انطلقت أمس الدورة ال ٤٢ من مهرجان القاهرة السينمائي أحد أقدم و أبرز المهرجانات المصرية والعربية، رغم كل الصعوبات التي أحاطت بظهور هذه الدورة بسبب الجائحة التي ألقت بآثارها على العالم و كانت سببا في تعثر انطلاق مهرجانات كبرى و فعاليات كثيرة.
قبل 44 عاما تحديدا العام 1976 نجح الكاتب الصحفي و الناقد كمال الملاخ في إطلاق أولى دورات المهرجان من خلال جمعية كتاب ونقاد السينما والتي كان قد أسسها مع مجموعة من النقاد و المؤمنين بأهمية السينما والدور الذي تلعبه سواء كصناعة تسهم في زيادة الدخل القومي أو ما يخص رسالتها التنويرية، كذلك المهرجانات السينمائية و دورها الذي تلعبه في تواصل مصر مع كل شعوب العالم .
غير أن البدايات لم تكن وردية كما قد يتصور البعض حيث كاد ضعف التمويل أن يطيح بأحلام الملاخ و رفاقه ومن بينهم فوميل لبيب، ماري الغضبان، أحمد صالح ، عبد المنعم سعد و حسن إمام عمر و غيرهم، إذ رفضت وزارة المالية حينذاك دعم المهرجان ماديا لإيمانها بأن هناك أولويات أهم من إقامة مهرجان سينمائي، ولكن و بجهودهم الذاتية و التمويل القليل جدا و الذي تتحصل عليه الجمعيات الأهلية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة لها، كذلك عبر علاقاتهم التي اكتسبوها من خلال متابعتهم للمهرجانات الكبرى نجح فريق العمل بقيادة الملاخ في إطلاق الدورة الأولى للمهرجان وقد استمر في رئاسته حتى العام 1983.
صفة الدولية
في العام 1985 أعيد تشكيل مجلس إداره المهرجان بعدما دخلت وزاره الثقافة المصرية طرفا أساسيا مع الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما و اتحاد النقابات الفنية، و تولي رئاسة المهرجان الكاتب الراحل سعد الدين وهبة وقد حصد المهرجان في عهده على صفة الدولية ليصبح واحدا من بين 15 مهرجانا فقط الذين تم تصنيفهم ضمن الفئه «أ»، من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام ، والأقدم الذي تم اعتماده دوليا في العالم العربي و أفريقيا و الشرق الأوسط، وقد استمرت رئاسة وهبه للمهرجان 12 عاما ، ليتولى بعدها المسؤولية الفنان حسين فهمي و لمدة 4 سنوات، ثم الكاتب الصحفي شريف الشوباشي ولمدة 3 سنوات، ثم الفنان الراحل عزت أبو عوف الذي أشرف على رئاسته 7 سنوات من 2006 وحتى 2014، فيما تولى الناقد السينمائي سمير فريد دورة وحيدة فقط شهدت تطويرا كبيرا بإدخال عدد من البرامج الجديدة من بينها سينما الغد والتي تتنافس على جوائزها عدد من الأفلام القصيره والتسجيلية من مصر و دول العالم، كذلك آفاق السينما العربية والتي تعرض أبرز الإنجازات العربية في السينما، و أسبوع النقاد والذي يهتم بعرض أبرز الاتجاهات في السينما العالمية، وغيرها من البرامج التي لم يعرفها المهرجان من قبل مع تكليف عدد من المخرجين و النقاد وصناع السينما بالإشراف على هذه البرامج، ورغم النجاح الذي شهدته هذه الدورة إلا أن الناقد الراحل انسحب من رئاسة المهرجان لتتولي المهمة بعده الناقده د. ماجدة واصف و لثلاث دورات قبل أن يتولى المهمة السيناريست والمنتج محمد حفظي رئيسه الحالي.
أزمات
مشاكل كثيرة عصفت بدورات مهرجان القاهرة السينمائي وللأسف معظمها تتمحور حول ضعف الإمكانيات المادية مقارنة بميزانيات مهرجانات أخرى نجحت في سحب البساط من تحت أقدام المهرجان الأقدم و الأبرز ، و للأسف كانت سببا في استقالة عدد من الذين تناوبوا على رئاسته مثل الشوباشي، وحسن فهمي و أبو عوف رغم أن الأخير أرجع أسباب استقالته لظروفه الصحية.
أما أبرز المشاكل فتلك التي واجهها الراحل سعد الدين وهبة وفي أكثر من دورة منها مثلا في العام 1987 حينما أعلن عدد كبير من النجوم عن مقاطعة المهرجان، نظرا لأن وهبة كان أحد الذين ساهموا في تمرير قانون النقابات الفنية رقم 103 لسنة 1987، بل إن بعضهم حرص علي استقبال ضيوف المهرجان في مقر إقامتهم وهم يرتدون لافتات تندد بالقانون الذي وصفوه بالمشبوه.
وهبة واجه أزمة أخري في تسعينيات القرن الماضي و التي أعلن فيها عن تكريم دلوعة السينما المصرية الراحلة شادية، إلا أن الأخيرة والتي رغم حماسها للتكريم وعدم اعتراضها عليه، إلا أنها لم تحضر الحفل ما وضع إدارته في إحراج كبير.
كذلك أزمة فيلم ناجي العلي للراحل عاطف الطيب و الذي كان فيلم افتتاح الدورة الخامسة عشر وقد واجه الفيلم هجوما حادا وعنيفا إلى حد اتهام بطله و منتجه الراحل نور الشريف بالخيانة، لكون الفيلم تشير أحداثه لتورط أياد عربية في قتل رسام الكاريكاتير الراحل.
أما آخر الأزمات فتلك التي واجهها محمد حفظي الرئيس الحالي عندما أعلن عن تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش المعروف بميوله للكيان الصهيوني ما أثار حفيظة عدد كبير من النقاد والسينمائيين مما دفع إدارة المهرجان لإلغاء التكريم.
تكريمات
على مدى دورات المهرجان حرصت إدارته على تكريم عدد كبير من أبرز نجوم السينما العالمية و المصرية ومن بينهم الفنان ريتشارد جير، الممثل الأمريكي صامويل جاكسون، الممثلة الفرنسية جولييت بينوش، الأمريكي نيكولاس كيدج، والفنان العالمي أميتاب باتشان، ومن مصر الراحلة فاتن حمامة و عمر الشريف و نجوم الرومانسية محمود ياسين و نجلاء فتحي ومن العرب أبرزهم الفنان دريد لحام