رؤى

من أخطاء الكُتَّاب في استخدام الاسم الموصول

يستوقف بعضنا أحيانا تعبيرات النحو البسيطة، مثل مصطلح ”الاسم الموصول“. نحن نعرف الأسماء الموصولة، مثل ”الذي“ و“التي“ وغيرها، لكن لماذا سميت موصولة؟

الأسماء الموصولة هي أدوات ربط، تربط عبارتين أو جملتين. وسميت بذلك لأنها دائما موصولة بجملة تأتي بعدها، ولا تستخدم وحدها أبدا. وهذه الجملة توضح معناها.

فلا يمكن أن نقول مثلا:

* هذا هو النائب الذي …

* أو هذه هي الكاتبة التي …

ثم نتوقف، بل يجب أن نصل ”الذي“، و“التي“ بالجملة التي توضح معنى الكلام، فنقول:

* هذا هو النائب الذي فاز في الانتخابات

* هذه هي الكاتبة التي نالت الجائزة

فجملة ”فاز في الانتخابات“، وجملة ”نالت الجائزة“ وضحت معنى الكلام ونسميها جملة الصلة.

والأسماء الموصولة أيضا تصف ما قبلها، ولذلك تتفق معه إن كان مفردا أو غير مفرد، مذكرا أو مؤنثا، وفي الإعراب، وتتغير تبعا له.

فوصفنا النائب، باسم موصول مفرد مذكر، وهو ”الذي“، ووصفنا الكاتبة باسم موصول مفرد مؤنث، وهو ”التي“،  وهذا ما حدث أيضا في الجمل التالية:

* قابلتُ النائبين اللذين انضما إلى المجلس

* قرأت تقرير الباحثتين اللتين نفذتا التجارب

* هؤلاء هم الأطباء الذين شاركوا في الجراحة

* هؤلاء هن الممثلات اللاتي نلن الجوائز

وأحيانا ما تواجهنا بعض الجمل التي يستخدم فيها الاسم الموصول، ونشعر أنها مرتبكة، لكننا قد لا نعرف السبب. مثال ذلك الجملة التالية:

* هذه الرواية الجديدة والتي تصور حياة الريف

المشكلة في هذه الجملة تكمن في وجود حرف العطف ”واو“ قبل الاسم الموصول. لماذا؟

لأن الاسم الموصول – كما قلت قبل قليل هو صفة للاسم الذي يسبقه، ولا يمكن فصل الصفة عن الموصوف حتى وإن كان الفاصل حرفَ عطف.

فهل يصح مثلا أن نقول:

* هذا هو النائب (و) الذي فاز …

* هذه هي الكاتبة (و) التي نالت الجائزة…

لا يصح. والصواب أن نبقي على الصفة بعد الموصوف، فنقول في الجملة التي عرضناها:

* هذه الرواية الجديدة التي تصور حياة الريف

لكننا أحيانا ما نقرأ جملا فيها أسماء موصولة مسبوقة بحرف عطف. وهذا صحيح. ولكن هناك فرق بين جملتنا:

* هذه الرواية الجديدة التي تصور حياة الريف

والجمل التي يوجد فيها حرف عطف قبل الاسم الموصول.

فإن أردنا عطف الاسم الموصول، فإننا نعطفه على اسم موصول مثله.

فنقول مثلا:

* هذه الرواية الجديدة التي تصور حياة الريف، والتي كتبتها المؤلفة العام الماضي

فالتي الثانية معطوفة على التي الأولى.

وإذا كان الاسم الموصول صفة، كما ذكرنا، فهو نظريا يمكن أن يصف اسم نكرة، والصفة تتبع الموصوف في اللغة العربية وتتفق معه في كل شيء. وأحيانا ما نقرأ جملا يأتي فيها الاسم الموصول بعد اسم نكرة. فما مدى صحة ذلك؟

الاسم الموصول، كما درسناه في المدارس يرد في باب “المعارف”، أي الأسماء المعرفة. وهذا يعني أن الاسم الموصول معرفة. والمعرفة لا يكون صفة إلا لاسم معرفة مثله.

فنقول:

* النائب الذي

* الكاتبة التي

* الرجلان اللذان

* الفتاتان اللتان

* الرجال الذين

* النسوة اللاتي

ولا نستطيع أبدا أن نقول:

* قرأت رواية التي كتبها نجيب محفوظ

وللأسف هذا خطأ يقع فيه بعض الناس، لأن ”رواية“ نكرة، والاسم الموصول ”التي“ معرفة، وهو صفة، والمعرفة لا تكون صفة إلا لمعرفة.

ونحن لا نحتاج اسما موصولا في تلك الجملة. والأصوب أن نقول:

* قرأت رواية كتبها نجيب محفوظ

لكن لماذا يخطئ بعض الناس في ذلك؟

يرجع السبب في رأيي إلى تأثر هؤلاء الناس بتراكيب أجنبية، مثل ما يحدث في اللغة الإنجليزية.

فالإنجليز يقولون:

The novel, which Mahfouz wrote in his early years, won a prize.

فالاسم الموصول هنا (which) يشير إلى اسم معرفة، وهو (the novel)

وهم أيضا يستخدمون الاسم الموصول مع النكرة، فيقولون مثلا:

It was a novel for which he was only paid 200 pounds.

والاسم الموصوف هنا (which) يشير إلى اسم نكرة، وهو (a novel).

وقد تأثر بعض صحفيينا، للأسف، بهذا التركيب الإنجليزي، وأخذوا يستخدمونه في اللغة العربية.

محمد رياض العشيري

محاضر في اللغة وأكاديمي وصحفي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock