منذ مائة وواحد عام وبالتحديد في الثلاثين من يوليو عام 1920 ولد فريد شوقي بحي البغالة في السيدة زينب لاسرة ثرية ،انتقلت عقب ولادته إلى حي الحلمية الجديدة الذي عرف فيه فريد طفولة سعيدة ومستقرة بين والدين يجمعهما الحب وتربطهما أواصر العائلة السعيدة .. كانت نشأة مثالية بالنسبة لفريد جعلته يؤمن بعد ذلك بأهمية الأسرة والاستقرار في نجاح أي إنسان.
حصل فريد على الثانوية من مدرسة الناصرية والتحق بمعهد الهندسة التطبيقية الذي حصل على شهادته ليعمل في مجال الهندسة لمدة ثماني سنوات .. ثم حصل فريد على دبلوم معهد التمثيل فقد كان يخطط منذ البداية لأن يصبح نجما وممثلا شهيرا ، وحيث تملكت منه وسيطرت عليه منذ البداية غواية الفن والتمثيل.
كان فريد يعرف طريقه منذ البداية .. أن يكون فنانا حقيقيا وكبيرا ورائدا في تاريخ الفن المصري ، وهو ما تحقق له بالفعل، ليحقق بعد سنوات ألقابا تؤكد على حضوره وتفرده في تاريخ الفن المصري مثل وحش الشاشة وملك الترسو والبريمو.
في بداياته كان فريد شوقي مغرما بيوسف وهبي وشديد الإعجاب به وبتمثيله، وكان يداوم على تقليده في غرفته حتى أن جيرانهم في المنزل كانوا يعتقدون أن صوت يوسف وهبي ينبعث من احدى محطات الإذاعة ، وكان والد فريد صديقا ليوسف وهبي وألح عليه ابنه الشاب أن يعرفه بيوسف بيه ، لكي يستعرض امامه مواهبه التمثيلية ، ولما وقف فريد شوقي أمام يوسف وهبي أخذ في تقليده بشكل رائع وملفت فكأن يوسف وهبي كان يسمع نفسه واعتقد فريد شوقي أنه سينال اعجاب يوسف وهبي لكنه فوجئ برد فعل غريب يقول فريد شوقي :قال لي يوسف وهبي :إيه ده إنت غبي ..انا يوسف وهبي قدامك أهوه عايش وموجود .. انت لازم تكون فريد شوقي الممثل مش يوسف وهبي .. وكان درسا عظيما بالنسبة لي”.
غيرة فنية
في حقبة الأربعينيات بدأ فريد شوقي مسيرته الاحترافية في عالم الفن .. ومثل خلال تلك الفترة حوالي عشرة أفلام أو يزيد قليلا منها ملاك الرحمة وهو اول افلامه مع استاذه يوسف وهبي عام 1946 ثم ملائكة في الجحيم عام 47 من اخراج حسن الامام ثم قلبي دليلي عام 47 واللعب بالنار والقاتل عام 48 ثم غزل البنات عام 49 وفي اغلب هذه الأفلام ظهر فريد شوقي في صورة الشرير الذي يحارب ويتآمر على البطل ثم تكون هزيمته ودحره أمرا محتوما في النهاية واستمرت صورة الشرير النمطية مع فريد شوقي حتى أوائل الخمسينات فعلى سبيل المثال قام بدور جعفر التاجر الشرير الذي يرتب للمؤامرة ضد حسن الهلالي في فيلم أمير الانتقام مع أنور وجدي ، وبمناسبة أنور وجدي ورغم مشاركة فريد شوقي له في البداية في عدة أعمال مثل أمير الانتقام وخطف مراتي وغيرهما إلا أن الغيرة الفنية كانت قد سيطرت عليه تماما تجاه فريد خوفا من نجوميته الصاعدة بسرعة الصاروخ وتجلى هذا الامر حين أبلغ وجدي بعض الجهات أن فيلم الأسطى حسن بطولة فريد هو فيلم يدعو للشيوعية وتعطل عرض الفيلم وكشف فريد المؤامرة وبرر أنور لفريد بأنه عطل فيلمه فقط حتى لا يؤثر على ايرادات فيلم لأنور كان معروضا في دور العرض وتم بعدها بالفعل عرض فيلم الاسطى حسن.
مرحلة الإبداع والنجومية
اما فترة الخمسينات فكانت مرحلة الانتشار الكبير والانطلاق لنجومية فريد شوقي ، وفيه أصبح فريد شخصية مختلفة في أغلب أعماله فهو البطل القوي الذي يطارد الأشرار من أمثال محمود المليجي وزكي رستم وينتقم منهم وتجلى ذلك في أفلام من عينة رصيف نمرة5 عام 56 والفتوة عام 57.
وقد شارك فريد في عدد هائل من أفلام الخمسينات قاربت على المائة فيلم مثل فلفل وطريق الشوك وبابا أمين وأيام شبابي ووداعل يا غرامي ولسانك حصانك ونشالة هانم وحب في الظلام والاخ الكبير وباب الحديد وأبو رتيبة وكان فريد قد قام ببطولة فيلم جعلوني مجرما عام 1954 الذي تسبب في تعديل قانوني بإلغاء السابقة الأولى بالنسبة للأحداث كما قام ببطولة فيلم بور سعيد الذي طلب منه الزعيم بعد الناصر صنعه ليستعرض بطولات المدينة الباسلة أثناء العدوان الثلاثي.
واستمرت مسيرة فريد شوقي السينمائية بنفس الألق والوهج والقوة والحضور في الستينات فقام ببطولة افلام ناجحة من عينة بداية ونهاية ودماء على النيل وهارب من الأيام والزوج العازب واجازة صيف وحتى بعد ان كبر في السن استمر شوقي يبدع في السينما في السيعينات والثمانينات فمثل في السبعينات افلاما مهمة مثل هروب ونهاية الشياطين ووكر الاشرار ورجال لا يعرفون الموت وحب فوق البركان ولا تبكي يا حبيب العمر.
عطاء مستمر
وبنفس التفرد يواصل فريد شوقي ابداعه في مرحلتي الثمانينات في أفلام مثل وتمضي الأيام ورجل فقد عقله وأبو البنات والباطنية والإخوة الغرباء وملف في الآداب وفي التسعينات في أفلام مثل الخادمة وشاويش نص الليل والشيطانة ودموع صاحبة الجلالة.
وقد كتب شوقي لنفسه عشرات الأفلام فقد تميز في كتابة السيناريو الحوار كما مثل الرجل عددا من الأفلام التركية مثل مغامرات في اسطنبول وعثمان الجبار ووحش الأناضول وكان شوقي قد اتجه في بداية السبعينات للعمل في لبنان وتركيا عقب انشاء المؤسسة العامة للسينما التي رسخت هيمنة الدولة على السينما وقال بعدها بسنوات طويلة إن من أخطاء ثورة 23 يوليو أنها قامت بتأميم السينما.
رغم أن فريد شوقي أخلص تماما للسينما وكانت حياته فيها فإنه أيضا كام ممثلا مسرحيا من الطراز الأول عمل كثيرا على خشبته ومن مسرحياته ” الدنيا لما تضحك وحكايات كل يوم وشارع محمد علي وعمل فريد شوقي أيضا في الدراما التليفزيونية وله أعمال كثيرة مثل العاصفة ونقطة الضعف وعم حمزة والشباب يعود يوما وصابر يا عم صابر كما عمل الملك للإذاعة مسلسلا مثل عودة الروح وسلام لحضرة الناظر وعائلة مرزوق افندي.
https://www.youtube.com/watch?v=gN-7pE6z_14
تزوج فريد شوقي خمس مرات وأنجب خمس بنات هن منى وناهد ومها ورانيا وعبير وورثته رانيا في الفن لتصبح نجمة من نجمات الدراما التليفزيونية وناهد التي أصبحت منتجة سينمائية شهيرة.
وفي السابع والعشرين من يوليو عام 1998 رحل فريد شوقي عن 78 عاما بعد صراع رهيب مع مرض الالتهاب الرئوي الذي لازمه لعامين كاملين في أخريات حياته بسبب كثرة تدخينه .. رحل وحش الشاشة وملك الترسو والبريمو وكلها ألقاب حصدها فريد من جمهوره الكبير بعد حياة فنية حافلة وعظيمة.