ثقافة

قصيدة النثر الفيسبوكية بوصفها صعقة ذهنية (1-2).. الليل المتحول في زمن الفضاء الأزرق

مثل كل المنعطفات المفصلية الكبرى في تاريخنا الشعري، تمكن زمن الميديا متمثلا في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، من وضع بصمته على المنتج الشعري العربي، وقد تم ذلك من خلال مجموعة استبدالات عميقة تجمع بين القطيعة مع الماضي والتقاطع معه في نفس الوقت، وإذا كانت هذه المقاربة تستهدف مع مقاربات أخرى؛ قصيدة النثر الفيسبوكية دون غيرها من أشكال التعبير الشعري، فلأنها أثبتت خلال عقد ونصف العقد من تاريخ هذا الفضاء؛ قدرتها أكثر من غيرها على تجسيد صعقته الذهنية، والإحساس بلحظته بوصفها لحظة مفصلية في تاريخنا الشعري.

ستقودنا المعاينات الواسعة والمعمقة لقصيدة النثر الفيسبوكية إلى مجموعة اكتشافات مذهلة، اكتشافات تعبر عن صعقة ذهنية، لكنها في نفس الوقت تتحول إلى حقائق في واقعنا الشعري المتجسد على صفحات الفضاء الافتراضي، وهذا -التعبير الأخير عن تجسد الحقائق الواقعية في فضاء افتراضي- يعد مفارقة في حد ذاته.

من أهم الاستبدالات التي يمكن التأشير عليها؛ أن قصيدة النثر الفيسبوكية تعكس بشكل واضح شعور مستهلكي الفضاء الافتراضي باختلال مسلمة الزمن؛ تعكسها أكثر من أي جنس إبداعي آخر يحتضنه الفضاء الأزرق، ربما كان لطبيعتها المتخففة من “الانثقال” بتراث الشعر القديم دخل كبير في هذا، غير أن تجسيدها لاختلال مسلمة الزمن؛ يبدو ناتجا عن طواعيتها، عن قابليتها هي في نفسها لتمثل معطيات الفضاء الأزرق أكثر من أي شكل آخر.

لكي يتضح معنى اختلال مسلمة الزمن، لا بد من مثال موسع قليلا، نعرضه من خلال عودة سريعة إلى الماضي.

لطالما ارتبط إنتاج القصيدة في التراث العربي؛ منذ الجاهلية بما يمكن أن نسميه “محفز الهواجس الليلية”. ثمة كم هائل من الشعر في تراثنا العربي يخاطب الليل بوصفه حاضنا زمنيا لإنتاج النص، أو بوصفه مُخَاطَبا احتاج الشاعر إلى مخاطبته؛ حيث يغط الآخرون في النوم، أو بوصفه شاهدا على الحال، أو بوصفه مَشْكُوَّ الطول، أو متهما بتهييج الهم المسبب للسهر.

كان منشأ ذلك كله جلال الليل، هيبته ورهبته، سكونه وصمته، هدوؤه الأكثر سماحا بالإنصات والتفكر، أيضا وحشته المحركة لبواعث التَّشَجُن بالنوستالجيا، الشعور بالخوف والبرد، الرغبة في البكاء، أو الإحساس بطول الانتظار.

ومنذ أرسل امرؤ القيس نفثته الشهيرة:

         ولَيلٍ كَمَوجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدولَهُ                  عَليّ بأَنْواعِ الهُمُــــــومِ ليَبتَلي

         فَقُلْتُ لَهُ لمّا تَمَطَّى بِصُلْبِــــــــــــهِ                وَأَرْدَفَ أَعْجــــــازاً ونَاءَ بكَلْكَلِ

أَلا أَيُّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَــــــــلِ               بِصُبْحٍ، وما الإصْبَاحُ مِنْكَ بِأَمْثَلِ

راكم التراث الشعري العربي؛ على مدار ستة عشر قرنا من الزمان، كما هائلا من الشعر؛ شعر بدا الليل فيه قرين القول ومحفزه الأول، حدث ذلك لأسباب كثيرة كما أسلفنا؛ منها كون الليل جغرافية زمنية، تتفجر فيها الهموم التي عادة ما ننساها قليلا بمشاغل النهار، هكذا شَخّصَهُ امرؤ القيس في أبياته تلك، وهكذا شَخّصَهُ بشار بن برد من بعده:

                 وَطالَ عَلَيَّ اللَيلُ حَتّى كَأَنَّهُ            لَيلَينِ مَوصولٌ فَما يَتَزَحزَحُ

                 كَأَنَّ الدُجى زادَت وَما زادَتِ الدُجى    وَلَكِن أَطالَ اللَيلَ هَمٌّ مُبَرِّحُ

وثمة سبب آخر، سبب يتمثل في كون الليل أنسب الأوقات للحديث مع النفس عن المحبوب؛ بل هو فرصة مثلى للانفراد بتخيّله وخيالاته، كما يعبر قول المجنون:

وَأخرجُ من بَينِ الْبيُوتِ لَعلّنِي        أحَدِّثُ عَنْك النَّفس فِي اللّيْلِ خَالِيا

الليل أيضا يتميز بقدرته على الجمع بين تحفيز وجع الحب، وستر تجليات الوجع وعذاباته في نفس الوقت، تلك حالة يعبّر عنها قول أبي فراس الحمداني:

إِذا اللَّيْلُ أَضْوَانِي بَسَطْتُ يَدَ الهَوَى      وأَذْلَلتُ دَمْعاً مِنْ خَلائِقِه الكِبْرُ

والليل نفسه مناسبة للتشخيص الشعري، إن فكرنا في الكتابة عنه من منطلق تأملي، كما فعل المعري:

                     ليلتي هذه عُروسٌ من الزّنْجِ     عليها قلائِدٌ مِن جُمـــــــانِ

                     هَرَبَ النّوْمُ عن جُفونيَ فيها    هَرَبَ الأمْنِ عن فؤادِ الجَبانِ

كذلك يحضر الليل في الشعر بوصفه شديد الوطأة على العشاق، تتولد اللواعج من هدوئه، تعدد مساراتها، وكثرة انهمارها في وحدة الشاعر، تخلق إحساسا صعبا، فالليل يتمدد، زمنه يخرج على مألوفه. إنها معضلة تعددت تعبيرات الشعراء عنها، ثمة نماذج شعرية في هذا السياق احتلت مساحة مميزة في دائرة التلقي، وما جعلها تحظى بهذا الشرف قرونا متوالية، هو جمعها بين تشخيص اللحظة الوجودية وروعة الشعر، قدرتها على مصالبة إرغامات الزمن بجمالياتها، وقدرة كوامنها على تحريك كوامن القارئ في كل زمان، يمكن التمثيل لتلك النماذج بقصيدة الحصري القيرواني:

يا ليلُ الصبُّ متى غدُه      أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ

رقدَ السُّمَّـــــــارُ فأَرَّقه      أسفٌ للبيْنِ يــــردِّدهُ

 كما يمكن التمثيل لها بقصيدة البهاء زهير:

                            يا لَيلُ مالَكَ آخِرٌ يُرجى وَلا لِلشَوقِ آخِر

                            يا لَيلُ طُل يا شَوقُ دُم إِنّي عَلى الحالَينِ صابِر

                            لِيَ فيكَ أَجرُ مُجاهِد إِن صَحَّ أَنَّ اللَيلَ كافِر

                           طَرفي وَطَرفُ النَجمِ فيكَ كِلاهُما ساهٍ وَساهِر

                           يَا لَيْلُ بَدرُكَ حاضِرٌ يا لَيتَ بَدري كانَ حاضِر

إن مصدر السحر يكمن في تشييد القصيدتين بطريقة مخصوصة، لقد تم تخليق الجماليات عبر لعبة تحويلية، تحولت مخاطبة الليل إلى لعبة توليد للمعاني، وتم ذلك اعتمادا على متواليات مرهفة وذكية من الضديات، لكن فتنة قصيدة فتح الله ابن النحاس:

بَاتَ سَاهِي الطَّرْفِ والشَّوقُ يُلِحُّ والدُّجَى إنْ يَمْضِ جُنْحٌ يأتِ جُنْحُ

                 فَكَأنَّ الشَّرْقَ بَابٌ لِلدُّجَى              مَا لَه ُخَوفَ هُجُومِ الصُّبْحِ فَتْحُ

                 يَقْدَحُ النَّجْمُ لِعَينِي شَرَرًا               ولِزْنْدِ الشَّوقِ في الأحْشَاءِ قَدْحُ

ستبدو أكثر تشخيصاً لليل كباعث على القول الشعري، هنا تتجسد ذات الشاعر، يتجسد شعوره بالوحدة، يتحول قلقه الوجودي إلى غيمة من الحزن تمطر دون توقف، فإذا كانت لعبة اللغة الشعرية نفسها، استغلال طاقات التضاد –مثلا، يجعلنا نشعر بطرافة قصيدتي القيرواني والبهاء، إذ يكسوان تلقينا لهما لذة مبهجة، فإن شجن قصيدة ابن النحاس يفعل ما هو أكثر من ذلك، إن قدرة ذاتيتها في النفاذ إلى أحاسيسنا تغيرنا كثيرا، تجعلنا نشعر أن ليلها يتجسد في خيالنا مختلفا عن كل ليل قالته القصائد؛ بل عن كل ليل عرفناه في حياتنا.

