رؤى

“10 سنوات يناير” نجوم «القائمة السوداء» ينتصرون إلى حين

علاقة الفنان بجمهوره عادة ما تكون علاقات قائمة على الحرص الشديد، فالنجم يخشى على رصيده من محبة الجمهور والتي تشكل «قيمته التسويقية » ، بعيدا عن  الإعجاب بالموهبة و الانبهار بها ، فيما الجماهير لا تنسى أبدا نجومها التي تنحاز لها، ليس فقط عبر ما تقدمه من أعمال تعكس مشاكلهم و همومهم أو تمنحهم الأمل في غد أفضل، و لكن عبر«انحيازات اجتماعية » تنتصر فيها النجوم لمطالب الجماهير بوصفهم على الأقل جزءا منهم، بتعبير أدق تكون لسان حال جمهورها و ليس أداة من أدوات السلطة تعبر عنها و تنحاز لها.

 وكما كانت ثورة يناير المجيدة كاشفة لأوضاع و مواقف ووجوه كثيرة، كانت أيضا كاشفة لنجوم عديدة لطالما ارتبطت بها الجماهير و رفعتها إلى القمة، باختصار وضعتهم جميعا على المحك كبشر أولا وليس فقط كنجوم أتيح لهم فرصة العمر إما أن ينضموا للجموع يعبرون عن مشاكلهم و همومهم و يشاركوهم أحلامهم بالتغيير، أو يكونوا في الجانب المعاكس وهو ما حدث بالفعل مع عدد كبير من النجوم للأسف، حيث انتشرت حينها «القائمة السوداء» و التي ضمت أسماء عديدة كانت و ستظل محفورة بذاكرة الجماهير رغم كل محاولات طمسها .

مقاطعة

الفنان أحمد السقا كان أول من تصدر «قائمة العار» أو القائمة السوداء بعدما خرج للجماهير في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي عمرو أديب في الأيام الأولى لانطلاق ثورة العزة والكرامة، ليعلن في إطار دعمه للرئيس المخلوع عن مبادرة تصور أنها ستحسم لصالحه، حيث قرر الذهاب للمتظاهرين بنفسه لإقناعهم بمغادرة الميدان ، متوهما أنه قادر على إسكات أصوات راحت تطالب بالحرية والعدالة و الكرامة الإنسانية ، جماهير تحلم بحقها في حياة كريمة لا مجال فيها للفساد أو لوعود زائفة بالإصلاح  خصوصا في ظل تردي الكثير من الأوضاع  السياسية  و الاجتماعية و الاقتصادية والتي كانت هي الدافع وراء ثورة الجماهير واعتراضاتها.

إلا أن السقا نجم الشباب في ذلك الوقت لم يكن يدرك أنه يضع نجوميته على المحك، إذ تم طرده من الميدان و منعه من الدخول ليتصدر بعدها القائمة، الطريف أن الثورة وبعدما نجحت في تأكيد حضورها بأيامها الأولى، قررالسقا التواجد بالصورة من باب التوثيق» عبر تضمين مشاهد لا نعرف مدى مصداقيتها حول مشاركته في المظاهرات وذلك ضمن أغنية «في كل شارع  في بلادي».

الطرد من الميدان كان أيضا من نصيب الفنان تامر حسني ، فبعد هجومه علي المتظاهرين و مطالبته لهم  بضرورة العودة لمنازلهم و مغادرة الميدان، حاول حسني تبديل صورته بعدما نجحت الثورة في تثبيت دعائمها، و باتت مؤشرات الانتصار هي الأقرب ، إلا أنه لم يلق ترحيبا عندما أصر على اعتلاء مسرح الإذاعة الداخلية لإلقاء كلمة  تم منعه ومن ثم طرده.

القائمة ضمت أيضا الفنانة غادة عبد الرازق لكونها قادت المظاهرات المضادة والتي تجمعت في ميدان مصطفي محمود و التي شارك فيها العديد من النجوم من بينهم أيضا الفنانة زينة و أشرف زكي نقيب الممثلين آنذاك، كذلك عدد من نجوم الرياضة في مقدمتهم حسن شحاتة، حسام و إبراهيم حسن و حسام غالي وغيرهم، كذلك الفنانة سماح أنور التي طالبت بإحراق المتظاهرين، والفنان محمد فؤاد الذي هدد بالانتحار إذا رحل مبارك عن السلطة، كما هاجم الثوار أيضا كل من تامر عبد المنعم، إلهام شاهين، يسرا، عمرو مصطفى و حسن يوسف الذي وصف الثوار بأنهم «شوية عيال».

 أما الفنانة عفاف شعيب فقد هاجمت الملايين الموجودين في الميادين لأن الثورة حرمتها هي و أبناء شقيقها من تناول «البيتزا و الريش»، وقد نال هذا الرأي وما زال أكبر قدر من السخرية ، فيما تطاول الراحل طلعت زكريا علي الثوار حيث اتهمهم بممارسة الجنس و تناول المخدرات داخل مخيمات الاعتصام، الأمر الذي أصاب الجميع بالاستياء و من ثم بدأت دعاوى مقاطعة أعماله وفي مقدمتها فيلمه «الفيل في المنديل» ما دفع منتجه محمد السبكي لاستجداء عطف الجماهير بالعدول عن قرارها، مشيرا لأن الفيلم ليس فقط بطله و لكن كل العاملين فيه من فنيين و فنانيين لا ذنب لهم في الخسائر التي لحقت به.

اختيارات

علي الجانب الآخر كان هناك فريق من النجوم دعموا الثورة منذ اللحظات الأولى آمنوا بمبادئها وانتصروا لها، و دفعوا لأجلها ثمنا غاليا ولازالوا وفي مقدمتهم الفنان عمرو واكد و الفنان خالد أبو النجا (كانت له تصريحات داعمة و مناصرة للدكتور البرادعي وقبل قيام ثورة يناير المجيدة) ، لم يتخلوا عن حلمهم في حياة كريمة يعيشها كل الشعب المصري، دولة ديمقراطية التغيير فيها بالإرادة الحرة المستقلة، العدالة فيها نافذة ولا مجال للفساد أو الإحساس بالدونية، لذا هتفوا مع الجماهير ومن أول يوم «ارفع رأسك فوق .. أنت مصري»، و حتى خلال فترات صعود وهبوط  ثورة الكرامة لم يتراجعا وواصل  تصريحاتهم و مواقفهم الداعمة للحريات والديمقراطية والعدالة، ما اضطرهم  في نهاية المطاف للخروج من بلادهم قهرا لا اختيارا و إن لم يملوا الدفاع عنها والإخلاص لها.

بدرجات متفاوتة ناصر الثورة عدد آخر من النجوم من بينهم المخرج خالد يوسف و الذي أخذته القضايا السياسية و مشاكلها بعيدا عن الفن قبل أن يتصادم مع النظام و يختار قهرا الابتعاد هو الآخر عن المشهد الفني و الوطن بشكل عام ، كذلك الفنانة تيسير فهمي والتي فيما يبدو لازالت مستغرقة بحلم التغيير، و إن لم تستطع تحقيقه لا عبر العمل الحزبي الذي انخرطت فيه، و لا من خلال دورها كفنانة، فيما نجحت الفنانة بسمة في استعادة ذاتها فنيا بعد فترة  من الابتعاد، وبعد صولات و جولات ثورية انتهت بزواجها من الناشط السياسي عمرو حمزاوي.

 شهدت الميادين أيضا أسماء مثل خالد الصاوي، خالد النبوي، المنتج محمد العدل، المخرجة هالة خليل ، الفنانة جيهان فاضل، المطرب علي الحجار، الفنان أحمد عيد، الراحل خالد صالح، الفنان زكي فطين عبد الوهاب، النجمة شريهان وعدد آخر من النجوم تواجدوا بالميدان، بعضهم من اللحظة الأولي و البعض الآخر تباعا، عدد منهم لازال فخورا بتلك المشاركة، فيما البعض الآخر يتحفظ علي «الخوض في سيرتها» ربما خوفا، حزنا، يأسا أو قهرا.

المؤكد أن الثورة / الحلم  كانت و كما أشرنا كاشفة للجميع سواء من أعلنوا عن دعمها و تحملوا نتيجة اختياراتهم، أو من ناصبوها العداء خوفا على مصالحهم أو جهلا بها لا فرق، أو «الطرف الثالث» باختيارهم جانب الحياد جهلا  أو خوفا أيضا لا فرق فاللحظة كانت و ستظل كاشفة إلى حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock