فن

يحيى الفخراني.. عاشق الدراما وعدو الألقاب

افتتح مهرجان الدراما في نسخته الأولى أعماله مؤخرا برئاسة النجم الكبير يحيي الفخراني.. وكان عدد من نجوم الفن قد تبنوا فكرة إقامة المهرجان، في ظل التحديات العديدة التي تواجهها صناعة الدراما.

اسم نجم كبير بقيمة وقامة يحيي الفخراني؛ كفيل بأن يكون سببا في جريان سفن كثيرة في النهر خلال الفترة القادمة، فالفخراني واحد من القلائل الذين نذروا أنفسهم للفن الهادف، ويشهد على ذلك أعماله الدرامية والمسرحية والسينمائية التي سجلت بحروف من نور في تاريخ الفن المصري.

الاحتفاء بعطاء يحيى الفخراني الكبير؛ يبدو أنه لن يكون شأنا مصريا خالصا خلال الفترة القادمة، حيث جرى الإعلان عن إهدائه الرئاسة الشرفية لدورة روما 2022، في مهرجان الأمل السينمائي الدولي الذي يقام بالاتحاد الأوروبي، كما كُرّمَ خلال الأيام الماضية من قبل ملتقى القاهرة للسينما والدراما العربية.

مسيرة فنية حافلة على خشبة المسرح وأمام شاشتي السينما والتلفزيون جعلت الفخراني يتربع في قلوب الملايين في مصر والعالم العربي؛ فعلى مدار سنوات طويلة جسد العديد من الأدوار التي نجح من خلالها باقتدار شديد أن يؤكد على أن الرسالة السامية للفن وقدرتها الهائلة على التأثير في خلق حالة عامة من الوعي المستقر في ضمير ووجدان الشعوب.

الفنان المثقف كالجراح الماهر الذي يعالج بحرفية بالغة ودقة شديدة.. هكذا يبدو يحيى الفخراني في جميع أدوراه؛ وهو يشتبك مع الواقع المصري بكل تجلياته في الحارة والزقاق، وهو يسدد فاتورة التهميش والفقر والجهل والمرض المتوارثة منذ زمن طويل.. والسهل الممتنع هو ما يقدمه دوما في جميع أدواره.. فالفخراني يمثل بحب شديد لذا تخرج الكلمات والتعبيرات من القلب إلى القلب.

في الفيلم الشهير “خرج ولم يعد” نجد أنفسنا في قلب الحالة التي خلقها “عطية” الذي وجد نفسه في القرية بعيدا عن المدينة حيث الزحام والعشوائيات والزيف الذي يخنق الأرواح.

ارتبط قلب عطية بـ “خوخة” الفلاحة البسيطة التي لا تعرف القراءة والكتابة والمشغولة دوما بفلاحة الأرض ورعاية الحيوانات، وقرر في لحظة وعي أن يترك القاهرة بزحامها وخطيبته القديمة من أجلها، أعطى الفخراني من روحه للدور الكثير فترك لنا بالاشتراك مع الراحل الكبير فريد شوقي فيلما لا نمل من مشاهدته رغم السنوات الطويلة التي مرت على إنتاجه.

وفي الدراما كما في السينما اعتاد المشاهدون على متابعة أعمال الفخراني بشغف كبير، ومن يمكن أن ينسى رائعته “شيخ العرب همام” التي استحوذت على نسب مشاهدة عالية جدا.

وفي مسلسله الشهير “جحا المصري” استطاع الفخراني أن يعيد اكتشاف مساحات كبيرة من شخصية جحا، وأن يعيد تقديمها إلى المشاهد المصري بطريقته الخاصة، التي اشتبك فيها مع الكثير من قضايا ومشكلات المجتمع في فترات تاريخية سابقة، وببراعة شديدة حوّل جحا الشخصية المعروفة بغرابة أطوارها؛ إلى نصير للغلابة والمهمشين، يقضى أغلب يومه في التفكير في الطريقة التي يحتال بها على الولاة من أجل أن يعيد إلى البسطاء بعضا من حقوقهم المهدرة.

وفي مسلسله “الليل وآخره” رصد الفخراني بعضا من أوجاع الحب المستحيل، خاصة عندما يأتي في خريف العمر.. كان الفخراني مبدعا إلى أقصى درجة وهو يرصد تناقضات الشخصية التي تتقلب بين القوة والضعف وبين التضحية من أجل الآخرين، إلى التضحية بكل شيء بحثا عن شتات الذات المبعثرة تحت ركام مسئوليات لا تنتهي.

وفي رائعة المبدع الكبير اسامة أنور عكاشة “ليالي الحلمية” قدم الفخراني شخصية سليم البدري، وهو الذي وصف بأنه أحد أهم أدواره على الإطلاق خلال مشواره الفني الحافل والممتد، حقق الفخراني نجاحا مدهشا في رسم شخصية الباشا الارستقراطي بكل تحولاتها بصورة أبهرت المشاهدين.

عطاء الفخراني في مجال الدراما شمل مسلسلات عديدة من بينها “أبنائي الأعزاء شكرا” مع الراحل القدير عبد المنعم مدبولي و”بالحجم العائلي” و”دهشة” وهو ما يجعله أحد أبرز نجوم الدراما المصرية على الإطلاق.

النجم الكبير يحي الفخراني ولد في عام  1945، ورغم دراسته للطب فإنه عشق التمثيل مبكرا وانضم لفرق التمثيل الجامعية، ولفتت موهبته الفنية الأنظار وفاز بعدد كبير من الجوائز.

شارك في فيلم “آه يا ليل يا زمن” مع الفنانة الكبيرة وردة ورشدي أباظة وعادل أدهم ومن إخراج علي رضا عام 1977، وكان ذلك أول عمل سينمائي له.. ثم توالت الأدوار بعد ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock