فن

صدفة البدايات في حياة نجوم الفن (5) عماد حمدي

في الخامس والعشرين من نوفمبر عام 1909 وبينما كان عبد الحميد حمدي المهندس في سكة حديد سوهاج يؤدي  عمله جاءه خبر أن زوجته الفرنسية الاصل قد فاجاتها آلام الولادة والمخاض كان عبد الحميد يمني نفسه ان يكون المولود  ذكرا فإذا به  لا يصدق نفسه من الفرح والسعادة وقد علم أن زوجته ولدت له توأما ذكرا  اسماهما عبد الرحمن ومحمد عماد الدين الذي اسماه على اسم عديله

لم يمر اكثر من شهر حتى نقل المهندس عبد الحميد الى القاهرة لتعيش الاسرة في فيلا باحد شوارع حي شبرا.

تلميذ بديع خيري وعبد الوارث عسر

نشا عماد حمدي واخوه التوأم  متشابهين في كل شئ في الشكل والملامح وفي الذكاء والتحصيل الدراسي حتى أن ترتيبهما كان  واحدا في كل مراحلهما الدراسية.

عماد حمدي واخوه التوأم
عماد حمدي واخوه التوأم

تعلم التلميذان الصغيران اللغة الفرنسية على يد والدتهما ولما شبا قليلا التحقا بمدرسة التوفيقية الثانوية.. وهنا تغيرت الميول والاتجاهات  كثيرا  توجه عبد الرحمن بكليته للرياضة واصبح مهتما بها ولازمه حب الرياضة وممارستها في كل مراحل حياته حتى بعد أن اصبح قنصلا وسفيرا بالخارجية اما عماد فانصب كل اهتمامه وكل هواياته على الفن والتمثيل ومع ذلك لم يكن حلم ان يكون ممثلا قد تمكن منه في تلك المرحلة المبكرة من حياته وقد جلب لهما ابوهما مدرسا للغة الانجليزية ليعلم التوام الانجليزية بعد ان تعلما الفرنسية على يد والدتهما وكان هذا المدرس هو  بديع خيري الذي تاثر به عماد حمدي في صباه الباكر تأثرا كبيرًا.

 في مدرسة التوفيقية الثانوية تلقى عماد حمدي دروس الإلقاء على يد الفنان الكبير عبد الوارث عسر ومن خلاله زاد حبه وشغفه بالتمثيل ومثل على مسرح المدرسة عددا من المسرحيات العالمية  لكن طموح عماد وشقيقه التوأم عبد الرحمن كان الالتحاق بمدرسة الطب العليا  فقد كان حلمهما الكبير أن يعملا طبيبين

واصطدم هذا الحلم بالامكانيات المادية المتوسطة لوالدهما فهما لديهما ستة اشقاء  آخرون ومن الصعب بل من المستحيل ان يستطيع والدهما الموظف ان يتكفل  بالمصروفات العالية والكبيرة لمدرسة الطب واختار لهما والدهما ان يلحقهما بمدرسة التجارة العليا وهي اقل المدارس العليا تكلفة آنذاك وكانت  مصروفاتها  اثنا عشر جنيها   وتخرج عماد حمدي وشقيقه من مدرسة التجارة العليا عام 1932 وانشآ مكتبا للإعلانات الصحفية بمساعدة طلعت حرب لكن المكتب فشل فشلا ذريعا

ولم ينس عماد حمدي عشقه القديم للطب وحلمه ان يكون طبيبا فقرر ان يكون قريبا من هذه المهنة الانسانية الرفيعة وتقدم لوظيفة موظف حسابات بمستشفى ابو الريش  لكنه اكتشف  ان قربه من الاطباء لا يعني شيئا وانه موظف حسابات وليس طبيبا واستمر بهذه المهنة بضعة سنوات كانت الاسوا في حياته.

لقاء بالصدفة

 كان عماد حمدي زاهدا في وظيفته الحسابية بمستشفى ابو الريش وكثيرا ما كان يترك مكتبه ويهيم في الشوارع او يذهب لزيارة بعض اصدقائه وفي إحدى المرات ساقته قدماه قريبا من استديو مصر وبينما هو يسير حزينا مهموما اذ وجد في وجهه صديقا قديما له يدعى محمد رجائي وبعد السلام والكلام عن الاحوال اخبره عماد ببؤس حاله وبشقائه في وظيفته وهنا نظر صديقه رجائي اليه  واشار الى استديو مصر وقال له : هنا في استديو مصر  يعلنون عن وظائف حسابات وكان لرجائي اصدقاء من موظفى الاستديو واتجه الصديقان الى الاستديو وفي نفس اليوم تمت الموافقة لعماد حمدي على أن يعمل موظف حسابات باستديو مصر  ووجد عماد حمدي اخيرا طريقه الذي هياته وعبدته له الأقدار بلقاء بالصدفة مع صديق قديم

كان عماد في الاستديو قريبا من التصوير ومن الفنانين  وعاش وضعا مهنيا ونفسيا مختلفا وترقى في وظيفته بسرعة البرق ليصبح مدير انتاج  لكنه لم يكن يعرف بعد كيف يتسلل الى عالم الفن والى الوسط الفني

 في تلك الفترة المبكرة من تاريخ السينما المصرية  بدات احلام عماد حماد تتوجه بكليتها لعالم الفن  ولكنه لم يكن يحتفظ بعلاقات قوية مع اهل الفن رغم وجوده باستديو مصر

هنا جاءت الصدفة الثانية الجميلة في حياة فتى الشاشة الاول  اذ   رغبت وزارة الصحة وقتها في عمل أفلام ارشادية وتوعوية عن امراض البلهارسيا ودودة الانكلستوما التي كانت تحصد أرواح المصريين  وبالطبع اشتركت مع استديو مصر في عمل وانتاج هذه الافلام التوعوية   ووجد عماد حمدي ضالته في هذه الافلام  ليظهر بوجهه  وملامحه المصرية الصميمة   مرشدا وناصحا وبطلا في  هذه الافلام  اذ اختاره المخرج جمال مدكور ليكون الناصح الموجه المرشد للمشاهدين وكان مدكور ذكيا وهو يختار عماد حمدي بوجهه المصري

عبد الوارث عسر وبديع خيري
عبد الوارث عسر وبديع خيري

المألوف المريح

عبر هذه السلسلة من الافلام التسجيلية التي استمرت لسنوات عرف المنتجون والمخرجون عماد حمدي  وانه بالطبع يصلح للتمثيل ورغم ذلك تأخرت فرصة الدخول للسينما بالنسبة لعماد  بضعة سنوات اخرى لتجيئه الفرصة الاولى بدور بسيط في فيلم عايدة عام 1942  قبل ان تجيئه الفرصة الكبرى بواحد من اهم الادوار في واحد من اهم أفلام السينما المصرية وهو فيلم “السوق السوداء عام 1945

عانى عماد حمدي وكافح كثيرا بحثا عن مكان في السينما المصرية التي اصبح بعد ذلك فتاها الاول ولانه فنان قدير وكبير ويستحق فقد جاءته الفرصة من خلال لقاء عابر بصديق قديم ليدخل ستوديو مصر ومنه ينطلق ويعرفه اهل الفن ويحصل على فرصة سينمائية جاءت متأخرة بعض الشئ لكنها جاءت في النهاية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock