منوعات

دراسة أمريكية: أصحاب الميول المحافظة الأكثر وقوعا في فخ الشائعات

ميول الشخص أو معتقداته السياسية تلعب دورا محوريا في مدى قابليته للوقوع في فخ الشائعات والأخبار المغلوطة التي باتت منتشرة بشكل وبائي على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، حسب دراسة أخيرة أجرتها جامعة كاليفورنيا الأمريكية.

الدراسة وجدت دلائل عدة على أن الأشخاص ذوي النزعة المحافظة في ميولهم السياسية أو الاجتماعية هم الأكثر قابلية لتصديق الأخبار المغلوطة أو المعلومات الكاذبة، مقارنة بغيرهم من معتنقي الأفكار والتوجهات الليبرالية، خاصة إذا كانت تلك الأخبار تتعلق بمخاطر محتملة، ما يسهم في إمكانات التنبؤ مسبقا بالأشخاص الأكثر عرضة للوقوع في فخ هذه النوعية من الأخبار.

بدأ الباحثون بقيادة أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس “دانيال فيسلر” أبحاثهم قبل اتساع دائرة الانتشار والتأثير الواسع للأخبار المزيفة بالوتيرة المرعبة الحالية، ورغم ذلك فإن النتائج التي توصلوا إليها قد تساعد في تفسير سبب اتساع نطاق تأثير نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة على المواطنين ذوي التوجه المحافظ بوتيرة أكبر كثيرا من نظرائهم الليبراليين خلال حملات الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، ما يفسر تفوق حملة دونالد ترامب في أوساط جمهور المحافظين.

دانيال فيسلر

في المقابل، أفادت نتائج الدراسة أن القصص المزيفة والشائعات التي تستهدف الإثارة وإلهاب مشاعر الرأي العام التي تم تصميمها من حملة ترامب لجذب جمهور ليبرالي لم تنجح في الحصول على أعداد كبيرة من النقرات أو المشاركات المطلوبة على السوشيال ميديا، ما جعلها تخفق في جذب إعلانات كافية لاستمرارها عبر الإنترنت.

وفسر فيسلر رئيس الفريق البحثي للدراسة هذه النتائج بأن الناس أكثر ميلا للتأثر بالمعلومات عن المخاطر المحتملة مقارنة بالمعلومات عن ما قد يجنوه من فوائد، وهو نمط مفهوم بالنظر إلى أن تكلفة معالجة المخاطر غالبا ما تكون أعلى من تكلفة التحوط منها، فنحن ننحاز عادة إلى تصديق المعلومات بشأن المخاطر المحتملة للعمل على تفادي وقوعنا فيها، مضيفا: تخيل أحدهم يخبرك أن تناول الفطر الوردي سيقتلك، إذا تجاهلت تحذيره وكان على حق فسوف تموت، أما في حال صدقته واتضح بعدها أنه كان على خطأ، فخسارتك لن تتجاوز فقد بعض مكونات طبق السلطة.

وأشار فيسر إلى أن هذا التمايز بين ذوي الاتجاهات المحافظة وغيرهم ممن يعتنقون أفكارا ليبرالية لا يظهر بالقدر نفسه في رد الفعل إزاء الأخبار أو الشائعات التي تحدثهم عن فوائد محتملة أو مكاسب متوقعة. وتتفق الدراسة الأخيرة ونتائجها مع أبحاث سابقة تناولت الاختلافات النفسية بين المحافظين والليبراليين، وكيف تلعب سمات الشخصية والعوامل البيولوجية دورًا في التوجه السياسي، أظهرت أيضا أن المحافظين أكثر حساسية من الليبراليين إذا تعلق الأمر بالتهديد من أخطار محتملة، ما يعني أن الاستجابة للتهديدات تختلف تبعا للتوجه السياسي.

ويخلص فيسلر إلى أن “ذوي الميول السياسية والاجتماعية المحافظة لديهم في الأغلب اقتناع أن  السلامة تكمن في استمرار الوضع الراهن، فيما يرى الليبراليون الفرصة في التغيير، فإن من المرجح أن يتجاهل الليبراليون التحذيرات بشأن المخاطر فيما يصدقها المحافظون”. ويضيف: “عندما يتضح أن المخاطر كانت حقيقية فإن الليبراليين غالباً ما يعانون من عواقب تجاهل التحذيرات، بينما يعاني المحافظون في كثير من الأحيان من عواقب محاولة تجنب تهديدات غير حقيقية، ما يفوت عليهم فرص الانتاج و الابتكار”.

و اضاف فيسلر: في عصرنا المعقد والمتغير بسرعة يلزم أن نفحص بدقة ما يتم ترويجه لنا من معلومات، ما يساعدنا أن نتعامل بعقلانية وموضوعية مع كثير من الادعاءات المزعومة واسعة الانتشار.

تامر الهلالي

مُترجم وشاعر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock