المرأة التى تبرأت من قلبها حين أمسكه فرد أمن بين حاجات البقالة
وأنكرته لما ضبطه أحدهم يرقص بالممر
المرأة التى شددت وثاق ضفيرتها أرجوحة
وتركتها فوق منضدة الطعام … تشكو الخواء
المرأة التى…
تنشر أوجاعها كل يوم بمشجب وسط قمصانك
فيربت ذراع أحدهم فوقها
بينما يجف حزنها … بمرور الوقت
…
يومها مزدحم جدا
ففى الصباح ..
تطرق بالمعالق جدران الأوعية لتوقظ فاكهتها النائمة
تجلو ذاكرتها المطوسة
لتزيل رائحة البحر وخربشات النوارس
وفى مطبخها
تطهو الطعام وأحلامها .. دونما موقد
الأيام تفر بعدما تسرق شمسا من بيتها كل يوم
وهى .. تربط الليل بالنهار بخيطين
وتنتظر…
بالأمس
رسمت ببابها عصفورين وشجرة
وقتها امتلأ البيت بالزقزقة
واستراحت أذراعها المنطوية فوق الوسادة
وبينما تغالب الوحشة التى نثرت شوكها بالغرفة
صارت ترقص.. ترقص ..ترقص
تلف فوق أوراقها المحلقة …ترقص
تضرب بثوبها الهواء..ترقص
الوردات تلونت بثوبها
الوردات …ترقص
والفراشات غافلت الضوء
ونبتت فوق شعرها
والوسادة.
المرأة التى قتلها الرجل ..ومضى
لديها الآن وقت كاف لتمحو أثاره من فوق المناشف
لتقطع السرير نصفين
– أحدهم …
يلتقمه الحوت
و الأخر .. يمضى مكملا الرحلة –
لديها – الآن – كل مزيلات البقع لتمحو وجهه
وتسلخ بدنه من صورها المعلقة
والمرايا
…
كان ماهرا فى القتل
حتى أنها ظلت تنزف لأعوام دون قطرة دم
أو استغاثة
دون أن يميز الملاحون حطامها
وملحها الذى فاض
عن حاجة البحر
…
هكذا.. دون أدنى بساطة ..غابت
والإشارات التى كانت تطارد العابرين
لم تكن كافية ليمد أحدهم يده إليها بخف ماء
و صندوقها الأسود ..
ظل يردد العبارات حتى
كف عن نباحه
…
قتلها …
وفر من نافذة البيت المغلقة
لم يترك عطرا يذكر
و الزرقة التى علقت بالسماء وعينيها
كانت الأثر الوحيد الذى يثبت إحتماله
حتى شروخها الطولية
لم تميزها فرق البحث
رغم أنها قلّبت أوراقها العابسة
طولا
وعرضا
ترى… هل يظل صدرى خاويا ؟
و تسقط ذراعاى
أم تظلان معلقتين فى وضعية الأجنحة
السلم لايرقى لأعلى
السلم سطور تهرب لأسفل
حيث السماء تُدركُ بوجهها الأخر
من ممرها السرى
ترى … هل يظل خاويا ؟
أم يمسك بأجنحته إلى أن تغلق الأعاصير فمها
أنا …
عالقة كعنقود بشجرة مهجورة- إلا من الريح –
شجرة تطعمها السماء فى الخفاء
وتنذر ثمارها للذبول
الشمعة لم تنطفىء
والريح المراوغة تلهو .
ترى…هل يظل صدرى خاويا..
وتسقط الأجنحة
والسلم !… هل يرقى إذ يرقى ؟
أم أنه ظل لا يشى بمن اقترفه
الفراشات لن تحتمل كل هذا العبث
أجنحتها ستفرك كالدقيق
وهو … يحدق بنظارته الطبية
لا تستطيع حتى الكائنات الدقيقة
بأحلامها المتناهية فى الصغر أن تختبىء من بطشه .
ترى …هل يظل صدرى خاويا
وتسقط الأجـــ……….
لأدرك الفراشات المطعونة بحلمها
بمخبئها الأخير ؟
*القصائد من ديوان ” الفراشات لا يقتلها الضوء “