فن

عبلة كامل: صاحبة مدرسة التلقائية والإتقان

عبلة كامل حالة فنية متفردة ومدرسة تمثيل مختلفة وخاصة جدا لن تتكرر، البعض يراها نموذج للتلقائية والبساطة و أراها انا نموذج للحرفة المُتقنه والصنعة الماهرة، عبلة رسام ماهر صنع لوحة شديدة الجمال حتى ظن الجميع انها منظر طبيعي و حقيقي، في حين انه مصنوع ولكن بمهارة ودقة عالية جدا.

 عندما ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي ظهر معها جيل ليلى علوي و الهام شاهين ويسرا، و بجوار الموهبة كان هناك الجمال والأنوثة والإغراء هو ما سمح لهن بالنجاح وتصدر افيشات السينما سريعا، وعبلة لن تجاريهم في هذه المنطقة بما لها من قائمة محظورات و ملامح ذات طبيعة خاصة، واختارت عبلة البساطة و الظهور بدون ماكياج وبملابس بسيطة وقد كان جواز مرورها لقلوب و ذاكرة الجمهور الذي رأى فيها الأخت والأبنه والحبيبة.

أحتفلت عبلة خلال الأيام الماضية بعيد ميلادها الـ 60 بعد رحلة فنية و مشوار حافل ومليء بالنجاح والإبداع بدأ عام 1985 بفيلم “وداعا بونابرت” والجزء الثاني من مسلسل ” الشهد و الدموع” واستمر حتى اخر عمل شاركت فيه  “سلسال الدم” عام 2018.

مشوار عبلة مليء بالمحطات الفنية الهامة و العلامات المميزة والتي لا يمكن ان يغفلها الجمهور مهما مر من سنوات، وكأن الدراما التليفزيونية والسينما كانت تنتظر ظهور عبلة حتى تقدمها وتضعها في افضل مكانه، حيث تصدرت افيشات السينما والتليفزيون في العديد من الأعمال حتى وإن كانت جاءت متأخره إلا انها جاءت واصبحت بطلة في وقت احتكر النجوم البطولة.

ولا توجد فنانة واحدة بطلة إلا عبلة ومنذ اخر عمل قدمته ابتعدت عن الساحة دون سبب مُعلن، و لهذا تساءل جمهور عبلة كامل عن سبب غيابها في السنوات الأخيرة و لأنها لم تفصح عن سبب الغياب ولا تُجيد التواصل مع الصحافة، حاول كثيرون التنبؤ بسبب الإبتعاد او الأعتزال، البعض ذكر ان الاعتزال هو قرار عبلة والاسباب دينية وأنها التزمت وارتدت الحجاب ولن تعود للفن مرة أخرى وهو أمر غير حقيقي.

ويبدو ان هناك ارتباط شرطي بين الاعتزال والأسباب الدينية منذ تسعينت القرن الماضي عندما اعلنت اكثر من فنانة اعتزال الفن و ارتداء الحجاب، ولكن المتابع لـ عبلة يعرف جيدا ان هذا الأمر غير صحيح لأنها ارتدت الحجاب بالفعل عام 2005 اثناء تصوير فيلم ” سيد العاطفي” و استمرت في تقديم اعمالها الفنية في السينما والتليفزيون بالحجاب والذي لم يعوقها عن العمل وتقبله منها الجمهور.

وبالتالي ليس هذا سبب الأعتزال أو الأبتعاد إن صح التعبير، في عام 2018 وبعد الأنتهاء من تصوير الجزء الخامس من “سلسال الدم” عرض المنتج وائل عبد الله على عبلة البدء في تصوير الجزء الثاني من مسلسل ” افراح ابليس” و الذي سبق وان قدمت جزءه الأول مع جمال سليمان عام 2009.

لكن عبلة رفضت المشاركة في الجزء الثاني والسبب هو أنها قدمت على مدار خمسة أجزاء عملا ينتمي للدراما الصعيدية هو “سلسال الدم” وغير منطقي أن تشارك الأن في الجزء الثاني من “أفراح ابليس” وهو ايضا دراما صعيدية وهي تبحث عن التنوع في الموضوعات وعدم التكرار وهنا لم يتطرق الحديث عن اعتزال او اي اسباب دينية للرفض.

عبلة كامل وجمال سليمان من أفراح إبليس
عبلة كامل وجمال سليمان من أفراح إبليس

ولكن الرفض كان لسبب منطقي وخاص بأختيارات عبلة الفنية هذا الرد أيضا ينفي أن يكون سبب الأبتعاد هو حالة من التشبع الفني يصل لها الفنان بعد تقديم العديد من الأعمال الناجحه والأدوار المميزة والتي بعدها يصل للزهد في العمل ولا يجد ما يستفز ملكاته و روح الفنان المتمرده بطبعها، و تم استبدالها بـ الفنانة صابرين واعتقد ان هناك سببين لإبتعاد عبلة عن الساحة الفنية في الفترة الاخيرة احدهم خاص بالمناخ العام والاخر خاص بها، المناخ العام اصبح طاردا للمواهب والأسماء الكبيرة واكتفت صناعة الدراما التليفزيونية خاصة مع الاحتكار بعدد محدود من النجوم والنجمات ومن أجلهم تًصنع الأعمال بعدد محدد من الكُتاب والمخرجين يتكرروا كل موسم.

ولا ننسى غياب توفيق عبد الحميد و من قبله ممدوح عبد العليم لسنوات قبل وفاته وايضا المخرج اسامة فوزي و محمد يس، وبالطبع عبلة باسمها وتاريخها لن تقبل بدور ثانِ وهامشي بجوار نجم او نجمة خاصة مع تراجع الأهتمام بدور الأم كمحور للأحداث و الأكتفاء به كدور ثانوي و مساعد للبطل، ومن حقها أن تحافظ على ما وصلت له من نجومية وتاريخ.

السبب الخاص بها، هو أنها طوال مشوارها الفني لم تحرص على التنوع في أدوارها، كل الأعمال التي قدمتها دارت في أطار بنت الطبقة الشعبية الفقيرة التي تبحث عن نفسها وتحاول تحقيق ذاتها او تقف بجوار حبيبها، التنوع كان في تفاصيل نفس الشخصية بين التراجيدي والكوميدي، بين الطيبة و الشريرة، لكن الكل في اطار واحد هو بنت الطبقة الفقيرة، الإختلاف كان نادرا جدا في لبيبه “امراة من زمن الحب” و شكران ” هوانم جاردن ستي” غير ذلك الكل يدور في اطار واحد وبالطبع فرص اختيار عمل جيد مع غياب التنوع تكون صعبة جدا.

عبلة كامل فنانة كبيرة وموهبة عظيمة لن تتكرر وغيابها عن الساحة الفنية خسارة كبيرة، نتمنى ان نراها على الشاشة في اقرب وقت وان يشفع لها تاريخها وموهبتها رغم بُعدها عن الشلة والعلاقات الشخصية التي اصبحت تُحدد من يعمل ومن يبتعد، من حق عبلة أن تُكتب وتُنفذ لها الأعمال فهي أفضل واهم من كثيرين تصدروا بلا منطق او سبب.

الست عبلة كما يُطلق عليها جمهورها “كل سنة وانتِ متألقة ومتوهجه و مُبدعه وبسيطة و جميلة”

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock