نقلًا عن موقع البديل العراقي، لقراءة المصدر الأصلي، أضغط هُنا
قد يستغرب الكثير من القراء عنوان المقال، ويتساءل ما علاقة الولايات المتحدة الامريكية بما جرى للايزيدين بقرية كوجو في سنجار؟
بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للإبادة الايزيدين في سنجار اهدي هذه الاسطر الى ارواح الضحايا والى عوائلهم والى بناتنا واولادنا وآبائنا الذين ما زالوا اسرى بيد تنظيم داعش الاجرامي. أقل ما نستطيع ان نقدم لهم هو الكشف عن حقيقة ما جرى لهم ودور كل طرف في هذه العملية. اليوم سوف احاول تسليط الضوء على جانب من الدور الامريكي في عملية ابادة قرية كوجو الشهيدة.
لا يختلف اثنان من الباحثين المتخصصين في شؤون الارهاب دور الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا في صناعة وتمويل واستخدام التنظيمات الارهابية في العالم بدءا بحركة طالبان والقاعدة وانتهاء بتنظيم داعش الاجرامي. وقد اشبع هذا الموضوع بحثا وتحليلا من الباحثين المتخصصين في شؤون الارهاب ولا اود الخوض في تفاصيله.
بعد كارثة سنجار بأيام حملت مع زميلي السيد د. علي خلف حسين عددا من الرسائل من المجلس الروحاني الايزيدي الاعلى الى شخصيات دينية عراقية ومسؤولين عراقيين والى سفارات عدد من الدول الاجنبية ومن ضمنها السفارة الامريكية لطلب الدعم والمساعدة لإنقاذ حياة ما تبقى من الايزيديين العالقين في جبل سنجار واهالي قرية كوجو.
ذهبت وبرفقتي كل من السيدين د. علي والسيد سكفان مراد الى السفارة الامريكية للقاء المسؤولين الامريكان في السفارة وتسليمهم رسالة من المجلس الروحاني. وكان ضمن الحاضرين من الجانب الامريكي جنرال امريكي يعمل في غرفة العمليات المشتركة وعلى ما اتذكر قال لنا بانه نائب قائد غرفة العمليات المشتركة في اربيل.
من ضمن المواضيع الكثيرة التي تمت مناقشتها معهم هو المساعدة بتوفير غطاء جوي من اجل انقاذ حياة اهالي قرية كوجو، وبينا لهم بان لدينا مجموعة قتالية تريد تنفيذ عملية انقاذ اهالي القرية ونحتاج منكم فقط توفير الغطاء الجوي.
رفض الامريكان الطلب بحجة عدم قدرتهم على ذلك، وحاولنا كثيرا اقناعهم الا انهم رفضوا المساعدة باي شكل من الاشكال لإنقاذ اهالي القرية. بعدها طرح السيد سكفان مراد عليهم موضوع معالجة عناصر داعش الموجودين في ناحية سنونة عن طريق القصف الجوي، وذلك لما يشكل وجود هؤلاء من خطر على حياة المدنيين المحاصرين في جبل سنجار.
تصوروا ماذا كان جواب الجنرال الامريكي!!! قال لنا اولا: انهم لا يستطيعون قصف القرية دون موافقة السيد منصور برزاني (هو ابن السيد مسعود برزاني رئيس اقليم كردستان) ، ثانيا: اتصل بهم اكثر من طرف بخصوص الموضوع الاخير وعند سؤالهم من السيد منصور بارزاني قال لهم بان في القرية عوائل ومدنيين ولهذا اقترح على الجانب الامريكي عدم قصف ناحية السنونة، علما بان القرية كانت خالية تماما من المدنيين وكل من كان فيها، كان من عناصر داعش الاجرامي. طبعا عرف السيد الجنرال من خلال نظراتنا باننا نسخر من اجابته واننا نعرف بانه غير صادق فيما يقول. ومتى استأذنت امريكا احدا في العراق عندما تريد قصف هدف ما.
بعد خروجنا من مبنى السفارة الامريكية في بغداد تيقنت وبشكل مطلق بان الامريكان وراء ابادة الايزيدين في سنجار بشكل عام وكوجو بشكل خاص.
ورغم يقيني الكامل بان الجنرال الامريكي كان غير صادق في ما قاله، اتصلت بالسيدة فيان دخيل عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ونقلت لها حرفيا ما قاله الجنرال الامريكي ورجوتها ان تطلب من السيد منصور برزاني الموافقة على قصف عناصر داعش في ناحية السنونة، وذلك لما يشكل عناصر داعش هناك من خطر داهم على حياة المدنيين في الجبل، وطلبت منها ان تعطيني النتيجة. لم استلم الاجابة الى اليوم من السيدة فيان دخيل على الرغم من مرور ثلاث سنوات على الكارثة. استنتجت بعدها بانها اما لم تتجرأ مفاتحة السيد منصور برزاني اصلا، او انها فاتحته ولكنه رفض الطلب.
الاستنتاج الاول الذي توصلت اليه حينها، ان الامريكان يريدون النتيجة وهي ابادة القرية الايزيدية عن بكرة ابيها، وهذا هو الاستنتاج المنطقي الوحيد من تصرف الجانب الامريكي. علما ان الامريكان قاموا بعدد من عمليات الانزال وفي اماكن اخطر بكثير من كوجو مثل معقل داعش في حويجة وغيرها من الاماكن الخطرة.
الامر الذي عزز هذا الاستنتاج شهادات بعض الناجيات من قرية كوجو وبعض الناجين. خلال التحقيقات الخاصة التي يجريها فريق حقوقي متخصص من الايزيدين باحداث سنجار، التقى هذا الفريق ببعض الناجيات اللواتي كشفن عن معلومات خطيرة تخص عملية ابادة قرية كوجو، وان صحت هذه المعلومات، فأنها سوف تفسر لنا الكثير من الاحداث المتعلقة بموضوع داعش في العراق، وسوف يكشف الوجه القبيح لراعية حقوق الانسان والديمقراطية والحرية في العالم.
المعلومة الاولى: اثناء عملية الابادة والقتل الجماعي لأهل القرية كانت هنالك ثلاث طائرات امريكية تحوم حول القرية، اثنان منها كانت حربية والثالثة تقوم بالتصوير وعلى مسافات منخفضة. اي انهم كانوا يعرفون بمكان وتاريخ وتوقيت ارتكاب المجزرة.
المعلومة الثانية: كانت هنالك مجموعتان داخل تنظيم داعش الاجرامي لهما مواقف مختلفة حول كيفية التعامل مع قرية كوجو، المجموعة الاولى كانت ترغب في احتجاز اهالي القرية كرهائن للاستفادة منهم في المستقبل، والمجموعة الثانية كانت تطلب ابادة القرية، ولهذا لم يتخذ التنظيم قرارا نهائيا بخصوص القرية. قام الفريق الثاني وبحسب معلومات من داخل التنظيم بتنفيذ عملية الابادة دون علم المجموعة الاولى. شكك التنظيم في ضلوع اجهزة مخابرات دولية في عملية الابادة. بعدها شكل التنظيم لجنة تحقيقية من الفريق الاول للتحقيق فيما جرى، وحسب التنظيم اجتمعت اللجنة في احد الابنية في سنجار. قامت الطائرات الامريكية بقصف المبنى الذي كان يتواجد فيها فريق التحقيق وتمت تصفيتهم. كانت الغاية الاساسية من تصفية فريق التحقيق هو حماية المجموعة التي نفذت عملية ابادة قرية كوجو، كل هذا حسب معلومات احد عناصر داعش، التي رواها لفتاة ايزيدية كانت سبية عنده.
جل هذه المعلومات تؤيد فرضية استخدام الولايات المتحدة الامريكية أبناء الديانة الايزيدية كطعم لتنظيم داعش الاجرامي لتحقيق مجموعة من الاهداف منها:
أولا: ذريعة للتدخل في العراق ثانية تحت حجة حماية الاقليات الدينية.
ثانيا: لكي يظهر للعالم الغربي خطر الاسلام والمسلمين، ويبرر سياساته اتجاه العالم الاسلامي.
ثالثا: ارسال رسائل للدول الخليجية وبعض الدول العربية، مفادها ان لم تدفعوا سيكون مصيركم ليس افضل من مصير العراق.
رابعا: دفع بعض الدول الى التهافت لشراء الاسلحة الامريكية.
في الختام، اتمنى ان تطلب الحكومة العراقية من فريق اممي متخصص بالتحقيق في دور امريكي محتمل حول كل ما جرى للعراق وللمواطنين العراقيين، وخاصة المكون الايزيدي بعد 2014، واتمنى ان تفهم الاقليات في العراق أخيرا بان الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا السبب الرئيس في كل ما حصل لهم منذ 2003 والى اليوم.