لكن كيف أخلّت قصيدة النثر الفيسبوكية بهذا الليل الشعري؟

إنه ليل قارٌّ في وجداننا بكل مظاهره المتعددة، التعبير عنه من خلال النماذج السابقة، يرغمنا على النظر إليه بوصفه نبت زمن واحد متطاول العصور.

قبل الإجابة لابد من التأكيد مرة أخرى على أن اختلال مسلمة الزمن في قصيدة النثر الفيسبوكية، لا يتعلق بتخفف قصيدة النثر في عمومها من الانثقال بتراث الشعر العربي القديم، فهذا السبب يمكن وضعه في الدرجة الثانية بعد السبب الأول المتمثل في الفيسبوك نفسه، فقد أخل الفضاء الأزرق بمسلمة الزمن كلها، لكنه على وجه الخصوص أخل بمسلمة الليل كزمن ظل على مدار التاريخ الشعري العربي المحفز الأول لقول الشعر، لم يعد الليل موجودا بالنسبة لشاعر يقبع في غرفته وحيدا، أو متوحدا أمام شاشة الكمبيوتر، أو شاشة الهاتف، ينقر لوحة المفاتيح في صمت، لكنه في الحقيقة لا يناجي نفسه، وإنما يُشهِدُ الفضاء الافتراضي كله على لحظته. يبدو الأمر مناجاة للنفس في الظاهر، لكن واقع الأمر أن الشاعر يكتب على مسمع ومرأى مفترضين ممن يشاهدون صفحته في الفضاء. ينغمس الشاعر في هذه الحالة التفاعلية وينسى تماما أن يفكر كم مضى من ليله، نادرا ما يتذكر النظر إلى الرقم الذي يشير إلى الساعة في أسفل جهاز كمبيوتره، أو أعلى شاشة هاتفه.

هذا الاستبدال سيرتبط باستبدالات أخرى، إن الفضاء الأزرق وهو يخل بمسلمة الزمن، استغنى أيضا عن مواضعات خطابها، ثمة خطاب جديد ومختلف تماماً، ففي قصيدة لم تنشر على غير صفحته في الفيس بوك، يقول الشاعر المصري إبراهيم البجلاتي:

كلما دخلت على صفحتي أو حائطي

يقول لي “مارك”: وماذا يدور في رأسك؟

أجبته كثيرًا: لا شيء يدور في رأس يدور

الآن أحب أن أقول له:

وماذا عن الحياة الداخلية للنبات؟

إنه يخاطب مارك زوكربيرغ مؤسس منصة فيس بوك، بوصفه رمزاً لهذا الفضاء الافتراضي، وبوصفه بديلاً للمخاطب القديم في الشعر، الطلل، الصديق، رفاق الرحلة، الليل، الراحلة، الفرس، الورقة والقلم الخ، لكنه أكثر من ذلك يخاطبه بوصفه ملهماً ومحفزاً للكتابة، إنه شيطان الشعر عند العرب القدماء، أو أبولو آلهة الشعر عند الإغريق.

لست متأكداً من مصداقية التعميم الذي أطلقه الناقد وليد الخشاب، حول تفرّد الثقافة العربية بما نراه ونلمسه كل يوم، من نزعة تجسيدية تشخيصية ممزوجة بميل للسخرية، تصور منصة فيس بوك، وكأنها لعبة تحت سيطرة شخص واحد، هو رئيس شركة فيس بوك، وكأنه يتابع بنفسه كل تفصيلة تنشر. ناهيك عن الكم الكبير من التعليقات التي تشير إليه بصيغ مختلفة “مارك زوكربيرغ”، “مارك”، “زوكربيرغ”، أو تخاطبه شخصيًّا بالعربية، الأمر الذي تحول إلى ظاهرة لا نجد نظيرا لها بمثل هذه القوة في اللغات الأوربية .

مارك زوكربيرغ
مارك زوكربيرغ

وبغض النظر عن كون هذه الظاهرة لا نظير لها في اللغات الأوربية، أو حتى غيرها من اللغات يحتاج إلى تحقق واسع، فإن ما يهمنا هنا هو تحققها القوي في ثقافتنا، وراهنيتها الهائلة في تعاملنا اليومي مع هذا الفضاء الافتراضي. ويهمنا أكثر من ذلك مساحة الاستبدالات الواسعة التي استحوذ عليها “مارك زوكر بيرغ” أو إن شئنا الدقة، فلنقل: إن هذا الفضاء أعاد بطريقة معاصرة إنتاج مواضعات وتقاليد المخاطب المتوهم الذي أطرته القصيدة العربية في مراحل تاريخها المختلفة. وأضاف إليها محفز القول في القصيدة الشفاهية العامية.. بم تفكر؟  ما قال؟

سؤال فيس بوك للشاعر: بم تفكر يمثل جانبا من التحفيز الذي يقدمه الفضاء الأزرق للشاعر، وهو كغيره من المحفزات المعاد إنتاجها، لن يمثل قطيعة مع القديم؛ بل سيمثل تقاطعا معه، إن السؤال: فيم تفكر؟ هو نفس المحفز على قول الشعر في التراث الشعري الشفاهي، وهذا مؤكد، ففي تهامة –مثلا- كان يتم تحفيز الشاعر الشفاهي بنفس الطريقة، يبادره أحدهم بهذا السؤال: ما قال؟ وعلى الفور يبدأ هدير الشعر.

وبما أن الشعر العربي في مراحل سابقة كان يحيل إلى شيطان يقبع في وادي عبقر، قبل أن تتملكه فكرة الالهام، منذ بدء الحداثة الرومانسية العربية عند مطلع القرن العشرين، وبما أن الشعر الشفاهي لا يزال إلى اليوم يحيل إلى حليلة تغرف للشاعر من البحر، ويتحفز بالسؤال: ما قال؟ إلى درجة خرافية، فإن مارك زوكربيرغ قد حل محل شيطان الشعر وحليلته، فيما حل فضاؤه الأزرق (فيس بوك) محل الملهم العلوي، وحل السؤال: بم تفكر؟ على الصفحة الشخصية محل السؤال التقليدي.. ما قال؟ في عالم الشعر الشفاهي العامي –كما تجسده الحالة التهامية-.

في هذا السياق يمكن أن نقرأ نص الشاعر إبراهيم البجلاتي بوصفه إخراجا بصريا ليس لفكرة المناجاة كما طرحها الناقد وليد الخشاب وحسب؛ بل لفكرة الهاجس أو الوحي الشعري، شيطان الشعر، حليلة الشاعر، الآلهة أبولو، الإلهام السماوي، وفي نفس الوقت فكرة السؤال المحفز: ما قال؟

لكن استحواذات فيس بوك واستبدالاته لا تتوقف عند هذا الحد، فهو يشتغل وفق عقليات الشركات الكبرى، وبنفس آلية نهمها المتواصل لجمع كل ما يمكن أن يسهم في نجاحها، لذلك فهو يقوم بدور الراوية الذي كان قديما يروي أشعار الشاعر وينقل أخباره، ويقوم كحائط بدور جدار الكعبة في حالة المعلقات الشعرية قبل الإسلام، ويقوم بدور الكتاب والمجلة والصحيفة كما عرفت إلى عهد قريب.

إبراهيم البجلاتي
إبراهيم البجلاتي

كثيراً ما يواجه الشاعر حائطه على فيس بوك، وليس في رأسه شيء، إنه يشعر بخواء فكري، أو كما يقول البجلاتي “لا شيء يدور في رأس يدور”، ثم يبدأ في التنقل بين صفحات الآخرين، يتماهى في الفضاء الأزرق، يشارك الشعراء والقراء الافتراضيين حالاتهم، وأثناء ذلك تتكون المحفزات، وتتحول إلى هاجس كتابة، يشعر برغبة في الهمس بها لزوكربيرغ، كأنه شاعر قديم يناجي حليلته، أو يصغي لشيطانه، أو يتلقى إلهامات علوية غامضة، ينظر إلى صفحته، فيواجهه المحفز الأكبر “بم تفكر؟”. استنطاق لا تختلف آليته عن طريقة منصب المنيرة محمد بن يحيى الأهدل، وهو يضع يده على بطن مبارك بكير شاعر تهامة الأسطوري ويسأله: ما قال؟ فينهمر بكير شعرا.

تصافح عين الشاعر السؤال: بم تفكر؟ وما أن ينهي انهماره الشعري، ويضغط على زر النشر، حتى تقوم صفحته على الفور بدور الراوية القديم، ودور الصحيفة في العصر الحديث، إلى جانب دور قاعة الأمسية الشعرية، أو قاعة المهرجان الذي سيلقي فيه قصيدته، فالجمهور موجود على الفضاء الافتراضي وجاهز للتفاعل بشكل مباشر.

نص إبراهيم البجلاتي سرعان ما يلتفت إلى ارتباط هذا التحول في طبيعة المحفز الشعري، بطبيعة اختلال مسلمة الزمن، لم يعد للزمن حضور، بمعنى آخر لم يعد الليل محفزا على القول:

في مواجهة الزمن

الآن يقولون لنا:

الزمن لم يعد موجودا

الزمن لم يكن موجودا قط

الزمن اختراع

*الناقد المصري وليد الخشاب مقاربة مهمة نشرت في مجلة الفصيل بتاريخ يناير 2020م، تحت عنوان -الشعر في الزمن الافتراضي والعودة لزمن الترحل” يجب أن تنظر فقد استفادت هذه المقاربة منها كثيرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock