فن

مهرجان القاهرة السينمائي.. حضور عربي قوى وأفلام تنتصر للتفاصيل الإنسانية

يقترب قطار مهرجان القاهرة السينمائي الدولي من الوصول إلى محطته الأخيرة خلال دورته الـ (43) والتي بدأت مساء يوم 26 نوفمبر، وتستمر حتى مساء الخامس من ديسمبر، حين تعلن لجان التحكيم نتائج المسابقات المتعددة في مختلف جوانب الفن السابع .

وقد شهدت تلك الدورة تكريم الفنانة الكبيرة “نيللي” بجائزة “إنجاز العمر”، كما تم تكريم الفنان “كريم عبد العزيز” بجائزة “فاتن حمامة”. إلا أنَّ تكريم صناع فيلم “الكيت كات ” وعلى رأسهم المخرج الكبير “داود عبد السيد” كان حدثا مهما وتقديرا مستحقا من جانب إدارة المهرجان لقيمة وتاريخ “داوود عبد السيد” الذى نأمل أن يحصل على جائزة “إنجاز العمر” في الدورة المقبلة.

وقد جاءت تلك الدورة في ظروف صحية أكثر انفتاحا، فعلى الرغم من استمرار انتشار وباء “كوفيد 19” والتزام الإجراءات الاحترازية؛ إلا أنَّ التواصل العام أصبح أكثر رحابةً؛ خاصَّة بعد تلقى أعدادٍ كبيرةٍ من المصريين للقاح بمختلف أنواعه.

حملت الدورة الحالية للمهرجان الأهم والأعرق في الشرق الوسط وإفريقيا بداخلها ملامح تأثير الوباء على الصناعة العريقة، وتجلى هذا من خلال عدد الأعمال التي تم إنتاجها خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى طبيعة السينما التي قدَّمها العالم أثناء مواجهة “الكورونا”.

وفقا لإعلان “محمد حفظي” رئيس مهرجان القاهرة، فإنَّ الأفلام التي يتم عرضها هذا العام بلغت (111) فيلما من (63) دولة بينها (22) فيلما قصيرا.

أبو صدام وسينما “خان”

ويتنافس (13) فيلم ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان بينها فيلم مصري هو “أبو صدام” للمخرجة الشابة  “نادين خان” وهى ابنة المخرج الراحل “محمد خان” ويعتبر هذا الفيلم هو عملها الروائي الثاني بعد تجربة فيلم هرج ومرج، وبعد أن خاضت عدة تجارب في السينما القصيرة، كما قدمت مسلسل “سابع جار”.

ويتناول “أبو صدام” قصة سائق تريلا ذو خبرة، لكنَّه يعانى من البطالة لفترة طويلة، وعندما يحصل على فرصة لنقل  بضاعة على طريق الساحل الشمالي، يحاول إنجاز مهمته على أكمل وجه؛ لكنه يتعرض لموقف يجعل الأمور تخرج عن سيطرته.

يتميز الفيلم بصورة سينمائية سحرية تمتلئ بالتفاصيل، وقدرة عالية لمخرجة العمل على الغوص في تفاصيل وانفعالات إنسانية شديدة التعقيد والثراء في آن واحد، وقد شهد الفيلم المصري إقبالا شديدا في عروضه الثلاثة التي شهدها المهرجان

ومن المتوقع أن يحصد “أبو صدام” جوائز في المسابقة الرسمية، خاصَّة في مجال الإخراج والتمثيل، ونرشح الفنان المصري “محمد ممدوح” للحصول على إحدى الجوائز.

كما يشارك ضمن المسابقة الرسمية الفيلم التونسي “غُدوة” وهو التجربة الأولى للممثل التونسي “ظافر العابدين”.

ويتناول الفيلم قصة “حبيب” الذي يعاني من تدهور حالته الصحية، بينما يطارده ماضيه السياسي أثناء فترة حكم الرئيس “بن علي”، وتجمعه الاقدار بنجله “أحمد” الذي أنجبه من زوجته السابقة؛ ويتبادل الأب والابن الأدوار؛ فيجد “أحمد” نفسه مضطرًا للاعتناء بوالده، والتأكد من سلامته، لكن الأوضاع تجعلهما في موقف لم يستعدا لمواجهته.. ويحمل الفيلم دلالات سياسية واضحة حول الصراع بين جيليين كلاهما له تجارب متباينة وأحلام عديدة.

ومن الأردن جاء المخرج “زيد أبو حمدان” بفيلم “بنات عبد الرحمن” ضمن المسابقة الرسمية، وقد لاقى العمل الأردني قبولاً لافتا من رواد المهرجان، حيث يتناول حي للطبقة المتوسطة الدنيا في “عَمَّان” حيث تعيش “زينب” العزباء متوسطة العمر حياة كئيبة، وتعمل خياطة محلية وتعول والدها. بعد أن رآها والدها عن طريق الخطأ في ثوب للزفاف تقوم بتعديله من أجل رب عمها، بعدها تستيقظ “زينب” ذات يومٍ لتجد والدها مفقودا.

هذه هي الأفلام العربية المشاركة في المسابقة الرسمية للدورة الحالية

وقد وقع اختيار إدارة المهرجان للفيلم الأسباني “المسابقة الرسمية ” من إخراج “ماريانو كوهن” و”جاستون دوبرات” وبطولة “أنطونيو بانديراس” و”بينيلوبي كروز” مع “أوسكار مارتينيز”  ليكون فيلم الافتتاح للدورة الحالية. ويتناول الفيلم  الذى تدور أحداثه في إسبانيا في إطار كوميدي صادم، حيث يعيش الملياردير “هومبرتو سواريز” وهو صاحب شركة أدوية كبرى، ويريد الاحتفال بعيد ميلاده الثمانين بطريقة مبتكرة، فيقرر في النهاية إنتاج فيلمٍ سينمائي؛ ليُخَلَّدَ به ذكراه. ويقع اختيار “هومبرتو” على رواية حائزة على جائزة “نوبل” لتكون قصة فيلمه، دون أن يقرأ الرواية.. كما يستعين بمخرج أفلام شهير لا يستجيب لأي توجيه.. لتقع كثير من الأحداث تضفي على الفيلم جوا من الكوميديا المختلفة.

 سينما عربية

ومن الواضح خلال متابعة أعمال المهرجان هذا العام ذلك الحضور العربي القوى والمميز؛ خاصَّة في مسابقة آفاق السينما العربية التي يتنافس فيها (11) عملا يمثلون دول (مصر والسعودية وتونس والعراق ولبنان والأردن وفلسطين الكويت والإمارات العربية والمغرب والجزائر). واستطاع عدد كبير من تلك الأعمال لفت الأنظار بقوة سواء من جانب النقاد أو جمهور المهرجان.

وقد شاركت ضمن فعاليات أسبوع النقاد سبعة أفلام، من بينها الفيلم السوري – الفلسطيني “الغريب ” للمخرج “أمير فخر الدين” وتدور أحداث الفيلم في “الجولان” المحتل حيث يعيش “عدنان” الطبيب السابق، محاطا بالأزمات مع والده، الذي يقرر حرمانه من الميراث، بعد أن تحول إلى سكير، وتتطور الأمور بعد أن يقابل جنديا من جرحى الحرب في بلاده.

أفلام قصيرة.. تأثير قوى

وعن الأفلام القصيرة، والتي كان لها حضور طاغٍ هذا العام، واستطاعت أن تنافس بقوة عروض الأعمال الروائية، وقد بدا شغف الجمهور لمتابعة هذا اللون الفني، وقد تنافس في المسابقة الرسمية (22) فيلما من مختلف دول العالم، بينها الفيلم المصري “ثلاثة اختفاءات وأغنية ” للمخرجة “نادية غانم” والفيلم اللبناني “ثم حل الظلام ” والمصري “الحفرة ” والكويتي “راحوا وخلوني ” والعراقي “صدى” والمصري “في العادة لا أشارك هذا” والمصري– الهولندي “لا أنسى البحر” ومن تونس “نقطة عمياء” ومن مصر أيضا فيلم “ولا حاجة يا ناجى.. اقفل”.

ومن المتوقع أن تتنافس الأفلام المصرية القصيرة والوثائقية على عدد من جوائز المسابقة خاصة الفيلم الوثائقي “من القاهرة ” للمخرجة “هالة خليل “.

سينما مختلفة..

تميزت هذه الدورة من المهرجان، بنوعية أفلام جاء معظمها يحمل ملامحَ مغايرةً للمتعارف عليه تقليديا بين غالبية جمهور السينما، حيث شهد المهرجان أعمالا تنتصر بشكل واضح للتفاصيل الإنسانية، بينما تغيب القضايا الكبرى وتتوارى خلف الملامح الإنسانية الدقيقة لأبطال الأعمال.

كما جاء عددٌ كبيرٌ من الأفلام متجاوزا الجغرافيا والحدود العرقية والقومية؛ لدرجة أن المتلقي قد لا يدرك ببساطة جنسية هذا العمل، لأنه يتناول قضايا إنسانية صالحة لكل الأوطان، وهذا ما رأيناه في أفلام مثل “ماذا ترى عندما تتطلع إلى السماء” وهو عمل أرجنتيني يتناول قصة شاب وفتاة يلتقيان صدفة، ويجعهما الحب من أول لحظة، ويتفقان على اللقاء في اليوم التالي لكنهما نسيا أن يتعارفا أو يتبادلا الأسماء والعناوين، ليستمر بحث كل منهما عن الآخر، وسط تفاصيل دقيقة لحياة سكان “مدينة “كوتايسى” التي يعيش سكانها حالة من الهوس بكرة القدم وتشجيع المنتخب الوطني.

كما جاء فيلم “أرض الأحلام” إخراج “شيرين نشأت” و”شجاع عزاري” متناولا قصة مهاجر إيراني للولايات المتحدة الأمريكية والذى يبدأ في برنامج لتسجيل أحلام المواطنين ويحاول اختراق المجتمع الأمريكي .

وكما كان الفيلم التايلاندي الرائع “ميموريا” للمخرج “أبيشات بونج”. كما تفاعل رواد السينما مع فيلم “معجزة ” من إخراج “بوجدان جورج أبتري” ومن إنتاج رومانيا، التشيك، لاتفيا، وتدور أحداث الفيلم حول تتبع الراهبة الشابة “كريستينا” وهي تتسلل من ديرها المنعزل؛ لتطلع بأمر عاجل؛ فتأخذها رحلتها المبهمة حول المدينة، وتعود في المساء لتلتقي بمصير غير متوقع في طريق عودتها إلى الدير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock