في النصف الثاني من خمسينات القرن العشرين، تعرّف المستمع العربي عبر موجات الأثير إلى صوت جديد ومميز لشاب مصري، يجيد الأداء الصوتي في المسلسلات الإذاعية، إضافة إلى إجادته لفن تقديم البرامج من خلال البرنامج الأوروبي في الإذاعة المصرية.
كان ذلك الصوت هو صوت سمير صبري، خريج مدرسة “فيكتوريا كوليدج” في مدينة الإسكندرية التي وٌلد فيها عام ١٩٣٦، والتي تخرّج فيها عدد آخر من المبدعين مثل المخرج يوسف شاهين والممثل عُمر الشريف.
أتاح العمل الإذاعي لصبري –لا سيما مشاركته في مسلسلات درامية مثل “العسل المر” عام ١٩٥٥،– الانطلاق نحو العمل السينمائي، حيث ظهر لأول مرة على الشاشة الفضية، في إطلالة لا تتجاوز بضع ثوان من خلال أغنية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ “بحلم بيك” التي تضمّنها فيلم “حكاية حب” عام ١٩٥٩.
تنوّعت إطلالات صبري السينمائية في السنوات التالية، ما بين أدوارٍ في أفلام رومانسية مثل “من غير ميعاد” عام ١٩٦٢، أو درامية مثل “اللص والكلاب” عام ١٩٦٢، والكوميديا في أفلام مثل “٣٠ يوم في السجن” و”شباب مجنون جدا” و”أخطر رجل في العالم” وغيرها.
وفي عام ١٩٦٨، يعود صبري إلى جذوره الإذاعية؛ ليشارك نجم الكوميديا فؤاد المهندس بطولة المسلسل الإذاعي “شنبو في المصيدة”.
وشهدت سنوات السبعينات تألق سمير صبري على شاشة التلفاز، من خلال تقديمه لبرنامج “النادي الدولي” الذي يُعدُّ احد أكثر البرامج التلفزيونية نجاحا، في تلك الفترة والذي استضاف صبري من خلاله العديد من مشاهير الفن والرياضة على حد سواء.
ومن بين الضيوف الذين حلّوا على هذا البرنامج: محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد شوقي، وفريد الأطرش، وحسن الإمام، وأمينة رزق، وعمر خورشيد، وسامية جمال، وداليدا، وكوكا، ونيللي، ومن نجوم الأدب والصحافة: توفيق الحكيم، والدكتور يوسف إدريس، وموسى صبري، ومصطفى أمين، ويوسف السباعي، وأحمد رجب، ومن نجوم كرة القدم: محمد لطيف، ويكن حسين، وعبده نصحي، والشاذلي، وعادل هيكل.
وتميّز صبري بإضافته الخاصة مع من يحاورهم٬ إذ لا يكتفي بأسلوب السؤال والجواب، وإنما يسعى لأن يضفي جوًا من المرح على الحوار، كأن يطلب من الراقص اللبناني “كيغام” مثلا أن يعلمه خطوات رقصة الدبكة اللبنانية الشهيرة.
في نفس الفترة تميّزت أدوار صبري على شاشة السينما بمزيد من الجدية مثل أدواره في فيلم “المذنبون” عام ١٩٧٥، و”بالوالدين إحسانا” في العام التالي.
إلا أنه عاد إلى الأدوار الكوميدية، مع سنوات الثمانينات، في أفلام مثل “احترس من الخط” مع النجم عادل إمام عام ١٩٨٤، والذي شاركه من قبل بطولة فيلم “البحث عن فضيحة”.
وفي التسعينات يتألق صبري من جديد على الشاشة الصغيرة من خلال برنامجه “هذا المساء” الذي جمع بين الحوار مع النجوم، وفقرات ترفيهية كان صبري يقدمها بنفسه في أغلب الأحيان.
وعلى شاشة التلفاز أيضا شارك صبري في عددٍ من الأعمال الدرامية المميزة مثل “حق مشروع” و”ملكة في المنفى” إضافة إلى ظهوره بشخصيته الحقيقية في المسلسل الكوميدي “ريَّح المدام”.
وكان آخر أدوار صبري على شاشة السينما من خلال فيلم “حدث في ٢ طلعت حرب” للمخرج مجدي أحمد علي، والذي يستعرض تاريخ مصر الحديث من خلال أربعة حكايات مختلفة.
وفي العشرين من مايو عام ٢٠٢٢، رحل سمير صبري عن عالمنا، بعد حياة حافلة بالعطاء والإبداع في مجالات مختلفة ومتنوعة.