بدأت تظهر دراسات جديدة تؤكد حقائق كانت غائبة( تيار جديد يسبح عكس التيار السائد الذي يقول أن عصر المماليك كان عصر ظلام )، من بين هؤلاء مؤرخنا الكبير الدكتور أحمد زكريا الشّلق ، الذي يفسر ويقول( في دراسته القيمة “الحداثة والامبريالية في مصر إشكالية النهضة) كشفت الأيام بعد دراسات عميقة أن مصر دخلت عصر الحداثة في زمن المماليك، مع ،و لم تكن الحملة الفرنسية شمسا تشرق في مصر بدليل إنبهار الفرنسيين بحضارة مصر وولعهم بمصر ، بل مضي الواقع نحو إعادة إكتشاف نبي المصريين إخناتون مرة آخري لولع الفرنسيين به ، أن أيام المماليك لم تكن الخريف بمعايير زمنها وحتي لو تم القياس ستكون مجرد ربيع حتي لو لم ينهض بما فيه الكفاية ، أن المماليك وإن مثلوا الطبقة الأرستقراطية الحاكمة، فإنهم تمصروا وامتزجوا بالمصريين، لكن العثمانيين تصرفوا كغزاة وكانوا يعتبرون مصر مجرد ولاية تابعة لسلطانهم وقال ابن اياس بالحرف الواحد«وبطلت فى مصر نحو مائة حرفة»ومن يزر تركيا الآن سيجد فى شوارعها القديمة أعمالا ونقوشا تشبه تلك الموجودة لدينا بعضها من صنع الأسطوات المصريين.
لمصر مواقيتها وحدها
للشاعر الكبير مظفر النواب جملة خالدة عن مصر، يقول فيها لمصر مواقيتها وحدها فهي تنهض و قد لا يعتقد أحد ذلك حتي تجد نوبل في رحاب نجيب محفوظ، وذات يوم قال مولانا عباس العقاد في رد لسؤال محمد عبد الوهاب عن سر الحشد الثقافي في عصر العقاد ؟فقال مصر تصوم ثم تفطر علي نهضة في أحلك الأوقات ،والسؤال هل فعلا كان عصر المماليك ربيع وإزدهار ثقافي؟
نعم وهذا هو ما قاله وشرحه المؤرخ والأديب ابن فضل الله العمري في بلاط السلطان الناصر قلاوون، ترأس ديوان الإنشاء ( منصب وزير ثقافة فعلياً فهو الذي يتولى تحرير كتب الخليفة ورسائله، في موسوعته “مسالك الأبصار في ممالك الأمصار” التي تناول فيها جغرافيا المسالك والأقاليم والبحار، وطبقات الفقهاء واللغويين والفلاسفة والأطباء، والموسيقى والشعر، والحيوان والنبات والأعشاب، والمعادن والأحجار، والمذاهب والأديان، وتاريخ الملوك ،وازدهرت الحركة الأدبية في العصر المملوكي ازدهاراً كبيراً. فقد نشأت مدرسة مصرية شهيرة اختصت بتأليف الموسوعات في شتى النواحي الأدبية والسياسية والتاريخية والاجتماعية والإنسانية، وشهدت الفترة المملوكية ارتفاعا كبيرا في عدد المؤسسات التعليمية والمدارس الدينية في المراكز الحضرية، وانتشر الرحالة والمسافرون والباحثون العلميون المتفرغون على حد سواء في المدن المصرية واكتسب هذا النشاط طابعاً مؤسسياً بشكل متزايد في العصر المملوكي،عبرتحديد مناصب ووظائف تعليمية بأجرمن قبل المسؤولين المماليك، بحسب دراسة الأكاديمي اللبناني إلياس مهنا المنشورة ضمن كتاب “الموسوعية من العصور القديمة وحتى عصر النهضة” الصادر عن مطبعة جامعة كامبريدج.
وفي القرن الرابع عشر للميلاد ، كتب شهاب الدين النويري الذي ولد بالصعيد ودرس بالقاهرة المملوكية موسوعته الضخمة، وكان النويري قريبا كذلك من الناصر قلاوون، إذ عمل في بلاطه في مهام الكتابة والحسبة والمقايسات، ودوّن موسوعته “نهاية الأرب في فنون الأدب” في ثلاثة وثلاثين مجلدا وقرابة خمسة آلاف صفحة، وفيها فصول عن الجغرافيا والإنسان وعلومه والحيوان والنبات والتاريخ من آدم وحتى عصره.
العصر الذهبي للموسوعات العملاقة
يوصف العصر المملوكي في مصر (1250-1517) بأنه العصر الذهبي للأدب الموسوعي العربي، إذ ألفت فيه الموسوعات على نطاق واسع من قبل علماء مرموقين مثل القلقشندي وجمال الدين الوطواط وغيرهم، وظهرت الموسوعات التي ازدهرت وعرف التراث العربي كذلك رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء في القرن العاشر الميلادي، وتناولت رسائلهم الـ52كل مواضيع الرياضيات والطبيعة وعلوم النفس والأديان والفلسفة، كتبت بلغة أدبية بليغة وقُسّمت لأربعة أقسام مرتبة، مثل عيون الأخبار لابن قتيبة ومفاتيح العلوم لمحمد الخوارزمي،وكتب الجاحظ المتوفى 868 للميلاد سفره الكبير “الحيوان”، وضمنه أخبار الحيوانات وطباعها، وناقش موضوعات فلسفية وعلمية مثل الكمون والتولد، والجواهر والأعراض، وفي “البيان والتبيين” قدّم مختارات نثرية وشعرية مبينا أسس البيان وفلسفة اللغة.
ويشكل الكتابان معا، وكذلك أعمال أبو الحسن المسعودي في القرن العاشر الميلادي، وهو ما يمكن اعتباره بدايات مبكرة للتقاليد الموسوعية العربية،وعقب الغزو المغولي لبغداد عام 1258 أصبحت العاصمة المملوكية، في القاهرة أكبر مدينة بها عدد هائل من المؤرخين والشعراء والأدباء وفطاحل المفكرين ، تحولت مصر لكيان ثقافي ضخم أستوعب كل منجز حضاري في تلك الفترة صارت القاهرة المدينة الرئيسية في العالم العربي. ومن هنا قام المماليك بنشاط ثقافي مدهش وكذلك برعاية مجموعة واسعة من المشروعات الفنية و الآلاف من المؤسسات الخيرية وإمدادها بالتجهيزات والمفروشات، التي تتراوح من المصاحف إلى الأعمال المعدنية والزجاجية والخشبية والمنسوجات، ولعبت الكتب الفخمة دورا أصغر، حيث كان المماليك أكثر اهتماماً بفنون السياسة والحرب، وقام المماليك بتوظيف بيروقراطية كبيرة، وسجلوا بيانات عن كل العمليات ولم يكن الخط استثناء من ذلك. وكان شهاب الدين أبو العباس هو أفضل من كتب عن فن الخط العربي وقد تعلم من كبار علماء الخطاطين المصريين الذين برعوا في عهد المماليك وقد زيّنوا أبواب المساجد والمدارس كذلك زيّنوا دور القرآن، كما بدأت الخطوط المستديرة تأخذ مكان الخطوط الكوفية على الأبنية والقصور، أما عن العهد المملوكي فقد عادوا ليحيوا من جديد الخط الكوفي الذين بدأوا الكتابة به، وقد استخدموا الخط الكوفي كعنصر زخرفي، وسرعان ما انتشر الخط الكوفي المزخرف بشكلٍ كبير فزُين به أبواب المدارس، كذلك أبواب المساجد بالإضافة الى المخانق المملوكية.
وقد امتاز العهد المملوكي أيضاً باستخدام خط الثلث وخط الثلثين، وقد أبدعوا في استخدام هذين الخطين بعدة مجالات ، حيث استخدموه في تدوين السجلات ، كما كان من قبلهم في الدولة العباسية، وأكبر مثال على استخدامهم لهذا الخط مسجد السلطان حسن،و نال فن الخط فى العصر المملوكى حظاً وافراً من التقدم والإزدهار كبقية الفنون الأخرى آنذاك، فلم تخل أى تحفة فنية أو أى معمار من اللمسات الفنية البديعة للخط الكوفى أو الخط النسخى، ولقد أدى تقدّم الخطاطين المصريين فى مجال الكتابة إلى إبتكار نوع جديد من أنواع الخط يحمل سمات فنهم وأسلوبهم الخاص وهو خط الثلث أحد فروع الخط النسخى، ويرجع إزدهار فن الخط فى عهد المماليك إلى نزوح أمهر الخطاطين العراقيين إلى مصر والشام بعد سقوط بغداد على أيدى المغول، فلقد أثّرت مدارسهم على أسلوب الكتابة فى مصر آنذاك، ومن أشهر هذه المدارس هى مدرسة ياقوت المستعصمى.
وكان من أشهر الخطاطين فى ذلك العصر ابن العفيف وابن الوحيد وابن الحشاش وغيرهم الكثير، وكعادة الفنون الكبيرة والتى ينعكس تقدمها على الصناعات المرتبطة بها، فقط أنعكس إزدهار فن الخط على العديد من الصناعات المرتبطة به كالوراقة والدوايا المعدنية، وظهر أول مصحف مكتوب بالخط «المحقق» للمماليك وكاتبه هو أحمد المطبب، وقد ترك مخطوطات موقعة أكثر من أي خطاط آخر من عهد المملوكي ولكن المصادر تتجاهله ربما لأنه لم يكن عضواً في الجهاز البيروقراطي ويعد أحد المصاحف في القاهرة مهماً بصفة خاصة بسبب توقيعه الحافل بالمعلومات الذي يعطي اسمه الكامل وهو (احمد ابن كمال يحيى الأنصاري المطبب). والمكان الذي عمل فيه أي القاهرة.
وتعتبر هذه أول مخطوطة مملوكية يرد فيها ذكر القاهرة. وتتضمن أيضا توجيهات تفصيلية يمكن استخدامها في التلاوة، وملحقاً تفسيرياً إضافياً حول الإشارات الصوتية الواردة فيه وفي السطر الأعلى من الصفحة الختامية على سبيل المثال علمت أحرف الألف الثلاثة باللون الأخضر.
وهذا يعني أن الحركة الفكرية في الدولة المملوكية على امتداد زمنها ومساحتها، شهدت انتعاشها فكرياً وثقافياً يشار إليه بالبنان. وكانت هذه الحركة الفكرية شاملة ومتنوعة في محتلف الميادين المعرفية، علاوة على الإبتكار والتجديد، مما ساهم في تسجيل تلك الإشراقات التصنيفية.
علماء وأدباء
ساد الاعتقاد طويلاً أن الفكر المصرى قد شابه الجمود والتخلف خلال حقبة المماليك ، ، وظلت أجيال المؤرخين تتناقل هذه الصورة، لكن من يفتش فقط في قصة هذا الأديب القبطي الفذ يعرف قيمة مصر المتحضرة التي تحتمل التنوع وتعيش بع ومعه ، هو بن دانيال، الأديب والطبيب القبطي، من أشهر أدباء مصر في العصر المملوكي، (توفى عام 1310م)، وهو صاحب أول محاولة لمسرحيات خيال الظل في العصور الوسطى. حيث جمعت مثل هذه المسرحيات بين الشعر والنثر الفني. كما أن قصص ألف ليلة وليلة قد احتوت على مواد مصرية قصصية كثيرة يمكن تحديد تاريخها بالقرن 8 هـ/ 14 م.
تميز العصر المملوكي بمنهج السلاطين والأمراء وكبار الجاه الذين كانوا يرون تقريب العلماء والشعراء مظهراً من مظاهر الشرف والنبل، فكانت منازلهم وقصورهم موئلاً للأدباء والشعراء،وازدهر النثر الفني والشعر،وبرع في ذلك الأديب بن عبد الظاهر 1293 م، حيث عينه بيبرس كاتباً للسر بديوان الإنشاء، وشجع حركة التأليف في العلوم والآداب وزادت المدارس عندهم، وإقبال العلماء عليها، وانصرافهم إلى التأليف وظهر عبقري النحو ابن مالك الطائي، وألفيته المشهورة والكافية الشافية، ومنهم ابن هشام الأنصاري و له ” قطر الندى و بل الصدى” ومنهم صاحب الأجرومية.
ومن الذين اشتغلوا بتصنيف المعاجم اللغوية ابن منظور صاحب “لسان العرب “، ومنهم الفيروزآبادي وله ” القاموس المحيط ” وغيرهما كثير وكان حظ التاريخ حسنا، والنشاط له عظيما، فظهر المؤرخ ابن خلكان وله “وفيات الأعيان” وهو مصنف نفيس، ومنهم شمس الدين الذهبي وله “تاريخ الإسلام وكذلك الجغرافيا فنبغ ابن بطوطة الرحالة المشهور وله كتاب “تحفة النظار”، ويعرف برحلة ابن بطوطة.
دولة المقريزي
وجاء ت لحظة التوهج المصري فكان ميلاد عميد المؤرخين الأعظم مولانا المقريزي وله خططه التي بين فيها أقاليم مصر وأحوال سكانها، وأودعها من الأخبار والحوادث التاريخية طائفة حسنة ويعتبر تقي الدين أحمد بن علي المقريزي القاهري رمز المجد والعطاء في المجال التاريخي، حيث قدم الكثير للكتابة والبحث والإستكشاف، فهو عالم ومؤرخ وكاتب، ولد سنة (1364م) بالقاهرة وتوفى في 8 فبراير سنة 1445م.
يعتبر من أبرز المؤرخين العرب في العصور الوسطى. حيث أرخ المقريزي تاريخ الدولة المصرية من بداية التاريخ لعهده.
يعد المقريزي شخصية قوية وبارزة في التاريخ المصري، كما تعتبر كل الكتابات التي قدمها حول التاريخ المصري العريق والمجيد، كانت من أفضل الكتب لأنها تحمل كل محطات التاريخ المصري من جميع الجوانب. كما كانت للمقريزي علاقة قوية بالملك الظاهر برقوق لكن فضل أن يبقى بعيدا عن الوظائف المرتبطة بالدولة، لأنه مولع بالكتابة والتأليف خاصة للتاريخ المصري، إذ لم يرد أن ينشغل عن أي شيء آخر غير الكتابة، .. وكان للعلم الطبيعي دور هام في كتاب “حياة الحيوان الكبرى” للدميري.
وتكتمل عبقرية الريادة في مصر في عصر المماليك في الفلك و تقويم البلدان و التاريخ الطبيعي و اللغة و الأدب مع الابهشي وله ” المستظرف في كل فن مستظرف” ويشتمل على أدب و سياسة واجتماع و تاريخ و جغرافية وكذلك القاموس المحيط للفيروزآبادي.
كما ازدهرت المناظرات الأدبية والشعرية المختلفة، ومن أشهر شعراء العصر المملوكي بن الجزار وبن الوراق والمناوي المصري. واشتهر الصلاح الصفدي كأحد أهم مؤلفي الموشحات في العصر المملوكي ثم يظهر ابن أيبك الدواداري
وهومؤرخ مصري مملوكي نشأ وعاش في حارة الباطنية بالقاهرة. كان جده ” ابن أيبك ” (ت 645هـ)، ووالده ” عبد الله بن أيبك ” (ت 713هـ)، وهو ذاته على اتصال بأكابر الأيوبيين والمماليك وشهود عيان لكثير من الحوادث خلال حقبة زمنية تمتد من أوائل القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن للهجرة. وهي حقبة ذات أهمية تاريخية كبرى شهدت صراعات بني أيوب الداخلية وزوال دولتهم وبزوغ نجم الدولة المملوكية. من أهم مؤلفاته كنز الدُرر وجامع الغُرر’ و” درر التيجان وغرر تواريخ الزمان “. ويعد الكتاب الأول من أهم ما كتب عن العصرين الأيوبي والمملوكي نظراً لمعايشة ابن أيبك الدواداري لكثير من وقائع وأحداث العصرين من جهة، ونظراً لأنه عاش في فترة سابقة لكبار المؤرخين من أمثال ” المقريزي ” وابن تغري ” و” ابن إياس ” ويشير الدواداري إلى أن الملك الصالح نجم الدين أيوب دس لجده السم ليتخلص منه ويستولى على أملاكه وأمواله، وأن جده عندما شعر بما فعله الملك الصالح وأحس بالسم يسري في جسده وأنه سيموت لا محال، دبر مؤامرة سم بها الملك الصالح بسم جعله يصاب بمرض السقية الذي أودى فيما بعد بحياته وبذلك انتقم منه وهو متوفي .
ويظهر تلميذ المقريزي وهو المؤرخ العظيم ابن تغري بردي الذي كتب اثني عشر مؤلفاً في التاريخ. كان أول كتبه ” المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي ” وفيه سجل تراجم أعيان عصره. اما أهم مؤلفاته واشهرها واضخمها فهو كتابه النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة وهو سرد لتاريخ مصر منذ الفتح الإسلامي إلى عصره (انتهى فيه إلى 1467م). و ذكر في نهايته أنه ألفه من أجل صديقه الأمير محمد بن السلطان جمق، انتهج ابن تغري في هذا الكتاب منهجاً مخالفاً لمنهج أستاذه المقريزي، فقد جعل لكل عهد من عهود السلاطين فصلاً خاصاً، ثم ذكر السنين وحوادثها تباعاً داخل الفصل حتى إذا توفى الحاكم جعل له ترجمة منفصلة، ثم أعقب ذلك بترتيب سنوات العهد ترتيباً عددياً، وذكر وفيات كل منها في فصل واحد مع ذكر بعض الحوادث ضمن التراجم. وقد توسع ابن تغري في التاريخ الفاطمي. أما الجزء الخاص بعصره فقد اتخذ شكل السجل اليومي من عهد الناصر فرج تقريباً إلى عهد السلطان الأشرف قايتباي. وقد اعتنى ابن تغري بنهر النيل في كتابه وأحصى تقلباته وأحواله منذ الفتح الإسلامي إلى عصره. كما اهتم بالنشاط العمراني في مصر خلال العصور المختلفة . ويعد تسجيل التاريخ الحضاري مع التاريخ السياسى إحدى ميزات ابن تغري.
طبع كتاب ” النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ” (16 مجلدا) بالقاهرة في نحو أكثر من أربعين سنة من سنة 1930م إلى سنة 1972م. كما نشرت أقسام منه عن طريق بعض المستشرقين الغربيين مترجمة في معظم جامعات أوربا .
ثم تفيض مصر من ينبوع جديد للعملاق الذي ساهم في تكوين وجدان المعرفة في عقل رفاعة الطهطاوي الذي تحدث عنه كثيراً وذكره وهو أول عالم فلك بالمعني الحرفي للكلمة وهو عثمان بن سالم الورداني المصري القاهري الفلكي المعروف بالورداني (1210ه/ 1795م)كما جاء في معجم المؤلفين 6/ 254 , 6/ 271؛ فهرس الأزهرية 6/ 317؛ وهو صاحب الكتاب الأهم حتي اليوم في علم الفلك ( تسهيل المقال في معرفة العمل بالقمرورؤيته )ونشرته دار الكتب المصريّة
بعض المؤرخين أشاروا إلى أن المجتمع المصرى لم يكن خلال القرون الثلاثة من القرن السادس عشر حتى أواخر القرن الــ 18،خاملا أو راكداً ومتخلفاً وأن مصر كان بوسعها أن تنجز عملية تحديث بنفسها، فنجد «بيتر جران» يستشهد بكتابات الشيخ حسن العطار وبتأليف مرتضى الزبيدى لمعجمه الموسوعى «تاج العروس» وأن العلوم العقلية كالرياضيات والطب والكيمياء كانت موجودة تدريسا وتأليفاً وبرز فيها علماء متخصصون منهم الشيخ حسن الجبرتى والد المؤرخ الكبير عبد الرحمن الجبرتي الذى كان أيضا ضليعاً فى علوم الفلك والطب والرياضيات وإن برز مؤرخاً،. إضافة إلى ذلك رأت تلك الدراسات أن المرأة أحرزت تقدما فى مجال التعليم وأنها شاركت فى إدارة الأوقاف كالرجال .فضلا عن رئاسة بعض طوائف الحرف والصناعات .بل إن الدراسات الحديثة أثبتت أنه حتى القرن التاسع عشر لم تكن هناك حالة واحدة رفض فيها القاضى حق المرأة فى الانفصال عن زوجها إما بالطلاق أوالخلع. كانت تلك مؤشرات اعتبرها المؤرخون دليلا على أن مصر كانت فى سبيلها لإحداث نهضة ذاتية وفى طريقها للتحديث. قبل مجئ الحملة الفرنسية وقبل تولي محمد علي الذي تنسب اليه الخطوات الأولى لبناء مصر الحديثة .