كتب: جيمس بيكرتون
ترجمة وعرض: تامر الهلالي
تعمل الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، بوعي لتقويض تماسك المجتمعات الغربية، لا سيما من خلال تعزيز الصراع بين المسلمين وغير المسلمين -مستفيدين من التهميش الذي يتعرض له بعض المسلمين في المجتمعات الغربية ومن صعود اليمين المتطرف-، هذا الرأي هو رأي داعية سابق في تنظيم القاعدة
جاء ذلك في حوار ل «جيسي مورتون» مع صحيفة اكسبريس البريطانية.
مورتون هو أمريكي اعتنق الإسلام وشارك في تأسيس جماعة Revolutionary Muslim «المسلم الثوري» في مدينة نيويورك ، وهي مجموعة قال إنها سعت إلى «تبني سردية تدعم معتقدات منظمة القاعدة علناً».
جيسي مورتون
بعد الانخراط بسنوات وأثناء وجوده في السجن ، انقلب مورتون على معتقداته السابقة، وتخلّى عن الأصولية الإسلامية ويدير الآن منظمة تدعى «Parallel Networks» «الشبكات الموازية»، وهي مجموعة مناهضة للتطرف تعمل على وقف جذب الناس إلى التطرف
يقوم مورتون حالياً بتحرير مجلة Ahul-Taqwa ، «أهل التقوى» وهي مجلة على الإنترنت تعمل على مكافحة سرديات الجماعات الاسلامية المتطرفة، علاوة على احتواء المجلة على سلسلة إذاعية مسجلة تعرف باسم «Light Upon Light» «نور على نور».
انهيار من الداخل
روى في حديثه لـصحيفة «إكسبريس» عن تكتيكات جماعات مثل القاعدة.
يقول مورتون. «أسامة بن لادن يشن حرب استنزاف..لم يكن بن لادن يرى نفسه على أنه قادر على محاربة الغرب عسكريًا، بل رأى نفسه قادرًا على إحداث انهيار من داخل مجتمعاتنا».
أسامة بن لادن
و تابع: «الحقيقة أننا نخوض الآن صراعًا ضد التطرف اليميني، وتشير المؤشرات التي ننتقل إليها الآن إلى مستويات موازية من التطرف اليساري، ما يشير إلى التفتت مجتمعاتنا وامكانية جعل الديمقراطيات الغربية غير صالحة للعمل»
و يرى مورتون أنه «فيما يتعلق بالجهاديين، فان انكماشا اقتصاديا كبيرا، يستفيدون منه في الصعود والسيطرة على المنطقة الإسلامية بأكملها».
و قبل تأسيس جماعة «المسلمين الثوريين» كان مورتون متورطًا مع جماعة «المهاجرون»، وهي جماعة إرهابية. بريطانية تتبنى فكر تنظيم القاعدة، وقد تم حظرها بعد ذلك، مع عدد من الأسماء المستعارة لها.
مورتون مع جماعة «المهاجرون» في بريطانيا
طفولة قاسية
و شرح مورتون كيف لعبت الصدمات النفسية الشخصية، بما في ذلك التعرض للإساءة والانتهاك النفسي والبدني منذ الطفولة، دورًا رئيسيًا في تحوله إلى الإسلام الأصولي.
قال مورتون.: «أعتقد أننا نتعلم المزيد والمزيد عن أولئك الذين هم عرضة للتطرف، وعن العلاقة بين تجربة الطفولة القاسية و تعرض الفرد لصدمات نفسية واجتماعية و كيف لتلك الظروف المساهمة في الاقتناع بوجهة النظر الساذجة التي يقدمها المتطرفون من خلال القائمين على التجنيد.»
ويتابع” أعتقد أن حالتي هي نموذج للحالات التي يجب تتبعها من مرحلة الطفولة حيث كان هناك الكثير من الإساءات والانتهاكات الجسدية في المنزل، دفعتني إلى الهرب في سن السادسة عشرة والتوجه إلى نوع من حياة الشارع. تلك العقلية الإجرامية التي تنبتها حياة الشوارع كانت معارضة بشدة للعالم الذي عشت فيه، و كنت على استعداد كبير لتمزيقه من أجل بناء شيء أكثر ملاءمة لمصالحي الشخصية».
في حياته الجديدة، تعلم مورتون «كيفية بيع المخدرات» وتم حبسه في سن 18 عامًا.
مورتون
خيانة المجتمع
في السجن، قرأ مورتون السيرة الذاتية لمالكولم إكس عدة مرات، وتنامى لديه حينها لأول مرة اهتمامًا بالإسلام.
وتابع مورتون: «ثم بدأت بقراءة القرآن، قبل وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر بسبب حقيقة أنني ما زلت أعيش نفس نمط الحياة الذي تم سجني فيه مرة أخرى.»
هجمات 11 سبتمبر
ويروي «بعد يوم واحد من اعتناق الإسلام رسمياً، تم اعتقالي في ريتشموند بولاية فرجينيا، وسُجنت مع أحد المجاهدين الأفغان ضد السوفيت، علمني ذلك الرجل أكثر عن القرآن، وعلمني كيف أصلي، وعلمني الفرائض الأساسية الخمسة للإسلام».
وتابع «في الوقت الذي قال فيه جورج بوش أنك إما معنا أو كنت مع الإرهابيين، كنت أكره البلد الذي ولدت فيه، وتأثرت إلى حد كبير بالصدمات التي تعرضت لها و رفضت شعوري وكأنني أنتمي إلى المجتمع الذي خانني من خلال عدم حمايتي، ثم اعتنقت تلك العقلية وبدأت أبحث عبر الإنترنت عن ما ينشره تنظيم القاعدة في سردياته».
«قادني ذلك إلى أن أصبح واعظًا في شوارع هارلم في نيويورك، حيث دعوت الناس لأول مرة إلى معارضة حرب العراق، ودعاهم إلى اعتناق الإسلام، ثم التوجه للقاء أعضاء شبكة المهاجرين الذين كانوا يعملون في مدينة نيويورك».
وتابع «دشنت جماعتي الخاصة في بروكلين. واعتقدت أن تنظيم «المهاجرون» كان ضعيفاً بعض الشيء في عدم دعوته علناً لنوع الإيديولوجية التي تتبناها القاعدة».
محتوى عاطفي
ويروي مورتون ، الذي أسس «أول مجلة جهادية على الإنترنت باللغة الإنجليزية☼، كيف استخدمت مجموعته محتوى عاطفياً لجذب المؤيدين.
وأكد: «كنا نعلم أن الخطب الطويلة لمنظري القاعدة التي تنطلق من. الكهوف في أفغانستان لن تجدي نفعاً مع جمهور الشباب الغربي ، وما فعلناه هو أننا أخذنا المحتوى و المعلومات ولكننا جعلناه في مجلة جهادية باللغة الإنجليزية».
و تابع «عملنا على تزويد المحتوى بمحتوى مصور قوي جدًا وقللنا مساحات النص، بهدف أن تسهل تلك المجلات ومقاطع الفيديو المرتبطة بها الاتصال بموقعنا الأساسي الذي يحتوي على كل المحاضرات والتسجيلات علاوة على غرف محادثة تعمل على مدار الساعة»
و روى «بالعودة إلى اليوم الذي كان بإمكاننا أن نبث محتوى خاص بنا علنًا على YouTube، كان يمكنك أن ترى أرقام مشاهدات تتخطى العشرة آلاف والمائة ألف، وبخاصة إذا كان المحتوى عاطفياً و تعلمنا كيف نزيد من وتيرة الجذب من خلال العمل».
مجلة «أهل التقوى»
جاذبية العنف
يتابع مورتون «كنا نعمل على الإصدارات التي كانت في المنتديات الجهادية باللغة العربية وتراوحت مدتها بين ساعة ونصف الساعة ، لبعض «الشهداء» الذين فجروا أنفسهم في العراق، نأخذ من مثل تلك الفيديوهات الطويلة مقاطع مثيرة حقًا وعالية التأثير ، نعزلها ثم نقوم بترجمتها. وتحميلها ببساطة. حصدت مثل هذه الأشياء مئات ومئات الآلاف من المشاهدات»
و يشرح “لقد تعلمنا بوضوح تام أن الجاذبية هي للعنف أولاً. فالعنف يجذب الشخص أولاً ويجعله منفتحاً للتجاوب مع المحتوى الخاص بنا، تم إثارة فضوله ويدفعه ذلك إلى معرفة المزيد».
وأشار مورتون إلى أنه يواصل نشر بعض التقنيات التي تعلمها كمتطرف في عمله الجديد لمكافحة التطرف، على وجه الخصوص ، في مجلة «أهل التقوى»، حيث يحاول ان يتصدى بشدة للصور والمحتويات المحملة بمضامين قوية وعاطفية.
وبالإشارة إلى عمله السابق، أوضح: «من المهم جدًا فهم منهجية تجنيد المتطرفين لأن كل ما نقوم به لمواجهته ينتهي بالفعل في الاتجاه المعاكس. نحن لم نكن نستهدف او نعتمد الجدل العقلاني، على الأقل ليس في المراحل الأولى، ما استهدفناه كان عاطفيًا واعتمد بشكل أساسي على التواصل الروحي».
تعريف بالكاتب:
جيمس بيكرتون: محرر بصحيفة اكسبريس البريطانية
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا