عرض وترجمة: أحمد بركات
ولاية الجزائر
ظهرت “ولاية تنظيم الدولة الإسلامية في الجزائر”، إحدى أولى ولايات تنظيم الدولة الإسلامية في القارة السمراء، فور إعلان دولة الخلافة في العراق وسوريا، لكنها تحطمت قبل فترة طويلة من تدهور تنظيم الدولة المركزي في عام 2019.
ففي تسجيل صوتي في يوليو 2014، بايعت إحدى وحدات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والتي كانت تتألف من عشرات المقاتلين، وتطلق على نفسها “جند الخليفة”، ويقودها عبد المالك جوري، الخليفة المُنصب ذاتيا أبو بكر البغدادي.
وفي العام نفسه، كررت عناصر “جند الخليفة” البيعة عبر مقطع فيديو نشر في سبتمبر، وتضمن مشاهد مصورة لقطع رأس هيرفيه جورديل، السائح الفرنسي في الجزائر ومدرب المشي في الجبال، الذي قامت الجماعة باختطافه، ما أثار حملة ضارية من قبل قوات الأمن الجزائرية.
اعترف تنظيم الدولة الإسلامية المركزي في العراق وسوريا رسميا بالجماعة، وأطلق عليها اسم “ولاية الجزائر” في نوفمبر 2014. لكن الحملة الشرطية سرعان ما أسفرت عن مقتل جوري في ديسمبر 2014. وفي مايو 2015، لحق به خليفته عبد الله عثمان العاصمي، الذي قتل إلى جانب أغلب عناصر الجماعة وقادتها.
وفي وقت لاحق، بايعت وحدات متفرقة في الجزائر من “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” تنظيم الدولة الإسلامية”، لكنها لم تلبث أن تعرضت أيضا لضربات أمنية متلاحقة أدت في نهاية المطاف إلى تفكيكها.
لذلك لم تتمكن “ولاية الجزائر” من تجاوز الحملة المكثفة التي شنتها قوات الأمن الجزائرية، حتى أن آخر هجوم أعلن تنظيم الدولة مسئوليته عنه كان في 31 أغسطس 2017 من خلال عملية انتحارية في تيارت، شمال الجزائر.
علاوة على ذلك، لم تشهد منطقة شمال الجزائر أي حادث خطير من قبل مسلحين تابعين لتنظيم الدولة منذ الكمين الذي نصبته الشرطة الوطنية الجزائرية لشخص يزعم أنه ينتمي إلى تنظيم الدولة في فبراير 2018.
وفي حقبة ما بعد البغدادي، أعلنت وسائل الإعلام التابعة لتنظيم الدولة عن وقوع اشتباك في نوفمبر 2019، وتفجير انتحاري في فبراير 2020 بالقرب من الحدود مع مالي من قبل “ولاية الجزائر”.
رغم ذلك، يبدو أن هذه الهجمات التي أعلنت “ولاية الجزائر”، التي كانت قد نجحت فعليا في إعادة تنظيم صفوفها، مسؤوليتها عنها، لم تكن سوى مجرد عناوين انتهازية تهدف بالأساس إلى إعلان قوة الجماعة، وعودة نشاطاتها عى الساحة الجهادية في المنطقة، وأنها كانت في واقع الأمر نشاطات قامت بها خلايا تابعة لـ “تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، في الجنوب.
وبينما استمرت نشاطات المسلحين وأعمال قوات الأمن في شمال الجزائر – بما يعني أن بعثا مستقبليا لتنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة ليس ضربا من المستحيل – تبدو ولاية الجزائر ككيان منظم في شمال الجزائر أثرا من الماضي لا وجود له الآن.
ولاية سيناء
أعلن تنظيم الدولة الإسلامية رسميا حضوره في مصر عندما بايعت حركة أنصار بيت المقدس الإسلامية المتشددة، التابعة لتنظيم القاعدة، والتي كانت تتمركز في شمال سيناء، أبو بكر البغدادي في 10 نوفمبر 2014، لتصبح “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم الدولة. وفي غضون 12 شهرا من انطلاقها، برزت الحركة في المشهد الجهادي المصري بادعائها إسقاط الطائرة “متروجيت 9268” التي كانت تديرها روسيا فور إقلاعها من مدينة شرم الشيخ السياحية على ساحل البحر الأحمر في أكتوبر 2015.
في الوقت نفسه، كانت “ولاية سيناء تهدف إلى السيطرة على شمال سيناء، وإخضاعها لحكمها. وفي إطار مساعيها لتحقيق هذا الهدف، حاول أكثر من 100 مقاتل من عناصر الجماعة الاستيلاء على مدينة الشيخ زويد في 1 يوليو 2015. وبرغم أن هذه المحاولة لاحتلال الشيخ زويد استمرت أقل من 24 ساعة، بعد استسلام معظم عناصر الجماعة الذين احتلوا المدينة للهجمات الجوية والبرية المصرية، إلا أن هذا الهجوم أبرز الأهداف والقدرة العملياتية للجماعة.
وبرز التهديد الذي تشكله هذه الجماعة على نحو أوضح في ديسمبر 2017، عندما أفلت وزير الداخلية المصري آنذاك، اللواء مجدي عبد الغفار، بصعوبة من محاولة اغتيال نفذتها “ولاية سيناء” في مطار العريش. جاء هذا الهجوم بعد شهر من عملية مسجد الروضة في بلدة بئر العبد بمحافظة شمال سيناء، والتي أسفرت عن مقتل ما يزيد على 300 مصلي. كان أغلب رواد هذا المسجد من قبيلة السواركة الموالية للحكومة، والتي يغلب عليها النزعة الصوفية.
وبرغم أن أعمال العنف التي نفذتها “ولاية سيناء” غالبا ما كانت مذهلة، ولم تقف عند حدود شمال سيناء، وإنما تجاوزتها في بعض الأحيان إلى مناطق الدلتا والصحراء الغربية، إلا أن القدرة العملياتية للتنظيم تراجعت بدرجة كبيرة مع وفاة البغدادي في أكتوبر 2019.
يرجع ذلك إلى حد كبير إلى حملة مكافحة الإرهاب التي شنتها الدولة ضد التنظيم، وأطلق عليها “العملية الشاملة –سيناء 2018″، وأسفرت عن مقتل مئات من عناصر التنظيم، إلى جانب تفكيك بعض الشبكات اللوجستية للجماعة، ومنعها من السيطرة على منطقة شمال سيناء. وبرغم النجاحات التي حققتها “العملية الشاملة – سيناء 2018″، إلا أنها لم تبلغ حد استئصال شأفة الحركة، فضلا عن الانتقادات الحقوقية التي تعرضت لها.
وفي عام 2020، واصلت “ولاية سيناء” شن تمرد منخفض المستوى في محافظة شمال سيناء تجلى عبر سلسلة من الهجمات التي استهدفت مواقع تابعة للجيش المصري ورجال القبائل الموالين للحكومة في جميع أنحاء المحافظة منذ 1 يونيو 2020.
ولم يبد أن الانتكاسات القوية التي تعرض لها تنظيم الدولة الإسلامية المركزي في العراق وسوريا في نهاية العقد الماضي قد تركت آثارا غائرة على مسار “ولاية سيناء” في المنطقة.
ووفقا لتحليل نشره “مركز مكافحة الإرهاب”، التابع للأكاديمية العسكرية الأمريكية “ويست بوينت” في دوريته الشهرية The CTC Sentinel، عن ادعاءات هجمات تنظيم الدولة في أفريقيا، حلت “ولاية سيناء” ثانية بعد “ولاية تنظيم الدولة في غرب أفريقيا” من حيث العدد الإجمالي لأعمال العنف التي تم ارتكبتها على مدى عام 2019.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاسون فارنر – أستاذ مساعد في قسم العلوم الاجتماعية في الأكاديمية العسكرية الأمريكية “ويست بوينت”.
ريان أوفاريل – باحث متخصص في القضايا الأمنية في أفريقيا والشرق الأوسط
هيني نسيبيا – باحث أول في “مشروع موقع الصراع المسلح وبيانات الأحداث” (ACLED)
ريان كومنجز – مدير شركة “سيجنال ريسك” الاستشارية لإدارة المخاطر السياسية والأمنية
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الصلي باللغة الإنجليزية من هنا