياوية اسمها، على اساس ادعاء مختلف علي صحته بأن 3% فقط من المستوطنين الأمريكيين كانوا يحملون السلاح في مواجهة حكم بريطانيا العظمى.
هذا النسخة المعدلة القابلة للاشتعال من أساطير نشأة أمريكا يغذيها جنون العظمة الذي يبثه ترمب بقوة. لقد استغل الرئيس الإقبال على التصويت البريدي بسبب الإغلاق ليحذر من أن عملية تزوير كبرى تقبع بالانتظار. وفي يوم الاثنين، 22 يونيو، غرد ترمب عبر حسابه على موقع تويتر مؤكدا أنه «بسبب الاقتراع عبر البريد، فإن عام 2020 سيشهد أكبر عملية تزوير انتخابات في تاريخ الولايات المتحدة». وأضاف: «انتخابات 2020 المزورة: ستقوم دول أجنبية وآخرون بطباعة ملايين من بطاقات التصويت عبر البريد. ستكون فضيحة هذا العصر!».
في اليوم التالي، في غمار الحملة الانتخابية في أريزونا، أخبر ترمب مؤيديه أن الانتخابات القادمة ستكون «الانتخابات الأكثر فسادا في تاريخ بلادنا. لا يمكن أن نسمح بحدوث ذلك». الرئيس نفسه مسجل للتصويت في فلوريدا عبر التصويت الغيابي، وقد شجع خبراء الصحة العامة في إدارته على التصويت عبر البريد «بسسب مخاطر انتشار عدوي كورونا بين الأمريكيين». لكن هذا لم يمنع ترمب من تأجيج النيران؛ فقد قدم 60 ادعاء كاذبا عن بطاقات الاقتراع البريدية منذ أبريل الماضي، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
ويفسر منتقدو الرئيس دوافعه وراء الترويج لهذه الأباطيل بما تشير إليه استطلاعات الرأي في أنه يتخلف عن بايدن بنسبة حوالي 10% من النقاط بعد تجمع لم يحضره إلا عدد قليل في أوكلاهوما في في يومي 20 و21 يونيو، وفي أعقاب نشر جون بولتون، مستشار ترمب السابق للأمن القومي، مذكراته التي تدين ترامب في كثير من المواقف.
جون بولتون، مستشار ترمب السابق للأمن القومي
هل يعد ترمب نفسه وأنصاره للهزيمة بعد تراجعه اللافت في تقييمات استطلاع الرأي، أم تراه يهيئ الأرض – بطريقة خبيثة – لصراع على نتيجة الانتخابات؟
لقد أشار بايدن إلى أن ترمب قد يرفض مغادرة البيت الأبيض في حال هزيمته. «إنه أكثر ما يثير مخاوفي.. بل هو خوفي الوحيد والأكبر على الإطلاق. سيحاول هذا الرئيس سرقة هذه الانتخابات»، كما قال بايدن في غضون شهر يونيو.
جو بايدن
وأشار بيتر نيكولاس، الكاتب السياسي في مجلة «أتلانتيك»، في مقال نشر قبل أيام إلى أن ترمب كان دائما ما يخرق القانون، وتساءل: «هل يمكن أن يحترم ترمب واحدا من أهم المعايير الديمقراطية في البلاد – وهو الانتقال السلمي للسلطة – إذا كان ذلك يعني إقراره بالهزيمة؟».
بيتر نيكولاس
سيبدأ الكابوس، الذي يتصوره البعض، في ليلة الانتخابات. وعلى الرغم من أن الحسابات معقدة للغاية – بسبب عدد الولايات ووزنها النسبي في نظام المجمع الانتخابي – إلا أن الفائز يبدأ عادة في الظهور مع إغلاق آخر صناديق انتخابية في الساحل الغربي. لكن.. ماذا إذا استغرق حساب الأصوات وقتا أطول بكثير من المعتاد، في ظل شيوع التصويت البريدي هذا العام أكثر من ذي قبل؟
«يكمن التخوف الكبير في أن ترمب يمكنه استخدام الفترة الممتدة من ليلة الانتخابات إلى الإعلان النهائي عن الفائز في كل ولاية ليدعي وقوع تزوير، وليحاول بث اعتقاد بأن حساب الأصوات يجري على نحو ما بطريقة غير محايدة»، كما قال ريك هاسين، أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، إيرفين، ومؤلف كتاب Election Meltdown: Dirty Tricks, Distrust and the Threat to American Democracy (الانهيار الانتخابي: الحيل القذرة وانعدام الثقة والتهديد للديمقراطية الأمريكية). اذيعتقد هاسين أن تزوير التصويت البريدي لايمثل ابدا شأنا ذا قيمة. «إذا نظرت إلى العدد الإجمالي للحالات تجده منخفضا، وقليل للغاية منها يمثل في الواقع مؤامرات لمحاولة سرقة الانتخابات مقارنة بفرد واحد يدلي بصوت لأحد أفراد أسرته أو شيء من هذا القبيل»، كما يقول هاسين.
الحرب الأهلية قد تكون مطروحة بقوة
ورغم ذلك، لا شك أن تحذيرات ترمب بشأن التصويت البريدي قد وصلت تماما إلى مؤيديه وجماعاته المليشياوية اليمينية المسلحة. «من الواضح أنهم في اليسار يريدون فقط أن يفوزوا، ولا يعنيهم كيف يحققون هذا الفوز. ليس مهما مَن يدلي بالأصوات، وإنما مَن يحسبها، أليس كذلك؟»، كما يقول ستيوارت رودس، مؤسس منظمة «حُرًاس القَسَم»، وهي منظمة أمريكية يمينية متشددة مناهضة للحكومة وترتبط بحركة مليشياوية، وينظر أعضاؤها إلى أنفسهم باعتبارهم حراسا للدستور.
ويخطط رودس، البالغ من العمر 55 عاما، وأعضاء منظمته لحراسة مراكز الاقتراع في يوم 3 نوفمبر في محاولة للقضاء على أي سلوك مشبوه. «سوف نذهب سرا، ونفتش عمن نعتقد أنهم يُزَورون الانتخابات»،
ستيوارت رودس
كما قال المقاتل المخضرم في فرقة القوات الأمريكية المحمولة جوا، وخريج كلية الحقوق بجامعة ييل، والذي يعيش حاليا في مونتانا. «إننا نبحث عن مؤشرات تدل على أن لديهم أفرادا غير أمريكيين يُدلون بأصواتهم. يمكننا الذهاب ومنع هذا السلوك بأن نجعل الجميع يعرفون بأننا حاضرون للمراقبة. سنقوم بتسجيل كل ما يعملونه بالفيديو ونحيل المقاطع المصورة إلى سلطات تطبيق القانون».
وأضاف: «إذا فاز بايدن، فإن احتمال الحرب الأهلية سيكون مطروحا بقوة، إذ ماذا بإمكانك أن تفعل إذا كان لديك الملايين ممن ينكرون تاريخنا ويرفضون دستورنا ويريدون فرض الماركسية على بلادنا. إننا نتجه صوب صراع محموم».
في هذا العالم من الجماعات الوطنية اليمينية المتشددة، تَرُوج النظريات التي تقول إن الملياردير الليبرالي جورج سوروس يمتلك الشركة التي تدير ماكينات التصويت، ومن ثم فإن بإمكانه تحديد نتيجة الانتخابات. وتوثق هذه النظريات جناة آخرين يتدخلون أيضا في العمليات الانتخابية، مثل «أنتيفا» (وهي حركة يسارية متشددة مناهضة للفاشية)، ونشطاء حركة Black Lives Matter (حياة السود مهمة)، والمهاجرين غير الشرعيين.
الملياردير الليبرالي جورج سوروس
«ترتكز الرؤية الكونية للحركة المليشياوية على نظريات المؤامرة، لذلك فإنه من السهل على أعضائها أن يعتقدوا أن الانتخابات سيجري تزويرها لضمان فوز مرشح ديمقراطي، أو حتى مجرد مرشح من قبل إحدى المؤسسات»، كما يقول مارك بيكتافيج، كبير الباحثين في «مركز مكافحة التطرف» التابع لـ «رابطة مكافحة التشهير».
رغم ذلك، يعتقد بيكتافيج أنه من غير المرجح أن تصعد الجماعات المليشياوية من استخدام العنف بعد هزيمة ترمب. «إذا أخذنا في الاعتبار أنماط العنف في الداخل على مدى السنوات الخمسة والعشرين الماضية، سنجد في الغالب حوادث متفرقة من استخدام العنف قام بها أفراد، أو مجموعات صغيرة غير رسمية، أو أناس انفصلوا عن مجموعات رسمية منظمة للقيام بشيء أكثر راديكالية أو عنفا»، كما يؤكد بيكتافيج.
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا