عرض وترجمة: أحمد بركات
ربما يواجه الرئيس ترامب قريبا نفس المشكلة التي واجهها آل جور في عام 2000 عندما خسر ولاية فلوريدا الحاسمة بهامش محدود للغاية بلغ حوالي 500 صوت فقط. في كل الأحوال، يبقى من الصعوبة بمكان إقناع القضاة بإلغاء عملية انتخابية بعد فرز الأصوات.
يرجع الفضل – أو ربما اللوم – في تحديد مصير الانتخابات الرئاسية في عام 2000 إلى أشهر قرار اتخذته المحكمة العليا في قضية بوش / آل جور، عندما أوقفت إعادة فرز بطاقات الاقتراع المثقوبة.
لقد لجأ المرشح الديمقراطي آنذاك، آل جور، إلى المحكمة للمطالبة بإلقاء نظرة جديدة على كل بطاقة اقتراع لم يتم حسابها في التصويت. وبالفعل، فاز آل جور أمام محكمة فلوريدا العليا (التي شهدت انقساما حادا حيال هذا الأمر) في 8 ديسمبر، أي بعد شهر من الانتخابات. لكن القضاة في واشنطن سارعوا بالتدخل لإغلاق عملية إعادة الفرز بأغلبية 5 إلى 4، معلنين فوز جورج دبليو بوش، لأن وقت التقاضي – كما أوضح القضاة آنذاك – كان قد انتهى.
وبعد عشرين عاما، سيقف عامل الوقت حائلا قانونيا ضد ترامب أيضا. لقد أنفق ترامب وقتا طويلا خلال هذا العام في الاحتجاج على التصويت عبر البريد باعتباره أمرا مثيرا للشكوك أو ينطوي على تزييف للحقائق، حتى برغم الوباء. لكنه فشل في وقف التصويت عبر البريد وفرز الملايين من بطاقات الاقتراع البريدية التي ساعدت نائب الرئيس جو بايدن على تحقيق التقدم منذ اليوم الأول في ولايات الغرب الأوسط الحاسمة.
والآن، سيحاول محاميو ترامب العثور على أسس قانونية لإلغاء هذه الأصوات. لكن كثيرا من الخبراء يعتقدون أن هذه المحاولات لن تفضي إلى شيء، حتى برغم سيطرة المحافظين على المحكمة العليا.
“يجب أن يكون هناك خرق واضح للقانون حتى تلجأ إلى المحكمة”، كما قال دونالد ماكجان، المستشار السابق بالبيت الأبيض. وأضاف: “يعتمد هذا على قانون الولاية وتوافر حقائق على الأرض”.
لكن ترامب لا يجد غضاضة في ذلك. “سنذهب إلى المحكمة العليا الأمريكية. نريد وقف التصويت”، كما قال لمؤيديه في البيت الأبيض في وقت مبكر من صباح الأربعاء.
وفي معرض الرد، أشار بوب بوير، مستشار بايدن الحالي، والمستشارالسابق في البيت الأبيض في ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، إلى أن هذا يمثل اعترافا صريحا من ترامب بأن الأصوات تتجه ضده. وأكد أن ترامب “يسعى إلى وقف عملية فرز الأصوات لأنه في طريقه إلى خسارة السباق الانتخابي”. وأضاف: “إنه يحاول الآن شق طريقه للعودة من غياهب الهزيمة. تلك هي نهاية المطاف لهذه الادعاءات ولدونالد ترامب”.
ولم يحدد الرئيس ترامب بوضوح الأسس القانونية التي يستند إليها في اللجوء إلى المحكمة العليا. لكن محامييه جددوا أمس الأربعاء شكواهم بأن المحكمة العليا في بنسلفانيا قد مضت أبعد مما ينبغي عندما سمحت بفرز بطاقات الاقتراع البريدية التي تصل حتى ثلاثة أيام بعد يوم 3 نوفمبر طالما أنها كانت في البريد بحلول يوم الانتخابات. وحتى الآن يواصل المسئولون عن الانتخابات في بنسلفانيا الإفادة بنتائج بطاقات الاقتراع التي وصلت بحلول يوم الانتخابات.
وفي نهاية الشهر الماضي، رفضت المحكمة العليا بتساوي الأصوات منع فرز هذه البطاقات المتاخرة في ولاية بنسلفانيا. وقد عارض أربع محافظين القرار، وربما انضم إليهم صوت خامس عن القاضية آمي كوني باريت.
لكن هذه المعارضة قد لا يكون لها تأثيركبير على الأرض.
“من المحتمل ألا تمثل هذه الأصوات سوى عدد ضئيل للغاية لا يفي بشيء في التأثير على النتيجة”، كما قال بول سميث، المحامي في المركز القانوني للحملة. وحتى في هذه الحالة، ربما يتراجع القضاة الذين تشككوا قبل بضعة أسابيع مخافة إلغاء أصوات تم الإدلاء بها بما يتماشى مع صحيح القانون. لكن حملة ترامب أكدت أنها ستواصل النضال أمام المحكمة العليا.
“كما قال الرئيس – وهو محق في ذلك – يجب أن تحسم المحكمة العليا هذه المسألة القانونية المثيرة للجدل، ومن ثم، فإن حملة الرئيس ترامب تسعى حثيثا الآن لتحريك دعوة للتقاضي أمام المحكمة العليا ضد التمديد غير القانوني للموعد النهائي لاستلام بطاقات الاقتراع عبر البريد الذي قررته المحكمة العليا في بنسلفانيا”، كما أعلن نائب مدير الحملة، جوستن كلارك، في بيان صادر عن الحملة.
كما أعلنت الحملة أيضا أنها رفعت دعاوى قضائية في ميشيجان وبنسلفانيا من أجل ضمان تواجد مراقبي الانتخابات من الجمهوريين في مواقعهم أثناء عمليات الفرز بما يسمح لهم بمراقبة عملية فرز ما تبقى من بطاقات.
وفي الأسبوع الماضي، رفع محاميو ترامب دعوى قضائية في نيفادا للطعن على استخدام أجهزة المسح الضوئي في مقاطعة كلارك للتحقق من التوقيعات. لكن قاضي الولاية رفض الدعوى في يوم الجمعة الماضي. كما وافقت المحكمة العليا بالولاية بإجماع الآراء في يوم الثلاثاء على عدم توافر أسباب قانونية تدعو إلى تدخل المحكمة. ويمكن لمحاميو ترامب التقدم بطلب استئناف على هذا القرار إذا تبين لهم أن الأصوات في نيفادا سوف تلعب دورا حاسما في نتائج الانتخابات.
وبعد فترة وجيزة من إعلان وكالة أسوشييتد برس تقدم بايدن في ويسكونسن بنحو 21 الف صوت، أخبر بيل ستبين، مديرحملة ترامب، الصحفيين بأن الحملة سوف تطالب بإعادة فرز الأصوات هناك، مشيرا إلى “وقوع مخالفات في العديد من مقاطعات ويسكونسن”.
لكن ريك هاسن، الخبير في قانون الانتخابات في جامعة كاليفورنيا في إيرفين، أكد أنه كان متشككا في فكرة أن المحاكم سوف تقرر الانتخابات.
“لقد قلت مرارا إن الطريقة الوحيدة التي تجعل المحاكم تبت في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 هي وجود خلاف في ولاية ذات أهمية كبرى في حسم الفوز داخل المجمع الانتخابي، وأن يكون التنافس في هذه الولاية شديد التقارب، أو أن يكون هناك فشل كبير في إدارة السباق الانتخابي يجعل الانتخابات داخل حيز التقاضي”، كما كتب هاسن في مدونته.
“حتى هذه اللحظة (برغم أن كل شيء لا يزال قابلا للتغيير)، لا يبدو أن أيا من الحالتين قد تحقق. لا يبدو أن بنسلفانيا ستكون فاصلة في تحقيق فوز لبايدن داخل المجمع الانتخابي، ومن ثم، فإن أي دعاوى قضائية بشأن بطاقات الاقتراع لن تكون ذات أهمية”.
كما قال ديفيد شتراوس، أستاذ القانون بجامعة شيكاغو، إن ترامب لم يخدم قضيته بادعائه أن المحكمة العليا كانت مستعدة لخوض غمارمعركة لإنقاذه. إن جميع القضاة يعلمون جيدا أن الحكم الذي صدر في قضية بوش / آل جور أضر كثيرا بشرعية محكمتهم.
“إن استدعاء ترامب لفكرة إقحام المحكمة العليا يضر بالمحكمة وبالولايات المتحدة بوجه عام”، كما قال شتراوس. وأضاف: “إن موقف ترامب من المحكمة العليا لا يختلف في كثير عن موقفه من سائر مؤسسات الحكومة. إنه يظن دائما أنها جميعا تعمل لصالحه، وليس لصالح الشعب الأمريكي في العموم. من الصعب أن تجد أي شخص لديه أدنى حرص على مصالح المحكمة العليا، في أي لون من ألوان الطيف السياسي، غير منزعج من تصريحات ترامب”.
ديفيد سافيج – محرر شئون المحكمة العليا والموضوعات القانونية في صحيفة لوس أنجلوس تايمز منذعام 1986
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا