الحدث

ترامب هو المسئول عن مشهد اقتحام مبنى الكابيتول

عرض وترجمة: احمد بركات
كانت الأحداث الهزلية التي شهدها مبنى الكابيتول في العاصمة الأمريكية واشنطن، أمس الأربعاء، تتجه بقوة صوب التحول إلى تمرد، عندما قامت حشود تُقدر بالآلاف – بتشجيع من الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب –باختراق الحواجز الأمنية وشق طريقها إلى قاعات الكونجرس مما أدى إلى فرار الأعضاء ونائب الرئيس مايك بنس، ووقف جلسة المصادقة على جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة.

في أي مرحلة يمكن تسمية ما حدث بمحاولة انقلاب؟

لطالما تردد أن هزيمة الولايات المتحدة لن تكون بهجوم إرهابي أو على يد أعداء من الخارج، وإنما عبر هجوم داخلي يقوم به أمريكيون. هذا هو ما يجري على الأرض، فالديمقراطية تتعرض لاعتداء فعلي داخل مبنى الكابيتول، من قبل أمريكيين ألهب رئيس الولايات المتحدة المنتهية ولايته حماستهم لرفض إرادة الناخبين وقرارت حكام الولايات والمحاكم جميعا. لا شك أن هذه الحالة من عدم الثقة تتجاوز بكثير ما كان يطمح إليه أسامة بن لادن وفلاديمير بوتين، اللذان لم يسعيا طوال الوقت سوى إلى زعزعة الاستقرار ونزع الشرعية.

في وقت سابق، ظهر ترامب وسط حشود من مؤيديه خارج البيت الأبيض، وكرر مزاعمه الكاذبة بشأن عملية تزوير أدت إلى حرمانه من ولاية رئاسية ثانية. وحث الحضور على المسير إلى مبنى الكابيتول، وقال إنه سينضم إليهم، لكنه لم يفعل.

يمكن وصف المشاهد التي تلت ذلك بأنها “سريالية” بامتياز. فقد اندفعت مجموعات من الحشود الغاضبة التي كانت تلوح بالأعلام وتطلق السباب لاختراق الحواجز الأمنية وانتهاك صفوف شرطة مكافحة الشغب، مما أسفر عن إصابة عدد منهم، وتكدست في شرفات مبنى الكابيتول.

في الوقت نفسه، كانت مجموعات أخرى من أنصار ترامب تتجول في “قاعة التماثيل” و”القاعة المستديرة”. وشق كثيرون طريقهم إلى داخل حجرات التشريع ذاتها عن طريق اختراق الأبواب الزجاجية المغلقة، مع ورود تقارير تفيد بوقوع إطلاق نار وتحذيرات من الشرطة لأعضاء مجلس النواب بارتداء أقنعة الغاز. وانتشر الغاز المسيل للدموع عبر قاعات مجلس النواب بأحد جوانب مبنى الكابيتول، وتم إغلاق المبنى.

وتم إطلاق النار على شخص واحد على الأقل داخل مبنى الكابيتول مما أسفر عن مقتله. رغم ذلك، لا يزال هذا الحادث يكتنفه كثير من الغموض.

ومع توجيه أعضاء الكونجرس إلى الاحتماء في أمكانهم، والاختباء تحت مكاتبهم حال تمكن المقتحمون من الدخول إلى حجراتهم، قام ترامب بنشر تغريدة على حسابه على موقع “تويتر” طالب فيها أنصاره بأن: “فضلا، ادعموا قوات شرطة الكابيتول ووحدات إنفاذ القانون؛ إنهم حقا يعملون من أجل هذا البلد. يجب أن نحافظ على سلميتنا!”. وتبعها بعد نصف ساعة بتغريدة أخرى: “أطالب الجميع في مبنى الكابيتول أن يحافظوا على السلمية. لا داع للعنف! تذكروا: ’نحن حزب القانون والنظام‘. يجب احترام القانون، وتقدير الرجال والنساء العظماء الذين يرتدون البزات الزرقاء. شكرا لكم جميعا!”.

وقبل ذلك وبعده، لا شيء على حساب ترامب على تويتر عن اقتحام مبنى الكابيتول. ولا شيء عن إجبار أعضاء الكونجرس على وقف الجلسة. ولا شيء عن المطالبات بانسحاب قوات الأمن التي كان يحثها بنفسه على النزول إلى شوارع واشنطن للاحتجاج على المصادقة على تصويت المجمع الانتخابي.

وبعد استدعاء قوات الحرس الوطني، وبعد البيان الذي أصدره بايدن، والذي يدين فيه الهجوم الغوغائي، نشر ترمب أخيرا مقطع فيديو يكرر فيه أكاذيبه بشأن الانتخابات، لكنه – في هذه المرة – حث أنصاره على “العودة إلى المنازل في هدوء”.

لقد قيل الكثير عن انتهاك ترمب لكافة الأعراف والتقاليد كسياسي وكرئيس دولة. لكن ما حدث بالأمس لا يمكن حصره فقط في إطار تحدي الوضع الراهن، أو “تجفيف المستنقع”؛ فقد تواطأ الرئيس الحالي للولايات المتحدة – في محاولة لتعطيل إرادة الناخبين الأمريكيين – في اقتحام مبنى الكابيتول من أجل تعطيل الانتقال السلمي للسلطة.

هذه هي النتيجة المتوقعة للخداع المزري الذي يمارسه، ليس ترمب وحده، وإنما أيضا أعضاء في مجلس الشيوخ من شاكلة تيد كروز، الجمهوري من ولاية تكساس، وجوش هاولي، الجمهوري من ولاية ميسوري، وآخرين انحازوا بشكل صارخ إلى تأكيدات ترمب الكاذبة عن تزوير الانتخابات. إن الهجوم على المؤسسات الديمقراطية هو –في واقع الأمر – هجوم على الديمقراطية ذاتها، وما شهدته البلاد أمس الأربعاء في واشنطن هو نموذج لقوة الغوغاء على نزع الاستقرار عن أكثر الديمقراطيات استقرارا.

لا شك أن مسئولية هذا اليوم من الهجوم غير المسئول وغير الأخلاقي من قبل أمريكيين على صميم نظامنا الانتخابي يقع على عاتق ترمب. لكن – إلى جانب ذلك – يجب أن يقدم من مكنوه إجابات على كثير من التساؤلات، كما يجب عليهم الندم والاعتذار على كثير مما اقترفوه.

ــــــــــــــــــــــــــــ

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

Related Articles

Back to top button

Adblock Detected

Please consider supporting us by disabling your ad blocker