لم يكن المجرم القاتل المعلون الَمقبوح الضال المضلل عبد الرحمن بن ملجم قاتل أمير المؤمنين على بن أبى طالب منحرفا أخلاقيا ولا عميلا صهوينيا ولا مجوسيا حاقدا على الإسلام مثل أبي لؤلؤة قاتل عمر، ولكنه كان ورعا وتقيا زاهدا ومن حفظة القرآن الكريم، وشارك في فتح مصر وقيل أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب طلب من عمرو بن العاص بعد فتحه لمصر أن يجعل دار بن ملجم قريبة من المسجد ليقرأ القرآن على الناس ويعلمهم الفقه حيث إنه من الذين قرأوا القرآن على معاذ بن جبل رضي الله عنه
فكيف انتقل من هذا المقام وهذه الدرجة من الإيمان إلى أن يصبح أول داعشي في التاريخ ويقدم على قتل “على” وما أدراك من على و ما قيمة “على” فى الإسلام وورعه و نبله وزهده وبطولته وفدائه وشجاعته فهو قاتل عمرو بن ود؟.
كيف استطاع أن يفكر مجرد تفكير في اغتيال ابن عم رسول الله وزوج قرة عينه السيدة فاطمة أحب خلق الله إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم، كيف خطط ودبر ونفذ عملية اغتيال منظمة ومدبرة وممنهجة لواحد من أهم رجال الإسلام ومن أهم العشرة المبشرين بالجنة وصهر النبي الوحيد؟؟!!
وكيف كفر عليا ووصمه بالكفر؟؟ فمن هم المؤمنين إذا. لو كان علي كافرا؟؟!!!!
إنها الدعشنة التي ما إن تدخل عقلا أو قلبا من الباب حتى يخرج الفطرة والدين والرحمة والحكمة من الشباك.
https://www.youtube.com/watch?v=Ma9hOFgY9-M
لم يكن أبو بكر البغدادي وأتباعه ممن انخلعت من قلوبهم كل أطياف الرحمة والعقل والحكمة والعدل والدين والأخلاق والمبادئ والقيم هم أول من تدعشنوا وأسسوا لتلك الفكرة الشيطانية التي تقوم على ثقافة القتل والتكفير وسفك الدماء بالشك والجهل ولي عنق النصوص، والتنطع في الدين بالفهم الضال والشاذ للآيات القرآنية وممن اعتمدوا على الاستنتاجات القبيحة والقياسات القميئة والاستدلالات المريضة، واستشهدوا بالآيات القرآنية في غير موضعها واستدلوا بها في غير محلها. دون أن يفهموا مقاصدها ولا أسباب نزلوها ولا فيمن نزلت.
بل سبقهم بأكثر من ألف سنة الخوارج الذين كانوا النواة التي خرج منها كل الدواعش في كل زمان ومكان الذين شرعنوا قتل المسلمين أكثر من غيرهم وكفروهم واستحلوا دمهم
فالخوارج لم يقتلوا ولم يقاتلوا يوما أعداء الأسلام ولكن كانت سيوفهم ورماحهم وسهامهم وحرابهم مسلطة على رقاب المسلمين وهو نفس ما يقوم به أحفادهم في الجهل والعنف والإجرام وسفك دماء من عينة داعش وروافدها وأذرعها الإقليمية والعالمية الذين لم يطلقوا رصاصة واحدة على حبيبتهم ومعالجة جرحاهم إسرائيل.
المجرم في الجنة
المدهش والمرعب والمثير أن بن ملجم لم يرتكب جريمته المروعة النكراء غضبا أو ثأرا أو سهوا أو خطأ أو غيرة لكنه قتل أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين وهو يصلي في بيت الله ليتقرب بدمه إلى الله ولكي يدخل الجنة بغير حساب!!!!
فلقد وصل عمي البصيرة والضلال وفساد العقيدة وقبح النفس بالمجرم الداعشي إلى الاعتقاد بأنه بقتله لعلي بن أبي طالب وهو يصلي فجر التاسع عشر من رمضان بمسجد الكوفة أنه يكون قد مارس أقصى وأروع صور الجهاد في سبيل الله وأنه أصبح على أبواب الجنة بتلك الجريمة الوضيعة.
فهو لم يقتله بسيف عادي بل بسيف مسموم ولم يقتله في معركة أو حتى في بيته أو في الشارع بل قتله وهو يصلي الفجر وفي شهر رمضان…. فهو ارتكب كل تلك الموبقات وفي نفس الوقت كان على يقين أن الجنة في انتظاره…
ومن الأمور التي لا تكاد تصدق من فرط خيالها ما أوردته بعض كتب التاريخ وهي رواية موجودة عند الكثيرين أنه بعد أن طعن بن ملجم علي بن أبي طالب بالسيف غدرا داخل المسجد… لم يمت بن أبي طالب في حينها وطلب من الناس بعد أن امسكوا بالمجرم ألا يؤذوه وأن يطعموه ويسقوه وأن يقيموا عليه حد القتل إذا مات.
وبعد أن مات الإمام علي رضي الله عنه متأثرا بطعنة الخسة.
والغدر التي طعنها إياه بن ملجم وحانت لحظة القصاص منه، حيث أقام عليه الحسن بن علي حد القتل، وقبل أن يقتلوه روي البعض أنه قال “لا تقتلوني مرة واحدة بل قطعوا أشلائي قطعة قطعة كي أراها تعذب في سبيل الله”!!!!!
ابحث عن المرأة
حتى في تلك الفاجعة الَمحزنة كان المثل الفرنسي الشهير
“شيرشيه لافم” أي فتش عن المرأة حاضرا وبقوة وفقا لبعض الروايات التاريخية.
فبعد أحداث فتنة مقتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان وما تبعها من فتن عارمة في صفوف المسلمين وبعد حادث التحكيم الشهير الذي وقع في معركة صفين بين جيش معاوية بن أبي سفيان وجيش على حينما رفع عمرو بن العاص القرآن على أسنة الرماح طالبا التحكيم وما تبع ذلك من حدوث انشقاق في جيش علي من الخوارج بسبب رفضهم للتحكيم وخروجهم على خليفة المسلمين وقتالهم له…. حاربهم سيدنا علي والتقى بهم في معركة النهروان وقتلهم جميعا في تلك المعركة ولم ينج منهم إلا القليل.
ويقول بن سعد “بعد معركة النهروان اجتمع ثلاثة من الخوارج وهم عبد الرحمن بن ملجم، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي في مكة وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص. فقال عبد الرحمن بن ملجم : أنا لكم بعلي بن أبي طالب. ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه
فقدم عبد الرحمن بن ملجم إلى الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد وكان يزورهم ويزورونه، فزار يوما نفرا من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها قطام ، وكان أباها وأخاها قد قتلا يوم النهروان فأعجبته فخطبها فاشترطت عليه أن يكون جزء من مهرها قتل علي بن أبي طالب.
و يقول ابن أعثم الكوفي أن بن ملجم عشق تلك المرأة لدرجة الجنون “ولما انتهت معركة النهروان أقبل عليّ نحو الكوفة، وسبقه عبد الرحمن بن ملجم- لعنه الله- حتى دخل الكوفة، وكان قد علق قلبه بامرأة يقال لها قطام بنت الأضبع التميمي وكان بها مسحة من جمال ، فخطبها فاشترطت عليه قتل علي بن أبي طالب فقبل بالشرط….